أقسم الله بـ"َالْعَصْرِ " لأن من معاني العصر، الوقت الذي هو آخر النهار ، فهو قرب النهاية وموسم الحصاد ، وفيه صلاة العصر التي ذكرها الله تعالى في غير موضع فسماها "الصَّلَاةِ الْوُسْطَى"[البقرة:238] "وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا"[طه:130].
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان البخاري (552) ومسلم (626) عن ابن عمر : ( الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله ) أي فقد أهله وماله.
وإذا كان العصر هو آخر النهار فعصر هذه الأمة المحمدية هو آخر الدنيا، ونهاية المطاف وأجمل شيء آخره ، فنحن أمة المجد والعزة والتاريخ والانتصار، وأمتنا آخر الأمم وأعظمها وأولها دخولاً الجنة وأفضلها عند الله تبارك وتعالى شاء من شاء وأبى من أبى ، ولتعلمن نبأه بعد حين.
وفي صحيح البخاري (2268) عن ابن عمر رضي الله عنه ونحوه أيضا (558) عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجراء فقال : من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط ؟ فعملت اليهود ، ثم قال : من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط ؟ فعملت النصارى ، ثم قال : من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين ؟ فأنتم هم ، فغضبت اليهود والنصارى ، فقالوا : ما لنا أكثر عملاً وأقل عطاء ؟ قال : هل نقصتكم من حقكم ؟ قالوا: لا . قال : فذلك فضلي أوتيه من أشاء ) فإذا كنا نحن أمة العصر ، ورسالتنا هي رسالة العصر ، فينبغي علينا أن نكون شهداء على الناس ، وكان خليقاً بنا أن نكون أكثر الناس علماً ، وأحسنهم خلقاً ، وأعظمهم حضارة، وأعرف الناس بمصالح الدنيا والآخرة.
أما واقع الحال اليوم فنحن أمة مستهلكة ، أمة منهوبة الثروات، محتلة في أراضيها في غير ما بلد من بلاد الإسلام.
إن 65% من فقراء العالم هم من المسلمين، و80% من اللاجئين في العالم هم من المسلمين ، وعلى الرغم من أن المسلمين يمثلون ربع أوخمس سكان الكرة الأرضية غير أن نصيبهم من الاقتصاد لا يتجاوز 6 % ، كما أن شعوب المسلمين في غالبهم ضحية الضخ الإعلامي الفاسد.
إن الفتاة اليوم تعرف المئات ممن يشكلن لها مثلاً أعلى من ممثله وغانية وراقصة وعارضة أزياء بل عارضة أجساد ، ولكننا حين نريد ضرب المثل الجيد من الواقع يرجع البصر إلينا خاسئاً وهو حسير ، ولهذا نفزع إلى التاريخ ، ونتحدث عن زينب وخديجة وعائشة وسمية وحفصة ...
فلم لا يوجد في واقعنا وعصرنا ومجتمعنا -ونحن أمة العصر وأمة الشهود- أمثال القمم الشامخة من القدوات للكبار والصغار من الرجال والنساء .
هل عقمت أرحام الأمهات عن مثل هذا ؟!.
بل إننا على رغم فقرنا وضعف حالنا وشدة حاجتنا والتحديات التي تواجهنا مشغولون بتدمير بعضنا البعض ، ومطالبة الآخرين بالكمال، وربما دخلنا في متاهة من الأوهام هروباً من مواجهة هذا الواقع ، ولذا يحسن التحذير من بعض الكتب التي تتكلم عن عمر هذه الأمة ، وتحدد أزمنة معينة، وتتناول أشراط الساعة بطريقة غير علمية ولا شرعية .
قد تكون هذه الكتب وغيرها كتبت بحسن نية ، ولكنها تهجم على الغيب ، وتربي الناس على الاتكالية والانتظار وتمهد لبعض المواقف السلبية اعتماداً على الحديث الذي مر في مثل المسلمين واليهود والنصارى وأشباهه.
[color=red]ثانياً الإنسان : [/color]
"إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ"[العصر:2] كل الإنسان, وحين يخاطب الإنسان في القرآن فهذه إشادة.
"يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ"[الانشقاق:6] ، "يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ"[الانفطار:6] ، "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ"[الإنسان:2] ، "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"[الإسراء:70] .
