قال عز من قائل: ((وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ)) [البقرة:163]، وقال: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) [الإخلاص:1]، فهو «الواحد»، وهو «الأحد».
والفرق بينهما: أن «الواحد» يدل على الوحدانية والتفرد، ويدل على الأولية، فهو الأول، وليس قبله شيء، وهي أخص في الدلالة على وحدانية الذات. أي: ليس معه شريك في خلقه، ولا في عبادته، فهو الواحد، أي: ليس له ثانٍ.
أما «الأحد» ففيه خصوصية ليست في «الواحد»، وهو أكثر تمكنًا في الدلالة على وحدانية الذات ووحدانية الأسماء والصفات والمعاني.
وقد ورد اسم الله «الواحد» في اثنتين وعشرين آية من كتاب الله، وورد اسم «الأحد» في سورة الإخلاص، وأصل اشتقاق الاسمين واحد فكلاهما من كلمة (و ح د)، وهي تدل على وحدانية الذات، فلا إله إلا الله، ووحدانية الصفات، فليس له شبيه ولا سمي: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى:11].
وتدل على انفراده من الأشياء، وانفراد الأشياء منه، قال الخطابي رحمه الله: (الواحد: الفرد الذي لم يزل وحده). فالقرآن الكريم والسنة أوضحا غاية الإيضاح تفرد الخالق عن المخلوق.
وفي كتاب الله جل وعز سورة تسمى: «الإخلاص»: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)) [الإخلاص:1-4].
وقد سميت هذه السورة بالإخلاص؛ لأنها اشتملت على إثبات الكمال لله سبحانه وتعالى، فأثبتت اسمه العظيم وهو: «اللَّه»، وأثبتت وحدانيته، وأثبتت صمديّته، ثم نفت عنه ما كانوا يدعونه من وجود الوالد أو الولد، أو أن يكون له كفو أو شريك أو مشابه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في الركعة الثانية من راتبة الفجر، ويقرؤها في صلاة الوتر، وراتبة المغرب، وركعتي الطواف.
وهذه السورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كان بمكة، وقد جاءه المشركون، فقالوا له: انسب لنا ربك. فأنزل عز وجل: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ))( 1).
فـ «الصَّمَدُ»: الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله عز وجل لا يموت ولا يورث.
((وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)) أي: لم يكن له شبيه، وليس كمثله شيء.
ولم يرد في فضل سورة من القرآن ما ورد في فضل هذه السورة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «احشدوا، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن». فحشد من حشد، ثم خرج نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم فقرأ ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)). ثم دخل، فقال بعضنا لبعض: إني أرَى هذا خبرًا جاءه من السماء، فذاك الذي أدخله. ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني قلت لكم: سأقرأ عليكم ثلث القرآن. ألا إنها تعدل ثلث القرآن»(2 ).
وذلك لأن القرآن الكريم أخبار، وأحكام، وعقائد؛ وهذه السورة تتعلق بالعقائد.
وقال بعضهم: لأنه خبر أو إنشاء، والخبر منه ما يتعلق بالأحكام، ومنه ما يتعلق بالعقائد.
أو أن يكون هذا دلالة على فضلها؛ والمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضل هذه السورة، وأنها تعدل ثلث القرآن الكريم.
ولما قرأها رجل من الأنصار، كان يؤم في مسجد قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ لهم في الصلاة، فقرأ بها افتتح بـ ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) حتى يفرغ منها، ثم يقرأ بسورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة. فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تقرأ بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بسورة أخرى، فإما إن تقرأ بها وإما أن تدعها، وتقرأ بسورة أخرى. فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بها فعلت، وإن كرهتم تركتكم. وكانوا يرونه أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر. فقال: «يا فلان، ما يمنعك مما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على أن تقرأ هذه السورة في كل ركعة؟». فقال: يا رسول الله، إني أحبها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن حبك إياها أدخلك الجنة»( 3).
وعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بـ ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ))؛ فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: «سلوه لأي شيء يصنع ذلك». فسألوه؛ فقال: لأنها صفة الرحمان، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النّبي صلى الله عليه وسلم:«أخبروه أن الله يحبه»( 4).
وهذه السورة العظيمة فتحت بكلمة: ((قُلْ))، وهي ضمن خمس سور في القرآن الكريم افتتحت بهذا اللفظ، وضمن ثلاثمائة وعشرين موضعًا من الآيات افتتحت بقوله: ((قُلْ)).
وبتتبع هذه المواضع يظهر -والله أعلم- أن غالبها كان إجابة على أسئلة، وهكذا هذه السورة الكريمة، فقد كان الوثنيون لجهالتهم وجفائهم، يظنون أن الله عز وجل الذي يخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من جنس آلهتهم التي يعبدونها؛ من حجر، أو شجر..، فكانوا يقولون: انسب لنا ربك، هل هو من حجر، أو شجر، أو جماد، أو ما أشبه ذلك؟
فقال سبحانه: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) وفي هذه الآية إشراقات موصولة في حديثنا غدا إن شاء الله.
والفرق بينهما: أن «الواحد» يدل على الوحدانية والتفرد، ويدل على الأولية، فهو الأول، وليس قبله شيء، وهي أخص في الدلالة على وحدانية الذات. أي: ليس معه شريك في خلقه، ولا في عبادته، فهو الواحد، أي: ليس له ثانٍ.
أما «الأحد» ففيه خصوصية ليست في «الواحد»، وهو أكثر تمكنًا في الدلالة على وحدانية الذات ووحدانية الأسماء والصفات والمعاني.
