[justify]الحريّة .. قبل كل شيء هي قيمةٌ مقدسةٌ شرعاً, وحقٌّ مفروض, وواجب ديني كبير، ولما جاء المسلمون من الحبشة وذكروا للنبي -صلى الله عليه وسلم- قصة المرأة التي كانت تمشي ومعها قربة؛ فمرت بفتى منهم, فجعل إحدى يديه بين كتفيها, ثم دفعها؛ فخرّت على ركبتيها, فانكسرت قلتها؛ فلمّا ارتفعت التفتت إليه فقالت: سوف تعلم يا غُدَر! إذا وضع الله الكرسي, وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون؛ فسوف تعلم كيف أمري وأمرك عنده غداً!
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صدقت صدقت, كيف يقدس الله أمة لا يُؤخذ لضعيفهم من شديدهم). رواه ابن ماجه وابن حبان.
والحرية مطلب عام، و في مجال المرأة على وجه الخصوص كانت الحرية- في الألفاظ النبوية - معنى راقياً, يفرَّق فيه بين الحرة في شخصها وخلقها وبين الأَمَةِ المستَرَقّة المستعبَدة, وتبعاً لذلك الممتهنَة للخدمة والمتعة, ثم حملت هاتان اللفظتان دلائل لاحقة لها علاقة بهذا المعنى، ولذلك لما بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء قال : (وَلَا يَزْنِينَ) قالت هند بنت عتبة: "وهل تزني الحرة ؟!" رواه أبو يعلى وسعيد بن منصور في سننه.
فكانت المرأة ذات الأخلاق الكريمة الشريفة العفيفة تسمى بالمرأة الحرّة.
ولقد قدم الإسلام في تشريعه أهم الضمانات لتحقيق الحرية الإيجابية للمرأة؛ فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل تطبيق لأداء حقوق المرأة وحفظها.
فمرة صعد المنبر ونهى عن ضرب النساء, ثم فعل ذلك مرة أخرى، ثم صعد على المنبر مرة ثالثة بعد يومين أو ثلاثة, وقال: (لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ). رواه أبو داود وابن ماجه بسند صحيح.
وقال: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلي).رواه الترمذي وابن ماجه, وهو صحيح.
وسجّل الله في القرآن الكريم ممارسة بعض الآباء في موقفهم من البنات, وكراهيتهم لولادتهن (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ).[سورة النحل:58].
وعدّه من الإجحاف والسوء والظلم (أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ).[سورة النحل:59].
وانتقد مواقف بعضهم من أخواتهم, والضغط عليهن, واستضعافهن.
وفي الحديث عن حق المرأة في الإسلام لن نحتاج إلى التكرار المعهود من أغلب المتحدثين عن هذا الأمر في المقارنة بين وضع المرأة في الجاهلية (قبل الإسلام) ثم وضعها في عصر الإسلام، وبقدر مصداقية هذا الكلام، إلا إنه ينبغي أن نتجاوزه إلى معنى الحق العام ومقارنة المرأة بالوضع الحالي لها، ففي العصر الحديث مجال كبير للمقارنة دون حاجةٍ لجمود عند مثال واحد وحديث معاد.
كثيرون عندما يتكلمون عن قضية كفالة الإسلام لحقوق المرأة يقارنون بين الجاهلية وعصر الإسلام, كأن الإسلام لم يعطِ المرأة دورها وحقها وتميّزها إلا فقط مقارنة بالجاهلية الأولى، بينما اجترار هذا الخطاب ليس له مسوّغ، فلم يكن أبناء هذا اليوم قد عاصروا الجاهلية الأولى لكي يعرفوا حقيقة حفظ الإسلام عملياً لحقوق المرأة وحريتها منسوبة إلى عصور الجاهلية.
حين نقارن التشريع بالتشريع فهذا جيد, وحين نقارن واقع المرأة المسلمة المشهود بواقع المرأة الغربية فهذا جيد أيضاً.