والإنسان مهدد غالباً بالخسار لقوله تعالى : "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ*ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ" [التين:4-6].
إنه الإنسان الذي خلقه الله تعالى واختاره واصطفاه وعلمه وأسجد له ملائكته، وحينما قالوا : " أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ "[البقرة:30] قال ربنا الحكيم : " إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ "[البقرة:30] ، وهذا إشادة ظاهرة بجنس الإنسان وخصوصيته وكفاءته ومسئوليته ، و العقاب والعتاب يكون على قدر المسؤولية ، وقوله تعالى : ( لفي خسر ) أبلغ من أن نقول : ( إن الإنسان لخاسر ) لأن الخسر حينئذ كأنه إناء أو وعاء يحيط بالإنسان من كل جانب، وهنا يكون التنكير للتهويل والتعظيم أي أنه في خسارة عظيمة .
ويحتمل أن يكون المعنى تفاوت الخسارة، فالناس غالبهم في خسر، فمنهم من خسارته كلية مطلقة، خسر نفسه وأهله وماله ودنياه وآخرته ، كالكافرين الأخسرين أعمالاً الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ومنهم من خسارته جزئية أي فقد بعض الربح ، ومنهم من فقد كل الربح ، ومنهم من فقد رأس المال، ومنهم من ترتب عليه ديون للآخرين، فهؤلاء هم الأخسرون (وهم في الآخرة هم الأخسرون) {النحل:5}فالحياة سوق والعمل تجارة، " أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ"[البقرة:16] وفي صحيح مسلم (223) عن أبي مالك الأشعري:(كل الناس يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).
فالإنسان متحرك بطبعه، وفعال وهمام، وسائر لا يتوقف، وسمي الإنسان إنسانا؛ً لأنه ينوس أي يتحرك ولا يقف ، وكل أحد ساعٍ متحرك، ولكن منهم ساعٍ في كمال نفسه ونجاتها، ومنهم ساعٍ في هلاكها وإباقها.
ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم فيما رواه الشيخان البخاري (552) ومسلم (626) عن ابن عمر : ( الذي تفوته صلاة العصر كأنما وتر أهله وماله ) أي فقد أهله وماله.
وإذا كان العصر هو آخر النهار فعصر هذه الأمة المحمدية هو آخر الدنيا، ونهاية المطاف وأجمل شيء آخره ، فنحن أمة المجد والعزة والتاريخ والانتصار، وأمتنا آخر الأمم وأعظمها وأولها دخولاً الجنة وأفضلها عند الله تبارك وتعالى شاء من شاء وأبى من أبى ، ولتعلمن نبأه بعد حين.
وفي صحيح البخاري (2268) عن ابن عمر رضي الله عنه ونحوه أيضا (558) عن أبي موسى أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : (مثلكم ومثل أهل الكتابين كمثل رجل استأجر أجراء فقال : من يعمل لي من غدوة إلى نصف النهار على قيراط ؟ فعملت اليهود ، ثم قال : من يعمل لي من نصف النهار إلى صلاة العصر على قيراط ؟ فعملت النصارى ، ثم قال : من يعمل لي من العصر إلى أن تغيب الشمس على قيراطين ؟ فأنتم هم ، فغضبت اليهود والنصارى ، فقالوا : ما لنا أكثر عملاً وأقل عطاء ؟ قال : هل نقصتكم من حقكم ؟ قالوا: لا . قال : فذلك فضلي أوتيه من أشاء ) فإذا كنا نحن أمة العصر ، ورسالتنا هي رسالة العصر ، فينبغي علينا أن نكون شهداء على الناس ، وكان خليقاً بنا أن نكون أكثر الناس علماً ، وأحسنهم خلقاً ، وأعظمهم حضارة، وأعرف الناس بمصالح الدنيا والآخرة.
أما واقع الحال اليوم فنحن أمة مستهلكة ، أمة منهوبة الثروات، محتلة في أراضيها في غير ما بلد من بلاد الإسلام.
إن 65% من فقراء العالم هم من المسلمين، و80% من اللاجئين في العالم هم من المسلمين ، وعلى الرغم من أن المسلمين يمثلون ربع أوخمس سكان الكرة الأرضية غير أن نصيبهم من الاقتصاد لا يتجاوز 6 % ، كما أن شعوب المسلمين في غالبهم ضحية الضخ الإعلامي الفاسد.