وقد ورد اسم الله «الواحد» في اثنتين وعشرين آية من كتاب الله، وورد اسم «الأحد» في سورة الإخلاص، وأصل اشتقاق الاسمين واحد فكلاهما من كلمة (و ح د)، وهي تدل على وحدانية الذات، فلا إله إلا الله، ووحدانية الصفات، فليس له شبيه ولا سمي: ((لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ)) [الشورى:11].
وتدل على انفراده من الأشياء، وانفراد الأشياء منه، قال الخطابي رحمه الله: (الواحد: الفرد الذي لم يزل وحده). فالقرآن الكريم والسنة أوضحا غاية الإيضاح تفرد الخالق عن المخلوق.
وفي كتاب الله جل وعز سورة تسمى: «الإخلاص»: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)) [الإخلاص:1-4].
وقد سميت هذه السورة بالإخلاص؛ لأنها اشتملت على إثبات الكمال لله سبحانه وتعالى، فأثبتت اسمه العظيم وهو: «اللَّه»، وأثبتت وحدانيته، وأثبتت صمديّته، ثم نفت عنه ما كانوا يدعونه من وجود الوالد أو الولد، أو أن يكون له كفو أو شريك أو مشابه، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هذه السورة في الركعة الثانية من راتبة الفجر، ويقرؤها في صلاة الوتر، وراتبة المغرب، وركعتي الطواف.
وهذه السورة نزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم كان بمكة، وقد جاءه المشركون، فقالوا له: انسب لنا ربك. فأنزل عز وجل: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ))( 1).
فـ «الصَّمَدُ»: الذي لم يلد ولم يولد؛ لأنه ليس شيء يولد إلا سيموت، وليس شيء يموت إلا سيورث، وإن الله عز وجل لا يموت ولا يورث.
((وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ)) أي: لم يكن له شبيه، وليس كمثله شيء.
ولم يرد في فضل سورة من القرآن ما ورد في فضل هذه السورة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «احشدوا، فإني سأقرأ عليكم ثلث القرآن». فحشد من حشد، ثم خرج نبي اللَّه صلى الله عليه وسلم فقرأ ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)). ثم دخل، فقال بعضنا لبعض: إني أرَى هذا خبرًا جاءه من السماء، فذاك الذي أدخله. ثم خرج نبي الله صلى الله عليه وسلم فقال: «إني قلت لكم: سأقرأ عليكم ثلث القرآن. ألا إنها تعدل ثلث القرآن»(2 ).
وذلك لأن القرآن الكريم أخبار، وأحكام، وعقائد؛ وهذه السورة تتعلق بالعقائد.
وقال بعضهم: لأنه خبر أو إنشاء، والخبر منه ما يتعلق بالأحكام، ومنه ما يتعلق بالعقائد.
أو أن يكون هذا دلالة على فضلها؛ والمهم أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر فضل هذه السورة، وأنها تعدل ثلث القرآن الكريم.
ولما قرأها رجل من الأنصار، كان يؤم في مسجد قباء، فكان كلما افتتح سورة يقرأ لهم في الصلاة، فقرأ بها افتتح بـ ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) حتى يفرغ منها، ثم يقرأ بسورة أخرى معها، وكان يصنع ذلك في كل ركعة. فكلمه أصحابه فقالوا: إنك تقرأ بهذه السورة، ثم لا ترى أنها تجزئك حتى تقرأ بسورة أخرى، فإما إن تقرأ بها وإما أن تدعها، وتقرأ بسورة أخرى. فقال: ما أنا بتاركها، إن أحببتم أن أؤمكم بها فعلت، وإن كرهتم تركتكم. وكانوا يرونه أفضلهم، وكرهوا أن يؤمهم غيره، فلما أتاهم النبي صلى الله عليه وسلم أخبروه الخبر. فقال: «يا فلان، ما يمنعك مما يأمرك به أصحابك، وما يحملك على أن تقرأ هذه السورة في كل ركعة؟». فقال: يا رسول الله، إني أحبها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن حبك إياها أدخلك الجنة»( 3).
وعن عائشة رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث رجلًا على سرية، وكان يقرأ لأصحابه في صلاتهم، فيختم بـ ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ))؛ فلما رجعوا ذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: «سلوه لأي شيء يصنع ذلك». فسألوه؛ فقال: لأنها صفة الرحمان، وأنا أحب أن أقرأ بها. فقال النّبي صلى الله عليه وسلم:«أخبروه أن الله يحبه»( 4).
وهذه السورة العظيمة فتحت بكلمة: ((قُلْ))، وهي ضمن خمس سور في القرآن الكريم افتتحت بهذا اللفظ، وضمن ثلاثمائة وعشرين موضعًا من الآيات افتتحت بقوله: ((قُلْ)).
وبتتبع هذه المواضع يظهر -والله أعلم- أن غالبها كان إجابة على أسئلة، وهكذا هذه السورة الكريمة، فقد كان الوثنيون لجهالتهم وجفائهم، يظنون أن الله عز وجل الذي يخبر عنه النبي صلى الله عليه وسلم من جنس آلهتهم التي يعبدونها؛ من حجر، أو شجر..، فكانوا يقولون: انسب لنا ربك، هل هو من حجر، أو شجر، أو جماد، أو ما أشبه ذلك؟
فقال سبحانه: ((قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)) وفي هذه الآية إشراقات موصولة في حديثنا غدا إن شاء الله.