فارس بن حزام
القول إن التيارات الإسلامية في السعودية أو خارجها على قلب واحد في الأزمات، لا ينبغي التعامل معه إلا على أنه كذبة كبرى. فالواقع أن لكل معركة تيارها، الذي يضبط وتيرة تفاعله على مستوى انتمائه الفكري مع أحد أطرافها.
فحال تيار "الإخوان المسلمين" في السعودية وخارجها خلال العدوان على غزة كان مختلفاً عن أي أحداث سابقة. نشاط منقطع النظير، وحضور إلكتروني طاغ، والتهام واضح للتيار التقليدي.
حتى سياسياً، يمكن ملاحظة المشاركة العراقية في اجتماع الدوحة التشاوري حول غزة، من خلال تمثله بنائب الرئيس السيد طارق الهاشمي، وهو أحد قيادات الحزب الإسلامي، التيار "الإخواني" في البلاد.
داخلياً، عشنا مرحلة طويلة بلا ضجيج "إخواني" لولا الحراك، الذي صاحب الانتخابات البلدية قبل أربعة أعوام.. وفجأة عاد التيار لينظم صفوفه إلكترونياً، فقام بأكبر حملة كان لها الأثر الواضح في المشهد الإسلامي.
ولا يعني ذلك أن التيارات الإسلامية كانت أقل جودة أو أوهن حضوراً بل كانت كما هي في كل الأزمات السابقة، حاضرة وقوية ومؤثرة على الرأي العام، لكن الحال "الإخواني" كان الملفت عن أزمات مشابهة، ولذا يأتي الحديث هنا.
ولعل ما يكفي للإشارة إلى حالة ال"حماس"، التي طغت على "الإخوان"، هو صدور فتوى بإباحة دم الإسرائيليين حول العالم، وما شكلته من خروج عن الخط العام للجماعة، ومسايرة صريحة للخط التقليدي الجهادي، الممثل حالياً بتنظيم "القاعدة"، وإن كان من المسلّمات القول إن نجوم الجهاد في العصر الحديث من مخرجات "الإخوان".
ما يمكن ملاحظته خلال مرحلة العدوان أن هناك بيانين قد صدرا في السعودية بيان أصدره تيار "الإخوان"، وآخر أصدره التيار التقليدي، رغم أن الحدث واحد والموقف واحد والعدو واحد، إلا أن الانقسام قد تجلى.
ويضاف إلى حالة الانقسام، رغم أن الحدث واحد والموقف واحد والعدو واحد، تباين اللغة في الخطابين من جانب الوضوح الجليّ والشراسة الشديدة في خطاب "الإخوان" عن نظيره التقليدي. وفي ذلك مخالفة لما كان سائداً في الأزمات، إذ اعتاد المتلقي على سخونة الخطاب التقليدي مقابل المرونة "الإخوانية"، إضافة إلى ما يمكن اعتباره ارتفاعاً في مستوى الصوت، بعدما ما كان التقليديون أصحاب الصوت الأعلى.
قد يكون مبرر ذلك كله أساسية القضية الفلسطينية في سلم أولويات "الإخوان" السياسية. إذ عرف عنهم عدم الانشغال كثيراً بالمعارك الجانبية في العالم الإسلامي كما يفعل نظراؤهم التقليديون، إذا استثنينا إشعالهم للجهاد المعاصر عبر البوابة الأفغانية وبقيادة الزعيم الإخواني الشيخ عبدالله عزام.
ومن اللطيف في الحالة "الإخوانية" المحلية أنها كيان غير مرئي، ولا أعلم سر الخجل الطاغي على أفرادها من التصريح بميولهم، وهم في ذلك أقرب إلى مسؤول حكومي يخجل من الكشف عن ميوله الهلالية في كرة القدم، فليس في الانتماء الفكري لمدرسة "الإخوان" أي عيب، ولا في تشجيع الهلال أي عيب أيضاً، فكلاهما شرف وتشريف.
