منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    أزمة الفهم

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    أزمة الفهم Empty أزمة الفهم

    مُساهمة من طرف Your life الإثنين فبراير 23, 2009 9:40 pm

    ثمة أزمة يعانيها فئام من الناس تستعصي إفرازاتها أحياناً على الحل أو حتى التدارك تلك هي أزمة الفهم.
    الفهم من أجلّ نعم الله -عز وجل- على عبادة فإن شاركه حسن القصد كان هو الغاية فبه يأمن الإنسان بنيات الطريق ويهتدي إلى أصحاب الصراط المستقيم (اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ).
    الفهم هو من توفيق الله عز وجل لعبده وهو نور يميّز به الفاسد من الصحيح والحق من الباطل والغي من الرشاد.
    والناس متفاوتون في درجات الفهم ومراتبهم في ذلك بعدد أنفاسهم وبما لا يحصيه إلا الله -عز وجل- إذ لو كانت الأفهام متساوية لتساوت أقدام العلماء والفقهاء في العلم وما كان للفهم خِصّيصة يمدح بها صاحبها أو تذكر في موضع الثناء.
    وفي عهد داود وسليمان عليهما السلام « خَرَجَتِ امْرَأَتَانِ مَعَهُمَا صَبِيَّانِ لَهُمَا فَعَدَا الذِّئْبُ عَلَى إِحْدَاهُمَا فَأَخَذَ وَلَدَهَا فَأَصْبَحَتَا تَخْتَصِمَانِ فِي الصَّبِي الْبَاقِي إِلَى دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلاَمُ فَقَضَى بِهِ لِلْكُبْرَى مِنْهُمَا فَمَرَّتَا عَلَى سُلَيْمَانَ فَقَالَ كَيْفَ أَمْرُكُمَا فَقَصَّتَا عَلَيْهِ فَقَالَ ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّ الْغُلاَمَ بَيْنَهُمَا. فَقَالَتِ الصُّغْرَى أَتَشُقُّهُ قَالَ نَعَمْ. فَقَالَتْ لاَ تَفْعَلْ حَظِّي مِنْهُ لَهَا. قَالَ. هُوَ ابْنُكِ. فَقَضَى بِهِ لَهَا ».
    قال تعالى: (فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ ) فخصّه الله -عز وجل- بفهم هذه القضية وأثنى عليه وعلى داود عليه السلام بالعلم والحكمة ( وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا) وقد كان داود معروفاً بدقته في تحري الصواب والفطنة إليه.
    وإذا كان الفهم هو معرفة الشيء وتصوره من اللفظ والعلم به أو هو هيئة للنفس تتحقق بها معاني ما يُحسّ؛ فإن الفقه هو الفهم بمعنى خاص يدخل فيه العقل والقلب والجوارح.
    وقد جاءت لفظة الفقه في القرآن في نحو من عشرين موضعاً من تأملها وجد أنها لا تقتصر على مجرد الفهم فمن سمع كلاماً أو قلده صوتياً أو حفظه لا يقال له فَقُِه ذلك إذا كان خاليا من فقدانه للشعور بمعنى ما سمع وتأثره به وإدراك مراميه .
    قال تعالى:( فَمَا لِهَؤُلاء الْقَوْمِ لاَ يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا).
    (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ ).
    ( وَجَعَلْنَا عَلَى قُلُوبِهِمْ أَكِنَّةً أَن يَفْقَهُوهُ ).
    فهم قطعاً عرفوا الألفاظ وربما حفظوا الكلام لكن المعنى والأثر واللازم لم يخالط شغاف قلوبهم ولم تلن له أفئدتهم وتتقبله أنفسهم.
    يقول الشاعر: [center]
    [table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=450 align=center border=0][tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']ربَّ «وامعتصماهُ» انطلقتْ[/font] [/td][font='Times New Roman']
    [td width="10%"] [/td][/font]
    [td width="45%"][font='Times New Roman']
    ملءَ أفواه البنات اليُتَّم[/font] [/td][/tr]
    [tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
    لامست أسماعَهم لكنَّها[/font] [/td][font='Times New Roman']
    [td width="10%"] [/td][/font]
    [td width="45%"][font='Times New Roman']
    لم تلامسْ نخوةَ المعتصم[/font] [/td][/tr][/table][/center]
    [justify]فالفقه عملية نامية متطورة ترتكز على جانب فطري وجانب مكتسب وفقيه النفس هو من كان عنده ملكة فطرية طبيعيه للفهم ثم طور ذلك بالعلم وزكّاه.
