[center][b][color=red]صالح البليهي.... الحليم الصبور[/color][/b] [/center]
[b][color=green]3- الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي[/color][/b]
ثم تذكر فضيلته "الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي "، وقال عنه: "هو شيخٌ اختُصِصْتُ به، منذ طفولتنا في المعهد العلمي كان يُدَرِّسُنا مادة الفقه.. لا تستطيع أن تنسى بساطة الشيخ، وسعة صدره مع الطلاب، فلعلهم يعبثون أو يلعبون في الفصل، والشيخ يسعهم بحلمه وصبره".
وأوضح الشيخ سلمان: أن الشيخ البليهي كان كثيرًا ما يضرب الأمثلة لطلابه، وفي إحدى المرات كان يُدَرِّسُ كتاب النكاح، للطلاب في أولى ثانوي، أو ثانية ثانوي، فيضرب لهم بعض الأمثلة، فبدلًا من أن يقول مثلا للطالب: يا فلان.. يأتي الشيخ، ويقول: أنكحتك.. بدلا من أن يقول: أنكحتك ابنتي، والطالب يريد أن يقول هذا على سبيل الدعابة! فيصرف الشيخ الأمر ويقول: أنكحتك هذا الباب، أو هذا الجدار!! والطلبة كلهم ينخرطون في ضحك، والشيخ يشاركهم ذلك، مشيرًا إلى أن ابتسامة الشيخ كانت ابتسامةً ساحِرةً وصادقة، ونُكْتَتُهُ حاضرة، وخُلُقُه عظيم، ولم يكن رحمة الله تعالى عليه، يحتقر أحدًا.
ومن مآثر الشيخ معه، قال الدكتور العودة: " فوجئتُ يومًا من الأيام، وكان عند الشيخ ندوة في الجامع الكبير، أنه يدعوني إلى المشاركة في الندوة، وأنا طالبه الصغير، ثم يُقَدِّمُني، وبعد ذلك يقول : تَكَلَّمَ فضيلة الشيخ عن كذا وكذا، وتحدَّثَ فضيلة الشيخ، وأنا وقتها لم أكن فضيلةً ولا شيخًا! ولكنه التشجيع من هذا الرجل العظيم!
لافِتًا إلى أن الشيخ كان دائماً لا يسمح لأحد من الحاضرين، إلا بأن يكون مشاركًا، فهذا يقرأ قرآنا، وهذا يقرأ حديثا، وهذا يقرأ شِعْرًا، حتى إنه في بعض الأحيان يكون معهم أناس من العوام، فيطلب منهم أن يقولوا قصائد شعبية، أو يقولوا بعض الطرائف والقصص..فهو يريد من الجميع أن يشارك، وألا يكون مجرد مستمع.
[color=red]السلسبيل في معرفة الدليل [/color]
وأردف الشيخ سلمان: الشيخ صالح البليهي، رحمه الله، تعرفه في كتاب "السلسبيل في معرفة الدليل"، الذي يعتبر من أفضل كتب الحنابلة المتأخرين، لِمَا فيه من العناية بالأدلة الشرعية؛ القرآن والسنة، والاستدلال بالنصوص على الأقوال الفقهية..وطبع هذا الكتاب في ثلاثة مجلدات، ويُعْتَبَرُ متزامنًا مع كتاب "زاد المستقنع والروض المقنع"، الذي كان يُدَرَّسُ في المعهد العلمي. وكان الشيخ رحمه الله، يحاول دائما أنْ يُقَرِّبَ المعلومات للطلبة، فكان يأتي بالأشعار الجميلة، أو الكلمات المعبرة، مثلا، حينما كان يتكلم عن الإفطار؛ أن يفطر الإنسان على رُطَبٍ أو تمر، أو ماء، كان يُرَدِّدُ :
فطور التمر سنة.. رسول الله سَنَّه
ينال الأجر عبدٌ يُحَلِّي بالمسنة!
الصغار لا ينسون هذا الكلام أبدا..
