منذ فترة طويلة وأنا مهموم بالبحث عن الأسباب التي أدت إلى تخلف الأمة الإسلامية في هذا الوقت ، بل ومنذ مئات السنين ، وتراجعها عن دورها الريادي والحضاري ، وفشلها في كثير من شؤون الحياة .
هذا السؤال ليس جديداً ، بل ربما كان المسلمون يطرحونه قبل قرون , ولما حصل انحسار الإسلام عن بلاد الأندلس ، وسقطت بأيدي النصارى بعد ثمانية قرون من الحكم الإسلامي أحدث هذا دوياً هائلاً في العالم الإسلامي ، وتساءل المسلمون عن سر هذه المصيبة وهذا التخلف ، وكتبوا ما كتبوا ، وقالوا ما قالوا ، من منثور ومنظوم ، ولما جاء الغزو المغولي التتري حصل مثل ذلك ، وكذلك لما جاء الغزو الصليبي ، ولما جاء الغزو الاستعماري وهيمن على معظم الرقعة الإسلامية ، واستسلم له المسلمون لفترة تكرر مثل هذا السؤال أيضاً ، والآن أصبح السؤال يطرح بشكل أكثر إلحاحاً ، وكتب فيه من كتب من العلماء ، ومن أشهر ما كتب ( لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟) للأمير شكيب أرسلان ، ومن أنقرة إلى القاهرة إلى دمشق إلى جاكرتا إلى الرياض إلى مناطق كثيرة من العالم ؛ فإن هذا السؤال يطرح بقوة : ما السبب وراء تخلف المسلمين ، وتقدم غيرهم ؟!!
الكثير يطرحون سؤالاً وهو : من فعل هذا بنا ؟! ، من العدو الذي أحدث فينا هذا الضعف ومن تسبب لنا بهذا التخلف والتأخر ؟ ومن جرنا إلى هذا المصير ؟!
بيد أن القرآن الكريم يرشدنا إلى ضرورة تغيير السؤال ، وأن أول مرحلة في الإصلاح هي أن نعيد صياغة السؤال بشكل آخر ، بدلاً من سؤال من فعل هذا ؟ علينا أن نتساءل : كيف حدث هذا لنا ؟ لنؤكد أن المشكلة تبدأ من عندنا ، وليست شيئاً خارجياً مفروضاً علينا .
وهذا المعنى متضمن في عشرات الآيات القرآنية ، من أبرزها وأوضحها قول الله I : " وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى "[الأنعام:164] ، وقولهI: " مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ "[النساء:79] وقولهI : "وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ "[النساء:111] وقولهI :" قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"[آل عمران:165] وقولهI :" وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"[الأعراف:160] وقولهI : " وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"[النحل:118] وقولهI:"ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"[الأنفال:53] وقولهI :" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ "[الرعد: 11] .
هذه الآيات وما شابهها تقوم مقام القاعدة القرآنية الشرعية القطعية ، التي تؤكد أن مبدأ التغيير هو من النفس ، ويفترض أن نخلص من هذه النصوص القرآنية التي هي غاية الوضوح والسهولة إلى أن التغيير الحقيقي في المسلمين يجب أن يبدأ من عند أنفسهم ، فتغيير وبناء الشخصية الإسلامية هو المنطلق ، والحجر الأساس في عملية الإصلاح المنشودة ، وهناك جانبان أساسيان في موضوع تغيير النفس يشملان كل ما وراءهما :
الأول:جانب التصورات والعلوم ، والتي يتفرع عنها تصحيح مناهج النظر والتفكير والتحليل.
الثاني: جانب الإرادة والقصد ، جانب العمل والأداء والممارسة .
الإنسان ما هو إلا علم وعمل ، والشريعة بل الرسالات السماوية كلها جاءت لإصلاح هذين الأمرين ، إصلاح نظر الناس وعلمهم وتصوراتهم عن الأشياء بحيث تبدو صحيحة ، وإصلاح أعمالهم بحيث تكون متوافقة مع العلم الصحيح ، هذا هو مدار الأمر.
قبل أن نسترسل في هذا الجانب , دعونا نقف قليلاً مع بعض الإحصائيات التشخيصية المتعلقة بواقع الأمة الإسلامية .
