منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    قراءة في هموم العمل الدعوي (3/3)

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    قراءة في هموم العمل الدعوي (3/3) Empty قراءة في هموم العمل الدعوي (3/3)

    مُساهمة من طرف Your life الجمعة فبراير 20, 2009 10:05 pm

    8/ بعض صيغ العمل الإسلامي اليوم تتعلق بإلحاح نسبي يصبح في كثير من الأحوال هو قوامها الحركي والثقافي ، وربما ساعد على هذا التأكيد ما يحمله هذا المفهوم من قيمة مبدئية ، أو قدرة على تجاوز المرحلة عند نجاحه ، وخذ مثلاً: (المفهوم السياسي) إنه مفهوم نسبي ؛ لأن الإسلام ليس لغة أو رؤية أو نظرية سياسية فحسب ، ومن هنا كان مفهوماً نسبياً ، وهذا لا يعني أنه لا يحمل قيمة مبدئية خاصة .
    إن المفهوم السياسي أساس في الإسلام ، بل أكثر المعارك ضراوة في العصر الحديث هي معركة الإسلام والعلمانية ، وأيضاً فإن المشكلة السياسية اليوم على مستوى الأمة مشكلة عميقة ومتداخلة مع غيرها ، لكن مع هذا القدر من الصدقية ؛ فإن من الصعب أن نتحول إلى إلحاح خاص على هذه المسألة ونحن نقدم الإسلام .
    فرق - أيها الإخوة - أن نتكلم من واقع كوننا سياسيين فحسب ، أو أن نتكلم من واقع كوننا إسلاميين , والسياسة جزء من الإسلام .
    وهذا المثل ( المفهوم السياسي ) يقال في غيره أياً كان هذا الغير . لماذا ؟
    لأن الإسلام ليس رؤية نسبية ، ولأن مشكلة الأمة اليوم لا تتسم بالنسبية ، ولئن كان أهل الكتاب نسوا حظاً مما ذكروا به ؛ فإن هذا في الغالب هو الوجه الآخر للإلحاح على بعض جوانب الشريعة ومنحها فوق حقها .
    9 / إذا نظرنا في واقعنا الإسلامي وصيغ العمل الإسلامي وجدنا قدراً كبيراً من الاختلاف والتمايز ، وإني أجد أن من غير المهم أن نشتغل كثيراً في التنظير لتوحيد العمل الإسلامي في هذه المرحلة ، لماذا ؟
    لأننا لا نملك آلية التوحيد ، وأيضاً فإن هذا الواقع من غير المهم أن نسعى لتوحيده ، فربما كان توحيد العمل يمثل إلغاءً عند كثيرين ، وهذا يعني توليد الصراع من أجل توحيد العمل .
    يفترض أن نكون واقعيين ، ونعرف قدر إمكانيات العمل التي نمتلكها ، لكن ربما كان من الخير أن نعي أنفسنا كثيراً , وندرك أن هذا الاختلاف يمكن أن يتحول إلى تعددية إسلامية حميدة تستوعب الواقع كله .
    إن المجتمعات بل والأفراد تختلف عقولهم ونفوسهم والمؤثرات التي يقعون تحتها، وهذا يجعل التعددية مطلباً ملحاً مع المحافظة على أصول الدين وثوابت الشريعة وجعلها مرتكز الاجتماع .
    والعمل الإسلامي اليوم رغم اختلافه وتمايزه في كثير من الأحوال ؛ إلا أنه يملك تجمعاً مؤهلاً للصياغة الشمولية إذا استطعنا الاعتراف والإيمان بثلاث حقائق :
    أولاً: تجاوز خلافاتنا الخاصة ، والتخلي عن المطالبة الذاتية .
    ثانياً: عقد وفاق ولائي على مستوى المشاعر، والثقافة العمومية للإسلاميين، وذلك بإقرار حق الاجتهاد الشرعي بحدوده ، فالاجتهاد من أهم الثوابت وهو روح المتغيرات ، وأساس الاختلافات .
    ثالثاً: القدرة على الإيمان بالترقي، والتجديد في الصياغة ، والتطبيق الذي نمثله ، والتخلص من الرؤية السرمدية لمشاريعنا الخاصة .
    أيها الإخوة حين ندرك مقدراتنا التي نملكها ندرك أننا أقوياء فعلاً ، وأننا نؤثر في المجتمعات كلها، ومن أخص مقدراتنا تحويل الواقع الخلافي إلى تعددية رشيدة قابلة للحوار والتصحيح مع الاحتفاظ بحق الاجتهاد الشرعي ، والمحافظة على الثوابت والأصول.
    من غير المنطقي عقلاً وشرعاً أن تتحول اجتهاداتنا الخاصة إلى قرارات ملزمة لغيرنا من إخواننا ، ومن غير العقلي والشرعي ألا ّ نؤمن إلا برؤيتنا الخاصة ، ومشاريعنا الاجتهادية، إننا هنا نقع في غلط شرعي ونحن نمثل العمل الإسلامي .
    يجب أن تكون الأصول الشرعية واضحة ، وثوابت الإسلام متاحة لكل فرد في المسلمين وما عدا ذلك فهو صياغة خاصة تجريبية ، قابلة للمعارضة والتجاوز والتطوير والمخالفة وفق ضوابط الاجتهاد الشرعي المحكم ، مع أني أُفضل كثيراً أن نتجاوز لغة المعارضة في داخلنا ، وأن نُربي الجيل القادم على التعددية والحوار ضمن القواعد الشرعية المنضبطة .
    إن المدارس الفقهية الأربع في التاريخ الإسلامي (الحنفية ، المالكية ، الشافعية ، الحنبلية) كانت استجابة للواقع الإسلامي اللاحق لعصر الأئمة ، وقدمت رؤية علمية عالية في الفقه الإسلامي ، لولا بعض حركة التعصب التي تطرأ أحياناً في صفوف الأتباع, وهكذا الأمة اليوم ، إنها تطالبنا بتنويع الطرح والمشاركة الجادة في كل المجالات لنصنع أمة متكاملة الرؤية والتأثير ، ولنحقق قدراً من القواسم المشتركة بين فئاتها يصح معها أننا أمة واحدة .
    إن التفاوت والاختلاف - مهما تعاظم في نفوسنا - لايعد شيئاً ذا بال إذا قورن بمساحة الاتفاق العريضة المستندة إلى محكمات هذه الشريعة وأصولها .
    10/ هذه الرؤية لا تعني أن نقع في الخلط الشرعي أو ألاّ نميّز الحق من الباطل ، إن التمييز بين الحق والباطل أصل في الإسلام ، بل هو من حقائقه الشرعية والقدرية ، لكن يجب أن نقدر أن الباطل هو ما يخالف الإسلام نفسه وليس ما يخالفنا نحن ، ومن هنا يفترض ألا نركب لغة الصراع بين الحق والباطل إلا ونحن متحققون من واقع الحال ، إن ثمت أصولاً شرعية كثيرة أحياناً يساء استخدامها حتى لدى بعض الخيرين .
    11/ يفترض بعض إخواننا أن من الصواب الإسلامي أن يقدم رؤية تطبيقية اجتهادية خاصة به تحظى بروح سرمدية البقاء ، وهذا في تقديري ليس مهماً ، ولا يمثل إمكانية التطبيق العملي ، بل يبقى ظلاً له رسمه ، وليس له أثره .
    يفترض ألا نصر على تقديم مشاريع طويلة الأمد من المشاريع ذات البعد التغييري الشمولي، وحين نمضي جهداً وعمراً في رسم مشروع يحظى بروح طويلة للبقاء ، فنحن هنا نخسر الواقع أكثر مما نتصور , ولهذا لا ترى لكثير منا أثراً في الواقع الحضاري للأمة ، بل هذا موقع يتسم بجفاف التأثير الإسلامي اليوم .
    وتسارع التغيرات العالمية يعني أننا نعيش لغة المرحلية في المشاريع الاجتهادية ، نظراً لتعدد مقومات تحريك المجتمع الإسلامي والتأثير عليه ، ونحن يجب أن نتعامل مع هذه المحركات المؤثرة على مجتمعاتنا بواقعية يلمسها الناس ويدركون تناسبنا مع الواقع , بل ومع متطلباتهم انطلاقا من تأصيل الشريعة .
    إن هذا العصر الذي نعيشه يمتاز بسرعة في الآلية الإنسانية انعكس على سرعة الذهنية الإنسانية نفسها ، ومن هنا أصبح الإنسان أكثر استعداداً للتطور , وصار لديه قابلية كبيرة للتجديد ، هذه القابلية تفرض علينا أن نقدم مشاريع تحمل روحاً تطويرية ، ولغة تجديدية في الرؤية الثقافية والفكرية والأشكال الحضارية كلها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والتربوية سواء على مستوى القرار ، أو على مستوى التعامل .
    لكن يفترض ألا يكون التجديد ثورة على المجتمع من داخله .
    ويجب أن نسعى في تحقيق الأصالة الثقافية مع الواقعية التأثيرية , وكما أنه من غير المنطقي أن ننقطع عن تراثنا وتاريخنا فإن من غير المنطقي أن ننقل الصور التاريخية كما هي ليعرفها من لم يكن يعرفها ، التاريخ يعطينا الفكرة ويدع لنا رسم إطارها ، والتاريخية المطلقة شكلت عقبة في تطور فكر الأمم ، ونحن - أهل الإسلام - وإن كنا نمتلك تاريخية أصيلة إلا أننا يجب أن نكون معتدلين ، وأن ندرك أن الإسلام المنزل من عند الله ليس هو التاريخ الإسلامي بكل إشكالياته ، وتطوراته الثقافية والسياسية والاجتماعية.
    يجب أن يستعمل الإسلاميون ورقة جادة في هذه المواقع الاتصالية وهذه الحركة الإعلامية المتطورة ، وهذه اللغة الثقافية القائمة للتخاطب مع العالم كله, أوعلى أقل تقدير للتخاطب مع شعوبنا المسلمة، وإخواننا المسلمين في العالم كله .
    يجب أن نؤمن بالتواصل الثقافي بين الإسلاميين ، وتطبيع لغة الحوار ، والاستعداد للتصحيح حسب قواعد الإسلام ونصوصه ، وأن نخرج في هذه الآلية العالمية ونحن نقدم شكلاً صادقاً عن ديننا وإسلامنا حتى على مستوى المظهر العادي ، فضلاًَََ عما وراءه .
    12/ يفترض أن نكون سباقين أمام مجتمعاتنا وأمتنا ، وأن نمارس التحدي الحضاري في كل أشكاله ، فمن الصعب أن ترى بعض الدعاة الإسلاميين لا يعرف مظاهر التحدي الحضاري إلا بعد تطبيعها في مجتمعه .
    يجب أن نتجاوز عقلية الانغلاق ، وأن نعرف بصورة إسلامية كل شيء في الحركة الحضارية المعاصرة ، وأن نقدم الرؤية الإسلامية الواعية في كل شيء مع الإيمان بحق التخصص ، والتعددية التفسيرية الممكنة شرعاً ( وَكُلَّ شَيْءٍ فَصَّلْنَاهُ تَفْصِيلاً)(الإسراء: 12) (وَمِمَّنْ خَلَقْنَا أُمَّةٌ يَهْدُونَ بِالْحَقِّ وَبِهِ يَعْدِلُون َ) (الأعراف:181)
    13/ من أخص الإشكاليات القائمة غياب الوعي داخل الأمة ، ليس على مستوى العامة بل على مستوى كثير من أصحاب المواقع والمخاطبة .
    إن هذه الأمة - بحمد الله - تحمل قيمة مبدئية لا يمكن لأي تغيير بشري أن يغيبها ، حتى يأذن الله بخراب هذا العالم ، لكن مع هذا ندرك كثيراً أن المشاريع العالمية التي صنعها أعداء الأمة في شتى المجالات في غفلة الأمة وسباتها زادت من تغييب الوعي بحقائق الإسلام وشموليته .
    ومن صور الوعي الغائبة ( عالمية الإسلام ) فهذه الحقيقة ليست حاضرة في أذهان كثيرين حينما تضع رصداً أو قراءة للمناهج الإسلامية المعاصرة تدرك هنا الاختصار لهذه العالمية .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد سبتمبر 22, 2024 4:18 am