حينما يأتي إلى المواقيت، تحديد المواقيت، وما هي، كان يُلَقِّنُنَا ويُحَفِّظُنَا :
عرق العراق ينمنم اليمن من ذي الحليفة يحرم المدني
بالشام جحفة إن مررت بها ولأهل نجد قرن فاستبنِ
فكان الشيخ رحمه الله، بخلقه وسلوكه، وطيبة قلبه، لا يَحْمِلُ على أحدٍ شيئًا، وكان نموذجًا في سلامة الصدر، والصفاء. [center][b][color=red]الشيخ الشيباني...صديق العمر[/color][/b] [/center]
[b][color=green]4- الشيخ : صالح بن إبراهيم الشيباني "رحمه الله":[/color][/b]
ثم تحدث الشيخ سلمان عن صديق عمره الشيخ : صالح بن إبراهيم الشيباني "رحمه الله"، مُوَضِّحًا أنه تَبَعًا لقاعدة "دائما السِّلْمُ، يبدأ بالحرب"! فإن أول علاقة بالشيخ الشيباني كانت معركةً في الحارة بعد صلاة المغرب، بين طفلين في السادسة الابتدائية، تشاجرنا وتضاربنا، وتماسكنا بالأيدي، وتدخل الناس، وفصلوا بيننا، بعدما ارتفعت الأصوات! كانت هذه الحرب بداية علاقة وصداقة، استمرت بحيث أستطيع أن أقول: إنه هو أقرب صديق لي، حتى قضى رحمه الله في حادث سيارة.
وفي حديثه عن الشيخ الشيباني، قال الدكتور العودة: هذا الرجل كان يتحَرَّقُ على الإسلام، وعلى الدعوة، وعلى الشباب، وعلى الجيل، حتى في نومه، كان يَقْلَقُ، وفي يقظته، كانت الدموع تسبق كلماته، فكان نموذجًا لذلك الإنسان الذي يعيش لقضية، وقد وهبها كُلَّ ما يملك، وهبها عقلَهُ ووجدانه وفكره، ونَوْمَهُ وصحوه، وعلاقته، حتى إنه يعتِبُ ويعجب ويؤاخذ حينما يرى أناسا يضحكون أو يبتسمون، أو يتعاطون نوعًا من الطُّرَف، أو يسترخون.. إنه لم يعرف من الحياة إلا معناها الجاد، رحمة الله تعالى عليه. [center][b][color=red]محمد الشيباني...وحب الشعر[/color][/b] [/center]
[b][color=green]5- الأستاذ "محمد الشيباني :[/color][/b]
وأردف فضيلته: إذا كنت ذكرتُ صديقي الشيخ صالح بن إبراهيم الشيباني، فإنني لا أذهب بعيدا، حينما أذكر الأستاذ "محمد الشيباني".. وهو أخوه الأكبر، وكان يُدَرِّسُ في كلية اللغة في الرياض، ونحن في المرحلة المتوسطة في المعهد العلمي.. كان طفلًا يحب الشعر، وعندما كنت أبحث عن دواوين الشعر، يزودني بها الأستاذ محمد الشيباني.. قصائد، ودواوين، للشاعر وليد الأعظمي، ولشعراء إسلاميين معاصرين، فأحفظ معظم هذه الدواوين، وهذه القصائد..
