علي بدوان
- هبوط سقف التقديرات
- دعوة لعدم تكبير الحجر
- مسيرات تل أبيب ووجه الدولة المقضي عليه
- نتائج العملية.. حلم يقظة وكابوس لاحق
دائرة الجدل والنقاشات الداخلية في صفوف الأنتلجنسيا اليهودية الإسرائيلية بدأت تطفو تدريجياً على السطح مع تواصل العمليات العسكرية البرية والجوية على جبهة قطاع غزة.
فقد انتقلت خلال الأيام الماضية من طور إلى طور، وتحديداً منذ اليوم الثاني من وقوع الضربة الجوية الأولى غير المسبوقة التي وجهت للقطاع قبل ظهر يوم (27/12/2008)، حيث باتت حرارة السؤال الكبير بالارتفاع، سؤال يطرح نفسه تحت عنوان عريض: ماذا في اليوم التالي؟
هبوط سقف التقديرات
"
بعد أن كانت التقديرات الإسرائيلية تشير إلى توقعات عالية من الحرب العدوانية المجنونة على القطاع، نظراً لحجم القصف الجوي والدمار الهائل، فقد هبطت إلى إعلان أن هدف الحملة العسكرية هو وقف إطلاق الصواريخ على المستعمرات الإسرائيلية
"
ففي وقت كان من الواضح فيه أن مواقع القرار الإسرائيلي انشغلت ومازالت بجدل واسع كشف وأفصح عن حجم العقدة الإستراتيجية التي يمثلها قطاع غزة بالنسبة للدولة العبرية الصهيونية ومشروعها للحل مع الفلسطينيين، وبعد أن كانت التقديرات الإسرائيلية تشير إلى توقعات عالية من الحرب العدوانية المجنونة على القطاع، نظراً لحجم القصف الجوي والدمار الهائل، ونظراً للحالة العربية الرسمية التي اتسمت بالضعف والهزالة، نزل وهبط سقف التقديرات والتوقعات الإسرائيلية إياها، خصوصاً بعد التوغلات الأخيرة لجيش الاحتلال ومأزق العملية البرية.
فانتقل سقف الأغراض وتالياً التوقعات الإسرائيلية من اجتثاث حركة حماس وعموم الأجنحة العسكرية الفدائية العاملة في قطاع غزة، إلى توجيه ضربة للبنى التحتية لحركة حماس، ومن ثم إلى إعلان هدف الحملة العسكرية تحت عنوان وقف إطلاق الصواريخ على المستعمرات داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948.
بل وأضافت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في تصريحات أطلقتها بعد عدة أيام من عمليات التوغل البرية أن "الأهداف المتوخاة تحتاج عدة حملات عسكرية" مع علمها أن الوقت المتاح لإسرائيل محدود جداً، وخاصة في ظل حملة الاحتجاجات الواسعة ضد العدوان والتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.
وفي هذه المناخات من الجدل الدائر لدى المستويات العليا للقرار في إسرائيل حول الجدوى الممكنة من العملية العسكرية الجارية ضد قطاع غزة في محصلتها النهائية، بدأت النقاشات تفرض نفسها داخل أوساط المثقفين والأنتلجنسيا اليهودية في إسرائيل، في انقسام واضح بدأت تباشيره بالتبلور الأولي وفق ثلاث رؤى.
بين رؤية واتجاه أول مازال حضوره محدوداً ومتواضعاً لكنه مؤهل للتوسع والانتشار ككرة الثلج حال استمرت العمليات الدموية ضد غزة واستمر معها الصمود الفلسطيني، وهو اتجاه يرى دعاته وأصحابه أن إسرائيل تكرر المكرر وتعيد إنتاج التجربة اللبنانية بشكل أخر، حيث لا جدوى من الحملة العسكرية على قطاع غزة، وأن منطق القوة لن يحل مشكلة بل سيدمر مسارات التسوية في المنطقة ويعيد تعقيد المعقد، ومعتبرين في الوقت نفسه أن طريق الحوار مع الطرف الأخر بات ضرورة حتى ولو بشكل غير مباشر.
دعوة لعدم تكبير الحجر
"
الاتجاه الثالث في إسرائيل يرى أنه لا جدوى للهدنة أو التهادن أو الحوار مع حركة حماس أو أي من القوى الفلسطينية الفاعلة في قطاع غزة، باعتبارها تتبنى شعار محو "دولة إسرائيل" وتمتلك "ميثاقا متطرفا" مفصلا في كل مبادئه ومواعظه
"
أما أصحاب الرؤية والاتجاه الثاني وهم من بعض مثقفي ومنتسبي حزب العمل وكتلة ميرتس بالذات، فإنهم يدعون لـ(عدم تكبير الحجر) وإنهاء الحرب بسرعة بأي صيغة كانت، حيث عامل الزمن يشكل البعد الأشد تعقيداً في الحرب على غزة.
