ومن الضوابط للإفتاء في وسائل الإعلام، أيضاً:
11- التيسير المتوازن فيما لا نص فيه.
فإن التيسير ليس مذهباً فقهياً أو رأياً خاصاً، بل هو مقصد عظيم، وأساس متين للشريعة الإسلامية، قال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما إلى اليمن: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا)[رواه البخاري ومسلم]، فهذا النص ليس خاصاً أو منسوخاً.. فهو محكم ثابت واضح الدلالة، فلسنا نحتاج لاعتماد دليل أو رأي مع هذا البيان النبوي العظيم، وهذا التيسير الديني لا مجال فيه للعبث أو التساهل؛ لأنه مضبوط بما ليس فيه نص واضح، فالتيسير مقصد مهم من مقاصد التشريع لتطبيق الأحكام، ولفهم النصوص وتنزيلها، وليس كل المسائل يكون فيها حكم صريح بالحلال أو الحرام؛ فيحسن بالمفتي أن يسوق الفضائل ويحث عليها، أو المثالب ويحذر منها.
12- عدم الدخول في التفصيلات.
و التي تختلف من بلد إلى آخر، كأنواع اللباس والعوائد، فإن هذه التفصيلات قليلة الفائدة، كما أنها تحجب الناس المختلفين عن الاهتمام بهذا المفتي، بحكم أقليميته، واهتمامه الخاص بهذا البلد.
13- ذكر الدليل ما أمكن.
ولو أن يذكر دليلاً واحداً؛ فالدليل يعلم المستمع والمشاهد ربط الحكم بالنص، واحترام النص والالتجاء إليه، وتحكيمه في الحياة الخاصة والعامة، كما يقول ابن القيم: والعلم معرفة الهدى بدليله. فالدليل هو الحجة الثابتة التي يقدمها المفتي أمام الله أولاً؛ لقوله بهذا الرأي، وأمام الناس؛ لأن الله سيسأل الناس "ماذا أجبتم المرسلين".
14- تجنب الدخول في صراعات مع مفتين آخرين.
فإن المفتي ينبغي أن يكون قدوة حسنة للناس في معرفة أدب الخلاف، وحسن الظن، وعدم التعصب والتعنيف على المخالف، خصوصاً على إخوانه الفقهاء والعلماء والمفتين.
15- تدريب المتلقين على أدب الاختلاف.
وذلك بالقدوة الحسنة، وبالاعتدال في الخلاف والوفاق، واستخدام اللغة الهادئة التي تعطي الناس حتى مع المخالف انطباعاً إيجابياً أخلاقياً.
16- تدريب المتلقين على أدب الفتوى، والتحذير من الإفراط في التفريع، والغفلة عن الكليات.
فإن بعض المفتين يخوض في تفصيلات مفرطة، ويهتم بالتفاصيل على حساب المقاصد والكليات، وهذا الخطأ يحتاج لنوع من تصحيح التفكير العام، الذي يحكم طبع الإنسان، ويؤثر عليه في شتى صعد المعرفة.
17- الإحالة إلى الغير، أو إلى نفس السائل فيما يخصه.
فإن المستفتي يعرف الحالة التي يسأل عنها بشكل واضح، وهو أعرف بها من غيره، وهو أعرف أيضاً بمقاصده، فإن القصد يؤثر على إصدار الحكم، وقد ينقله من الوجوب للتحريم والعكس، وغير ذلك.
18-التربية على فقه المقاصد والمصالح الشرعية.
وفي الحديث (استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك)؛ فإن فقه المقاصد باب عظيم من أبواب الفقه، وهو علم خاص له دارسوه وباحثوه، فمن مقاصد الشريعة الحفاظ على أملاك الناس وأموالهم، ودمائهم وأعراضهم، وعقولهم ووحدتهم، وحياتهم وثقتهم بالدين، وعلاقاتهم الاجتماعية.
19-تسويغ بعض الأحكام التي تبدو غريبة والإشارة إلى حكمتها وبعض أسرارها والتأنق في عرضها.
فإن استغراب الناس للحكم يفترض أن يبعث الفقيه للمزيد من التوضيح لهذا الحكم ولدليله، ومأخذه من التشريع والدلالة، والقوة والرأي، وذكر من قال به، والأئمة الذين نصروا هذا القول، ومبررات القول به.
20- الحذر من التفريط.
والانسياق وراء كل رأي، ونبذ الفتاوى المجافية للنصوص الواضحة والإجماع، مثل: جواز زواج المسلمة بكتابي، أو جواز الدعوة للنصرانية والمذاهب المنحرفة في أوساط المسلمين، فإن المجتمع له ثوابت دينية لا يحق لأحد أن ينازع فيها، أو يبث رأيه الخاص الذي يخالف هذه النصوص الجلية.