رجل من كبار المستشرقين ؛ بل هو عميد المستشرقين ( برناند لويس ) كتب مجموعة من المؤلفات قديمة وجديدة عن الإسلام والمسلمين ، لكن من آخر ما كتب ( تأثير الغرب ورد فعل الشرق الأوسط ) ، وهنا تقرأ هذه المجموعة من الإحصائيات :
- المسلمون ربع سكان العالم ، ولكن حصتهم من الثروة العالمية تقل عن ( 6% ) .
- ثلثا فقراء العالم الذين يعيشون بأقل من دولارين يومياً هم من المسلمين ، وهذه النسبة ( نسبة الدخل للفرد المسلم ) تنخفض بمعدل ( 2% ) سنوياً ، وهو أكبر انخفاض يقع للفرد فيما يسمى بدول العالم النامي .
- لا يوجد بلد إسلامي واحد بين البلدان الثلاثين التي صنفت على أنها أغنى ثلاثين دولة في العالم .
- من بين منتجات الدول المميزة في كل مجالات الإنتاج هناك خمسة آلاف منتج تعتبر مميزة لا يوجد واحد منها من بلد إسلامي .
- إذا ما استثنينا النفط ، والكافيار ( بيض السمك ) ، والسجاد الإيراني ؛ فإن الدول السبع والخمسين الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي لا تقدم شيئاً وراء هذا للسوق العالمية .
- مديونية الدول الإسلامية تقدر بمئات المليارات من الدولارات ، ونسبة الاكتفاء الذاتي عند المسلمين تنخفض بشكل مستمر( السلعة التي يكتفون فيها ذاتياً ) .
- الفرد المسلم يعيش متوسط حياة أقل بعشرين سنة من متوسط نظيره في بلاد الغرب ؛ لاعتبارات الخدمة الصحية والغذائية والتوعوية ، ولا تستبعد أثر القهر والشعور بالمهانة!
- أربعون بالمائة من الشباب المسلم المتعلم لا يحصلون على مهنة لائقة لهم في بلدانهم ؛ فإما أن يبقوا عاطلين في بلادهم عن العمل ، وإما أن يضطروا إلى الهجرة كما يهاجر شباب المغرب وتونس والجزائر وغيرها إلى فرنسا ، أو يهاجر شباب مصر والشام إلى أمريكا أو أوربا .
- بينما تتراوح نسبة البطالة في الغرب ما بين (5- 12 % ) خلال العقدين الماضيين ؛ فإن نسبة البطالة في العالم الإسلامي تزيد على ( 20% ) وهي آخذة بالازدياد .
نتيجة البطالة أن يفتقر الناس والشباب والمتخرجون إلى الوظائف والعمل ، ويترتب على هذا عدم إمكانية توفير السكن ، وهذا يعني أن كثيراً من الشباب المسلمين لا يستطيعون الزواج وتكوين العائلات ، وهذا يترتب عليه كثرة العنوسة في العالم الإسلامي ، ولذلك في إيران: يحتمل أن ينتهي المطاف بـ ( 40% ) من الفتيات اللاتي هن دون سن العشرين إلى العنوسة ، ونشرت الصحف هنا في السعودية قبل شهور تقريراً مخيفاً عن العنوسة هو قريب من هذا الرقم .
- نقص المياه هو مشكلة يومية في العالم الإسلامي كله .
- وفقاً لدراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية ، يعتبر بلد إسلامي واحد فقط هو عُمان من بين الدول الأربعين التي توفر لمواطنيها الرعاية الصحية وفق المعايير الحديثة.
- من الناحية السياسية لا يتمتع العالم الإسلامي إلا بنفوذ ضئيل جداً في التأثير على السياسات العالمية ، وتوصد الأبواب في وجه الدول الإسلامية للدخول إلى منتدى صناع القرار في العالم ، حيث تتحكم حفنة قليلة من الدول الغربية في هذا الأمر .
- من بين أبرز ثلاثين نزاعاً محتدماً في العالم ، هناك ثمان وعشرون نزاعاً في العالم الإسلامي تعني المسلمين أو العالم الإسلامي حكومات أو شعوباً .
- في العقود الثلاثة الماضية لقي ما لا يقل عن مليونين ونصف مليون شخص من المسلمين حتوفهم في حروب جرت داخل العالم الإسلامي .
- يقبع ثلثا السجناء السياسيين في العالم في سجون العالم الإسلامي .
- (80% ) من أحكام الإعدام في العالم تمت في دول إسلامية . [url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-1472.htm#1][sup](1)[/sup][/url]
- يشكل المسلمون في العالم حوالي (80% ) من اللاجئين في العالم .