[color=red]رسالة.. ورد[/color]
وعندما كان يراني أحاول أن أكتب أبياتًا من الشِّعْرِ، فيستثير قريحتي، ويبعث إلَيَّ من الكلية في الرياض، برسالةٍ لا زالت محفوظةً في مخيلتي، وربما في أرشيفي أيضا:
يقول :
يا بُلْبُلَ الروض غَرِّد في مرابعنا وهاتي من لحنك الصافي نردده
على مسامع دنيانا لنعلمها بأنّ للحق أبطالًا تُؤَيِّدُه
نشدو مع الطير في شوقٍ وفي أملٍ ونرقب الفجر عبر الأفق موعده
فالليل مهما عتا في أرضننا زَمَنًا النور من بعده يأتي فيطرده
والغَيُّ مهما علتْ في الأرض رايته الحق يكسر طَغْوَاهُ ويُخْمِدُه
هذي المشاعر أحكيها بها وَجَلٌ وكيف يخشى الورى من رب يَسْنُدُه
فَغَنِّ للجيل واهتف في مسامعهم وأودع الشعر للأيام تنشده
لطالما هز منك اللفظ أفئدةً منا، فزدنا بِشِعْرٍ منك مورده
فأقرأ هذه القصيدة بحماس شديد، وأحفظها كما ترونني، أقرؤها عليكم الآن، وقد حفظتها منذ ذلك الوقت، وأتحمس فأكتب أبياتًا من الشعر، تُعَارِضُ هذه الأبيات، بنفس الوزن والقافية، وأبعث بها إليه في غاية السرور والحبور :
أقول :
البلبل النكد قد أَوْهَتْهُ ما اجترحت يد القضاء، فلا الأيام تَحْسُدُه
فانهد مما يُمِضُّ القلبَ من ألم يشي به الجسم، والأوصالُ تشهده
فلم يعد يعشق التغريدَ من كمدٍ كفاه هم الحنايا إذْ يكابِدُه
وكيف يعزف لحن الجيل مبتكرًا معذبٌ ذاك مَحْضُ الوهم مَوْرِدُه
يا صاح أبكيتَ قلبي فاعتراه ضَنًى لكنَّ لحنَك قد أضحى يُهَدِّدُه
رددت لحنك صَبًّا مدنفًا كَلِفًا لكنّ لَحْنِي نشازٌ.. مَنْ يُرَدِّدُهُ؟!
وأشار فضيلته إلى أن المراسلات والاتصالات بينه وبين الأستاذ محمد الشيباني تواصلت، وأنه مَدِينٌ لهذا الأستاذ الكبير في كثير من القصائد التي حفظها، والمحاولات الشعرية التي سَطَّرَها. [center][b][color=red]الزيدان... الرجل المحبب في قومه[/color][/b] [/center]
[b][color=green]6- الأستاذ حمد بن محمد الزيدان[/color][/b]
ثم ذكر فضيلته الأستاذ حمد بن محمد الزيدان، قائلًا: لا أنسى أبدا رجلًا آخر كان من نفس الجيل، وهو الأستاذ حمد بن محمد الزيدان.
وهو طالِبٌ في المعهد العلمي، ثم تخرج في كلية الشريعة، ثم صار مسئولًا عن الدعوة في المنطقة الشرقية..وقد قدم إِلَيَّ رحمه الله تعالى قبل سنتين، وكان رجلًا محببًا في قومه، وصاحِبَ خُلُقٍ كريم، وعاطفة صافية، ونبل، وقد كان أيضًا مدرسةً في الأخلاق الكريمة.
وقد وصلني بالعديد من القصائد والأشعار والمحاولات، وكان بيني وبينه علاقات ومراسلات.[center][b][color=red]الخزيم... رجل مُبْدِعٌ ومتفوق[/color][/b] [/center]
[b][color=green]7- الأستاذ صالح بن ناصر الخزيم[/color][/b]
وأشار الشيخ سلمان إلى أن من الشخصيات التي لها أثر في قلبه: الأستاذ صالح بن ناصر الخزيم، مُضِيفًا: "تَعَرَّفْتُ عليه في المركز الصيفي، فوجَدْتُ رجلًا، يعاملني كأحد أبنائه، حفاوةً وحُبًّا وإشادة..ويُشْعِرُني بأني مُبْدِعٌ ومتفَوِّقٌ وحافِظٌ..ويُشَجِّعُني، ويدفَعُنِي إلى الأمام.. تشعر برغبة صادقة في هذا المعنى، وما أَعْظَمَ هذا الأَثَرَ على الأجيال!
ومن ذكرياته مع الشيخ الخزيم، قال الشيخ سلمان: في يومٍ من الأيام كان عند الشيخ محاضرة في مدرسة الأيتام، وكانوا أطفالًا صغارًا، فقال لي الشيخ: أريد أن تلقي المحاضرة بالنيابة عني. قلت له : كيف لطالب في أولى ثانوي أن يلقي محاضرةً؟! قال: لا عليك.. فتحمستُ وذهبتُ، وأنا لا أدري مَنْ هؤلاء الطلاب، ولا أعرف مستواهم، لكنني اخترت عنوانًا غريبًا: "الإنسان بين طغيان المادة.. وإفلاس الروح"! ثم بحثتُ في المجلات والكتب، وفتشت عن الأرقام والإحصائيات، وأخبار أوروبا، والفساد الأخلاقي، من شذوذ، وإباحية، وانتحار، وغير ذلك من الأشياء..
