[center][b][font='Traditional Arabic']الله والعقل![/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']عرفتُ عزّ الدين بن أبي الحديد شارحاً لنهج البلاغة، وانطبع في روعي عنه أمر غير محمود.[/font]
[font='Traditional Arabic']ثم تعجّبت لما رأيت ابن تيمية يقول عنه في درء التعارض (1/89):[/font]
[font='Traditional Arabic']وكان ابن أبي الحديد البغدادي من فضلاء الشيعة المعتزلة المتفلسفة, وله أشعار في هذا الباب كقوله:[/font][center][b][font='Traditional Arabic']فيك يا أغلوطة الفكر حار أمري وانقضى عمري[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']سافرت فيك العقول فما ربحت إلا أذى السفر[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']فلحى الله الأولى زعموا أنك المعروف بالنظر[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']كذبوا إن الذي ذكروا خارج عن قوة البشر[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic'] هذا مع إنشاده :[/font][center][b][font='Traditional Arabic']وحقكَ لو أدخلتني النارَ قلتُ للذين بها قد كنت ممن يحبه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']وأفنيت عمري في علوم كثيرة وما بغيتي إلا رضاه وقربه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']أما قلتم : من كان فينا مجاهداً سيكرم مثواه ويعذب شربه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']أما رد شك ابن الخطيب وزيغه وتمويهه في الدين إذ جل خطبه[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']( أقول: له تعليقات على كتاب المحصل والمحصول لفخر الدين، وهو ابن الخطيب، وكأن هذا هو المقصود، أنه رد على الرازي ونقد بعض أقواله).[/font]
[b][font='Traditional Arabic']أما كان ينوي الحق فيما يقوله ألم تنصر التوحيد والعدل كتبه [/font][/b]
[font='Traditional Arabic']وفي بعض المصادر زيادة على هذا:[/font][center][b][font='Traditional Arabic']هبوني مسيئاً أَوْسَعَ الحلم جهله وأوبقه دون البرية ذنبه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']أما يقتضي شرع التكرم عفوه أيحسن أن يُمحى هواه وحبه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']وغاية صدق الصب أن يعذب الأسى إذا كان من يهوى عليه يصبه[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']وقد عارض صلاح الدين الصفدي هذه الأبيات, وعزز مقام الفخر الرازي.[/font]
[font='Traditional Arabic']وفي الصواعق المرسلة , ذكر ابنُ القيم (2/697) ابنَ أبي الحديد في سياق له، وذكر أنه من أفضل أهل زمانه، واستشهد بهذه الأبيات, وذكر اعترافه بأن المعقولات لم تعطه في شأن الألوهية إلا حيرة، وأنه لم يصل منها إلى يقين ولا علم..[/font]
[font='Traditional Arabic']في شرح نهج البلاغة, يقول ابن أبي الحديد ( وهي في ديوانه أيضاً) [/font]
[font='Traditional Arabic']ومما قلته أيضاً في قصور العقل عن معرفته سبحانه وتعالى:[/font][center][b][font='Traditional Arabic']فيك يا أعجوبة الكون غدا الفكر كليلا[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']أنت حيرت ذوي اللب وبلبلت العقولا[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']كلما أقدم فكري فيك شبراً فرّ ميلا[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']ناكصاً يخبط في عمياء لا يهدى السبيلا[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']هذه العاطفة الصادقة، والحب الإلهي ، والانكسار والخضوع، وهذه المعرفة بأن شأن الله أعظم أن يحيط به عقل، أو يحكمه إدراك، هي ما شدّني إلى الأبيات، ومن قبل كان على ابن أبي طالب يقول:[/font]
[b][font='Traditional Arabic']العَجزُ عَن دَركِ الإِدراكِ إدراكُ وَالبُحثُ عَن سِرِّ ذاتِ السِرِّ إِشراكُ[/font][/b]
[font='Traditional Arabic']في مقابل قوله:[/font][center][b][font='Traditional Arabic']دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']وتَزعُمُ أَنَّكَ جرمٌ صَغير وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']فالكفُّ عن تقحّم مقامات الألوهية، والإيمان الجاد بها وبما جاء به الأنبياء والرسل -عليهم السلام- بشأنها؛ هو العزيمة والحزم.[/font]
[font='Traditional Arabic']وصرف العقل عن متاهات التفكير التي حيرت أولى الألباب، وجعلت نيران الردود تشتعل ما بين ابن أبي الحديد والفخر الرازي، والمدارس الكلامية المختلفة؛ كان هو السبب في قعود العقل الإسلامي عن الابتكار والتفكير والاكتشاف, وخوض غمرات التجربة الإنسانية بكافة مجاليها.[/font]
[font='Traditional Arabic']والتحدي العالمي القائم يفرض على الحكماء الغيورين ترسيخ الإيمان الصادق, بعيداً عن المماحكات والمخاصمات والمعارك، ودعوة العقول إلى ارتياد الآفاق بحرية , والمشاركة في حلبة الإنجاز والكشف والعلوم التي غدت ثوراتها تتسارع, في حين يعجز أهل الإسلام عن مواكبتها أو فهمها, فضلاً عن أن يسهموا فيها؛ فلتكن معرفة الله تعالى وقوداً دافعاً للحياة وللإبداع وللتفوق، وأن نقطع في سنة ما قطعه الآخرون في سنوات، فالربّ تعالى يقول:[/font]
[font='Traditional Arabic']« [b]إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّى شِبْراً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً [/b]» . رواه البخاري ومسلم. والله أعلم.[/font]
[font='Traditional Arabic']عرفتُ عزّ الدين بن أبي الحديد شارحاً لنهج البلاغة، وانطبع في روعي عنه أمر غير محمود.[/font]
