[color=#0000ff]1- مثقف أم كاتب بلاط؟[/color]
لم أستطع أن أمسك خيطاً واضحاً في مجموع أطروحات الكاتب الأمريكي (فرنسيس فوكوياما) سوى خيط الولاء للإدارة الأمريكية.
فأطروحته الشهيرة في تمجيد الديموقراطية الغربية, وأنها نهاية التاريخ تعني: توقّف الحياة والإبداع والأشواق الإنسانية للمعرفة والترقي والطموح.
وإذا كان (فوكوياما) يقول بتواضع: إنه لا يملك نظرية كنظرية ماركس في التاريخ فلقد صدق، وكان تواضعه في محلّه، فمدار نظريته على إطراء النتائج المشهودة لتطورات السياسة الغربية.
ولا خلاف على جوانب من إنجازات النظم الديموقراطية، بيد أن هذا لا يعني أنها نهاية التاريخ.
وهجومه غير الموضوعي على الإسلام واعتباره (فاشية القرن الحادي والعشرين) كما في نيوزويك ( السبت 5 يناير 2002) يكشف عن تطابقه مع رؤية الإدارة الأمريكية في صناعة الإسلام وترسيمه عدواً للحضارة والحرية.
وهجومه على المجتمع السعودي الموصوف لديه بالتطرف, في الوقت الذي يعترف فيه بضعف وضحالة معلوماته عن هذا المجتمع... ليس سوى صدى باهت للحملة الإعلامية الرسمية, وشبه الرسمية على السعودية والعروبة والإسلام.
وتصويره بأن مشكلة الإسلام هي في التباسه بالسياسة, وحاجته إلى فصل الدين عن السياسة على غرار ما حدث في أوروبا هو ما تنادي به الإدارة الأمريكية من تفريغ الإسلام من محتواه السياسي.
وكنت أشعر بإشفاق حين أراه يقول: إن المشكلة لا ترتبط بعلاقة الإسلام بالغرب، بل بالمعركة داخل الإسلام نفسه...
بينما التقرير الذي نشرته مؤسسة (راند) والتي كان فوكوياما أحد أعضائها يوماً ما يؤسس لافتعال صراعات بينية داخل القوى الإسلامية، ومحاولته دعم أطراف على أخرى بحجة دعم الاعتدال والعصرنة.
ولست أدري إلى متى هذه الثقة لدى مثقف بأن الإدارة الأمريكية تمثل الشفافية والصدق والخير في مقابل محاور الشر العالمية؟!
وإلى متى تظل الجهود الجبارة لمقاومة الغلو إسلامياً, غير ذات جدوى ما دامت لا تتطابق مع الأجندة الأمريكية؟!
ولماذا في الوقت الذي يعلن فيه فوكوياما رفضه للتدخل الأمريكي في صياغة الإسلام ينجر (ضمن حديثه للأستاذ قاسم الذي نُشر في صحيفة المدينة في ملحق الرسالة) إلى تصنيف المسلمين الأمريكيين إلى مسلمين متطرفين تدعمهم السعودية، وهم من ذوي الأصول الأفريقية، وهذه عنصرية بغيضة، و اتهام لأبناء بلده...
وكان يمكن أن يتهم الإدارة بتصعيد الخلاف الفكري، وتحويله إلى تهم قانونية، وهذا مؤكد في حالات عديدة.
بينما يطالب بنسخة معاصرة...
ما هي مقاييس الخطأ لدى ( فوكوياما) في تدخل الإدارة الأمريكية في أفغانستان؟
ثم في العراق؟
هنا لم يأت الحديث قط عن حقوق الإنسان ولا عن حريات الشعوب، وإنما كان الخطأ وفق معيارية مرتبطة بالسياسة الأمريكية ذاتها ومصالحها.
لماذا الحديث عن التدخل الأمريكي في مناطق مختلفة من العالم على أنه (ضلوع في مسألة أمنية)، وأن هذا يسوّغ استثناء الجنود الأمريكان من المحاكمة الدولية؟
لم نفترض أن الأمن القومي الأمريكي هو المحور الوحيد الذي يرسم السياسة, وأنه يمر عبر عواصم العالم؟
ولم نفترض أن السياسة هنا هي التدخل.. بينما يقول فوكوياما: إنه ضد استخدام القوة؟!