ثم ذهبتُ وقد أعددتُ عدتي لهذه المحاضرة، وبدأتُ أتكلم للطلاب، بعد أن قَدَّمَنِي أحد الأساتذة، وبدأت أقرأ هذه الإحصائيات، وأنا مهمومٌ مُنْشَغِلٌ بالأوراقِ، والأشياءِ التي بين يديّ.. لم ألتفت لهؤلاء الطلاب، وحتى لو كنت التفتُّ، فلم يكن مُمْكِنًا تدارُكُ الموقف، فقد كانوا طُلَّابًا في المرحلة الابتدائية.
وبعدما انتهت هذه المحاضرة، قام الأستاذ الذي قدمني، وشكرني، ولكنه قال بعد ذلك: أنت تتكلم في وادٍ، والطلاب في وادٍ آخر! ولا تستغرب حينما ترى هؤلاء الطلاب قد ناموا، وتسمع شخيرهم؛ لأنك حلَّقْتَ بهم بعيدا عما يمكن أن يفهموه ويستوعبوه!!
مِمَّا أشعرني بقدر من التحقير!
ولم يتقبل الشيخ صالح الخزيم، رحمه الله، هذا أبدًا..فحمَلَتْهُ غيرته على أن يقوم، ويأخذ الميكروفون بقوة وحرارة، ويقول : إن هذا الكلام الذي قاله المحاضر الشيخ، كلامٌ عظيمٌ قَوِيٌّ، وجَهْدٌ كبيرٌ يخاطب به الأساتذة، والحضور...وبدأ يشجعني ويحفزني، ونَقَضَ كلام ذلك الأستاذ نقضًا قويًّا..ثم انفضَّت المحاضرة، وبدأنا ننصرف، وقد صَفَّ الأساتذة كلهم طابورا يصافحونني، ويقولون: لا فُضَّ فوك، لا فُضَّ فوك..بعضهم من أجلي، وبعضهم من أجل الشيخ صالح الخزيم، رحمة الله تبارك وتعالى عليه.
[b][color=green]3- الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي[/color][/b]
ثم تذكر فضيلته "الشيخ صالح بن إبراهيم البليهي "، وقال عنه: "هو شيخٌ اختُصِصْتُ به، منذ طفولتنا في المعهد العلمي كان يُدَرِّسُنا مادة الفقه.. لا تستطيع أن تنسى بساطة الشيخ، وسعة صدره مع الطلاب، فلعلهم يعبثون أو يلعبون في الفصل، والشيخ يسعهم بحلمه وصبره".
وأوضح الشيخ سلمان: أن الشيخ البليهي كان كثيرًا ما يضرب الأمثلة لطلابه، وفي إحدى المرات كان يُدَرِّسُ كتاب النكاح، للطلاب في أولى ثانوي، أو ثانية ثانوي، فيضرب لهم بعض الأمثلة، فبدلًا من أن يقول مثلا للطالب: يا فلان.. يأتي الشيخ، ويقول: أنكحتك.. بدلا من أن يقول: أنكحتك ابنتي، والطالب يريد أن يقول هذا على سبيل الدعابة! فيصرف الشيخ الأمر ويقول: أنكحتك هذا الباب، أو هذا الجدار!! والطلبة كلهم ينخرطون في ضحك، والشيخ يشاركهم ذلك، مشيرًا إلى أن ابتسامة الشيخ كانت ابتسامةً ساحِرةً وصادقة، ونُكْتَتُهُ حاضرة، وخُلُقُه عظيم، ولم يكن رحمة الله تعالى عليه، يحتقر أحدًا.
ومن مآثر الشيخ معه، قال الدكتور العودة: " فوجئتُ يومًا من الأيام، وكان عند الشيخ ندوة في الجامع الكبير، أنه يدعوني إلى المشاركة في الندوة، وأنا طالبه الصغير، ثم يُقَدِّمُني، وبعد ذلك يقول : تَكَلَّمَ فضيلة الشيخ عن كذا وكذا، وتحدَّثَ فضيلة الشيخ، وأنا وقتها لم أكن فضيلةً ولا شيخًا! ولكنه التشجيع من هذا الرجل العظيم!