- كل الدول التي عانت من انهيار ، وأصبحت دولاً عاجزة تنتمي للعالم الإسلامي ، مثل ما حدث من انهيار دولة الصومال .
- العالم الإسلامي هو أقل مناطق العالم استثماراً في ميدان البحث العلمي ، والتقنية ، وخدمة المعلومات .
هذه معلومات حديثة ، ومعلومات إحصائية تدل على قدر من التخلف في العالم الإسلامي في مجال الصحة ، في مجال التعليم ، في مجال الاقتصاد ، في مجال حقوق الإنسان ، ربما هذه الأسئلة تجد من يخدمها ؛ لأنها قضايا مطروحة عالمياً ، وبالتالي هناك مقارنة بين العالم الإسلامي وبين غيره من دول العالم ولسنا بصدد التعليق أو الاستدراك ؛ لأن العملية وصفية محضة .
لكن ثمت نمط آخر من الأسئلة يكمل الصورة .
عملت استبياناً للرأي شارك فيه بضع مئات من الشباب في عملية توقعية محضة ليست بالضرورة متطابقة مع الصورة الحقيقية ، ولكنها تقريبية ، وطارحتهم مجموعة من الأسئلة السلوكية والتعبدية التي تمثل لوناً آخر من التخلف ، ولا يمكن فصل هذا الجانب عن ذاك ، إذ إن هذا الفصل ذاته يعني نوعاً من الازدواجية في النظرة ، والتمزق في الشخصية .
وقد جاءت الأسئلة كما يلي :
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يصلون الصلاة جماعة في المجتمعات المسلمة ؟[/color]
[u]ج[/u]:أكثر من نصف الأصوات تقول : (20% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يصلون من المسلمين في بيوتهم ؟ [/color]
[u]ج[/u]:( 20% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يصلون أحياناً ويتركون الصلاة أحياناً أخرى ؟[/color]
[u]ج[/u]:( 30% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يختتنون من المسلمين ؟[/color]
[u]ج[/u]:نحو ( 80% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يعقدون عقود الزواج الشرعية ؟[/color]
[u]ج[/u]:تقدر نسبتهم بنحو ( 75% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يدفنون موتاهم بحسب الطريقة الشرعية ؟[/color]
[u]ج[/u]:أكثر من ( 90 % ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة من يدفعون الزكاة ؟ [/color]
[u]ج[/u]:من الصعب جداً إحصاء من يدفعون الزكاة ؛ لأن الزكاة ليست هي مالاً يدفع لمصلحة جباية الزكاة فحسب ، وحتى في العصر الإسلامي الأول لم تكن الدولة هي التي تأخذ أموال الزكاة كلها ، فقط بعض الزكوات تجبى عن طريق السلطان أو الخليفة ، وهناك أموال زكوية يدفعها صاحبها ، وهو مؤتمن عليها ، واليوم معظم الزكوات يدفعها أصحابها بأنفسهم للمستحقين ، وفي كثير من البلاد الإسلامية لا يوجد جباية للزكاة أصلاً ، لكن توقع (70%)من الذين تعرضوا للسؤال أن نسبة الذين يخرجون زكاتهم من المسلمين هي (55% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم عدد الذين يصومون شهر رمضان من المسلمين ؟[/color]
[u]ج[/u]:(70% ) ؛ لأن كثيراً من الناس لديهم إقبال على الشعائر التعبدية المحضة ، لكنهم أكثر تفريطاً فيما يتعلق بالجوانب المالية ؛ لوجود نوع من الشح ، أو حب الدنيا ، أو الأثرة في النفوس ، هناك أشياء أخرى يصعب الحديث عنها بشكل دقيق مثل جوانب الالتزام الأخلاقي مع النفس ، أو مع الزوج ، أو مع الوالدين أو مع الآخرين أو مع أفراد المجتمع أو مع الأعداء . [size=12](1)تحتج منظمة العفو الدولية على حكم الإعدام ،وعقوبة القتل في الشريعة الإسلامية ثابتة من باب القصاص ( النفس بالنفس )وفي حالات عديدة معروفة في كتب الفقه .[/size]
هذا السؤال ليس جديداً ، بل ربما كان المسلمون يطرحونه قبل قرون , ولما حصل انحسار الإسلام عن بلاد الأندلس ، وسقطت بأيدي النصارى بعد ثمانية قرون من الحكم الإسلامي أحدث هذا دوياً هائلاً في العالم الإسلامي ، وتساءل المسلمون عن سر هذه المصيبة وهذا التخلف ، وكتبوا ما كتبوا ، وقالوا ما قالوا ، من منثور ومنظوم ، ولما جاء الغزو المغولي التتري حصل مثل ذلك ، وكذلك لما جاء الغزو الصليبي ، ولما جاء الغزو الاستعماري وهيمن على معظم الرقعة الإسلامية ، واستسلم له المسلمون لفترة تكرر مثل هذا السؤال أيضاً ، والآن أصبح السؤال يطرح بشكل أكثر إلحاحاً ، وكتب فيه من كتب من العلماء ، ومن أشهر ما كتب ( لماذا تأخر المسلمون وتقدم غيرهم ؟) للأمير شكيب أرسلان ، ومن أنقرة إلى القاهرة إلى دمشق إلى جاكرتا إلى الرياض إلى مناطق كثيرة من العالم ؛ فإن هذا السؤال يطرح بقوة : ما السبب وراء تخلف المسلمين ، وتقدم غيرهم ؟!!