[color=blue]2- حرب الإرهاب أم حرب الإسلام؟ [/color]
إن دوائر كثيرة في الغرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تتجه إلى إيجاد صورة من الصراع مع العالم الإسلامي، خاصة دول الارتكاز, ومن المؤكد أن الغرب يعي هذا الانتقاء ومَن وراءه.
لقد بدأ الغرب بملاحقة ما يسميه بالإرهاب في أفغانستان ثم العراق، ثم وسع الدائرة إلى رسم مستقبل معاقبة لمجموعة من الدول الإسلامية، ثم بدأت الرؤية الغربية - بشكل كبير - تتجه إلى شمولية الصراع، وملاحقة الرؤية الإسلامية التي سجلت في أحداث الحادي عشر من سبتمبر رفضها لهذا العمل تحت مفهوم ينطلق من مبدئية ومصلحية الإسلام.
هذا التحضير لشمولية الصراع مع مجموعة القوى الحضارية الإسلامية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية تحاول دوائر في الغرب سياسية وإعلامية وثقافية واقتصادية أن تبحث عن مسوّغ يمكن أن يستوعبه عقل الفرد الغربي.
وهنا تحاول هذه الدوائر أن تقدم صياغةً مناسبةً عن المفهوم والفكرة الإسلامية لتعبئة العقلية الفردية في الغرب؛ لتقبُّل هذا الصراع الذي من المؤكد أنه يتجه لغير صالح الغرب، والذي سيكون مسؤولاً عن مستقبل أكثر مرارة ومفاجأة من تصرف خاص وقع في الحادي عشر من سبتمبر.
إن استدعاء صراع القوى الحضارية بين العالم الإسلامي والغرب يعني تعقيد المشكلة الغربية التي يصعب عليها أن تستوعب مرارة المواصلة في مرحلة ربما تكون الخيارات الإسلامية أكثر تأثيراً فيها!!
ومع هذا فإننا ندرك أن هذا الصراع لا يصنع الأفضل لكل الأطراف.
إننا هنا يجب أن نحترم أمانة التاريخ، وأن نقرأ الأمور بجدية أكثر، وربما كانت مجموعة القوى الغربية المفضلة لهذا الخيار تركض وراء الوهم، أو تفضل مشاهدة نشوة الغرور.
إن الغرب حين يتصرف كقوي مستبد، فإنه يقول للآخرين: يجب أن تتصرفوا كمستبدين أقوياء، وهذه مصادرة لمنطق الفضيلة والعقل.
لقد استعملت دوائر إعلامية وثقافية في الغرب تبرير هذا الخيار في عقلية الفرد الغربي بأن الأزمة التي بدأ الغرب يواجهها إنتاج للصناعة الثقافية والاقتصادية الإسلامية المتداولة في دول الارتكاز الإسلامي المهدِّدة لوجود الغرب وحضارته حسب نظر هذه الرؤية الصاعدة في الغرب.
ونحن نفضل –اهتداءً بهدي سائر أنبياء الله– ألاّ يكون هذا خيارنا الأول، بل أن يكون هناك حرية لإعطاء الفرد الغربي مساحة من الحياد والهدوء يحاول أن يعرف بها الإسلام.
[color=blue]3- حقيقة عادلة:[/color]
لا شك أن واقع المسلمين اليوم ليس هو المفهوم الذي رسمه الإسلام تماماً، وأن الإسلام رسالة متعالية عن الازدراء، والظلم، وصناعة الشر، وهذا معنى شمولي يفترض أن يسمح لكل فرد في الغرب أن يتعرف عليه.
ومع هذا فإننا نعي أن واقع المسلمين -وإن لم يكن تماماً- هو الإسلام فمن المؤكد أن الإسلام مطبق في واقع المسلمين في شريحة لا تحدها دولة أو لغة، بل هي معتبرة بمفهوم الإسلام الصحيح الوسطي الخالد.
