كثير هم أولاء الذين يتحدثون عن التطرف من غير رصد لأسبابه أو قراءة لبواعثه، وفي هذا المقال محاولة لتقديم جملة مهمة من أسباب هذه المشكلة وطرق علاجها.
أسباب التطرف:
1- التأزّم الفكري، فالعالم الإسلامي يحتوشه تياران على طرفي نقيض:
الأول: هو التيار العلماني المتطرف الذي يمارس تطرفاً واسعاً، بإصراره على نقل التجربة الغربية، بل على استنساخ المجتمعات الغربية في ديار الإسلام، وبناء الحياة على أساس مادي غير مرتبط بالأصول الشرعية، ولا حتى الموروثات الاجتماعية الفاضلة؛ فهي من وجهة نظره عوائق كبرى عن التقدم والحضارة والرقي.
التيار الثاني: تيار مضاد فهو يعارض كل أشكال المدنية الحديثة ويرى أنها تقطعه عن رب العالمين, فهي طريق للإفساد في الدين, ومن شأنها أن تجعل الإنسان وصولياً أنانياً يعيش لنفسه فقط.
وكلا الطرفين في ردّات فعل مباينة للطرف الآخر, إضافة إلى فقدان لغة الحوار والتفكير الثاقب البناء.
2- الجهل أو الخطأ في فهم المقاصد الشرعية والأوامر الإلهية، وتنزيل النصوص على غير مرادها.
3- تدني المستوى الاقتصادي للدول والأفراد، مما يحدث فجوة عميقة في النفوس, وها هو طوفان العولمة يجتاح العالم مولداً أزمات اقتصادية، مما ولد عجزاً عن أي تعاون دولي جاد، أو حسم للمشكلات الاقتصادية أو الاجتماعية.
4- عدم مصداقية الكثير من الحكومات والنظم السياسية الحاكمة، فيما تدعيه من مُثل وقيم تناقضها في ممارساتها مع شعوبها.
5- تخلي كثير من البلاد الإسلامية عن تحكيم شرع الله عز وجل، ولعل أكثر نزعات التطرف ترفع شعار الحكم بما أنزل الله، وهو شعار صادق في حد ذاته، لكن الشأن في تبعاته، ومن قبل قال الخوارج: "لا حكم إلا لله" فرد عليهم علي رضي الله عنه بقولته المشهورة: "كلمة حق أُريد بها باطل".
إن غياب المرجعية الدينية في المجتمعات الإسلامية وانحسار دور العلماء، وضعف الخطاب الديني جعل تلك المجتمعات تعيش فوضى ضاربة لا نهاية لها، وأسهم في غياب مفهوم الهوية، هل نحن أمة عربية إسلامية ذات مرجعية شرعية ربانية تواكب العصر، وتعيش مستجداته أو نحن أمة غربية نعيش على ما يقدمه لنا الآخر من أفكار وأنماط حياة؟
هل نحن أمة واحدة ولو تعددت بلداننا وأوطاننا أو نحن أمم شتى لا روابط بينها؟
كل شعب قام يبني نهضة وأرى بنيانكم منقسما
في قديم الدهر كنتم أمة لهف نفسي كيف صرتم أمما
6- التهتك المجتمعي المتمثل في غياب دور الأسرة والمدرسة والمحاضن التربوية في كثير من
النواحي، مما ينتج عنه الكثير من الأمراض النفسية، والانحرافات العديدة.
وقد أكدت الكثير من الدراسات أن جنوح الشباب إلى التطرف يرجع إلى أسباب نفسية, ومن أهمها عدم إشباع الحاجات الضرورية, أو النمو المضطرب للذات, أو بسبب الحرمان من الوالدين, وخاصة الأم، بل إن 78% من أسباب ظهور تلك المجموعات هو بديل لما يعانيه الفرد من الحرمان النفسي.
7- وسائل الإعلام التي تضخ زخماً هائلاً من المواد الفاسدة، سواء الفضائيات، أو الشبكة العنكبوتية، أو المجلات والصحف وغيرها, وغياب الرؤية الإصلاحية البنائية لدى هذه الوسائل في حمى تنافسها على كسب قلب المشاهد، وجيبه.
8- عدم الفهم الصحيح للمعاني الدينية، وتوجيهها في غير مسارها، كقضية الزهد، وقضية الجهاد، وقضية الولاء والبراء، وغيرها.
ومثله الفهم الخاطئ لحقوق أهل الذمة، وما لهم، وما عليهم, وندرة أو قلة فرص العمل في كثير من الدول، مما يزج بالشباب في محاضن تربوية غير مؤهلة شرعياً أو علمياً.