لافِتًا إلى أن الشيخ كان دائماً لا يسمح لأحد من الحاضرين، إلا بأن يكون مشاركًا، فهذا يقرأ قرآنا، وهذا يقرأ حديثا، وهذا يقرأ شِعْرًا، حتى إنه في بعض الأحيان يكون معهم أناس من العوام، فيطلب منهم أن يقولوا قصائد شعبية، أو يقولوا بعض الطرائف والقصص..فهو يريد من الجميع أن يشارك، وألا يكون مجرد مستمع.
[color=red]السلسبيل في معرفة الدليل [/color]
وأردف الشيخ سلمان: الشيخ صالح البليهي، رحمه الله، تعرفه في كتاب "السلسبيل في معرفة الدليل"، الذي يعتبر من أفضل كتب الحنابلة المتأخرين، لِمَا فيه من العناية بالأدلة الشرعية؛ القرآن والسنة، والاستدلال بالنصوص على الأقوال الفقهية..وطبع هذا الكتاب في ثلاثة مجلدات، ويُعْتَبَرُ متزامنًا مع كتاب "زاد المستقنع والروض المقنع"، الذي كان يُدَرَّسُ في المعهد العلمي. وكان الشيخ رحمه الله، يحاول دائما أنْ يُقَرِّبَ المعلومات للطلبة، فكان يأتي بالأشعار الجميلة، أو الكلمات المعبرة، مثلا، حينما كان يتكلم عن الإفطار؛ أن يفطر الإنسان على رُطَبٍ أو تمر، أو ماء، كان يُرَدِّدُ :
فطور التمر سنة.. رسول الله سَنَّه
ينال الأجر عبدٌ يُحَلِّي بالمسنة!
الصغار لا ينسون هذا الكلام أبدا..
حينما يأتي إلى المواقيت، تحديد المواقيت، وما هي، كان يُلَقِّنُنَا ويُحَفِّظُنَا :
عرق العراق ينمنم اليمن من ذي الحليفة يحرم المدني
بالشام جحفة إن مررت بها ولأهل نجد قرن فاستبنِ
فكان الشيخ رحمه الله، بخلقه وسلوكه، وطيبة قلبه، لا يَحْمِلُ على أحدٍ شيئًا، وكان نموذجًا في سلامة الصدر، والصفاء. [center][b][color=red]الشيخ الشيباني...صديق العمر[/color][/b] [/center]
[b][color=green]4- الشيخ : صالح بن إبراهيم الشيباني "رحمه الله":[/color][/b]
ثم تحدث الشيخ سلمان عن صديق عمره الشيخ : صالح بن إبراهيم الشيباني "رحمه الله"، مُوَضِّحًا أنه تَبَعًا لقاعدة "دائما السِّلْمُ، يبدأ بالحرب"! فإن أول علاقة بالشيخ الشيباني كانت معركةً في الحارة بعد صلاة المغرب، بين طفلين في السادسة الابتدائية، تشاجرنا وتضاربنا، وتماسكنا بالأيدي، وتدخل الناس، وفصلوا بيننا، بعدما ارتفعت الأصوات! كانت هذه الحرب بداية علاقة وصداقة، استمرت بحيث أستطيع أن أقول: إنه هو أقرب صديق لي، حتى قضى رحمه الله في حادث سيارة.