    وفي الصحيح « خِيَارُهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ خِيَارُهُمْ فِي الإِسْلاَمِ ؛ إِذَا فَقِهُوا ».
    ولعل معنى الحديث أن الكمال الفطري والشرعي هو الغاية وأن من حباهم الله بذلك فهم خيار الناس.
    والفهم الذي هو غاية الفقه لا بد أن يشتمل على:
    أولاً: فهم الواقع والفقه فيه ومعرفة مداخله ومخارجه وحقيقة ما تجري عليه الأمور زماناً ومكاناً ومرحلة وسياقات للأحداث؛ فيُستنبط منه علمٌ تحفّه القرائن وتفسره العلامات ويشهد له العقل السليم.
    ثانياً: فهم الواجب الذي ينبغي تجاه هذا الواقع وهو فهم حكمه الذي حكم الله به في كتابه أو على لسان رسوله ويطبق أحدها على الآخر ويرى ملاءمته وهنا يدور الأمر بعد استفراغ الوسع والجهد بين الأجر والأجرين وهذا عين ما أراده أمير المؤمنين عمر ابن الخطاب في رسالته التي تلقتها الأمة بالقول إلى أبي موسى الأشعري رضي الله عنه:
    " ثُمَّ الْفَهْمَ الْفَهْمَ فِيمَا أُدْلِي إِلَيْكَ مِمَّا لَيْسَ فِي قُرْآنٍ وَلاَ سُنَّةٍ ثُمَّ قَايِسِ الأُمُورَ عِنْدَ ذَلِكَ وَاعْرِفِ الأَمْثَالَ وَالأَشْبَاهَ ثُمَّ اعْمِدْ إِلَى أَحَبِّهَا إِلَى اللَّهِ فِيمَا تَرَى وَأَشْبَهِهَا بِالْحَقِّ..."
    وهو ما توصل به شاهد يوسف لمعرفة الجاني في قوله: ( إِن كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن قُبُلٍ فَصَدَقَتْ وَهُوَ مِنَ الكَاذِبِينَ * وَإِنْ كَانَ قَمِيصُهُ قُدَّ مِن دُبُرٍ فَكَذَبَتْ وَهُوَ مِن الصَّادِقِينَ). وتوصل به سليمان عليه السلام إلى معرفة عين الأم « ائْتُونِي بِالسِّكِّينِ أَشُقُّ الْغُلاَمَ بَيْنَهُمَا. ».
    واستخرج به علي رضي الله عنه كتاب حاطب من المرأة بقوله:" وَالَّذِي يُحْلَفُ بِهِ لَتُخْرِجِنَّ الْكِتَابَ أَوْ لأُجَرِّدَنَّكِ" .
    وهو أيضاً الذي فطن له الزبير بن العوام واستطاع إخراج كنز حيي بن أخطب عندما ظهر له الكذب بدعوى ذهابه بالإنفاق بقوله:" الْمَالُ كَثِيرٌ وَالْعَهْدُ أَقْرَبُ مِنْ هَذَا ".
    وتنشأ مشكلات الفهم من أربعة أمور:
    [color=blue]الأول[/color]: الخلط بين الحادثة المفردة والحكم العام
    وفي الصحيح - قصة حاطب بن أبي بلتعة -رضي الله عنه- المشهورة وكتابه لزعماء قريش؛ يخبرهم بمسير النبي - صلى الله عليه وسلم - إليهم - فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: إِنَّهُ قَدْ خَانَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالْمُؤْمِنِينَ ، فَدَعْنِي فَأَضْرِبَ عُنُقَهُ .
    قَالَ :فَقَالَ « يَا عُمَرُ وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّ اللَّهَ قَدِ اطَّلَعَ عَلَى أَهْلِ بَدْرٍ فَقَالَ اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ فَقَدْ وَجَبَتْ لَكُمُ الْجَنَّةُ » .
    قَالَ : فَدَمَعَتْ عَيْنَا عُمَرَ وَقَالَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ .
    فهذه حادثة فردية في حياة حاطب فعلها لحاجة في نفسه فعامله الصحابة على تعميم المفرد لكن أحكم الخلق -صلى الله عليه وسلم- وأعلمهم بالنفوس ومداواتها لم يعمم ولم يؤاخذه على أنه جاسوس خائن وأنه وهب حياته لذلك بل كمفردة في حياته سرعان ما تخلص منها وحفظ له سابقته في الإسلام ومقامه وجهاده .