سبل العلاج
إن التطرف الذي هو ( تجاوز عدل الشرائع السماوية والفطر الآدمية ) هو أزمة بحق، وتاريخ الحضارات كلها يكشف عن نماذج كثيرة لهذا التطرف، وتعد رسالة الإسلام الأنموذج الأول والأمثل لمعالجة هذا الانحراف، لكن مع هذا كله فلسنا هنا بصدد أن نعيش ردود أفعال، ونتبادل مع الغرب والعالم الأوصاف، إن هذه معركة ربما تكون غير ملحة، وقد لا تصنع شيئاً لصالحنا، لكن المهم أن ندرك أهمية بناء الوعي في أفراد الأمة؛ لنعرف مواقع التطرف الخارجة عن الإطار الإسلامي، ولعل من حسن الفهم هنا أن ندرك أن الغرب يمارس صناعة التطرف، ويصدرها، وقد تكون بعض الأطراف مستهلكاً لشيء من هذا، لكن لابد أن ندرك أن الأزمة ليست في التطرف يوم يكون حالة تعرض لدى بعض الفئات، لكن يصبح الأمن العالمي مهدداً حقيقةً حينما يكون التطرف قانوناً له شرعيته، كما ترسم ذلك دوائر سياسية ومؤسسات متنفذة في الأوساط الغربية، قد يتجاوز تأثيرها إلى دوائر شتى، ولعل الأنموذج اليهودي هو المرشح عالمياً لهذا لو أعطيت الشعوب حرية الموقف والتعبير.
ومع هذا فعلينا أن نمارس نقداً واضحاً صريحاً في داخل مجتمعنا الإسلامي, ولقد شدني أن يقول الإمام أحمد عن الخوارج: "صح الحديث فيهم عن النبي صلى الله عليه وسلم من خمسة أوجه"، فأحاديث التحذير من الخوارج صحيحة، لا خلاف على صحتها عند أهل الحديث, وهي في البخاري ومسلم والسنن والمسانيد وغيرها, وقد تلقاها العلماء بالقبول، بينما لا توجد أحاديث أخرى صحيحة في التحذير الخاص من فئة من الفئات المنحرفة عن سواء السبيل، وهذا راجع لأمور:
1- منها خطورة هذه الفتنة وامتدادها إلى آخر الزمان, وما يجري بسببها من سفك الدماء، وإزهاق الأنفس، وإرهاق المجتمعات، وترويع الآمنين، وتشويه صورة الإسلام عند أهله، وعند غيرهم، وهذا مشهود منذ فتنة الخوارج الأولى إلى اليوم.
2- ومنها أن هذه الفئة هي ضمن فئات أهل السنة؛ فهي تحاول الانتماء لنفس القاعدة الأصلية التي تنتمي إليها الأمة في الأخذ بالكتاب والسنة، وفي العبادة والزهد، وفي الشجاعة والصدق، وفي الجدية والصرامة بأخذ الدين، وهذا يجعل صنيعهم محل شك وارتياب, ويتردد الناس أحياناً في استنكاره, ويشفعون لهم بحسن نياتهم، وصدق مقاصدهم فيما يرون ويظهر لهم، وتبعات فسادهم لا تقتصر عليهم، بل تتعدى إلى غيرهم, وهم داخلون في نسيج الأمة غير متميزين عنها في الغالب، وثمت حلول كثيرة مقترحة، لعل من أهمها:
أولاً: تمكين العلماء الربانيين من القيام بواجبهم، وفتح الآفاق لكلمتهم إعلامياً، وتسخير إمكانيات الأمة لهذا الغرض, وربط شباب الأمة بعلمائها الموثوقين، من خلال عقد اللقاءات المفتوحة معهم، وسهولة الوصول إليهم، وليعلم العالم الشرعي أنه يشكل مرجعية حقيقية للجميع الحاكم والمحكوم على حد سواء.
ثانياًً: إيجاد القنوات العلمية والدعوية والإعلامية, التي من خلالها تظهر الصورة الصحيحة للإسلام, وتعريف الناس بدينهم الحق, ومناقشة الاتجاهات التي يصاحبها نوع من الحدة في الهواء الطلق, وليس من وراء القضبان, وإذا لم تعرض الدعوة الإسلامية الصحيحة الناضجة من الكتاب والسنة، فالبديل عن ذلك أمران:
1-: شيوع المنكر الفكري والخلقي بلا نكير, وهذا يؤدي إلى التطرف.