الكثير يطرحون سؤالاً وهو : من فعل هذا بنا ؟! ، من العدو الذي أحدث فينا هذا الضعف ومن تسبب لنا بهذا التخلف والتأخر ؟ ومن جرنا إلى هذا المصير ؟!
بيد أن القرآن الكريم يرشدنا إلى ضرورة تغيير السؤال ، وأن أول مرحلة في الإصلاح هي أن نعيد صياغة السؤال بشكل آخر ، بدلاً من سؤال من فعل هذا ؟ علينا أن نتساءل : كيف حدث هذا لنا ؟ لنؤكد أن المشكلة تبدأ من عندنا ، وليست شيئاً خارجياً مفروضاً علينا .
وهذا المعنى متضمن في عشرات الآيات القرآنية ، من أبرزها وأوضحها قول الله I : " وَلا تَكْسِبُ كُلُّ نَفْسٍ إِلَّا عَلَيْهَا وَلا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى "[الأنعام:164] ، وقولهI: " مَا أَصَابَكَ مِنْ حَسَنَةٍ فَمِنَ اللَّهِ وَمَا أَصَابَكَ مِنْ سَيِّئَةٍ فَمِنْ نَفْسِكَ "[النساء:79] وقولهI : "وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً فَإِنَّمَا يَكْسِبُهُ عَلَى نَفْسِهِ "[النساء:111] وقولهI :" قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"[آل عمران:165] وقولهI :" وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"[الأعراف:160] وقولهI : " وَمَا ظَلَمْنَاهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ"[النحل:118] وقولهI:"ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ لَمْ يَكُ مُغَيِّراً نِعْمَةً أَنْعَمَهَا عَلَى قَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ"[الأنفال:53] وقولهI :" إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ "[الرعد: 11] .
هذه الآيات وما شابهها تقوم مقام القاعدة القرآنية الشرعية القطعية ، التي تؤكد أن مبدأ التغيير هو من النفس ، ويفترض أن نخلص من هذه النصوص القرآنية التي هي غاية الوضوح والسهولة إلى أن التغيير الحقيقي في المسلمين يجب أن يبدأ من عند أنفسهم ، فتغيير وبناء الشخصية الإسلامية هو المنطلق ، والحجر الأساس في عملية الإصلاح المنشودة ، وهناك جانبان أساسيان في موضوع تغيير النفس يشملان كل ما وراءهما :
الأول:جانب التصورات والعلوم ، والتي يتفرع عنها تصحيح مناهج النظر والتفكير والتحليل.
الثاني: جانب الإرادة والقصد ، جانب العمل والأداء والممارسة .
الإنسان ما هو إلا علم وعمل ، والشريعة بل الرسالات السماوية كلها جاءت لإصلاح هذين الأمرين ، إصلاح نظر الناس وعلمهم وتصوراتهم عن الأشياء بحيث تبدو صحيحة ، وإصلاح أعمالهم بحيث تكون متوافقة مع العلم الصحيح ، هذا هو مدار الأمر.
قبل أن نسترسل في هذا الجانب , دعونا نقف قليلاً مع بعض الإحصائيات التشخيصية المتعلقة بواقع الأمة الإسلامية .
