كتب لي أخوان كريمان رسالتين حقيقتين بالنشر والاطلاع حول موضوع سابق
بعنوان : ( هل السيئات يذهبن الحسنات )
وقد أحببت أن يشاركني الأخوة في الانتفاع بهما .<p align="left"><font color="green">( سلمان )</font></p><p align=center><font color="red">***********</font></p><p align="justify">بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ / سلمان بن فهد العودة حفظكم الله ووفقكم لكل خير …
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد …
فقد وقفت على فتوى لكم نشرت في موقعكم المبارك ـ الإسلام اليوم ـ تحت عنوان (( السيئات هل يذهبن الحسنات )) وقد تضمنت تضعيف حديث القوم الذين يجعل الله أعمالهم هباءً منثوراً ، وتقريركم حفظكم الله أن من قواعد الشريعة :أن فعل السيئات لا يبطل الحسنات ، بل الحسنات تذهب السيئات .
وهذا الكلام الأخير لي عليه بعض المراجعات :
1)أن النصوص الشرعية قد دلت على أن الكبائر لها تأثير في إبطال ثواب الأعمال ، وهو ما يسميه العلماء : محبطات الأعمال ، مع الجزم بأن الكبيرة لا تحبط الإيمان كله ،أصوله وفروعه .
وقد اختلف أهل السنة في طرد الإبطال في الكبائر على قولين :
الأول : أن الإحباط مختص بما ورد في النصوص ،فيوقف الإحباط على ما ورد ، ولا يلحق غيره به ، وهذا قول ابن عقيل .
الثاني : أن إحباط الثواب مطرد في كل كبيرة ، فكل كبيرة تحبط ما يقابلها من ثواب الأعمال ، وهذا قول أكثر أهل السنة .
[ انظر : مجموع الفتاوى (12/483) ، الآداب الشرعية لابن مفلح (1/124)]
يقول الحافظ ابن رجب : (( والآثار عن السلف في حبوط بعض الأعمال بعض الأعمال بالكبيرة كثيرة جداً ، يطول استقصاؤها ، حتى قال حذيفة : قذف المحصنة يهدم عمل مائة يوم ، وخرجه البزار مرفوعا ، وعن عطاء قال : إن الرجل ليتكلم في غضبه بكلمة يهدم بها عمل ستين سنة أو سبعين سنة .
وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ، عنه : ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله .
وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة ، فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك .
نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان كله ، وخلدوا بها في النار ، وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك )) . [ شرح صحيح البخاري (1/200) ]
2)أن الأشاعرة هم الذين أنكروا بطلان الثواب بالكبائر ، لأن الإحباط عندهم مختص بالردة المتصلة بالموت ، ولأن في القول بالإحباط موافقة لرأي الوعيدية من الخوارج والمعتزلة .
[ انظر : شرح المقاصد للتفتازاني (5/142،143) ، شرح المواقف للجرجاني (3/236،239) ]
3)قد وردت نصوص شرعية عديدة متضمنة الوعيد بحبوط الثواب معلقاً بكثير من الكبائر التي لا تخرج فاعلها من الملة . وهي على أنواع :
أ)نصوص تدل على إبطال مطلق ، لأجر معين ، وله أمثلة منها :
ـ) قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين )[ سورة البقرة آية 264] . فهذه الآية فيها دلالة واضحة على إبطال ثواب الصدقات بمعصية المنّ على الله ، أو إلحاق أذى بمن تصدق عليه .
[ انظر : تفسير الطبري (5/521) ، تفسير البغوي (1/250،251) ، تفسير ابن كثير (1/618) ، زاد المسير لابن الجوزي (1/262) ]
ـ) روى الدارقطني في سننه / كتاب البيوع (3/52) / بسنده عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لأم ولد زيد بن أرقم لما باع بالعينة : (( أخبري زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب )) والحديث رواه أيضاً البيهقي في السنن الكبرى /كتاب البيوع ـ باب الرجل يبيع الشيء إلى أجل ثم يشتريه بأقل (5/330) / وقد ذكر ابن القيم أنه حديث ثابت ، ورد على من ضعفه .