وتجنب الفتاوى الشاذة التي قد تقبل في نطاق خاص أو ظرف خاص, ولكن لا تصلح ولا تقبل للعامة, والفتوى المعلنة التي يطير الناس بها كل مطار.
ويبقى في هذا المبحث بقية، حيث ثمت ضعف ظاهر، وتسرع في الفتوى، وتضارب شديد وظهور لمزاج المفتي أكثر من علمه، ولذلك أسباب عامة مثل:
1-ضعف العلم الشرعي.
فإن حاجة الناس للعلم الشرعي لا يعني جمع الناس في إطار العلم الشرعي التقليدي فقط، بل يعني فتح التخصصات الشرعية المختلفة التي تدرس جوانب التشريع ومقاصده، وتاريخه ونصوصه، ونحو ذلك، ويدخل فيه معرفة الواقع الذي يتم تطبيق هذا العلم الشرعي فيه.
2-غياب محاضن التعليم والتأهيل.
التأهيل التربوي والمحضن يجعل الرأي والفكر يطبخ في نار هادئة؛ ليتم إنضاجه وتأهيله بما يقوم به من فتوى أو رأي شرعي، ويعني أيضاً فتح مشاريع التأهيل العلمي الواقعي المعتدل.
3-العشوائية وعدم الاختيار.
والمجتمعات التي تعاني من إشكاليات التخلف الحضاري والتقني انطبعت بالطابع المتخلف العام الذي سيطر على جل المجالات، وصبغ فيها لوناً من الارتجال، الذي يفتقد للتخطيط والوعي والدراسة العميقة، وتلك آفات ظاهر عارها!
4-عدم تدريب الشرعيين على الخطاب.
هناك شريحة واسعة من طلبة العلم الشرعي الذين يعرفون آحاد النصوص، وربما يحفظونها، وبعضهم يفهم مجملها، وقليل منهم من يمتلك الفهم الناضج السليم، والعقل الراجح المستوعب، واللغة الجيدة التي تؤهله للخطاب العام، وتعطيه المقدرة على نشر الرأي الشرعي، والحديث عنه في وسائل الإعلام بشكل يرفع قيمة هذا الرأي، ولا يغمطه حقه.
5- عدم معايشة الواقع وفهمه واستيعابه وأسباب خاصة، مثل:
أ- تنافس وسائل الإعلام، فالتنافس له وجه إيجابي في استغلال هذا التنافس؛ لرفع قيمة الجودة والاعتناء بها، وله وجه سلبي في تقصد الإثارة المجردة.
ب- عدم الانضباط لدى بعض تلك الوسائل.
بعض وسائل الإعلام لا يعنيها إلا ملء فترة الفراغ، بشكل يشد المشاهد، فهي تعتني بالمشاهد ومزاجه على حسب عقله.
ج- غلبة جانب الإثارة على الإفادة والبناء بين الإثراء الإيجابي، و(الإغراء) السلبي يتبين مستوى الوعي والقوة والمقدرة على الإفادة، فالإثارة المعتدلة وسيلة، ويجب أن تبقى وسيلة، وألا تتغول على برامج الفضاء.
د- غلبة جانب الرؤية الخاصة، محلية كانت، أو مذهبية، أو حزبية، أو متشددة، أو متساهلة:
الاجتهاد الجماعي، والعام، واستشارة المتخصصين شكل من أشكال الإنقاذ من التعثر برأي الفرد الخاص، الذي قد يسيطر على المرء، ويدفعه للتعصب والتحزب.
مقترحات الحل:
1- اختيار المؤهلين للفتوى كما نختار القضاة وغيرهم.
فالاختيار بين المؤهلين يفرض مزيد العناية والتأهيل، ويشيع نوعاً من التنافس المحمود على الخير والقوة العلمية والفكرية والمعرفية، ويعطي الناس تمييزاً بين القوي والأقوى.
2- عقد دورات لإعداد المفتين وتدريبهم.
الدورات العلمية في المساجد شكل مهم من أشكال طلب العلم الشرعي، غير أنها نوع واحد، وهناك أنواع أخرى في فرض دورات رسمية أو أهلية تعطي شهادات معتمدة مختومة على فهم هذه المواد العلمية المعينة، أو على هذه العلوم المخصوصة، وهذا يشجع على العلم الشرعي، ويعطي ثقة بقوته وحضوره، وبامتلاك هذا الطالب لمؤهلات أقرب لتحقيق شرط الإفتاء.