إن الفتاة اليوم تعرف المئات ممن يشكلن لها مثلاً أعلى من ممثله وغانية وراقصة وعارضة أزياء بل عارضة أجساد ، ولكننا حين نريد ضرب المثل الجيد من الواقع يرجع البصر إلينا خاسئاً وهو حسير ، ولهذا نفزع إلى التاريخ ، ونتحدث عن زينب وخديجة وعائشة وسمية وحفصة ...
فلم لا يوجد في واقعنا وعصرنا ومجتمعنا -ونحن أمة العصر وأمة الشهود- أمثال القمم الشامخة من القدوات للكبار والصغار من الرجال والنساء .
هل عقمت أرحام الأمهات عن مثل هذا ؟!.
بل إننا على رغم فقرنا وضعف حالنا وشدة حاجتنا والتحديات التي تواجهنا مشغولون بتدمير بعضنا البعض ، ومطالبة الآخرين بالكمال، وربما دخلنا في متاهة من الأوهام هروباً من مواجهة هذا الواقع ، ولذا يحسن التحذير من بعض الكتب التي تتكلم عن عمر هذه الأمة ، وتحدد أزمنة معينة، وتتناول أشراط الساعة بطريقة غير علمية ولا شرعية .
قد تكون هذه الكتب وغيرها كتبت بحسن نية ، ولكنها تهجم على الغيب ، وتربي الناس على الاتكالية والانتظار وتمهد لبعض المواقف السلبية اعتماداً على الحديث الذي مر في مثل المسلمين واليهود والنصارى وأشباهه.
[color=red]ثانياً الإنسان : [/color]
"إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ"[العصر:2] كل الإنسان, وحين يخاطب الإنسان في القرآن فهذه إشادة.
"يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ إِنَّكَ كَادِحٌ إِلَى رَبِّكَ كَدْحًا فَمُلَاقِيهِ"[الانشقاق:6] ، "يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ"[الانفطار:6] ، "إِنَّا خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ"[الإنسان:2] ، "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلًا"[الإسراء:70] .
والإنسان مهدد غالباً بالخسار لقوله تعالى : "لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ*ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ * إِلَّا الَّذِينَ ءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ" [التين:4-6].
إنه الإنسان الذي خلقه الله تعالى واختاره واصطفاه وعلمه وأسجد له ملائكته، وحينما قالوا : " أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ "[البقرة:30] قال ربنا الحكيم : " إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ "[البقرة:30] ، وهذا إشادة ظاهرة بجنس الإنسان وخصوصيته وكفاءته ومسئوليته ، و العقاب والعتاب يكون على قدر المسؤولية ، وقوله تعالى : ( لفي خسر ) أبلغ من أن نقول : ( إن الإنسان لخاسر ) لأن الخسر حينئذ كأنه إناء أو وعاء يحيط بالإنسان من كل جانب، وهنا يكون التنكير للتهويل والتعظيم أي أنه في خسارة عظيمة .
ويحتمل أن يكون المعنى تفاوت الخسارة، فالناس غالبهم في خسر، فمنهم من خسارته كلية مطلقة، خسر نفسه وأهله وماله ودنياه وآخرته ، كالكافرين الأخسرين أعمالاً الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة، ومنهم من خسارته جزئية أي فقد بعض الربح ، ومنهم من فقد كل الربح ، ومنهم من فقد رأس المال، ومنهم من ترتب عليه ديون للآخرين، فهؤلاء هم الأخسرون (وهم في الآخرة هم الأخسرون) {النحل:5}فالحياة سوق والعمل تجارة، " أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلَالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ"[البقرة:16] وفي صحيح مسلم (223) عن أبي مالك الأشعري:(كل الناس يغدوا فبائع نفسه فمعتقها أو موبقها).
فالإنسان متحرك بطبعه، وفعال وهمام، وسائر لا يتوقف، وسمي الإنسان إنسانا؛ً لأنه ينوس أي يتحرك ولا يقف ، وكل أحد ساعٍ متحرك، ولكن منهم ساعٍ في كمال نفسه ونجاتها، ومنهم ساعٍ في هلاكها وإباقها.