منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    مزالق الفتيا الفضائية

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    مزالق الفتيا الفضائية Empty مزالق الفتيا الفضائية

    مُساهمة من طرف Your life الأربعاء فبراير 25, 2009 9:46 pm

    للفتيا في الفضائيات مصالح ومفاسد، وإيجابيات وسلبيات، وقد مر معنا في مقال سابق حديث مستفيض عن فرصة استغلال الفضائيات في نفع الناس، وتبصيرهم بأمور دينهم، والمشاركة في حل قضاياهم، وإرشادهم إلى صواب القول والعمل والتفكير، غير أن هذه الفرصة يشوبها سلبيات متعددة، تحتاج من المفتي أن يدركها، ويبذل جهده للسيطرة عليها؛ لتلافي أثرها عليه وعلى الناس، ومنها:
    1-تسرع بعض المفتين دون أن يستوعب السؤال.
    عدّ النووي رحمه الله التسرع في الفتوى، وعدم التثبت من التساهل، وهذا من سلبيات الفتوى الفضائية, وليست كل المسائل المستفتى فيها يجاب عنها في بضع ثوان.
    بل بعض المسائل تحتاج إلى النظر في الدليل، وأقوال من سبق من أهل العلم, وربما احتاج الأمر إلى تفصيل وتحليل، ولا يحسن فيه الإجمال, وربما كانت المسألة من النوازل الحادثة المستجدة مما تحتاج إلى عناية وتأمل، وإعمال فكر، ومراجعة من المفتي وبحث، وسؤال المختصين عن حقيقتها، ونحو ذلك, وكل هذا وغيره قد يتعارض مع طبيعة برامج الفضائيات التي تقوم على سرعة الأداء وأن تكون الإجابة في سرعة السؤال المطروح.
    2- اختلاف أحوال الناس, وصعوبة تنزيل الكلام على حال المستفتي.
    من المقرر أن الحكم الشرعي لا يتغير, أما الفتوى– وهي تنزيل الحكم على الواقع– فتتغير بتغير الزمان والمكان والأشخاص والقدرة وغير ذلك، (وفي ذلك يقول العلماء: النصوص متناهية-أي: ثابتة محددة- والحوادث-أي: الواقع والمستجدات- غير متناهية), فما ينزل فيه الحكم على شخص في مكان قد لا يصلح لغيره في مكان آخر, وما يفتى به في زمن يغايره زمن بعده, وفتوى المريض تختلف عن فتوى الصحيح, والصغير عن الكبير والمستهتر يختلف عن الجاد.
    والسائلون في البرامج الفضائية والإذاعية من دول وأماكن متفرقة متباينة العادات والأعراف والأحوال، وقد لا يكونون من بلد المفتي، وربما لا يحيط بأحوالهم ومقاصدهم ولغاتهم المحلية، مما يوقعه في الخطأ أو الحرج.
    جاء رجل إلى ابن عباس فقال: لمن قتل مؤمناً توبة ؟ قال: لا إلا النار, فلما ذهب قال له جلساؤه: ما هكذا كنت تفتينا, كنت تفتينا أن لمن قتل مؤمناً توبة مقبولة, فما بال اليوم؟ قال: إني أحسبه رجلاً مغضباً، يريد أن يقتل مؤمناً, قال: فبعثوا في أثره فوجدوه كذلك، وعن ابْنِ عَبَّاسٍ: أَنَّهُ سُئِلَ عَمَّنْ قَتَلَ أَلَهُ تَوْبَةٌ؟ فَقَالَ مَرَّةً: لا, وَقَالَ مَرَّةً: نَعَمْ, فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ, فَقَالَ: رَأَيْت فِي عَيْنَيْ الْأَوَّلِ أَنَّهُ يَقْصِدُ الْقَتْلَ فَقَمَعْته, وَكَانَ الثَّانِي صَاحِبَ وَاقِعَةٍ يَطْلُبُ الْمَخْرَجَ.
    3- تحرّج بعضهم من قول: (لا أدري).
    أو أن يحيل على متخصصين, ظاناً منه أن ذلك يعد منقصة في حقه.
    عن خالد بن أسلم قال: خرجنا مع ابن عمر نمشي, فلحقنا أعرابي فقال: أنت عبد الله بن عمر؟ قال: نعم. قال: سألت عنك فدللت عليك, فأخبرني أترث العمة؟ قال: لا أدري, قال: أنت لا تدري؟ قال: نعم. اذهب إلى العلماء بالمدينة فاسألهم; فلما أدبر قبل يديه، قال: نعمَّا قال أبو عبد الرحمن; سئل عما لا يدري فقال: لا أدري.
    وقال ابن مسعود: من كان عنده علم فليقل به; ومن لم يكن عنده علم فليقل: " الله أعلم "؛ فإن الله قال لنبيه: "قل ما أسألكم عليه من أجر وما أنا من المتكلفين".
    وقال مالك: من فقه العالم أن يقول: " لا أعلم " فإنه عسى أن يتهيأ له الخير.
    وقال: سمعت ابن هرمز يقول: ينبغي للعالم أن يورث جلساءه من بعده " لا أدري "؛ حتى يكون ذلك أصلاً في أيديهم يفزعون إليه.
    وقال الشعبي: " لا أدري " نصف العلم.
    إن قول "لا أدري" يعني أخلاقياً: التواضع والبساطة ونفي التكبر, وعلمياً: احترام التخصص، واحتياج كل الناس لمزيد من العلم والبحث والدراسة، واتساع مساحة الجهل في الإنسان, وعملياً: إدراك أن هذا المفتي لا يتحدث عن كل شيء وأنه يتحدث عما يعرف، مما يقوّي قيمة المفتي فيما يتحدث عنه، ويبعث الثقة في حديثه وكلامه.