[انظر : تهذيب السنن (9/336،337) ]
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (( تأمل قول أم المؤمنين في مستحل العينة : إنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف قويت هذه الشعبة التي آذن الله فاعلها بحربه وحرب رسوله على إبطال محاربة الكفار ، فأبطل الحراب المكروه الحراب المحبوب كما يبطل محاربة أعدائه التي يحبها محاربته التي يبغضها والله أعلم . )) [ كتاب الصلاة (66،67) ]
ب)نصوص تدل على إبطال مقيد بزمن معين ، ومن أمثلتها :
ـ ) ما رواه مسلم في صحيحه / كتاب السلام ـ باب تحريم الكهانة ـ بسنده عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً : ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) . يقول النووي رحمه الله :
(( أما عدم قبول صلاته فمعناه أنه لا ثواب له وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه ، ولا يحتاج معها إلى إعادة .. )) [ شرح صحيح مسلم (14/478) ]
ـ ) وكذلك ما رواه النسائي في سننه / كتاب الأشربة ـ باب منزلة الخمر ـ بسنده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً : ( لا يشرب الخمر رجل من أمتي ، فيقبل الله له صلاة أربعين يوما ) والحديث صححه الشيخ الألباني [ صحيح الجامع الصغير (2/1276) ].
يقول الإمام المروزي ـ رحمه الله ـ : (( أجمعوا أن عليه أن يصلي ، وأنه إذا صلى فصلاته جائزة ، وليس له أن يعيد صلاة أربعين يوما ، وتؤول قوله { لا تقبل له صلاة } أي لا يثاب على صلاته أربعين يوماً عقوبة لشربه الخمر )) [ تعظيم قدر الصلاة (2/587،588) ]
ج) نصوص تدل على إبطال مطلق لثواب الأعمال. وله أمثلة منها :
ـ ) قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم )في الآية الردة كما هو اختيار ابن جرير وابن كثير ، أو بالشك والنفاق كما قال عطاء ، أو بالرياء والسمعة كما قال ال***ي وابن جريج ، أو بالمنّ بالإيمان كما قال مقاتل ، أو بالكبائر كما قال الحسن والزهري . [ انظر : تفسير الطبري (22/35) ، تفسير البغوي (4/86) ، تفسير القرطبي ( 16/254،255) ، زاد المسير (7/412،413) تفسير ابن كثير (4/181) . ]
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (( تفسير الإبطال هنا بالردة ، لأنها أعظم المبطلات، لا لأن المبطل ينحصر فيها )) [ مدارج السالكين (1/278) ]
ـ ) قوله تعالى : )يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ( [ سورة الشعراء آية 1 ] .ومعلوم أن الآية الكريمة نزلت في الخيّرين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ؛ كما رواه البخاري عن أبي مليكة ، فالآية بمنطوقها وسبب نزولها يدلان على أن من الكبائر رفع الصوت عند النبي صلى الله عليه وسلم والجهر له بالقول
لأن الله أوعد على ذلك بحبوط العمل ، وكل ما ثبت فيه وعيد خاص في الدنيا أو في الآخرة فهو من الكبائر . [ انظر : مجموع الفتاوى (11/650ـ661) ]
يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ : (( قوله : )أن تحبط أعمالكم ( يقول : ألا تحبط أعمالكم فتذهب باطلة ، لا ثواب لكم عليها ولا جزاء ، برفعكم أصواتكم فوق صوت نبيكم ، وجهركم له بالقول كجهر بعضكم لبعض )) [ تفسير الطبري (22/275) ]
ـ ) ومثله أيضاً ما رواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة ، باب إثم من ترك العصر ، بسنده عن أبي المليح قال : (( كنا مع برية في غزوة ، في يوم ذي غيم ، فقال بكروا بصلاة العصر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ) .