ففي تقديرهم أن فرقتين من الجيش الإسرائيلي وربما أكثر من ذلك سوف تعلقان في معارك متواصلة لمدة لا تقل عن خمسة أشهر حسب الخطط الموضوعة، ومعها سوف تكون المستعمرات الجنوبية عرضة لقصف مستمر ولو بعدد محدود من الصواريخ، وأن الداخل الإسرائيلي سوف يدخل الانتخابات على وقع خسائر الجيش التي لن تكون قليلة.
ومن هنا فسوف تعود حلقة سباق الزمن للظهور في معادلة سيكون فيها الجانب الفلسطيني رابحاً كلما طال أمد الحرب بينما تتكبد إسرائيل الخسائر السياسية والمعنوية باستمرار العمليات في غزة ما لم يتحقق أي من الأهداف المفترضة، وحيث يوجه القادة العسكريون انتقادات قاسية لتكبير الحجر السياسي كما حصل في لبنان.
ويرون أن تواصل إطلاق الصواريخ على المستعمرات وبلوغها نقاطا جديدة، واستمرار انطلاق صافرات الإنذار في المستعمرات بسبب القصف الصاروخي وصمود الفلسطينيين في القتال البري المتحرك، سيفضي لتوالد تفاعلات مؤثرة على جبهة الفلسطينيين الداخلية من إعادة توحيد صفوفهم وتهيئة الأرضية والعوامل الدافعة باتجاه انطلاقة انتفاضة فلسطينية ثالثة ستضع إسرائيل مرة جديدة تحت الإدانة الدولية الواسعة.
فإشارات التحرك الشعبي الفلسطيني تظهر في مدن الضفة الغربية مثل نابلس وجنين وغيرها ولن تستمر عند حدودها الراهنة في حين ترتكب إسرائيل وجيشها المجازر في غزة.
فيما تنطلق رؤية الاتجاه الثالث من أن لا جدوى للهدنة أو التهادن أو الحوار مع حركة حماس أو أي من القوى الفلسطينية الفاعلة في قطاع غزة، باعتبارها تتبنى شعار محو "دولة إسرائيل" وامتلاك حركة حماس "ميثاقا متطرفا" مفصلا في كل مبادئه ومواعظه، معتبرين أن مطلب "الحديث مع حماس" من وجهة نظرهم عديم الأساس في الواقع. يتابع
- هبوط سقف التقديرات
- دعوة لعدم تكبير الحجر
- مسيرات تل أبيب ووجه الدولة المقضي عليه
- نتائج العملية.. حلم يقظة وكابوس لاحق
دائرة الجدل والنقاشات الداخلية في صفوف الأنتلجنسيا اليهودية الإسرائيلية بدأت تطفو تدريجياً على السطح مع تواصل العمليات العسكرية البرية والجوية على جبهة قطاع غزة.
فقد انتقلت خلال الأيام الماضية من طور إلى طور، وتحديداً منذ اليوم الثاني من وقوع الضربة الجوية الأولى غير المسبوقة التي وجهت للقطاع قبل ظهر يوم (27/12/2008)، حيث باتت حرارة السؤال الكبير بالارتفاع، سؤال يطرح نفسه تحت عنوان عريض: ماذا في اليوم التالي؟
هبوط سقف التقديرات
"
بعد أن كانت التقديرات الإسرائيلية تشير إلى توقعات عالية من الحرب العدوانية المجنونة على القطاع، نظراً لحجم القصف الجوي والدمار الهائل، فقد هبطت إلى إعلان أن هدف الحملة العسكرية هو وقف إطلاق الصواريخ على المستعمرات الإسرائيلية
"
ففي وقت كان من الواضح فيه أن مواقع القرار الإسرائيلي انشغلت ومازالت بجدل واسع كشف وأفصح عن حجم العقدة الإستراتيجية التي يمثلها قطاع غزة بالنسبة للدولة العبرية الصهيونية ومشروعها للحل مع الفلسطينيين، وبعد أن كانت التقديرات الإسرائيلية تشير إلى توقعات عالية من الحرب العدوانية المجنونة على القطاع، نظراً لحجم القصف الجوي والدمار الهائل، ونظراً للحالة العربية الرسمية التي اتسمت بالضعف والهزالة، نزل وهبط سقف التقديرات والتوقعات الإسرائيلية إياها، خصوصاً بعد التوغلات الأخيرة لجيش الاحتلال ومأزق العملية البرية.
فانتقل سقف الأغراض وتالياً التوقعات الإسرائيلية من اجتثاث حركة حماس وعموم الأجنحة العسكرية الفدائية العاملة في قطاع غزة، إلى توجيه ضربة للبنى التحتية لحركة حماس، ومن ثم إلى إعلان هدف الحملة العسكرية تحت عنوان وقف إطلاق الصواريخ على المستعمرات داخل حدود فلسطين المحتلة عام 1948.