ومن الأمانة والعقل أن نعترف بمظاهر كثيرة من الخطأ في الواقع الإسلامي، لكنها بكل تأكيد لا تمثل كل هذا الواقع، وأيضاً فهي قابلة للمعالجة والتصحيح، والغرب حين يتحدث عن مفهوم سيئ في واقع المسلمين يجب أن يدرك أنه ربما يتحدث عن أنموذج مختار يناسبه، أو يمارس نوعاً من التحريف للحقيقة، والمزايدة على الوهم حين يتحدث عن أنموذج فاضل، لكنه لا يعترف له بذلك، ومن المهم هنا أن يتأكد الغرب أنه ليس يصنع شيئاً لصالحه.
إن مفهوم التعامل الإسلامي مع الغرب يجتمع في آيتين من كتاب الله يدرك حقيقتهما أصحاب العلم، والوسطية في العالم الإسلامي، هما قوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين*إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم و ظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)[الممتحنة:8ـ9].
هذا المفهوم هو الحقيقة العادلة التي رسمها القرآن الذي يؤمن به جميع المسلمين وإن كان بعضهم قد يخطئ في فهمه، لكن من المهم ألاّ نصنع الجو المناسب لهذا الخطأ.
إن منطق العقل يقف ضرورةً لاحترام هذا المفهوم العدلي في التعامل، ومن المؤكد أن الغرب على مستوى القرار لا يمتلك ولو مجرد رؤية معتدلة في التعامل مع العالم الإسلامي.
من الأفضل أن يعي الغرب أن مظاهر الخطأ التي تقع في العالم الإسلامي، وإن كانت تتمتع بأسباب بيئية خاصة إلا أنه من المُدرك -حتى للفرد العادي- أن الغرب من صناع هذا الانحراف الذي قد يكون أزمة تواجه الغرب نفسه، بل هذه حتمية قادمة في ظل هذه الممارسة الغربية لورقة الصراع، وهنا يجب أن يدرك الغرب أن المجتمعات الإسلامية ستكون متسامحة بشكل عفوي، وربما متعاطفة مع كل أشكال المواجهة والعداء للغرب دون امتلاك فرصة كافية لقراءة التصرفات وصوا بيّتها.
لم أستطع أن أمسك خيطاً واضحاً في مجموع أطروحات الكاتب الأمريكي (فرنسيس فوكوياما) سوى خيط الولاء للإدارة الأمريكية.
فأطروحته الشهيرة في تمجيد الديموقراطية الغربية, وأنها نهاية التاريخ تعني: توقّف الحياة والإبداع والأشواق الإنسانية للمعرفة والترقي والطموح.
وإذا كان (فوكوياما) يقول بتواضع: إنه لا يملك نظرية كنظرية ماركس في التاريخ فلقد صدق، وكان تواضعه في محلّه، فمدار نظريته على إطراء النتائج المشهودة لتطورات السياسة الغربية.
ولا خلاف على جوانب من إنجازات النظم الديموقراطية، بيد أن هذا لا يعني أنها نهاية التاريخ.
وهجومه غير الموضوعي على الإسلام واعتباره (فاشية القرن الحادي والعشرين) كما في نيوزويك ( السبت 5 يناير 2002) يكشف عن تطابقه مع رؤية الإدارة الأمريكية في صناعة الإسلام وترسيمه عدواً للحضارة والحرية.
وهجومه على المجتمع السعودي الموصوف لديه بالتطرف, في الوقت الذي يعترف فيه بضعف وضحالة معلوماته عن هذا المجتمع... ليس سوى صدى باهت للحملة الإعلامية الرسمية, وشبه الرسمية على السعودية والعروبة والإسلام.
وتصويره بأن مشكلة الإسلام هي في التباسه بالسياسة, وحاجته إلى فصل الدين عن السياسة على غرار ما حدث في أوروبا هو ما تنادي به الإدارة الأمريكية من تفريغ الإسلام من محتواه السياسي.
وكنت أشعر بإشفاق حين أراه يقول: إن المشكلة لا ترتبط بعلاقة الإسلام بالغرب، بل بالمعركة داخل الإسلام نفسه...