4) أن معرفة ما يحبط العمل ، ودراسة مبطلات الثواب تربي المسلم على مبدأ الخوف من الله ، والمراقبة للأعمال ، مما يوجب حذراً تاماً من هذه المبطلات علماً وعملاً ، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (( معرفة ما يبطل الأعمال من أهم ما ينبغي أن يفتش عليه العبد ، ويحرص على عمله ويحذره ، فليس الشأن في العمل ، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه )) . [ الوابل الصيب 13،14 بتصرف ] .
ويكفي دليلاً على خطورة مبطلات الأعمال أن أئمة السلف دأبوا على عقد أبواب مستقلة للتحذير منها .
فالإمام البخاري عقد باباً مستقلاً بعنوان : باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر .
ولكن كثيراً من الكتاب والباحثين أفرطوا في تأويل نصوص الوعيد بإبطال ثواب الأعمال ، حتى أوهنوا تأثيرها في كثير من المسلمين ، فلم تعد تنشئ عندهم من الأحوال ما كانت تنشئ عند سلف الأمة ، لأنها
في نظرهم محمولة على المستحل ، أو حبوط كمال الثواب ، أو ما أشبه ذلك من التأويلات الفاسدة ، ولهذا كره السلف تأويل نصوص الوعيد وقالوا أمروها كما جاءت .
[ انظر : شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي(1/162،163)، مجموع الفتاوى (7/674) ]
هذا والله تعالى أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . <p align="center">|1|<a href="http://www.islamtoday.net/pen/show_articles_content.cfm?catid=69&artid=905">2</a
بعنوان : ( هل السيئات يذهبن الحسنات )
وقد أحببت أن يشاركني الأخوة في الانتفاع بهما .<p align="left"><font color="green">( سلمان )</font></p><p align=center><font color="red">***********</font></p><p align="justify">بسم الله الرحمن الرحيم
فضيلة الشيخ / سلمان بن فهد العودة حفظكم الله ووفقكم لكل خير …
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد …
فقد وقفت على فتوى لكم نشرت في موقعكم المبارك ـ الإسلام اليوم ـ تحت عنوان (( السيئات هل يذهبن الحسنات )) وقد تضمنت تضعيف حديث القوم الذين يجعل الله أعمالهم هباءً منثوراً ، وتقريركم حفظكم الله أن من قواعد الشريعة :أن فعل السيئات لا يبطل الحسنات ، بل الحسنات تذهب السيئات .
وهذا الكلام الأخير لي عليه بعض المراجعات :
1)أن النصوص الشرعية قد دلت على أن الكبائر لها تأثير في إبطال ثواب الأعمال ، وهو ما يسميه العلماء : محبطات الأعمال ، مع الجزم بأن الكبيرة لا تحبط الإيمان كله ،أصوله وفروعه .
وقد اختلف أهل السنة في طرد الإبطال في الكبائر على قولين :
الأول : أن الإحباط مختص بما ورد في النصوص ،فيوقف الإحباط على ما ورد ، ولا يلحق غيره به ، وهذا قول ابن عقيل .
الثاني : أن إحباط الثواب مطرد في كل كبيرة ، فكل كبيرة تحبط ما يقابلها من ثواب الأعمال ، وهذا قول أكثر أهل السنة .
[ انظر : مجموع الفتاوى (12/483) ، الآداب الشرعية لابن مفلح (1/124)]
يقول الحافظ ابن رجب : (( والآثار عن السلف في حبوط بعض الأعمال بعض الأعمال بالكبيرة كثيرة جداً ، يطول استقصاؤها ، حتى قال حذيفة : قذف المحصنة يهدم عمل مائة يوم ، وخرجه البزار مرفوعا ، وعن عطاء قال : إن الرجل ليتكلم في غضبه بكلمة يهدم بها عمل ستين سنة أو سبعين سنة .
وقال الإمام أحمد في رواية الفضل بن زياد ، عنه : ما يؤمن أحدكم أن ينظر النظرة فيحبط عمله .
وأما من زعم أن القول بإحباط الحسنات بالسيئات قول الخوارج والمعتزلة خاصة ، فقد أبطل فيما قال ولم يقف على أقوال السلف الصالح في ذلك .