[font='Traditional Arabic']ثم تعجّبت لما رأيت ابن تيمية يقول عنه في درء التعارض (1/89):[/font]
[font='Traditional Arabic']وكان ابن أبي الحديد البغدادي من فضلاء الشيعة المعتزلة المتفلسفة, وله أشعار في هذا الباب كقوله:[/font][center][b][font='Traditional Arabic']فيك يا أغلوطة الفكر حار أمري وانقضى عمري[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']سافرت فيك العقول فما ربحت إلا أذى السفر[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']فلحى الله الأولى زعموا أنك المعروف بالنظر[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']كذبوا إن الذي ذكروا خارج عن قوة البشر[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic'] هذا مع إنشاده :[/font][center][b][font='Traditional Arabic']وحقكَ لو أدخلتني النارَ قلتُ للذين بها قد كنت ممن يحبه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']وأفنيت عمري في علوم كثيرة وما بغيتي إلا رضاه وقربه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']أما قلتم : من كان فينا مجاهداً سيكرم مثواه ويعذب شربه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']أما رد شك ابن الخطيب وزيغه وتمويهه في الدين إذ جل خطبه[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']( أقول: له تعليقات على كتاب المحصل والمحصول لفخر الدين، وهو ابن الخطيب، وكأن هذا هو المقصود، أنه رد على الرازي ونقد بعض أقواله).[/font]
[b][font='Traditional Arabic']أما كان ينوي الحق فيما يقوله ألم تنصر التوحيد والعدل كتبه [/font][/b]
[font='Traditional Arabic']وفي بعض المصادر زيادة على هذا:[/font][center][b][font='Traditional Arabic']هبوني مسيئاً أَوْسَعَ الحلم جهله وأوبقه دون البرية ذنبه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']أما يقتضي شرع التكرم عفوه أيحسن أن يُمحى هواه وحبه[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']وغاية صدق الصب أن يعذب الأسى إذا كان من يهوى عليه يصبه[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']وقد عارض صلاح الدين الصفدي هذه الأبيات, وعزز مقام الفخر الرازي.[/font]
[font='Traditional Arabic']وفي الصواعق المرسلة , ذكر ابنُ القيم (2/697) ابنَ أبي الحديد في سياق له، وذكر أنه من أفضل أهل زمانه، واستشهد بهذه الأبيات, وذكر اعترافه بأن المعقولات لم تعطه في شأن الألوهية إلا حيرة، وأنه لم يصل منها إلى يقين ولا علم..[/font]
[font='Traditional Arabic']في شرح نهج البلاغة, يقول ابن أبي الحديد ( وهي في ديوانه أيضاً) [/font]
[font='Traditional Arabic']ومما قلته أيضاً في قصور العقل عن معرفته سبحانه وتعالى:[/font][center][b][font='Traditional Arabic']فيك يا أعجوبة الكون غدا الفكر كليلا[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']أنت حيرت ذوي اللب وبلبلت العقولا[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']كلما أقدم فكري فيك شبراً فرّ ميلا[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']ناكصاً يخبط في عمياء لا يهدى السبيلا[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']هذه العاطفة الصادقة، والحب الإلهي ، والانكسار والخضوع، وهذه المعرفة بأن شأن الله أعظم أن يحيط به عقل، أو يحكمه إدراك، هي ما شدّني إلى الأبيات، ومن قبل كان على ابن أبي طالب يقول:[/font]
[b][font='Traditional Arabic']العَجزُ عَن دَركِ الإِدراكِ إدراكُ وَالبُحثُ عَن سِرِّ ذاتِ السِرِّ إِشراكُ[/font][/b]
[font='Traditional Arabic']في مقابل قوله:[/font][center][b][font='Traditional Arabic']دَواؤُكَ فيكَ وَما تُبصِرُ وَدَاؤُكَ مِنكَ وَما تَشعُرُ[/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']وتَزعُمُ أَنَّكَ جرمٌ صَغير وَفيكَ اِنطَوى العالَمُ الأَكبَرُ[/font][/b][/center]
[font='Traditional Arabic']فالكفُّ عن تقحّم مقامات الألوهية، والإيمان الجاد بها وبما جاء به الأنبياء والرسل -عليهم السلام- بشأنها؛ هو العزيمة والحزم.[/font]
[font='Traditional Arabic']وصرف العقل عن متاهات التفكير التي حيرت أولى الألباب، وجعلت نيران الردود تشتعل ما بين ابن أبي الحديد والفخر الرازي، والمدارس الكلامية المختلفة؛ كان هو السبب في قعود العقل الإسلامي عن الابتكار والتفكير والاكتشاف, وخوض غمرات التجربة الإنسانية بكافة مجاليها.[/font]
[font='Traditional Arabic']والتحدي العالمي القائم يفرض على الحكماء الغيورين ترسيخ الإيمان الصادق, بعيداً عن المماحكات والمخاصمات والمعارك، ودعوة العقول إلى ارتياد الآفاق بحرية , والمشاركة في حلبة الإنجاز والكشف والعلوم التي غدت ثوراتها تتسارع, في حين يعجز أهل الإسلام عن مواكبتها أو فهمها, فضلاً عن أن يسهموا فيها؛ فلتكن معرفة الله تعالى وقوداً دافعاً للحياة وللإبداع وللتفوق، وأن نقطع في سنة ما قطعه الآخرون في سنوات، فالربّ تعالى يقول:[/font]
[font='Traditional Arabic']« [b]إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ مِنِّى شِبْراً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ ذِرَاعاً وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّى ذِرَاعاً تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعاً [/b]» . رواه البخاري ومسلم. والله أعلم.[/font]