أما أن نقارن واقع الغرب بالجانب النظري التشريعي؛ فهذا يعني الهروب من مشاهدة الواقع البشري المتدني في العالم الإسلامي إلى الصورة الجميلة التي أوصى بها الإسلام, وبعضها قائم موجود، وبعضها غائب، وغيابه حجة على المسلمين أنفسهم.
والحرية معنى فطري منضبط وليست قيمةً مطلقة, ولفطريتها فالناس يتطلعون إليها في كل وقت, فنحن نحتاج إلى بيان عصري إسلامي رشيد لهذا المعنى, في خطاب يصدر عن نصوص الوحي وهدي التشريع؛ ولذا فثمة حاجة ملحّة إلى أن نترجم خطابنا الإنشائي عن المرأة إلى برامج عملية واقعية؛ لتربية المرأة وإعدادها عقلياً, ونفسياً, ووجدانياً, ومالياً, لدور صحيح في تنمية المجتمع وقدراته وطاقاته, من أجل تفعيلٍ إسلامي معتدل, عوضاً عن أن يختطف الخاطفون بغير حق المعاني البرّاقة العامة؛ كالتحرير ويوظّفوها في أدوار شخصية أو تخريبية.
وهناك فرقٌ بين معالجة الأخطاء بوضوح وصدق, وبين من يسعون إلى تفجير المجتمع من خلال هذه الأخطاء، واستغلالها في خطابات موهمة خادعة واستنبات بذرة غريبة عن المجتمع.
ونحن في مجتمعاتنا الإسلامية نواجه مشكلةً تجاه المرأة من فئتين:
الفئة الأولى:
الذين يطالبون بالانفتاح المطلق, دون ضوابط, بطريقة استنساخ النموذج الغربي للمرأة, بأورامه وأخطائه وديدانه!، فهم يقدمون نموذجاً بديلا ًمرفوضاً عند الجميع.
والفئة الثانية:
فئة المتشدّدين, الذين يهدفون إلى المحافظة على واقع المرأة في المجتمعات الإسلامية, كما لو كان هذا الواقع هو التطبيق الفعلي للإسلام على ما يريده الشرع، ويرفضون أي تعديل إيجابي, بحجة أنه قد يهزّ الحال القائم ويفتح الباب.
فالحجة هي الخوف، والخوف فقط، وكأن ديننا وواقعنا وقناعاتنا من الهشاشة بحيث تكون قابلة للذوبان عند أدنى سبب طارئ.
والمرأة مسلوبة الحق بين مطرقة هذا وسندان ذاك.
وعلى الرغم ممابين هاتين الفئتين من فارق الخلفية والثقافة والرأي؛ إلا أنهما يشتركان في تكريس تخلّف المرأة, وسلبها إرادتها وحقها في الاستقلال والاختيار والتفكير؛ لأن فرض نمط غربي هو قضاءٌ على إرادتها وخصوصيتها الاجتماعية والثقافية.
وأما إرغامها على القبول بكل تفاصيل هذا الواقع الاجتماعي مهما كان دون الاعتراف بأخطائه؛ فهو الآخر قضاءٌ على حقها في التعبير عن الظلم الذي تواجهه.
ومن جهة فإن أجهزة الإعلام في غالبها تكرّس صورة المرأة-الجسد؛ فتشوّه كل الصور الأخرى للمرأة التي خلقها الله إنساناً مكلفاً. يقول الله جل وعلا: (أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ).[سورة آل عمران:195].
ويقول سبحانه وتعالى: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)[سورة النساء:124].
وفي الجهة الأخرى: فإن بعض الطرح الإسلامي يكرّس الصورة ذاتها من وجه آخر, عن طريق المبالغة في الوعظ والذم المتعلق بالشكل الظاهر للمرأة, وربط أكثر قضايا المرأة الدينية والإسلامية بالجانب الشكليّ والمظهريّ، وحين يتحدثون عن واجبات المرأة فلا يذكرون إلا واجبات الجسد والصورة, وهم بهذا يقدمون مادةً جيدة للشانئين في الطعن بحقيقة الخطاب الإسلامي ودوره.[/justify]
يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صدقت صدقت, كيف يقدس الله أمة لا يُؤخذ لضعيفهم من شديدهم). رواه ابن ماجه وابن حبان.