    -وفي الصحيحين أن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال لأبي ذر لما سابب رجلا وعيره بأمه:
    « إِنَّكَ امْرُؤٌ فِيكَ جَاهِلِيَّةٌ » . قال أبو ذر: عَلَى حِينِ سَاعَتِي هَذِهِ مِنْ كِبَرِ السِّنِّ قَالَ: « نَعَمْ .. » .
    فلم يقل له النبي -صلى الله عليه وسلم- أنت امرؤ جاهلي فهذه فعلة مفردة لا تعمم على حياة الشخص ولا تسقط مقامه وسابقته. وأبو ذر لم يفعل هذا لثورة شبابه أو لأنه حديث عهد بإسلام بل وهو كبير السن صاحب مقام كبير وشأو واسع.
    ولهذا قال شيخ الإسلام بن تيمية- في اقتضاء الصراط- معقباً على هذا الحديث:
    "وفيه أن الرجل مع فضله وعلمه ودينه قد يكون فيه بعض هذه الخصال المسماة بجاهلية ويهودية ونصرانية ولا يوجب ذلك كفره ولا فسقه" فحمل المفرد على العام بإطلاق ليس من الصواب ويجب الحذر منه فهو من آفات الفهم وأسبابه.
    وينبغي لطلبة العلم ألا ينساقوا وراء الأحكام العامة وسحبها على الأشخاص والجماعات والقبائل بل حتى أحيانا على الشعوب.
    وكم عانينا ممن اتهم أئمة كباراً كأمثال ابن حجر والنووي رحمهما الله بقوله: "جهمي.. جلد... معطل... تحرق كتبهم كالفتح وشرح مسلم..."
    وما ذاك إلا أنه وقع في بعض المواضع على بعض التأويلات التي اجتهدوا فيها والذين هم فيها بين أجر وأجرين فحشرهم مع الجهمية والمعتزلة وغيرهم ولم يفرق بين من انطلق في كلامه من أصول منحرفة وبين مَن هو على السنة ووافق بعض الفرق بمحض اجتهاد في بعض الآراء فجاءت المشكلة من سحب المفرد على العام فخسرنا كثيراً.
    [color=blue]الثاني[/color]: الخلط بين الفكرة المحددة والانطباع
    والفكرة لها نماذج وشروط وسياقات أما الانطباع فهو الأثر النفسي الذي يحدثه الكلام في السامع .
    وفي قصة أسيد بن حضير وعباد بن بشر -كما في مسلم-:
    عَنْ أَنَسٍ أَنَّ الْيَهُودَ كَانُوا إِذَا حَاضَتِ الْمَرْأَةُ فِيهِمْ لَمْ يُؤَاكِلُوهَا وَلَمْ يُجَامِعُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ فَسَأَلَ أَصْحَابُ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- فَأَنْزَلَ اللَّهُ تَعَالَى ( وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ) إِلَى آخِرِ الآيَةِ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- « اصْنَعُوا كُلَّ شَىْءٍ إِلاَّ النِّكَاحَ ». فَبَلَغَ ذَلِكَ الْيَهُودَ فَقَالُوا مَا يُرِيدُ هَذَا الرَّجُلُ أَنْ يَدَعَ مِنْ أَمْرِنَا شَيْئًا إِلاَّ خَالَفَنَا فِيهِ فَجَاءَ أُسَيْدُ بْنُ حُضَيْرٍ وَعَبَّادُ بْنُ بِشْرٍ فَقَالاَ:
    يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ الْيَهُودَ تَقُولُ كَذَا وَكَذَا. أفَلاَ نُجَامِعُهُنَّ !!
    فَتَغَيَّرَ وَجْهُ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- حَتَّى ظَنَنَّا أَنْ قَدْ وَجَدَ عَلَيْهِمَا فَخَرَجَا فَاسْتَقْبَلَهُمَا هَدِيَّةٌ مِنْ لَبَنٍ إِلَى النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- فَأَرْسَلَ فِي آثَارِهِمَا فَسَقَاهُمَا فَعَرَفَا أَنْ لَمْ يَجِدْ عَلَيْهِمَا.
    فقولهم: أفَلاَ نُجَامِعُهُنَّ . هو نتيجة الانطباع. وكثيراً ما نخلط بين الفكرة وبين انطباعاتنا ونتصرف بإملاء الأخير فينشأ سوء الفهم ومعضلاته.
    [/justify]

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة نوفمبر 22, 2024 11:53 pm