بل وأضافت وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني في تصريحات أطلقتها بعد عدة أيام من عمليات التوغل البرية أن "الأهداف المتوخاة تحتاج عدة حملات عسكرية" مع علمها أن الوقت المتاح لإسرائيل محدود جداً، وخاصة في ظل حملة الاحتجاجات الواسعة ضد العدوان والتضامن العالمي مع الشعب الفلسطيني.
وفي هذه المناخات من الجدل الدائر لدى المستويات العليا للقرار في إسرائيل حول الجدوى الممكنة من العملية العسكرية الجارية ضد قطاع غزة في محصلتها النهائية، بدأت النقاشات تفرض نفسها داخل أوساط المثقفين والأنتلجنسيا اليهودية في إسرائيل، في انقسام واضح بدأت تباشيره بالتبلور الأولي وفق ثلاث رؤى.
بين رؤية واتجاه أول مازال حضوره محدوداً ومتواضعاً لكنه مؤهل للتوسع والانتشار ككرة الثلج حال استمرت العمليات الدموية ضد غزة واستمر معها الصمود الفلسطيني، وهو اتجاه يرى دعاته وأصحابه أن إسرائيل تكرر المكرر وتعيد إنتاج التجربة اللبنانية بشكل أخر، حيث لا جدوى من الحملة العسكرية على قطاع غزة، وأن منطق القوة لن يحل مشكلة بل سيدمر مسارات التسوية في المنطقة ويعيد تعقيد المعقد، ومعتبرين في الوقت نفسه أن طريق الحوار مع الطرف الأخر بات ضرورة حتى ولو بشكل غير مباشر.
دعوة لعدم تكبير الحجر
"
الاتجاه الثالث في إسرائيل يرى أنه لا جدوى للهدنة أو التهادن أو الحوار مع حركة حماس أو أي من القوى الفلسطينية الفاعلة في قطاع غزة، باعتبارها تتبنى شعار محو "دولة إسرائيل" وتمتلك "ميثاقا متطرفا" مفصلا في كل مبادئه ومواعظه
"
أما أصحاب الرؤية والاتجاه الثاني وهم من بعض مثقفي ومنتسبي حزب العمل وكتلة ميرتس بالذات، فإنهم يدعون لـ(عدم تكبير الحجر) وإنهاء الحرب بسرعة بأي صيغة كانت، حيث عامل الزمن يشكل البعد الأشد تعقيداً في الحرب على غزة.
ففي تقديرهم أن فرقتين من الجيش الإسرائيلي وربما أكثر من ذلك سوف تعلقان في معارك متواصلة لمدة لا تقل عن خمسة أشهر حسب الخطط الموضوعة، ومعها سوف تكون المستعمرات الجنوبية عرضة لقصف مستمر ولو بعدد محدود من الصواريخ، وأن الداخل الإسرائيلي سوف يدخل الانتخابات على وقع خسائر الجيش التي لن تكون قليلة.
ومن هنا فسوف تعود حلقة سباق الزمن للظهور في معادلة سيكون فيها الجانب الفلسطيني رابحاً كلما طال أمد الحرب بينما تتكبد إسرائيل الخسائر السياسية والمعنوية باستمرار العمليات في غزة ما لم يتحقق أي من الأهداف المفترضة، وحيث يوجه القادة العسكريون انتقادات قاسية لتكبير الحجر السياسي كما حصل في لبنان.
ويرون أن تواصل إطلاق الصواريخ على المستعمرات وبلوغها نقاطا جديدة، واستمرار انطلاق صافرات الإنذار في المستعمرات بسبب القصف الصاروخي وصمود الفلسطينيين في القتال البري المتحرك، سيفضي لتوالد تفاعلات مؤثرة على جبهة الفلسطينيين الداخلية من إعادة توحيد صفوفهم وتهيئة الأرضية والعوامل الدافعة باتجاه انطلاقة انتفاضة فلسطينية ثالثة ستضع إسرائيل مرة جديدة تحت الإدانة الدولية الواسعة.
فإشارات التحرك الشعبي الفلسطيني تظهر في مدن الضفة الغربية مثل نابلس وجنين وغيرها ولن تستمر عند حدودها الراهنة في حين ترتكب إسرائيل وجيشها المجازر في غزة.
فيما تنطلق رؤية الاتجاه الثالث من أن لا جدوى للهدنة أو التهادن أو الحوار مع حركة حماس أو أي من القوى الفلسطينية الفاعلة في قطاع غزة، باعتبارها تتبنى شعار محو "دولة إسرائيل" وامتلاك حركة حماس "ميثاقا متطرفا" مفصلا في كل مبادئه ومواعظه، معتبرين أن مطلب "الحديث مع حماس" من وجهة نظرهم عديم الأساس في الواقع. يتابع