3- قيام المجامع الفقهية بدورها في العمل الإعلامي فضائياً أو إذاعياً أو صحفياً.
المجامع الفقهية قوة حاضرة في منتدياتها الخاصة، وقليلة الحضور الإعلامي من فضائيات وصحف ومجلات، وذلك خطأ من القنوات والصحف، ومن أصحاب هذه المجامع التي يجب أن تقول صوتاً مسموعاً للناس في الفتاوى المهمة والعصرية.
4- قيام جهات الإفتاء بدورها في ذلك.
وجهات الإفتاء كثيرة، من التجمعات الخاصة والمؤسسات الإسلامية إلى الهيئات الشرعية في الدول إلى المجامع الكبيرة، كمجامع الفقه الإسلامي.
5- تأسيس جمعيات علمية مستقلة لغرض ضبط الفتوى، وتحقيق مصالح الناس فيها.
وذلك مطلب الشعوب والناس والشركات والأفراد، فهذا صوت شرعي يراعي مصالحهم، ويقوم على حل إشكالياتهم، ويناقش قضاياهم الدينية.
6- تأسيس قنوات متخصصة،
وإذاعات متخصصة للإفتاء، واستقبال الأسئلة والفتوى طوال الوقت؛ لحاجة الناس الماسة في الأوقات المختلفة للفتاوى الشرعية، بل وأحياناً بشكل اضطراري وعاجل.
7- التنسيق بين دوائر العمل الشرعي.
والتي تشارك في الفتوى، كمواقع الإنترنت، وبين القنوات والصحف والإذاعات في نشر الفتاوى وصياغتها، وهذا عمل المهتمين والمتابعين، ويمكن تعيين إداريين لهذا الشأن، ولدوام متابعة ذلك.
8- الحاجة ماسة إلى دستور أو ميثاق.
من شأنه أن يضبط أصول الفتوى وقواعدها ومحكماتها، ويقرب الشقة في الاجتهادات بين علماء العالم الإسلامي باختلاف آرائهم ومآخذهم واهتماماتهم وبلدانهم وطبائعهم.. الخ.
هذا الدستور يجب أن يكون (كلمة سواء) للمتفق عليه الذي ينبغي حمايته، والسعي لتوثيقه ونشره، والتعاون فيه "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".
11- التيسير المتوازن فيما لا نص فيه.
فإن التيسير ليس مذهباً فقهياً أو رأياً خاصاً، بل هو مقصد عظيم، وأساس متين للشريعة الإسلامية، قال صلى الله عليه وسلم لأبي موسى ومعاذ بن جبل حين بعثهما إلى اليمن: (يسرا ولا تعسرا، وبشرا ولا تنفرا، وتطاوعا ولا تختلفا)[رواه البخاري ومسلم]، فهذا النص ليس خاصاً أو منسوخاً.. فهو محكم ثابت واضح الدلالة، فلسنا نحتاج لاعتماد دليل أو رأي مع هذا البيان النبوي العظيم، وهذا التيسير الديني لا مجال فيه للعبث أو التساهل؛ لأنه مضبوط بما ليس فيه نص واضح، فالتيسير مقصد مهم من مقاصد التشريع لتطبيق الأحكام، ولفهم النصوص وتنزيلها، وليس كل المسائل يكون فيها حكم صريح بالحلال أو الحرام؛ فيحسن بالمفتي أن يسوق الفضائل ويحث عليها، أو المثالب ويحذر منها.
12- عدم الدخول في التفصيلات.
و التي تختلف من بلد إلى آخر، كأنواع اللباس والعوائد، فإن هذه التفصيلات قليلة الفائدة، كما أنها تحجب الناس المختلفين عن الاهتمام بهذا المفتي، بحكم أقليميته، واهتمامه الخاص بهذا البلد.
13- ذكر الدليل ما أمكن.
ولو أن يذكر دليلاً واحداً؛ فالدليل يعلم المستمع والمشاهد ربط الحكم بالنص، واحترام النص والالتجاء إليه، وتحكيمه في الحياة الخاصة والعامة، كما يقول ابن القيم: والعلم معرفة الهدى بدليله. فالدليل هو الحجة الثابتة التي يقدمها المفتي أمام الله أولاً؛ لقوله بهذا الرأي، وأمام الناس؛ لأن الله سيسأل الناس "ماذا أجبتم المرسلين".
14- تجنب الدخول في صراعات مع مفتين آخرين.
فإن المفتي ينبغي أن يكون قدوة حسنة للناس في معرفة أدب الخلاف، وحسن الظن، وعدم التعصب والتعنيف على المخالف، خصوصاً على إخوانه الفقهاء والعلماء والمفتين.