*نقلاً عن صحيفة "الرياض" السعودية
القول إن التيارات الإسلامية في السعودية أو خارجها على قلب واحد في الأزمات، لا ينبغي التعامل معه إلا على أنه كذبة كبرى. فالواقع أن لكل معركة تيارها، الذي يضبط وتيرة تفاعله على مستوى انتمائه الفكري مع أحد أطرافها.
فحال تيار "الإخوان المسلمين" في السعودية وخارجها خلال العدوان على غزة كان مختلفاً عن أي أحداث سابقة. نشاط منقطع النظير، وحضور إلكتروني طاغ، والتهام واضح للتيار التقليدي.
حتى سياسياً، يمكن ملاحظة المشاركة العراقية في اجتماع الدوحة التشاوري حول غزة، من خلال تمثله بنائب الرئيس السيد طارق الهاشمي، وهو أحد قيادات الحزب الإسلامي، التيار "الإخواني" في البلاد.
داخلياً، عشنا مرحلة طويلة بلا ضجيج "إخواني" لولا الحراك، الذي صاحب الانتخابات البلدية قبل أربعة أعوام.. وفجأة عاد التيار لينظم صفوفه إلكترونياً، فقام بأكبر حملة كان لها الأثر الواضح في المشهد الإسلامي.
ولا يعني ذلك أن التيارات الإسلامية كانت أقل جودة أو أوهن حضوراً بل كانت كما هي في كل الأزمات السابقة، حاضرة وقوية ومؤثرة على الرأي العام، لكن الحال "الإخواني" كان الملفت عن أزمات مشابهة، ولذا يأتي الحديث هنا.
ولعل ما يكفي للإشارة إلى حالة ال"حماس"، التي طغت على "الإخوان"، هو صدور فتوى بإباحة دم الإسرائيليين حول العالم، وما شكلته من خروج عن الخط العام للجماعة، ومسايرة صريحة للخط التقليدي الجهادي، الممثل حالياً بتنظيم "القاعدة"، وإن كان من المسلّمات القول إن نجوم الجهاد في العصر الحديث من مخرجات "الإخوان".
ما يمكن ملاحظته خلال مرحلة العدوان أن هناك بيانين قد صدرا في السعودية بيان أصدره تيار "الإخوان"، وآخر أصدره التيار التقليدي، رغم أن الحدث واحد والموقف واحد والعدو واحد، إلا أن الانقسام قد تجلى.
ويضاف إلى حالة الانقسام، رغم أن الحدث واحد والموقف واحد والعدو واحد، تباين اللغة في الخطابين من جانب الوضوح الجليّ والشراسة الشديدة في خطاب "الإخوان" عن نظيره التقليدي. وفي ذلك مخالفة لما كان سائداً في الأزمات، إذ اعتاد المتلقي على سخونة الخطاب التقليدي مقابل المرونة "الإخوانية"، إضافة إلى ما يمكن اعتباره ارتفاعاً في مستوى الصوت، بعدما ما كان التقليديون أصحاب الصوت الأعلى.
قد يكون مبرر ذلك كله أساسية القضية الفلسطينية في سلم أولويات "الإخوان" السياسية. إذ عرف عنهم عدم الانشغال كثيراً بالمعارك الجانبية في العالم الإسلامي كما يفعل نظراؤهم التقليديون، إذا استثنينا إشعالهم للجهاد المعاصر عبر البوابة الأفغانية وبقيادة الزعيم الإخواني الشيخ عبدالله عزام.
ومن اللطيف في الحالة "الإخوانية" المحلية أنها كيان غير مرئي، ولا أعلم سر الخجل الطاغي على أفرادها من التصريح بميولهم، وهم في ذلك أقرب إلى مسؤول حكومي يخجل من الكشف عن ميوله الهلالية في كرة القدم، فليس في الانتماء الفكري لمدرسة "الإخوان" أي عيب، ولا في تشجيع الهلال أي عيب أيضاً، فكلاهما شرف وتشريف.
*نقلاً عن صحيفة "الرياض" السعودية