وفي حديثه عن الشيخ الشيباني، قال الدكتور العودة: هذا الرجل كان يتحَرَّقُ على الإسلام، وعلى الدعوة، وعلى الشباب، وعلى الجيل، حتى في نومه، كان يَقْلَقُ، وفي يقظته، كانت الدموع تسبق كلماته، فكان نموذجًا لذلك الإنسان الذي يعيش لقضية، وقد وهبها كُلَّ ما يملك، وهبها عقلَهُ ووجدانه وفكره، ونَوْمَهُ وصحوه، وعلاقته، حتى إنه يعتِبُ ويعجب ويؤاخذ حينما يرى أناسا يضحكون أو يبتسمون، أو يتعاطون نوعًا من الطُّرَف، أو يسترخون.. إنه لم يعرف من الحياة إلا معناها الجاد، رحمة الله تعالى عليه. [center][b][color=red]محمد الشيباني...وحب الشعر[/color][/b] [/center]
[b][color=green]5- الأستاذ "محمد الشيباني :[/color][/b]
وأردف فضيلته: إذا كنت ذكرتُ صديقي الشيخ صالح بن إبراهيم الشيباني، فإنني لا أذهب بعيدا، حينما أذكر الأستاذ "محمد الشيباني".. وهو أخوه الأكبر، وكان يُدَرِّسُ في كلية اللغة في الرياض، ونحن في المرحلة المتوسطة في المعهد العلمي.. كان طفلًا يحب الشعر، وعندما كنت أبحث عن دواوين الشعر، يزودني بها الأستاذ محمد الشيباني.. قصائد، ودواوين، للشاعر وليد الأعظمي، ولشعراء إسلاميين معاصرين، فأحفظ معظم هذه الدواوين، وهذه القصائد..
[color=red]رسالة.. ورد[/color]
وعندما كان يراني أحاول أن أكتب أبياتًا من الشِّعْرِ، فيستثير قريحتي، ويبعث إلَيَّ من الكلية في الرياض، برسالةٍ لا زالت محفوظةً في مخيلتي، وربما في أرشيفي أيضا:
يقول :
يا بُلْبُلَ الروض غَرِّد في مرابعنا وهاتي من لحنك الصافي نردده
على مسامع دنيانا لنعلمها بأنّ للحق أبطالًا تُؤَيِّدُه
نشدو مع الطير في شوقٍ وفي أملٍ ونرقب الفجر عبر الأفق موعده
فالليل مهما عتا في أرضننا زَمَنًا النور من بعده يأتي فيطرده
والغَيُّ مهما علتْ في الأرض رايته الحق يكسر طَغْوَاهُ ويُخْمِدُه
هذي المشاعر أحكيها بها وَجَلٌ وكيف يخشى الورى من رب يَسْنُدُه
فَغَنِّ للجيل واهتف في مسامعهم وأودع الشعر للأيام تنشده
لطالما هز منك اللفظ أفئدةً منا، فزدنا بِشِعْرٍ منك مورده
فأقرأ هذه القصيدة بحماس شديد، وأحفظها كما ترونني، أقرؤها عليكم الآن، وقد حفظتها منذ ذلك الوقت، وأتحمس فأكتب أبياتًا من الشعر، تُعَارِضُ هذه الأبيات، بنفس الوزن والقافية، وأبعث بها إليه في غاية السرور والحبور :
أقول :
البلبل النكد قد أَوْهَتْهُ ما اجترحت يد القضاء، فلا الأيام تَحْسُدُه
فانهد مما يُمِضُّ القلبَ من ألم يشي به الجسم، والأوصالُ تشهده
فلم يعد يعشق التغريدَ من كمدٍ كفاه هم الحنايا إذْ يكابِدُه
وكيف يعزف لحن الجيل مبتكرًا معذبٌ ذاك مَحْضُ الوهم مَوْرِدُه
يا صاح أبكيتَ قلبي فاعتراه ضَنًى لكنَّ لحنَك قد أضحى يُهَدِّدُه
رددت لحنك صَبًّا مدنفًا كَلِفًا لكنّ لَحْنِي نشازٌ.. مَنْ يُرَدِّدُهُ؟!
وأشار فضيلته إلى أن المراسلات والاتصالات بينه وبين الأستاذ محمد الشيباني تواصلت، وأنه مَدِينٌ لهذا الأستاذ الكبير في كثير من القصائد التي حفظها، والمحاولات الشعرية التي سَطَّرَها. [center][b][color=red]الزيدان... الرجل المحبب في قومه[/color][/b] [/center]
[b][color=green]6- الأستاذ حمد بن محمد الزيدان[/color][/b]
ثم ذكر فضيلته الأستاذ حمد بن محمد الزيدان، قائلًا: لا أنسى أبدا رجلًا آخر كان من نفس الجيل، وهو الأستاذ حمد بن محمد الزيدان.