والحرية مطلب عام، و في مجال المرأة على وجه الخصوص كانت الحرية- في الألفاظ النبوية - معنى راقياً, يفرَّق فيه بين الحرة في شخصها وخلقها وبين الأَمَةِ المستَرَقّة المستعبَدة, وتبعاً لذلك الممتهنَة للخدمة والمتعة, ثم حملت هاتان اللفظتان دلائل لاحقة لها علاقة بهذا المعنى، ولذلك لما بايع النبي -صلى الله عليه وسلم- النساء قال : (وَلَا يَزْنِينَ) قالت هند بنت عتبة: "وهل تزني الحرة ؟!" رواه أبو يعلى وسعيد بن منصور في سننه.
فكانت المرأة ذات الأخلاق الكريمة الشريفة العفيفة تسمى بالمرأة الحرّة.
ولقد قدم الإسلام في تشريعه أهم الضمانات لتحقيق الحرية الإيجابية للمرأة؛ فكان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أفضل تطبيق لأداء حقوق المرأة وحفظها.
فمرة صعد المنبر ونهى عن ضرب النساء, ثم فعل ذلك مرة أخرى، ثم صعد على المنبر مرة ثالثة بعد يومين أو ثلاثة, وقال: (لَقَدْ طَافَ بِآلِ مُحَمَّدٍ نِسَاءٌ كَثِيرٌ يَشْكُونَ أَزْوَاجَهُنَّ لَيْسَ أُولَئِكَ بِخِيَارِكُمْ). رواه أبو داود وابن ماجه بسند صحيح.
وقال: (خَيْرُكُمْ خَيْرُكُمْ لأَهْلِهِ وَأَنَا خَيْرُكُمْ لأَهْلي).رواه الترمذي وابن ماجه, وهو صحيح.
وسجّل الله في القرآن الكريم ممارسة بعض الآباء في موقفهم من البنات, وكراهيتهم لولادتهن (وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالأُنثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ).[سورة النحل:58].
وعدّه من الإجحاف والسوء والظلم (أَلاَ سَاء مَا يَحْكُمُونَ).[سورة النحل:59].
وانتقد مواقف بعضهم من أخواتهم, والضغط عليهن, واستضعافهن.
وفي الحديث عن حق المرأة في الإسلام لن نحتاج إلى التكرار المعهود من أغلب المتحدثين عن هذا الأمر في المقارنة بين وضع المرأة في الجاهلية (قبل الإسلام) ثم وضعها في عصر الإسلام، وبقدر مصداقية هذا الكلام، إلا إنه ينبغي أن نتجاوزه إلى معنى الحق العام ومقارنة المرأة بالوضع الحالي لها، ففي العصر الحديث مجال كبير للمقارنة دون حاجةٍ لجمود عند مثال واحد وحديث معاد.
كثيرون عندما يتكلمون عن قضية كفالة الإسلام لحقوق المرأة يقارنون بين الجاهلية وعصر الإسلام, كأن الإسلام لم يعطِ المرأة دورها وحقها وتميّزها إلا فقط مقارنة بالجاهلية الأولى، بينما اجترار هذا الخطاب ليس له مسوّغ، فلم يكن أبناء هذا اليوم قد عاصروا الجاهلية الأولى لكي يعرفوا حقيقة حفظ الإسلام عملياً لحقوق المرأة وحريتها منسوبة إلى عصور الجاهلية.
حين نقارن التشريع بالتشريع فهذا جيد, وحين نقارن واقع المرأة المسلمة المشهود بواقع المرأة الغربية فهذا جيد أيضاً.
أما أن نقارن واقع الغرب بالجانب النظري التشريعي؛ فهذا يعني الهروب من مشاهدة الواقع البشري المتدني في العالم الإسلامي إلى الصورة الجميلة التي أوصى بها الإسلام, وبعضها قائم موجود، وبعضها غائب، وغيابه حجة على المسلمين أنفسهم.