نعم المعتزلة والخوارج أبطلوا بالكبيرة الإيمان كله ، وخلدوا بها في النار ، وهذا هو القول الباطل الذي تفردوا به في ذلك )) . [ شرح صحيح البخاري (1/200) ]
2)أن الأشاعرة هم الذين أنكروا بطلان الثواب بالكبائر ، لأن الإحباط عندهم مختص بالردة المتصلة بالموت ، ولأن في القول بالإحباط موافقة لرأي الوعيدية من الخوارج والمعتزلة .
[ انظر : شرح المقاصد للتفتازاني (5/142،143) ، شرح المواقف للجرجاني (3/236،239) ]
3)قد وردت نصوص شرعية عديدة متضمنة الوعيد بحبوط الثواب معلقاً بكثير من الكبائر التي لا تخرج فاعلها من الملة . وهي على أنواع :
أ)نصوص تدل على إبطال مطلق ، لأجر معين ، وله أمثلة منها :
ـ) قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا لا تبطلوا صدقاتكم بالمنّ والأذى كالذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر فمثله كمثل صفوان عليه تراب فأصابه وابل فتركه صلداً لا يقدرون على شيء مما كسبوا والله لا يهدي القوم الكافرين )[ سورة البقرة آية 264] . فهذه الآية فيها دلالة واضحة على إبطال ثواب الصدقات بمعصية المنّ على الله ، أو إلحاق أذى بمن تصدق عليه .
[ انظر : تفسير الطبري (5/521) ، تفسير البغوي (1/250،251) ، تفسير ابن كثير (1/618) ، زاد المسير لابن الجوزي (1/262) ]
ـ) روى الدارقطني في سننه / كتاب البيوع (3/52) / بسنده عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت لأم ولد زيد بن أرقم لما باع بالعينة : (( أخبري زيداً أنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أن يتوب )) والحديث رواه أيضاً البيهقي في السنن الكبرى /كتاب البيوع ـ باب الرجل يبيع الشيء إلى أجل ثم يشتريه بأقل (5/330) / وقد ذكر ابن القيم أنه حديث ثابت ، ورد على من ضعفه .
[انظر : تهذيب السنن (9/336،337) ]
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (( تأمل قول أم المؤمنين في مستحل العينة : إنه قد أبطل جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كيف قويت هذه الشعبة التي آذن الله فاعلها بحربه وحرب رسوله على إبطال محاربة الكفار ، فأبطل الحراب المكروه الحراب المحبوب كما يبطل محاربة أعدائه التي يحبها محاربته التي يبغضها والله أعلم . )) [ كتاب الصلاة (66،67) ]
ب)نصوص تدل على إبطال مقيد بزمن معين ، ومن أمثلتها :
ـ ) ما رواه مسلم في صحيحه / كتاب السلام ـ باب تحريم الكهانة ـ بسنده عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم مرفوعاً : ( من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة ) . يقول النووي رحمه الله :
(( أما عدم قبول صلاته فمعناه أنه لا ثواب له وإن كانت مجزئة في سقوط الفرض عنه ، ولا يحتاج معها إلى إعادة .. )) [ شرح صحيح مسلم (14/478) ]
ـ ) وكذلك ما رواه النسائي في سننه / كتاب الأشربة ـ باب منزلة الخمر ـ بسنده عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما مرفوعاً : ( لا يشرب الخمر رجل من أمتي ، فيقبل الله له صلاة أربعين يوما ) والحديث صححه الشيخ الألباني [ صحيح الجامع الصغير (2/1276) ].