وهو طالِبٌ في المعهد العلمي، ثم تخرج في كلية الشريعة، ثم صار مسئولًا عن الدعوة في المنطقة الشرقية..وقد قدم إِلَيَّ رحمه الله تعالى قبل سنتين، وكان رجلًا محببًا في قومه، وصاحِبَ خُلُقٍ كريم، وعاطفة صافية، ونبل، وقد كان أيضًا مدرسةً في الأخلاق الكريمة.
وقد وصلني بالعديد من القصائد والأشعار والمحاولات، وكان بيني وبينه علاقات ومراسلات.[center][b][color=red]الخزيم... رجل مُبْدِعٌ ومتفوق[/color][/b] [/center]
[b][color=green]7- الأستاذ صالح بن ناصر الخزيم[/color][/b]
وأشار الشيخ سلمان إلى أن من الشخصيات التي لها أثر في قلبه: الأستاذ صالح بن ناصر الخزيم، مُضِيفًا: "تَعَرَّفْتُ عليه في المركز الصيفي، فوجَدْتُ رجلًا، يعاملني كأحد أبنائه، حفاوةً وحُبًّا وإشادة..ويُشْعِرُني بأني مُبْدِعٌ ومتفَوِّقٌ وحافِظٌ..ويُشَجِّعُني، ويدفَعُنِي إلى الأمام.. تشعر برغبة صادقة في هذا المعنى، وما أَعْظَمَ هذا الأَثَرَ على الأجيال!
ومن ذكرياته مع الشيخ الخزيم، قال الشيخ سلمان: في يومٍ من الأيام كان عند الشيخ محاضرة في مدرسة الأيتام، وكانوا أطفالًا صغارًا، فقال لي الشيخ: أريد أن تلقي المحاضرة بالنيابة عني. قلت له : كيف لطالب في أولى ثانوي أن يلقي محاضرةً؟! قال: لا عليك.. فتحمستُ وذهبتُ، وأنا لا أدري مَنْ هؤلاء الطلاب، ولا أعرف مستواهم، لكنني اخترت عنوانًا غريبًا: "الإنسان بين طغيان المادة.. وإفلاس الروح"! ثم بحثتُ في المجلات والكتب، وفتشت عن الأرقام والإحصائيات، وأخبار أوروبا، والفساد الأخلاقي، من شذوذ، وإباحية، وانتحار، وغير ذلك من الأشياء..
ثم ذهبتُ وقد أعددتُ عدتي لهذه المحاضرة، وبدأتُ أتكلم للطلاب، بعد أن قَدَّمَنِي أحد الأساتذة، وبدأت أقرأ هذه الإحصائيات، وأنا مهمومٌ مُنْشَغِلٌ بالأوراقِ، والأشياءِ التي بين يديّ.. لم ألتفت لهؤلاء الطلاب، وحتى لو كنت التفتُّ، فلم يكن مُمْكِنًا تدارُكُ الموقف، فقد كانوا طُلَّابًا في المرحلة الابتدائية.
وبعدما انتهت هذه المحاضرة، قام الأستاذ الذي قدمني، وشكرني، ولكنه قال بعد ذلك: أنت تتكلم في وادٍ، والطلاب في وادٍ آخر! ولا تستغرب حينما ترى هؤلاء الطلاب قد ناموا، وتسمع شخيرهم؛ لأنك حلَّقْتَ بهم بعيدا عما يمكن أن يفهموه ويستوعبوه!!
مِمَّا أشعرني بقدر من التحقير!
ولم يتقبل الشيخ صالح الخزيم، رحمه الله، هذا أبدًا..فحمَلَتْهُ غيرته على أن يقوم، ويأخذ الميكروفون بقوة وحرارة، ويقول : إن هذا الكلام الذي قاله المحاضر الشيخ، كلامٌ عظيمٌ قَوِيٌّ، وجَهْدٌ كبيرٌ يخاطب به الأساتذة، والحضور...وبدأ يشجعني ويحفزني، ونَقَضَ كلام ذلك الأستاذ نقضًا قويًّا..ثم انفضَّت المحاضرة، وبدأنا ننصرف، وقد صَفَّ الأساتذة كلهم طابورا يصافحونني، ويقولون: لا فُضَّ فوك، لا فُضَّ فوك..بعضهم من أجلي، وبعضهم من أجل الشيخ صالح الخزيم، رحمة الله تبارك وتعالى عليه.