15- تدريب المتلقين على أدب الاختلاف.
وذلك بالقدوة الحسنة، وبالاعتدال في الخلاف والوفاق، واستخدام اللغة الهادئة التي تعطي الناس حتى مع المخالف انطباعاً إيجابياً أخلاقياً.
16- تدريب المتلقين على أدب الفتوى، والتحذير من الإفراط في التفريع، والغفلة عن الكليات.
فإن بعض المفتين يخوض في تفصيلات مفرطة، ويهتم بالتفاصيل على حساب المقاصد والكليات، وهذا الخطأ يحتاج لنوع من تصحيح التفكير العام، الذي يحكم طبع الإنسان، ويؤثر عليه في شتى صعد المعرفة.
17- الإحالة إلى الغير، أو إلى نفس السائل فيما يخصه.
فإن المستفتي يعرف الحالة التي يسأل عنها بشكل واضح، وهو أعرف بها من غيره، وهو أعرف أيضاً بمقاصده، فإن القصد يؤثر على إصدار الحكم، وقد ينقله من الوجوب للتحريم والعكس، وغير ذلك.
18-التربية على فقه المقاصد والمصالح الشرعية.
وفي الحديث (استفت قلبك وإن أفتاك الناس وأفتوك)؛ فإن فقه المقاصد باب عظيم من أبواب الفقه، وهو علم خاص له دارسوه وباحثوه، فمن مقاصد الشريعة الحفاظ على أملاك الناس وأموالهم، ودمائهم وأعراضهم، وعقولهم ووحدتهم، وحياتهم وثقتهم بالدين، وعلاقاتهم الاجتماعية.
19-تسويغ بعض الأحكام التي تبدو غريبة والإشارة إلى حكمتها وبعض أسرارها والتأنق في عرضها.
فإن استغراب الناس للحكم يفترض أن يبعث الفقيه للمزيد من التوضيح لهذا الحكم ولدليله، ومأخذه من التشريع والدلالة، والقوة والرأي، وذكر من قال به، والأئمة الذين نصروا هذا القول، ومبررات القول به.
20- الحذر من التفريط.
والانسياق وراء كل رأي، ونبذ الفتاوى المجافية للنصوص الواضحة والإجماع، مثل: جواز زواج المسلمة بكتابي، أو جواز الدعوة للنصرانية والمذاهب المنحرفة في أوساط المسلمين، فإن المجتمع له ثوابت دينية لا يحق لأحد أن ينازع فيها، أو يبث رأيه الخاص الذي يخالف هذه النصوص الجلية.
وتجنب الفتاوى الشاذة التي قد تقبل في نطاق خاص أو ظرف خاص, ولكن لا تصلح ولا تقبل للعامة, والفتوى المعلنة التي يطير الناس بها كل مطار.
ويبقى في هذا المبحث بقية، حيث ثمت ضعف ظاهر، وتسرع في الفتوى، وتضارب شديد وظهور لمزاج المفتي أكثر من علمه، ولذلك أسباب عامة مثل:
1-ضعف العلم الشرعي.
فإن حاجة الناس للعلم الشرعي لا يعني جمع الناس في إطار العلم الشرعي التقليدي فقط، بل يعني فتح التخصصات الشرعية المختلفة التي تدرس جوانب التشريع ومقاصده، وتاريخه ونصوصه، ونحو ذلك، ويدخل فيه معرفة الواقع الذي يتم تطبيق هذا العلم الشرعي فيه.
2-غياب محاضن التعليم والتأهيل.
التأهيل التربوي والمحضن يجعل الرأي والفكر يطبخ في نار هادئة؛ ليتم إنضاجه وتأهيله بما يقوم به من فتوى أو رأي شرعي، ويعني أيضاً فتح مشاريع التأهيل العلمي الواقعي المعتدل.
3-العشوائية وعدم الاختيار.
والمجتمعات التي تعاني من إشكاليات التخلف الحضاري والتقني انطبعت بالطابع المتخلف العام الذي سيطر على جل المجالات، وصبغ فيها لوناً من الارتجال، الذي يفتقد للتخطيط والوعي والدراسة العميقة، وتلك آفات ظاهر عارها!
4-عدم تدريب الشرعيين على الخطاب.
هناك شريحة واسعة من طلبة العلم الشرعي الذين يعرفون آحاد النصوص، وربما يحفظونها، وبعضهم يفهم مجملها، وقليل منهم من يمتلك الفهم الناضج السليم، والعقل الراجح المستوعب، واللغة الجيدة التي تؤهله للخطاب العام، وتعطيه المقدرة على نشر الرأي الشرعي، والحديث عنه في وسائل الإعلام بشكل يرفع قيمة هذا الرأي، ولا يغمطه حقه.