2-: الدعوات المنحرفة التي تجد آذاناً صاغية من الناس.
ثالثاً: محاولة تنقية أجهزة الإعلام مما يخالف الإسلام، عقيدة وأحكاماً وأخلاقاً, ومنع ضحايا الفكر المنحرف من التسلل إليه, ومنع المساس بالدين وأهله، وصياغته إسلامياً؛ ليكون رافداً من روافد الدعوة.
رابعاً: ضبط مناهج التعليم، وربطها بدين هذه الأمة وتاريخها وحاضرها ومستقبلها, حتى يتخرج جيل مؤمن يعرف دينه باعتدال, ويعرف عصره ويؤدي دوره.
خامساً: إصلاح الأوضاع الشرعية والأخلاقية في المجتمعات الإسلامية, وحمايتها من الانحلال الخلقي, ودعم وإيجاد المؤسسات الإصلاحية القائمة على حماية الأدب والأخلاق, وكما يوجد جهاز مختص لمكافحة المخدرات يجب أن يكون هناك أجهزة قوية ممكنة، وذات صلاحية واسعة أيضاً في مكافحة ألوان الجرائم، التي لا يقرها الشرع.
سادساً: ضرورة العدل, وإعطاء ذوي الحقوق حقوقهم, سواء كانت الحقوق مالية أو شخصية أو سياسية أو غير ذلك؛ فإن المجتمعات لا يمكن أن تقوم على الظلم أبداً, والله تعالى ينصر الدولة العادلة، ولو كانت كافرة, ولا ينصر الدولة الظالمة، ولو كانت مسلمة.
سابعاً: على الدعاة والعلماء الراشدين أن يكونوا واضحين وصادقين في دعوتهم، وألا يترددوا في رفض الخطأ وإدانته، أياً كان مصدره بأوضح عبارة، وأبين إشارة، مع الاستدلال والتوضيح, وبيان سوء عواقب الانحراف، كل ذلك بلغة هادئةٍ، وأسلوب سليم، وبالحكمة والموعظة الحسنة، كما أمر الله، بعيداً عن التطرف في معالجة التطرف، أو إطلاق ألفاظ التكفير أو السب، أو الاتهام بالبراءة من الدين، فالعالم يشكل مرجعية تستوجب الاتزان والعدل، وضبط العبارة، وسداد الحكم.
والله الهادي.
أسباب التطرف:
1- التأزّم الفكري، فالعالم الإسلامي يحتوشه تياران على طرفي نقيض:
الأول: هو التيار العلماني المتطرف الذي يمارس تطرفاً واسعاً، بإصراره على نقل التجربة الغربية، بل على استنساخ المجتمعات الغربية في ديار الإسلام، وبناء الحياة على أساس مادي غير مرتبط بالأصول الشرعية، ولا حتى الموروثات الاجتماعية الفاضلة؛ فهي من وجهة نظره عوائق كبرى عن التقدم والحضارة والرقي.
التيار الثاني: تيار مضاد فهو يعارض كل أشكال المدنية الحديثة ويرى أنها تقطعه عن رب العالمين, فهي طريق للإفساد في الدين, ومن شأنها أن تجعل الإنسان وصولياً أنانياً يعيش لنفسه فقط.
وكلا الطرفين في ردّات فعل مباينة للطرف الآخر, إضافة إلى فقدان لغة الحوار والتفكير الثاقب البناء.
2- الجهل أو الخطأ في فهم المقاصد الشرعية والأوامر الإلهية، وتنزيل النصوص على غير مرادها.
3- تدني المستوى الاقتصادي للدول والأفراد، مما يحدث فجوة عميقة في النفوس, وها هو طوفان العولمة يجتاح العالم مولداً أزمات اقتصادية، مما ولد عجزاً عن أي تعاون دولي جاد، أو حسم للمشكلات الاقتصادية أو الاجتماعية.
4- عدم مصداقية الكثير من الحكومات والنظم السياسية الحاكمة، فيما تدعيه من مُثل وقيم تناقضها في ممارساتها مع شعوبها.
5- تخلي كثير من البلاد الإسلامية عن تحكيم شرع الله عز وجل، ولعل أكثر نزعات التطرف ترفع شعار الحكم بما أنزل الله، وهو شعار صادق في حد ذاته، لكن الشأن في تبعاته، ومن قبل قال الخوارج: "لا حكم إلا لله" فرد عليهم علي رضي الله عنه بقولته المشهورة: "كلمة حق أُريد بها باطل".
إن غياب المرجعية الدينية في المجتمعات الإسلامية وانحسار دور العلماء، وضعف الخطاب الديني جعل تلك المجتمعات تعيش فوضى ضاربة لا نهاية لها، وأسهم في غياب مفهوم الهوية، هل نحن أمة عربية إسلامية ذات مرجعية شرعية ربانية تواكب العصر، وتعيش مستجداته أو نحن أمة غربية نعيش على ما يقدمه لنا الآخر من أفكار وأنماط حياة؟
هل نحن أمة واحدة ولو تعددت بلداننا وأوطاننا أو نحن أمم شتى لا روابط بينها؟
كل شعب قام يبني نهضة وأرى بنيانكم منقسما
في قديم الدهر كنتم أمة لهف نفسي كيف صرتم أمما
6- التهتك المجتمعي المتمثل في غياب دور الأسرة والمدرسة والمحاضن التربوية في كثير من
النواحي، مما ينتج عنه الكثير من الأمراض النفسية، والانحرافات العديدة.
وقد أكدت الكثير من الدراسات أن جنوح الشباب إلى التطرف يرجع إلى أسباب نفسية, ومن أهمها عدم إشباع الحاجات الضرورية, أو النمو المضطرب للذات, أو بسبب الحرمان من الوالدين, وخاصة الأم، بل إن 78% من أسباب ظهور تلك المجموعات هو بديل لما يعانيه الفرد من الحرمان النفسي.
7- وسائل الإعلام التي تضخ زخماً هائلاً من المواد الفاسدة، سواء الفضائيات، أو الشبكة العنكبوتية، أو المجلات والصحف وغيرها, وغياب الرؤية الإصلاحية البنائية لدى هذه الوسائل في حمى تنافسها على كسب قلب المشاهد، وجيبه.
8- عدم الفهم الصحيح للمعاني الدينية، وتوجيهها في غير مسارها، كقضية الزهد، وقضية الجهاد، وقضية الولاء والبراء، وغيرها.
ومثله الفهم الخاطئ لحقوق أهل الذمة، وما لهم، وما عليهم, وندرة أو قلة فرص العمل في كثير من الدول، مما يزج بالشباب في محاضن تربوية غير مؤهلة شرعياً أو علمياً.
سبل العلاج
إن التطرف الذي هو ( تجاوز عدل الشرائع السماوية والفطر الآدمية ) هو أزمة بحق، وتاريخ الحضارات كلها يكشف عن نماذج كثيرة لهذا التطرف، وتعد رسالة الإسلام الأنموذج الأول والأمثل لمعالجة هذا الانحراف، لكن مع هذا كله فلسنا هنا بصدد أن نعيش ردود أفعال، ونتبادل مع الغرب والعالم الأوصاف، إن هذه معركة ربما تكون غير ملحة، وقد لا تصنع شيئاً لصالحنا، لكن المهم أن ندرك أهمية بناء الوعي في أفراد الأمة؛ لنعرف مواقع التطرف الخارجة عن الإطار الإسلامي، ولعل من حسن الفهم هنا أن ندرك أن الغرب يمارس صناعة التطرف، ويصدرها، وقد تكون بعض الأطراف مستهلكاً لشيء من هذا، لكن لابد أن ندرك أن الأزمة ليست في التطرف يوم يكون حالة تعرض لدى بعض الفئات، لكن يصبح الأمن العالمي مهدداً حقيقةً حينما يكون التطرف قانوناً له شرعيته، كما ترسم ذلك دوائر سياسية ومؤسسات متنفذة في الأوساط الغربية، قد يتجاوز تأثيرها إلى دوائر شتى، ولعل الأنموذج اليهودي هو المرشح عالمياً لهذا لو أعطيت الشعوب حرية الموقف والتعبير.
ومع هذا فعلينا أن نمارس نقداً واضحاً صريحاً في داخل مجتمعنا الإسلامي, ولقد شدني أن يقول الإمام أحمد عن الخوارج: "صح الحديث فيهم عن النبي صلى الله عليه وسلم من خمسة أوجه"، فأحاديث التحذير من الخوارج صحيحة، لا خلاف على صحتها عند أهل الحديث, وهي في البخاري ومسلم والسنن والمسانيد وغيرها, وقد تلقاها العلماء بالقبول، بينما لا توجد أحاديث أخرى صحيحة في التحذير الخاص من فئة من الفئات المنحرفة عن سواء السبيل، وهذا راجع لأمور:
1- منها خطورة هذه الفتنة وامتدادها إلى آخر الزمان, وما يجري بسببها من سفك الدماء، وإزهاق الأنفس، وإرهاق المجتمعات، وترويع الآمنين، وتشويه صورة الإسلام عند أهله، وعند غيرهم، وهذا مشهود منذ فتنة الخوارج الأولى إلى اليوم.
2- ومنها أن هذه الفئة هي ضمن فئات أهل السنة؛ فهي تحاول الانتماء لنفس القاعدة الأصلية التي تنتمي إليها الأمة في الأخذ بالكتاب والسنة، وفي العبادة والزهد، وفي الشجاعة والصدق، وفي الجدية والصرامة بأخذ الدين، وهذا يجعل صنيعهم محل شك وارتياب, ويتردد الناس أحياناً في استنكاره, ويشفعون لهم بحسن نياتهم، وصدق مقاصدهم فيما يرون ويظهر لهم، وتبعات فسادهم لا تقتصر عليهم، بل تتعدى إلى غيرهم, وهم داخلون في نسيج الأمة غير متميزين عنها في الغالب، وثمت حلول كثيرة مقترحة، لعل من أهمها:
أولاً: تمكين العلماء الربانيين من القيام بواجبهم، وفتح الآفاق لكلمتهم إعلامياً، وتسخير إمكانيات الأمة لهذا الغرض, وربط شباب الأمة بعلمائها الموثوقين، من خلال عقد اللقاءات المفتوحة معهم، وسهولة الوصول إليهم، وليعلم العالم الشرعي أنه يشكل مرجعية حقيقية للجميع الحاكم والمحكوم على حد سواء.
ثانياًً: إيجاد القنوات العلمية والدعوية والإعلامية, التي من خلالها تظهر الصورة الصحيحة للإسلام, وتعريف الناس بدينهم الحق, ومناقشة الاتجاهات التي يصاحبها نوع من الحدة في الهواء الطلق, وليس من وراء القضبان, وإذا لم تعرض الدعوة الإسلامية الصحيحة الناضجة من الكتاب والسنة، فالبديل عن ذلك أمران:
1-: شيوع المنكر الفكري والخلقي بلا نكير, وهذا يؤدي إلى التطرف.
2-: الدعوات المنحرفة التي تجد آذاناً صاغية من الناس.
ثالثاً: محاولة تنقية أجهزة الإعلام مما يخالف الإسلام، عقيدة وأحكاماً وأخلاقاً, ومنع ضحايا الفكر المنحرف من التسلل إليه, ومنع المساس بالدين وأهله، وصياغته إسلامياً؛ ليكون رافداً من روافد الدعوة.
رابعاً: ضبط مناهج التعليم، وربطها بدين هذه الأمة وتاريخها وحاضرها ومستقبلها, حتى يتخرج جيل مؤمن يعرف دينه باعتدال, ويعرف عصره ويؤدي دوره.
خامساً: إصلاح الأوضاع الشرعية والأخلاقية في المجتمعات الإسلامية, وحمايتها من الانحلال الخلقي, ودعم وإيجاد المؤسسات الإصلاحية القائمة على حماية الأدب والأخلاق, وكما يوجد جهاز مختص لمكافحة المخدرات يجب أن يكون هناك أجهزة قوية ممكنة، وذات صلاحية واسعة أيضاً في مكافحة ألوان الجرائم، التي لا يقرها الشرع.
سادساً: ضرورة العدل, وإعطاء ذوي الحقوق حقوقهم, سواء كانت الحقوق مالية أو شخصية أو سياسية أو غير ذلك؛ فإن المجتمعات لا يمكن أن تقوم على الظلم أبداً, والله تعالى ينصر الدولة العادلة، ولو كانت كافرة, ولا ينصر الدولة الظالمة، ولو كانت مسلمة.
سابعاً: على الدعاة والعلماء الراشدين أن يكونوا واضحين وصادقين في دعوتهم، وألا يترددوا في رفض الخطأ وإدانته، أياً كان مصدره بأوضح عبارة، وأبين إشارة، مع الاستدلال والتوضيح, وبيان سوء عواقب الانحراف، كل ذلك بلغة هادئةٍ، وأسلوب سليم، وبالحكمة والموعظة الحسنة، كما أمر الله، بعيداً عن التطرف في معالجة التطرف، أو إطلاق ألفاظ التكفير أو السب، أو الاتهام بالبراءة من الدين، فالعالم يشكل مرجعية تستوجب الاتزان والعدل، وضبط العبارة، وسداد الحكم.
والله الهادي.