بينما التقرير الذي نشرته مؤسسة (راند) والتي كان فوكوياما أحد أعضائها يوماً ما يؤسس لافتعال صراعات بينية داخل القوى الإسلامية، ومحاولته دعم أطراف على أخرى بحجة دعم الاعتدال والعصرنة.
ولست أدري إلى متى هذه الثقة لدى مثقف بأن الإدارة الأمريكية تمثل الشفافية والصدق والخير في مقابل محاور الشر العالمية؟!
وإلى متى تظل الجهود الجبارة لمقاومة الغلو إسلامياً, غير ذات جدوى ما دامت لا تتطابق مع الأجندة الأمريكية؟!
ولماذا في الوقت الذي يعلن فيه فوكوياما رفضه للتدخل الأمريكي في صياغة الإسلام ينجر (ضمن حديثه للأستاذ قاسم الذي نُشر في صحيفة المدينة في ملحق الرسالة) إلى تصنيف المسلمين الأمريكيين إلى مسلمين متطرفين تدعمهم السعودية، وهم من ذوي الأصول الأفريقية، وهذه عنصرية بغيضة، و اتهام لأبناء بلده...
وكان يمكن أن يتهم الإدارة بتصعيد الخلاف الفكري، وتحويله إلى تهم قانونية، وهذا مؤكد في حالات عديدة.
بينما يطالب بنسخة معاصرة...
ما هي مقاييس الخطأ لدى ( فوكوياما) في تدخل الإدارة الأمريكية في أفغانستان؟
ثم في العراق؟
هنا لم يأت الحديث قط عن حقوق الإنسان ولا عن حريات الشعوب، وإنما كان الخطأ وفق معيارية مرتبطة بالسياسة الأمريكية ذاتها ومصالحها.
لماذا الحديث عن التدخل الأمريكي في مناطق مختلفة من العالم على أنه (ضلوع في مسألة أمنية)، وأن هذا يسوّغ استثناء الجنود الأمريكان من المحاكمة الدولية؟
لم نفترض أن الأمن القومي الأمريكي هو المحور الوحيد الذي يرسم السياسة, وأنه يمر عبر عواصم العالم؟
ولم نفترض أن السياسة هنا هي التدخل.. بينما يقول فوكوياما: إنه ضد استخدام القوة؟!
[color=blue]2- حرب الإرهاب أم حرب الإسلام؟ [/color]
إن دوائر كثيرة في الغرب بعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر تتجه إلى إيجاد صورة من الصراع مع العالم الإسلامي، خاصة دول الارتكاز, ومن المؤكد أن الغرب يعي هذا الانتقاء ومَن وراءه.
لقد بدأ الغرب بملاحقة ما يسميه بالإرهاب في أفغانستان ثم العراق، ثم وسع الدائرة إلى رسم مستقبل معاقبة لمجموعة من الدول الإسلامية، ثم بدأت الرؤية الغربية - بشكل كبير - تتجه إلى شمولية الصراع، وملاحقة الرؤية الإسلامية التي سجلت في أحداث الحادي عشر من سبتمبر رفضها لهذا العمل تحت مفهوم ينطلق من مبدئية ومصلحية الإسلام.
هذا التحضير لشمولية الصراع مع مجموعة القوى الحضارية الإسلامية الثقافية والاقتصادية والاجتماعية تحاول دوائر في الغرب سياسية وإعلامية وثقافية واقتصادية أن تبحث عن مسوّغ يمكن أن يستوعبه عقل الفرد الغربي.
وهنا تحاول هذه الدوائر أن تقدم صياغةً مناسبةً عن المفهوم والفكرة الإسلامية لتعبئة العقلية الفردية في الغرب؛ لتقبُّل هذا الصراع الذي من المؤكد أنه يتجه لغير صالح الغرب، والذي سيكون مسؤولاً عن مستقبل أكثر مرارة ومفاجأة من تصرف خاص وقع في الحادي عشر من سبتمبر.
إن استدعاء صراع القوى الحضارية بين العالم الإسلامي والغرب يعني تعقيد المشكلة الغربية التي يصعب عليها أن تستوعب مرارة المواصلة في مرحلة ربما تكون الخيارات الإسلامية أكثر تأثيراً فيها!!
ومع هذا فإننا ندرك أن هذا الصراع لا يصنع الأفضل لكل الأطراف.