5- عدم معايشة الواقع وفهمه واستيعابه وأسباب خاصة، مثل:
أ- تنافس وسائل الإعلام، فالتنافس له وجه إيجابي في استغلال هذا التنافس؛ لرفع قيمة الجودة والاعتناء بها، وله وجه سلبي في تقصد الإثارة المجردة.
ب- عدم الانضباط لدى بعض تلك الوسائل.
بعض وسائل الإعلام لا يعنيها إلا ملء فترة الفراغ، بشكل يشد المشاهد، فهي تعتني بالمشاهد ومزاجه على حسب عقله.
ج- غلبة جانب الإثارة على الإفادة والبناء بين الإثراء الإيجابي، و(الإغراء) السلبي يتبين مستوى الوعي والقوة والمقدرة على الإفادة، فالإثارة المعتدلة وسيلة، ويجب أن تبقى وسيلة، وألا تتغول على برامج الفضاء.
د- غلبة جانب الرؤية الخاصة، محلية كانت، أو مذهبية، أو حزبية، أو متشددة، أو متساهلة:
الاجتهاد الجماعي، والعام، واستشارة المتخصصين شكل من أشكال الإنقاذ من التعثر برأي الفرد الخاص، الذي قد يسيطر على المرء، ويدفعه للتعصب والتحزب.
مقترحات الحل:
1- اختيار المؤهلين للفتوى كما نختار القضاة وغيرهم.
فالاختيار بين المؤهلين يفرض مزيد العناية والتأهيل، ويشيع نوعاً من التنافس المحمود على الخير والقوة العلمية والفكرية والمعرفية، ويعطي الناس تمييزاً بين القوي والأقوى.
2- عقد دورات لإعداد المفتين وتدريبهم.
الدورات العلمية في المساجد شكل مهم من أشكال طلب العلم الشرعي، غير أنها نوع واحد، وهناك أنواع أخرى في فرض دورات رسمية أو أهلية تعطي شهادات معتمدة مختومة على فهم هذه المواد العلمية المعينة، أو على هذه العلوم المخصوصة، وهذا يشجع على العلم الشرعي، ويعطي ثقة بقوته وحضوره، وبامتلاك هذا الطالب لمؤهلات أقرب لتحقيق شرط الإفتاء.
3- قيام المجامع الفقهية بدورها في العمل الإعلامي فضائياً أو إذاعياً أو صحفياً.
المجامع الفقهية قوة حاضرة في منتدياتها الخاصة، وقليلة الحضور الإعلامي من فضائيات وصحف ومجلات، وذلك خطأ من القنوات والصحف، ومن أصحاب هذه المجامع التي يجب أن تقول صوتاً مسموعاً للناس في الفتاوى المهمة والعصرية.
4- قيام جهات الإفتاء بدورها في ذلك.
وجهات الإفتاء كثيرة، من التجمعات الخاصة والمؤسسات الإسلامية إلى الهيئات الشرعية في الدول إلى المجامع الكبيرة، كمجامع الفقه الإسلامي.
5- تأسيس جمعيات علمية مستقلة لغرض ضبط الفتوى، وتحقيق مصالح الناس فيها.
وذلك مطلب الشعوب والناس والشركات والأفراد، فهذا صوت شرعي يراعي مصالحهم، ويقوم على حل إشكالياتهم، ويناقش قضاياهم الدينية.
6- تأسيس قنوات متخصصة،
وإذاعات متخصصة للإفتاء، واستقبال الأسئلة والفتوى طوال الوقت؛ لحاجة الناس الماسة في الأوقات المختلفة للفتاوى الشرعية، بل وأحياناً بشكل اضطراري وعاجل.
7- التنسيق بين دوائر العمل الشرعي.
والتي تشارك في الفتوى، كمواقع الإنترنت، وبين القنوات والصحف والإذاعات في نشر الفتاوى وصياغتها، وهذا عمل المهتمين والمتابعين، ويمكن تعيين إداريين لهذا الشأن، ولدوام متابعة ذلك.
8- الحاجة ماسة إلى دستور أو ميثاق.
من شأنه أن يضبط أصول الفتوى وقواعدها ومحكماتها، ويقرب الشقة في الاجتهادات بين علماء العالم الإسلامي باختلاف آرائهم ومآخذهم واهتماماتهم وبلدانهم وطبائعهم.. الخ.
هذا الدستور يجب أن يكون (كلمة سواء) للمتفق عليه الذي ينبغي حمايته، والسعي لتوثيقه ونشره، والتعاون فيه "وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان".