كتب هذا المقال قبل ستة أشهر , وكانت فحواه الظن المجرد بأن الإدارة الأمريكية تتجه إلى الصدام مع العالم كله ومؤسساته بدلاً من الصدام مع طرف ما تصفه بالإرهاب وهذا ما بدا اليوم واقعاً مشهوداً للعيان في مسألة الحرب على العراق , ومواجهة العالم كله بلا مبالاة !.
ولاشك أن نهاية الحرب الباردة قد غيرت الكثير من الأوضاع , وأصبح مسوقاً في دوائر الغرب والولايات المتحدة بوجه خاص أن العالم مقبل على حياة أفضل ومهيأ لقدر من التعايش والعدالة بين أجناسه وشعوبه وأممه بمختلف تشكلاتها ونماذجها؛ لكن هذه الطمأنة لم تكن تتمتع بقدرة على التطبيق من حيث إن المشكلة التي كانت تمثلها الشيوعية لم تكن هي المشكلة الوحيدة التي تهدد الأمن العالمي، وهنا يبدو النظام العالمي الجديد بعد الشيوعية يحتفظ بقدر من التطرف والاستبداد ؛ لأنه نظام أحادي التكوين والتركيب .
وفي ظل هذا النموذج الجديد المبشر به باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التجارة اتجهت الولايات المتحدة لفرض خياراتها على مجموعة من حلفائها الأوربيين , فضلاً عن دول العالم الثالث , وهذا يعني أن الولايات المتحدة التي أصبحت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الدولة الأقوى في العالم صارت تخلق أسباب تخولها ملاحقة كل أشكال الطموح والتميز في العالم ، والذي قد يسبب يوما ما مزاحمة للإدارة الأمريكية , ولم يكن مفاجئاً أن تخرج الولايات المتحدة أكثر من مرة عن الخارطة الدولية في الأمم المتحدة ؛ لتتبنى قرارات أحادية الجانب , أو تعترض على إجماع دولي .
حين واجهت الولايات المتحدة ضربات الحادي عشر من سبتمبر تحرك القرار الأمريكي لمواجهة ما يسميه بالإرهاب ضمن مطالبة الدول بالتحالف مع الولايات المتحدة , دون أن تقدم الإدارة الأمريكية خطة تحدد مفهوم الإرهاب , وصور معالجاته , بل تمثلت الحركة الأمريكية في ترسيم ( العنف والعنف المضاد ) كخيار للعالم في هذا القرن ، ومن المؤكد أن الإدارة الأمريكية مع شمولية نظرتها في تصنيف الإرهاب , وأن كل من يعارضها سيكون ملاحقاً في هذه الحرب , التي قد تأخذ في البداية تجارباً على مجموعة من الضعفاء, كما هو الحال في ضرب المدنيين في أفغانستان، وهذا يعني أن هذه الحرب لن تقف - حسب طموح إدارة الصراع في الولايات المتحدة - حتى تنتهي كل أشكال الاستقلالية والطموح الذي يختار مساراً آخر قد لا تتذوقه الإدارة في الولايات المتحدة ، وهنا فإن الاصطدام الأمريكي لن يكون بدول العالم الإسلامي فقط - التي حافظ الغرب على تخلفها التقني - بل سيكون الحياد ذاته شكلاً من أشكال الإرهاب في نظر الإدارة الأمريكية , حتى مع الدول الأكثر تقدماً وقدرة على تقرير مستقبلها الخاص ، وهذا يعني أن الخطة المعلنة ستصنع كارثة عالمية تتجه لتقويض الأمن المدني , وضرب جميع صور الاستقلال السياسي والثقافي في العالم .
ومن المؤكد أن خصومة الولايات المتحدة في هذه المرحلة لم تعد مع جماعة أو منظمة خاصة، بل بدأت تتجه للصراع مع العالم أكثر من أي وقت مضى ، ومن المؤكد أيضاً أن الرأي العام العالمي لا يشعر بعدالة كافية في الحركة الأمريكية ، وبات أكثر ذكاء ووضوحاً في رفض المزايدة الأمريكية تجاه قضية الإرهاب .
إن التقرير الاستراتيجي الأمريكي يفوض الإدارة الأمريكية في مصادرة كل صور القوة والمنافسة لتظل الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة في العالم .
[color=red]الإسلام والإرهاب:[/color]
لا يحظى مصطلح الإرهاب بمصادقة واعتراف في الثقافة الإسلامية التي تنطلق من قيم الإسلام كنظرية أو فكرة لصناعة العدوان على الآخرين أو ضرب الحقوق .
وهنا لسنا نتحدث عن مسيرة يومية لكل فرد في العالم الإسلامي ، أو أفكار خاصة يراها طائفة من المسلمين، فالحديث عن الإسلام يعني الحديث عن النظرية الإسلامية المحضة من جهة ، أو عن التطبيق العام على مستوى الأمة كافة .
إن الإسلام دين يؤمن به أكثر من مليار إنسان في العالم ، وأكثرية الناس في مناطق الأهمية الاستراتيجية هم من المسلمين ، ويمتد هذا الدين لأكثر من أربعة عشر قرناً ، ولم يخلق مشكلة لأحد في العالم طوال هذا الامتداد ، لكنه مع ذلك يؤمن بحق الدفاع عن النفس وتأمين الحرية الخاصة، وعلى هذا فمن التسطيح للمشكلة أن تعرض على أن الإرهاب إملاء من الثقافة الإسلامية ؛ فإن هذا يعني أن العالم والولايات المتحدة - بوجه خاص - يواجه أكثر من مليار إنسان , ومناطق متناثرة في العالم كلها تصنع الإرهاب!!! ولعل هذه هي النتيجة التي يسعى إليها من يديرون دفة الحرب ، ويدقون نواقيسها .
إننا هنا معنيون بمخاطبة الفرد في العالم كله ، وهذا يعني أن نقدم حقائق بسيطة تسمح للآخرين أن يفهموا موقفنا - نحن المسلمين- من الإرهاب حتى لا نسمح لآلة الإعلام ؛ الذي لا يحترم الموضوعية والدقة بمزيد من الإسقاطات التي تخدع الكثيرين في الغرب، وخصوصاً الشعب الأمريكي .
إننا ندرك أن الإسلام حقيقة ربانية عادلة , تقدم الخير للبشرية كلها ؛ وقد جاء النبي الخاتم ( رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) أي : للعالم كله ، حتى أولئك الذين لم يؤمنوا به , حفظ حقوقهم , وأعطاهم في ظل حكمه التاريخي مستوى من العدالة لم يحلموا به ، يقول : غوستاف لوبون المؤرخ البريطاني الشهير : ما عرف التاريخ فاتحاً أعدل ولا أرحم من العرب، صحيح أننا نمتلك رؤية خاصة , تحدد هويتنا الإسلامية , وصحيح - أيضاً - أننا نتقاطع في مجموعة من المفاهيم والقيم مع مجموعة مفاهيم لأمم وشعوب أخرى، ومن الواضح أننا على اختلاف مع كثير من المفاهيم الغربية , ولنا خيارنا الخاص , كما ندرك أن الآخرين يمارسون خيارهم الخاص .
إنه في الوقت الذي يرسم فيه الإسلام امتياز المسلم وخصوصية هويته تحت مجموعة من القيم والمفاهيم ؛ فإن الإسلام رسم ضمن هذه الهوية أصول العلاقة المشتركة مع الآخرين , بما يسمح بإرساء قواعد العدالة , واحترام الحقوق في العلاقات الخاصة والعامة , ويسجل في تاريخ الإسلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار شاباً يهودياً في مرضه , ودعاه للإسلام فقبل دعوته, وأسلم تحت رسالة الأخلاق .
إن من قيم الإسلام الدعوة إلى العفو , وخلق مساحات أوسع للتسامح ، وحماية الأمن المدني حتى يتمتع الفرد بقدرة كافية لقراءة القيم الإسلامية , وصناعة الحياة الأفضل، وتحت هذا الامتداد يكون من التسطيح الظن بأن المسلمين , أو حتى فئة منهم يستهدفون قيم العدل والحرية المعلنة للشعب الأمريكي , أو أن قيم المسلمين تفرض عليهم قتل الآخرين دون أي نظام أخلاقي لمجرد أنهم يخالفونهم، أو لكونهم يمارسون العدل أو الحرية، هذا التصور ببساطة يُعدُّ صناعة لكارثة , قد يكون الطرف الأكثر خسارة فيها هو الشعب الأمريكي قبل أي مجتمع في العالم ، وإذا أردنا أن نكون منصفين ؛ فإن علاقة المسلمين بالغرب صنعها الغرب أكثر بكثير مما صنعها المسلمون ، وليست الحروب الصليبية بدمويتها وفداحتها في التاريخ الماضي هي الاحتكاك السلبي الوحيد من قبل الغرب ضد الإسلام والمنطقة الإسلامية ، فإن ذكريات الاستعمار , ومصادرة حق الشعوب , وضرب المقاومة الوطنية هي الأكثر حضوراً في الذهنية الإسلامية والعربية اليوم ، لكن الذي يبحث عن مواقف سلبية إسلامية ضد الغرب؛ سيجد صعوبة بالغة في الحصول على أي أدلة تاريخية صادقة.
ولاشك أن نهاية الحرب الباردة قد غيرت الكثير من الأوضاع , وأصبح مسوقاً في دوائر الغرب والولايات المتحدة بوجه خاص أن العالم مقبل على حياة أفضل ومهيأ لقدر من التعايش والعدالة بين أجناسه وشعوبه وأممه بمختلف تشكلاتها ونماذجها؛ لكن هذه الطمأنة لم تكن تتمتع بقدرة على التطبيق من حيث إن المشكلة التي كانت تمثلها الشيوعية لم تكن هي المشكلة الوحيدة التي تهدد الأمن العالمي، وهنا يبدو النظام العالمي الجديد بعد الشيوعية يحتفظ بقدر من التطرف والاستبداد ؛ لأنه نظام أحادي التكوين والتركيب .
وفي ظل هذا النموذج الجديد المبشر به باسم الديمقراطية وحقوق الإنسان وحرية التجارة اتجهت الولايات المتحدة لفرض خياراتها على مجموعة من حلفائها الأوربيين , فضلاً عن دول العالم الثالث , وهذا يعني أن الولايات المتحدة التي أصبحت بعد سقوط الاتحاد السوفيتي الدولة الأقوى في العالم صارت تخلق أسباب تخولها ملاحقة كل أشكال الطموح والتميز في العالم ، والذي قد يسبب يوما ما مزاحمة للإدارة الأمريكية , ولم يكن مفاجئاً أن تخرج الولايات المتحدة أكثر من مرة عن الخارطة الدولية في الأمم المتحدة ؛ لتتبنى قرارات أحادية الجانب , أو تعترض على إجماع دولي .
حين واجهت الولايات المتحدة ضربات الحادي عشر من سبتمبر تحرك القرار الأمريكي لمواجهة ما يسميه بالإرهاب ضمن مطالبة الدول بالتحالف مع الولايات المتحدة , دون أن تقدم الإدارة الأمريكية خطة تحدد مفهوم الإرهاب , وصور معالجاته , بل تمثلت الحركة الأمريكية في ترسيم ( العنف والعنف المضاد ) كخيار للعالم في هذا القرن ، ومن المؤكد أن الإدارة الأمريكية مع شمولية نظرتها في تصنيف الإرهاب , وأن كل من يعارضها سيكون ملاحقاً في هذه الحرب , التي قد تأخذ في البداية تجارباً على مجموعة من الضعفاء, كما هو الحال في ضرب المدنيين في أفغانستان، وهذا يعني أن هذه الحرب لن تقف - حسب طموح إدارة الصراع في الولايات المتحدة - حتى تنتهي كل أشكال الاستقلالية والطموح الذي يختار مساراً آخر قد لا تتذوقه الإدارة في الولايات المتحدة ، وهنا فإن الاصطدام الأمريكي لن يكون بدول العالم الإسلامي فقط - التي حافظ الغرب على تخلفها التقني - بل سيكون الحياد ذاته شكلاً من أشكال الإرهاب في نظر الإدارة الأمريكية , حتى مع الدول الأكثر تقدماً وقدرة على تقرير مستقبلها الخاص ، وهذا يعني أن الخطة المعلنة ستصنع كارثة عالمية تتجه لتقويض الأمن المدني , وضرب جميع صور الاستقلال السياسي والثقافي في العالم .
ومن المؤكد أن خصومة الولايات المتحدة في هذه المرحلة لم تعد مع جماعة أو منظمة خاصة، بل بدأت تتجه للصراع مع العالم أكثر من أي وقت مضى ، ومن المؤكد أيضاً أن الرأي العام العالمي لا يشعر بعدالة كافية في الحركة الأمريكية ، وبات أكثر ذكاء ووضوحاً في رفض المزايدة الأمريكية تجاه قضية الإرهاب .
إن التقرير الاستراتيجي الأمريكي يفوض الإدارة الأمريكية في مصادرة كل صور القوة والمنافسة لتظل الولايات المتحدة هي القوة الوحيدة في العالم .
[color=red]الإسلام والإرهاب:[/color]
لا يحظى مصطلح الإرهاب بمصادقة واعتراف في الثقافة الإسلامية التي تنطلق من قيم الإسلام كنظرية أو فكرة لصناعة العدوان على الآخرين أو ضرب الحقوق .
وهنا لسنا نتحدث عن مسيرة يومية لكل فرد في العالم الإسلامي ، أو أفكار خاصة يراها طائفة من المسلمين، فالحديث عن الإسلام يعني الحديث عن النظرية الإسلامية المحضة من جهة ، أو عن التطبيق العام على مستوى الأمة كافة .