    4- اختلاف لهجات السائلين لاختلاف بلدانهم، وهذا قد يوقع المفتي في المحذور.
    فكثير من المسميات تختلف من بلد لآخر حتى في نفس الدولة أحياناً, وكثيراً ما نرى السائل يسأل عن شيء، ويجيب المفتي عن شيء آخر.
    ففي إحدى الحلقات سألت امرأة أحد المفتين عن حَلّ لإرضاء زوجها الغاضب منها!
    فقال الشيخ: تلطفي له وتجملي له, ثم قال: "ساحريه" فقالت السائلة: (أعمل له سحر يا شيخ؟!)، فتفطن مقدم البرنامج ونبه الشيخ على فهمها، وأن مقصود الشيخ أن تسحره بأسلوبها، وكلامه العذب، لا أن تذهب إلى ساحر, ومثل ذلك كثير.
    5- دخول من ليس من أهل صناعة الفتوى في ميدانها.
    بسبب كون البرامج الدينية منافسة لغيرها, أو لقلة البرامج الدينية وكثرة المشاهدين والمتابعين فيصعب معه تغطية الاحتياجات, مما يكون له أسوأ الأثر على المستفتي، فمنصب المفتي توقيع عن رب العالمين(أي استنباط حكم الله في الفتيا)، قال ابن القيم: ولما كان التبليغ عن الله سبحانه يعتمد العلم بما يبلغ, والصدق فيه, لم تصلح مرتبة التبليغ بالرواية والفتيا، إلا لمن اتصف بالعلم والصدق; فيكون عالماً بما يبلغ، صادقاً فيه, ويكون مع ذلك حسن الطريقة, مرضي السيرة, عدلاً في أقواله وأفعاله, متشابه السر والعلانية في مدخله ومخرجه وأحواله; وإذا كان منصب التوقيع عن الملوك بالمحل الذي لا ينكر فضله, ولا يجهل قدره, وهو من أعلى المراتب السنيات, فكيف بمنصب التوقيع عن رب الأرض والسموات؟
    6- قضية الإيجاز في الفتوى.
    بسبب: - وقت البرنامج.
    - كثرة المتصلين.
    - تعدد الأسئلة من نفس المتصل, ورغبته في إجابة المفتي عن كل أسئلته.
    7- اضطرار المفتي للخوض في قضايا الإثارة.
    يحلو لبعض البرامج أن تستقطب أعداداً غفيرة من المتابعين على حساب الموضوع الشرعي المطروح, وقد تهمها "الإثارة" المزيفة على حساب "الإثراء" النافع ؛ ومن ذلك مناقشة القضايا المثيرة؛ كقضايا تعدد الزوجات والجن والسحر..، وفتح المجال على مصراعيه للمداخلين بالرد والمناقشة والإثارة والجدل، مع عدم التفريق بين ما هو شرع لا مزايدة فيه، وبين من يطبقون هذا الشرع بأساليب خاطئة, مما يجعل البرنامج والفتاوى المذاعة فيه هي من قبيل تضييع الوقت والجهد وعدم الفائدة, ومن مواطن الإثارة وجود فتاوى ذات متعلقات سياسية، أو لها حساسية اجتماعية، كقضايا التكافؤ النسبي في الزواج, أو ذات إشكالية علمية، كقضايا نقل الأعضاء، والتحكم بجنس المولود ونحو ذلك, وذلك كله يحول الفتوى من مجال تطبيق الحكم الشرعي فيها، والبحث عن حكم الله المجرد إلى جدل، وذلك يفرض نوعاً من القوة الشخصية في استطاعة المفتي على الإجابة، وأخذ طرف النقاش، وعدم تعريض النص الشرعي للإشكال.
    8- سوء القصد من المستفتي.
    نحن في عصر تشكلت فيه الطوائف والأحزاب والمذهبيات بحدة بالغة،
    وكل يدعي وصلاً بليلى وليلى لا تقر لهم بذاكا
    والفضائيات –اليوم- ذوبت الحواجز والجدر، والأسوار الفاصلة بين الأفكار والاعتقادات؛ فأصبح من السهل في برنامج واحد أن يسأل أناس من مذاهب شتى, وفرق متباينة وكل منهم يجر المفتي، ويستنطقه بما يريد من حق ومن باطل, وكثير منهم لا يسألون رغبة في الصواب ومعرفة الدليل واتباعه، قال ابن القيم:" يحرم عليه إذا جاءته مسألة فيها تحيل على إسقاط واجب أو تحليل محرم أو مكر أو خداع أن يعين المستفتي فيها, ويرشده إلى مطلوبه, أو يفتيه بالظاهر الذي يتوصل به إلى مقصوده, بل ينبغي له أن يكون بصيراً بمكر الناس وخداعهم وأحوالهم, ولا ينبغي له أن يحسن الظن بهم, بل يكون حذراً فطناً، فقيهاً بأحوال الناس وأمورهم, يوازره فقهه في الشرع, وإن لم يكن كذلك زاغ وأزاغ".
    9- عدم تصور المفتي للمسألة كما ينبغي.
    فيجيب بالخطأ أو بجواب بعيد عن السؤال, وهذا بسبب كثرة الأسئلة، وضيق وقت البرنامج، واستعجال المقدم، واختلاف لهجات السائلين وأعرافهم…، مما يربك المفتي في التصور الحقيقي لسؤال المستفتي.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 13, 2024 3:05 pm