رجل من كبار المستشرقين ؛ بل هو عميد المستشرقين ( برناند لويس ) كتب مجموعة من المؤلفات قديمة وجديدة عن الإسلام والمسلمين ، لكن من آخر ما كتب ( تأثير الغرب ورد فعل الشرق الأوسط ) ، وهنا تقرأ هذه المجموعة من الإحصائيات :
- المسلمون ربع سكان العالم ، ولكن حصتهم من الثروة العالمية تقل عن ( 6% ) .
- ثلثا فقراء العالم الذين يعيشون بأقل من دولارين يومياً هم من المسلمين ، وهذه النسبة ( نسبة الدخل للفرد المسلم ) تنخفض بمعدل ( 2% ) سنوياً ، وهو أكبر انخفاض يقع للفرد فيما يسمى بدول العالم النامي .
- لا يوجد بلد إسلامي واحد بين البلدان الثلاثين التي صنفت على أنها أغنى ثلاثين دولة في العالم .
- من بين منتجات الدول المميزة في كل مجالات الإنتاج هناك خمسة آلاف منتج تعتبر مميزة لا يوجد واحد منها من بلد إسلامي .
- إذا ما استثنينا النفط ، والكافيار ( بيض السمك ) ، والسجاد الإيراني ؛ فإن الدول السبع والخمسين الأعضاء في منظمة المؤتمر الإسلامي لا تقدم شيئاً وراء هذا للسوق العالمية .
- مديونية الدول الإسلامية تقدر بمئات المليارات من الدولارات ، ونسبة الاكتفاء الذاتي عند المسلمين تنخفض بشكل مستمر( السلعة التي يكتفون فيها ذاتياً ) .
- الفرد المسلم يعيش متوسط حياة أقل بعشرين سنة من متوسط نظيره في بلاد الغرب ؛ لاعتبارات الخدمة الصحية والغذائية والتوعوية ، ولا تستبعد أثر القهر والشعور بالمهانة!
- أربعون بالمائة من الشباب المسلم المتعلم لا يحصلون على مهنة لائقة لهم في بلدانهم ؛ فإما أن يبقوا عاطلين في بلادهم عن العمل ، وإما أن يضطروا إلى الهجرة كما يهاجر شباب المغرب وتونس والجزائر وغيرها إلى فرنسا ، أو يهاجر شباب مصر والشام إلى أمريكا أو أوربا .
- بينما تتراوح نسبة البطالة في الغرب ما بين (5- 12 % ) خلال العقدين الماضيين ؛ فإن نسبة البطالة في العالم الإسلامي تزيد على ( 20% ) وهي آخذة بالازدياد .
نتيجة البطالة أن يفتقر الناس والشباب والمتخرجون إلى الوظائف والعمل ، ويترتب على هذا عدم إمكانية توفير السكن ، وهذا يعني أن كثيراً من الشباب المسلمين لا يستطيعون الزواج وتكوين العائلات ، وهذا يترتب عليه كثرة العنوسة في العالم الإسلامي ، ولذلك في إيران: يحتمل أن ينتهي المطاف بـ ( 40% ) من الفتيات اللاتي هن دون سن العشرين إلى العنوسة ، ونشرت الصحف هنا في السعودية قبل شهور تقريراً مخيفاً عن العنوسة هو قريب من هذا الرقم .
- نقص المياه هو مشكلة يومية في العالم الإسلامي كله .
- وفقاً لدراسة أعدتها منظمة الصحة العالمية ، يعتبر بلد إسلامي واحد فقط هو عُمان من بين الدول الأربعين التي توفر لمواطنيها الرعاية الصحية وفق المعايير الحديثة.
- من الناحية السياسية لا يتمتع العالم الإسلامي إلا بنفوذ ضئيل جداً في التأثير على السياسات العالمية ، وتوصد الأبواب في وجه الدول الإسلامية للدخول إلى منتدى صناع القرار في العالم ، حيث تتحكم حفنة قليلة من الدول الغربية في هذا الأمر .
- من بين أبرز ثلاثين نزاعاً محتدماً في العالم ، هناك ثمان وعشرون نزاعاً في العالم الإسلامي تعني المسلمين أو العالم الإسلامي حكومات أو شعوباً .
- في العقود الثلاثة الماضية لقي ما لا يقل عن مليونين ونصف مليون شخص من المسلمين حتوفهم في حروب جرت داخل العالم الإسلامي .
- يقبع ثلثا السجناء السياسيين في العالم في سجون العالم الإسلامي .