إننا هنا يجب أن نحترم أمانة التاريخ، وأن نقرأ الأمور بجدية أكثر، وربما كانت مجموعة القوى الغربية المفضلة لهذا الخيار تركض وراء الوهم، أو تفضل مشاهدة نشوة الغرور.
إن الغرب حين يتصرف كقوي مستبد، فإنه يقول للآخرين: يجب أن تتصرفوا كمستبدين أقوياء، وهذه مصادرة لمنطق الفضيلة والعقل.
لقد استعملت دوائر إعلامية وثقافية في الغرب تبرير هذا الخيار في عقلية الفرد الغربي بأن الأزمة التي بدأ الغرب يواجهها إنتاج للصناعة الثقافية والاقتصادية الإسلامية المتداولة في دول الارتكاز الإسلامي المهدِّدة لوجود الغرب وحضارته حسب نظر هذه الرؤية الصاعدة في الغرب.
ونحن نفضل –اهتداءً بهدي سائر أنبياء الله– ألاّ يكون هذا خيارنا الأول، بل أن يكون هناك حرية لإعطاء الفرد الغربي مساحة من الحياد والهدوء يحاول أن يعرف بها الإسلام.
[color=blue]3- حقيقة عادلة:[/color]
لا شك أن واقع المسلمين اليوم ليس هو المفهوم الذي رسمه الإسلام تماماً، وأن الإسلام رسالة متعالية عن الازدراء، والظلم، وصناعة الشر، وهذا معنى شمولي يفترض أن يسمح لكل فرد في الغرب أن يتعرف عليه.
ومع هذا فإننا نعي أن واقع المسلمين -وإن لم يكن تماماً- هو الإسلام فمن المؤكد أن الإسلام مطبق في واقع المسلمين في شريحة لا تحدها دولة أو لغة، بل هي معتبرة بمفهوم الإسلام الصحيح الوسطي الخالد.
ومن الأمانة والعقل أن نعترف بمظاهر كثيرة من الخطأ في الواقع الإسلامي، لكنها بكل تأكيد لا تمثل كل هذا الواقع، وأيضاً فهي قابلة للمعالجة والتصحيح، والغرب حين يتحدث عن مفهوم سيئ في واقع المسلمين يجب أن يدرك أنه ربما يتحدث عن أنموذج مختار يناسبه، أو يمارس نوعاً من التحريف للحقيقة، والمزايدة على الوهم حين يتحدث عن أنموذج فاضل، لكنه لا يعترف له بذلك، ومن المهم هنا أن يتأكد الغرب أنه ليس يصنع شيئاً لصالحه.
إن مفهوم التعامل الإسلامي مع الغرب يجتمع في آيتين من كتاب الله يدرك حقيقتهما أصحاب العلم، والوسطية في العالم الإسلامي، هما قوله تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين*إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم و ظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون)[الممتحنة:8ـ9].
هذا المفهوم هو الحقيقة العادلة التي رسمها القرآن الذي يؤمن به جميع المسلمين وإن كان بعضهم قد يخطئ في فهمه، لكن من المهم ألاّ نصنع الجو المناسب لهذا الخطأ.
إن منطق العقل يقف ضرورةً لاحترام هذا المفهوم العدلي في التعامل، ومن المؤكد أن الغرب على مستوى القرار لا يمتلك ولو مجرد رؤية معتدلة في التعامل مع العالم الإسلامي.
من الأفضل أن يعي الغرب أن مظاهر الخطأ التي تقع في العالم الإسلامي، وإن كانت تتمتع بأسباب بيئية خاصة إلا أنه من المُدرك -حتى للفرد العادي- أن الغرب من صناع هذا الانحراف الذي قد يكون أزمة تواجه الغرب نفسه، بل هذه حتمية قادمة في ظل هذه الممارسة الغربية لورقة الصراع، وهنا يجب أن يدرك الغرب أن المجتمعات الإسلامية ستكون متسامحة بشكل عفوي، وربما متعاطفة مع كل أشكال المواجهة والعداء للغرب دون امتلاك فرصة كافية لقراءة التصرفات وصوا بيّتها.