إن الإسلام دين يؤمن به أكثر من مليار إنسان في العالم ، وأكثرية الناس في مناطق الأهمية الاستراتيجية هم من المسلمين ، ويمتد هذا الدين لأكثر من أربعة عشر قرناً ، ولم يخلق مشكلة لأحد في العالم طوال هذا الامتداد ، لكنه مع ذلك يؤمن بحق الدفاع عن النفس وتأمين الحرية الخاصة، وعلى هذا فمن التسطيح للمشكلة أن تعرض على أن الإرهاب إملاء من الثقافة الإسلامية ؛ فإن هذا يعني أن العالم والولايات المتحدة - بوجه خاص - يواجه أكثر من مليار إنسان , ومناطق متناثرة في العالم كلها تصنع الإرهاب!!! ولعل هذه هي النتيجة التي يسعى إليها من يديرون دفة الحرب ، ويدقون نواقيسها .
إننا هنا معنيون بمخاطبة الفرد في العالم كله ، وهذا يعني أن نقدم حقائق بسيطة تسمح للآخرين أن يفهموا موقفنا - نحن المسلمين- من الإرهاب حتى لا نسمح لآلة الإعلام ؛ الذي لا يحترم الموضوعية والدقة بمزيد من الإسقاطات التي تخدع الكثيرين في الغرب، وخصوصاً الشعب الأمريكي .
إننا ندرك أن الإسلام حقيقة ربانية عادلة , تقدم الخير للبشرية كلها ؛ وقد جاء النبي الخاتم ( رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) أي : للعالم كله ، حتى أولئك الذين لم يؤمنوا به , حفظ حقوقهم , وأعطاهم في ظل حكمه التاريخي مستوى من العدالة لم يحلموا به ، يقول : غوستاف لوبون المؤرخ البريطاني الشهير : ما عرف التاريخ فاتحاً أعدل ولا أرحم من العرب، صحيح أننا نمتلك رؤية خاصة , تحدد هويتنا الإسلامية , وصحيح - أيضاً - أننا نتقاطع في مجموعة من المفاهيم والقيم مع مجموعة مفاهيم لأمم وشعوب أخرى، ومن الواضح أننا على اختلاف مع كثير من المفاهيم الغربية , ولنا خيارنا الخاص , كما ندرك أن الآخرين يمارسون خيارهم الخاص .
إنه في الوقت الذي يرسم فيه الإسلام امتياز المسلم وخصوصية هويته تحت مجموعة من القيم والمفاهيم ؛ فإن الإسلام رسم ضمن هذه الهوية أصول العلاقة المشتركة مع الآخرين , بما يسمح بإرساء قواعد العدالة , واحترام الحقوق في العلاقات الخاصة والعامة , ويسجل في تاريخ الإسلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم زار شاباً يهودياً في مرضه , ودعاه للإسلام فقبل دعوته, وأسلم تحت رسالة الأخلاق .
إن من قيم الإسلام الدعوة إلى العفو , وخلق مساحات أوسع للتسامح ، وحماية الأمن المدني حتى يتمتع الفرد بقدرة كافية لقراءة القيم الإسلامية , وصناعة الحياة الأفضل، وتحت هذا الامتداد يكون من التسطيح الظن بأن المسلمين , أو حتى فئة منهم يستهدفون قيم العدل والحرية المعلنة للشعب الأمريكي , أو أن قيم المسلمين تفرض عليهم قتل الآخرين دون أي نظام أخلاقي لمجرد أنهم يخالفونهم، أو لكونهم يمارسون العدل أو الحرية، هذا التصور ببساطة يُعدُّ صناعة لكارثة , قد يكون الطرف الأكثر خسارة فيها هو الشعب الأمريكي قبل أي مجتمع في العالم ، وإذا أردنا أن نكون منصفين ؛ فإن علاقة المسلمين بالغرب صنعها الغرب أكثر بكثير مما صنعها المسلمون ، وليست الحروب الصليبية بدمويتها وفداحتها في التاريخ الماضي هي الاحتكاك السلبي الوحيد من قبل الغرب ضد الإسلام والمنطقة الإسلامية ، فإن ذكريات الاستعمار , ومصادرة حق الشعوب , وضرب المقاومة الوطنية هي الأكثر حضوراً في الذهنية الإسلامية والعربية اليوم ، لكن الذي يبحث عن مواقف سلبية إسلامية ضد الغرب؛ سيجد صعوبة بالغة في الحصول على أي أدلة تاريخية صادقة.