- (80% ) من أحكام الإعدام في العالم تمت في دول إسلامية . [url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-1472.htm#1][sup](1)[/sup][/url]
- يشكل المسلمون في العالم حوالي (80% ) من اللاجئين في العالم .
- كل الدول التي عانت من انهيار ، وأصبحت دولاً عاجزة تنتمي للعالم الإسلامي ، مثل ما حدث من انهيار دولة الصومال .
- العالم الإسلامي هو أقل مناطق العالم استثماراً في ميدان البحث العلمي ، والتقنية ، وخدمة المعلومات .
هذه معلومات حديثة ، ومعلومات إحصائية تدل على قدر من التخلف في العالم الإسلامي في مجال الصحة ، في مجال التعليم ، في مجال الاقتصاد ، في مجال حقوق الإنسان ، ربما هذه الأسئلة تجد من يخدمها ؛ لأنها قضايا مطروحة عالمياً ، وبالتالي هناك مقارنة بين العالم الإسلامي وبين غيره من دول العالم ولسنا بصدد التعليق أو الاستدراك ؛ لأن العملية وصفية محضة .
لكن ثمت نمط آخر من الأسئلة يكمل الصورة .
عملت استبياناً للرأي شارك فيه بضع مئات من الشباب في عملية توقعية محضة ليست بالضرورة متطابقة مع الصورة الحقيقية ، ولكنها تقريبية ، وطارحتهم مجموعة من الأسئلة السلوكية والتعبدية التي تمثل لوناً آخر من التخلف ، ولا يمكن فصل هذا الجانب عن ذاك ، إذ إن هذا الفصل ذاته يعني نوعاً من الازدواجية في النظرة ، والتمزق في الشخصية .
وقد جاءت الأسئلة كما يلي :
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يصلون الصلاة جماعة في المجتمعات المسلمة ؟[/color]
[u]ج[/u]:أكثر من نصف الأصوات تقول : (20% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يصلون من المسلمين في بيوتهم ؟ [/color]
[u]ج[/u]:( 20% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يصلون أحياناً ويتركون الصلاة أحياناً أخرى ؟[/color]
[u]ج[/u]:( 30% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يختتنون من المسلمين ؟[/color]
[u]ج[/u]:نحو ( 80% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يعقدون عقود الزواج الشرعية ؟[/color]
[u]ج[/u]:تقدر نسبتهم بنحو ( 75% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة الذين يدفنون موتاهم بحسب الطريقة الشرعية ؟[/color]
[u]ج[/u]:أكثر من ( 90 % ) .
[color=red][u]س[/u]:كم نسبة من يدفعون الزكاة ؟ [/color]
[u]ج[/u]:من الصعب جداً إحصاء من يدفعون الزكاة ؛ لأن الزكاة ليست هي مالاً يدفع لمصلحة جباية الزكاة فحسب ، وحتى في العصر الإسلامي الأول لم تكن الدولة هي التي تأخذ أموال الزكاة كلها ، فقط بعض الزكوات تجبى عن طريق السلطان أو الخليفة ، وهناك أموال زكوية يدفعها صاحبها ، وهو مؤتمن عليها ، واليوم معظم الزكوات يدفعها أصحابها بأنفسهم للمستحقين ، وفي كثير من البلاد الإسلامية لا يوجد جباية للزكاة أصلاً ، لكن توقع (70%)من الذين تعرضوا للسؤال أن نسبة الذين يخرجون زكاتهم من المسلمين هي (55% ) .
[color=red][u]س[/u]:كم عدد الذين يصومون شهر رمضان من المسلمين ؟[/color]
[u]ج[/u]:(70% ) ؛ لأن كثيراً من الناس لديهم إقبال على الشعائر التعبدية المحضة ، لكنهم أكثر تفريطاً فيما يتعلق بالجوانب المالية ؛ لوجود نوع من الشح ، أو حب الدنيا ، أو الأثرة في النفوس ، هناك أشياء أخرى يصعب الحديث عنها بشكل دقيق مثل جوانب الالتزام الأخلاقي مع النفس ، أو مع الزوج ، أو مع الوالدين أو مع الآخرين أو مع أفراد المجتمع أو مع الأعداء . [size=12](1)تحتج منظمة العفو الدولية على حكم الإعدام ،وعقوبة القتل في الشريعة الإسلامية ثابتة من باب القصاص ( النفس بالنفس )وفي حالات عديدة معروفة في كتب الفقه .[/size]