والحرية معنى فطري منضبط وليست قيمةً مطلقة, ولفطريتها فالناس يتطلعون إليها في كل وقت, فنحن نحتاج إلى بيان عصري إسلامي رشيد لهذا المعنى, في خطاب يصدر عن نصوص الوحي وهدي التشريع؛ ولذا فثمة حاجة ملحّة إلى أن نترجم خطابنا الإنشائي عن المرأة إلى برامج عملية واقعية؛ لتربية المرأة وإعدادها عقلياً, ونفسياً, ووجدانياً, ومالياً, لدور صحيح في تنمية المجتمع وقدراته وطاقاته, من أجل تفعيلٍ إسلامي معتدل, عوضاً عن أن يختطف الخاطفون بغير حق المعاني البرّاقة العامة؛ كالتحرير ويوظّفوها في أدوار شخصية أو تخريبية.
وهناك فرقٌ بين معالجة الأخطاء بوضوح وصدق, وبين من يسعون إلى تفجير المجتمع من خلال هذه الأخطاء، واستغلالها في خطابات موهمة خادعة واستنبات بذرة غريبة عن المجتمع.
ونحن في مجتمعاتنا الإسلامية نواجه مشكلةً تجاه المرأة من فئتين:
الفئة الأولى:
الذين يطالبون بالانفتاح المطلق, دون ضوابط, بطريقة استنساخ النموذج الغربي للمرأة, بأورامه وأخطائه وديدانه!، فهم يقدمون نموذجاً بديلا ًمرفوضاً عند الجميع.
والفئة الثانية:
فئة المتشدّدين, الذين يهدفون إلى المحافظة على واقع المرأة في المجتمعات الإسلامية, كما لو كان هذا الواقع هو التطبيق الفعلي للإسلام على ما يريده الشرع، ويرفضون أي تعديل إيجابي, بحجة أنه قد يهزّ الحال القائم ويفتح الباب.
فالحجة هي الخوف، والخوف فقط، وكأن ديننا وواقعنا وقناعاتنا من الهشاشة بحيث تكون قابلة للذوبان عند أدنى سبب طارئ.
والمرأة مسلوبة الحق بين مطرقة هذا وسندان ذاك.
وعلى الرغم ممابين هاتين الفئتين من فارق الخلفية والثقافة والرأي؛ إلا أنهما يشتركان في تكريس تخلّف المرأة, وسلبها إرادتها وحقها في الاستقلال والاختيار والتفكير؛ لأن فرض نمط غربي هو قضاءٌ على إرادتها وخصوصيتها الاجتماعية والثقافية.
وأما إرغامها على القبول بكل تفاصيل هذا الواقع الاجتماعي مهما كان دون الاعتراف بأخطائه؛ فهو الآخر قضاءٌ على حقها في التعبير عن الظلم الذي تواجهه.
ومن جهة فإن أجهزة الإعلام في غالبها تكرّس صورة المرأة-الجسد؛ فتشوّه كل الصور الأخرى للمرأة التي خلقها الله إنساناً مكلفاً. يقول الله جل وعلا: (أَنِّي لاَ أُضِيعُ عَمَلَ عَامِلٍ مِّنكُم مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى بَعْضُكُم مِّن بَعْضٍ).[سورة آل عمران:195].
ويقول سبحانه وتعالى: (وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا)[سورة النساء:124].
وفي الجهة الأخرى: فإن بعض الطرح الإسلامي يكرّس الصورة ذاتها من وجه آخر, عن طريق المبالغة في الوعظ والذم المتعلق بالشكل الظاهر للمرأة, وربط أكثر قضايا المرأة الدينية والإسلامية بالجانب الشكليّ والمظهريّ، وحين يتحدثون عن واجبات المرأة فلا يذكرون إلا واجبات الجسد والصورة, وهم بهذا يقدمون مادةً جيدة للشانئين في الطعن بحقيقة الخطاب الإسلامي ودوره.[/justify]