يقول الإمام المروزي ـ رحمه الله ـ : (( أجمعوا أن عليه أن يصلي ، وأنه إذا صلى فصلاته جائزة ، وليس له أن يعيد صلاة أربعين يوما ، وتؤول قوله { لا تقبل له صلاة } أي لا يثاب على صلاته أربعين يوماً عقوبة لشربه الخمر )) [ تعظيم قدر الصلاة (2/587،588) ]
ج) نصوص تدل على إبطال مطلق لثواب الأعمال. وله أمثلة منها :
ـ ) قوله تعالى : (يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ولا تبطلوا أعمالكم )في الآية الردة كما هو اختيار ابن جرير وابن كثير ، أو بالشك والنفاق كما قال عطاء ، أو بالرياء والسمعة كما قال ال***ي وابن جريج ، أو بالمنّ بالإيمان كما قال مقاتل ، أو بالكبائر كما قال الحسن والزهري . [ انظر : تفسير الطبري (22/35) ، تفسير البغوي (4/86) ، تفسير القرطبي ( 16/254،255) ، زاد المسير (7/412،413) تفسير ابن كثير (4/181) . ]
يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (( تفسير الإبطال هنا بالردة ، لأنها أعظم المبطلات، لا لأن المبطل ينحصر فيها )) [ مدارج السالكين (1/278) ]
ـ ) قوله تعالى : )يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون ( [ سورة الشعراء آية 1 ] .ومعلوم أن الآية الكريمة نزلت في الخيّرين أبي بكر وعمر رضي الله عنهما ؛ كما رواه البخاري عن أبي مليكة ، فالآية بمنطوقها وسبب نزولها يدلان على أن من الكبائر رفع الصوت عند النبي صلى الله عليه وسلم والجهر له بالقول
لأن الله أوعد على ذلك بحبوط العمل ، وكل ما ثبت فيه وعيد خاص في الدنيا أو في الآخرة فهو من الكبائر . [ انظر : مجموع الفتاوى (11/650ـ661) ]
يقول ابن جرير ـ رحمه الله ـ : (( قوله : )أن تحبط أعمالكم ( يقول : ألا تحبط أعمالكم فتذهب باطلة ، لا ثواب لكم عليها ولا جزاء ، برفعكم أصواتكم فوق صوت نبيكم ، وجهركم له بالقول كجهر بعضكم لبعض )) [ تفسير الطبري (22/275) ]
ـ ) ومثله أيضاً ما رواه البخاري في كتاب مواقيت الصلاة ، باب إثم من ترك العصر ، بسنده عن أبي المليح قال : (( كنا مع برية في غزوة ، في يوم ذي غيم ، فقال بكروا بصلاة العصر ، فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال : ( من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله ) .
4) أن معرفة ما يحبط العمل ، ودراسة مبطلات الثواب تربي المسلم على مبدأ الخوف من الله ، والمراقبة للأعمال ، مما يوجب حذراً تاماً من هذه المبطلات علماً وعملاً ، يقول ابن القيم ـ رحمه الله ـ : (( معرفة ما يبطل الأعمال من أهم ما ينبغي أن يفتش عليه العبد ، ويحرص على عمله ويحذره ، فليس الشأن في العمل ، إنما الشأن في حفظ العمل مما يفسده ويحبطه )) . [ الوابل الصيب 13،14 بتصرف ] .
ويكفي دليلاً على خطورة مبطلات الأعمال أن أئمة السلف دأبوا على عقد أبواب مستقلة للتحذير منها .
فالإمام البخاري عقد باباً مستقلاً بعنوان : باب خوف المؤمن أن يحبط عمله وهو لا يشعر .
ولكن كثيراً من الكتاب والباحثين أفرطوا في تأويل نصوص الوعيد بإبطال ثواب الأعمال ، حتى أوهنوا تأثيرها في كثير من المسلمين ، فلم تعد تنشئ عندهم من الأحوال ما كانت تنشئ عند سلف الأمة ، لأنها
في نظرهم محمولة على المستحل ، أو حبوط كمال الثواب ، أو ما أشبه ذلك من التأويلات الفاسدة ، ولهذا كره السلف تأويل نصوص الوعيد وقالوا أمروها كما جاءت .
[ انظر : شرح أصول اعتقاد أهل السنة للالكائي(1/162،163)، مجموع الفتاوى (7/674) ]
هذا والله تعالى أعلم ، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم . <p align="center">|1|<a href="http://www.islamtoday.net/pen/show_articles_content.cfm?catid=69&artid=905">2</a