جَعَلَ اللهُ في الحج سَعة لا توجد في غيره من العبادات، ومن هذا ما رواه البخاري ومسلم، من حديث عبدالله بن عمرو بن العاص ب، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف في حجة الوداع بمنًى للناس يسألونه، فجاءه رجل، فقال: لم أَشْعُر، فحلقتُ قبل أن أذبح؟ فقال: «اذبح ولا حرج». فجاء آخر فقال: لم أشعر، فنحرتُ قبل أن أرمي؟ قال: «ارم ولا حرج». فما سُئِلَ النبي صلى الله عليه وسلم عن شيء قُدِّم ولا أُخِّر إلا قال: «افعل ولا حرج»(1 ).
وهكذا يحسن أن يكون شعار المفتي فيما لا نص فيه، أو في جنس ما أفتى به النبي صلى الله عليه وسلم: «افعل ولا حرج».
فمن قَدَّم أو أَخَّر في أعمال يوم النحر فلا حرج عليه.
وهذا لا يوجد في غير الحج، فلو قدم السجود على الركوع، أو القعود على القيام في الصلاة لما صحت صلاته إجماعًا.
ومحظورات الحج فيها توسعة:
فحلق الرأس محظور بالكتاب والسنة والإجماع، وإذا احتاج إليه حَلَقَ وفدى؛ كما في قصة كعب بن عُجْرَة في «الصحيحين»؛ أنه قال: أتى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: «أيؤذيك هوامُّ رأسك؟». قلت: نعم. قال: «فاحلق، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكةً»( 2).
وكذلك التوسعة في لبس الإزار ولو كان مخيطًا؛ لكن ليس على هيئة السراويل، كملابس الإحرام التي انتشرت أخيرًا، والتي يخاط فيها طرفا الإزار ويجعل له تكة(3 ) ويرسل، دون أن يُفصل منه كُمٌّ عن آخر، وقد حكى ابن تيمية الإجماع على جوازه.
والأصل في ذلك: ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن رجلًا سأله: ما يلبس المحرم؟ فقال: «لا يلبس القميص، ولا العمامة، ولا السراويل، ولا البرنس، ولا ثوبًا مسه الورس، أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين؛ فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين»(4 ).
والمقصود بالمخيط هو ما عبَّر عنه بعضُ الفقهاءِ بقولهم: «المخِيط: المـُحِيط»، أي: بالبدنِ أو العضوِ. وإن كانت الكلمة لم ترد في القرآن، ولا في السنة بهذا الاصطلاح.
وقد وقع بها لبس عند البعض، فقالوا: كل مخيط لا يلبس، والعلة هي الخياطة.
وهذا غلط، فلو انشق الإزار أو الرداء اللذان يلبسهما فخاطهما، ثم لَبِسَهُما؛ فلا شيء عليه بالاتفاق.
فهناك توسعة وإذن شرعي في لبس المخيط الذي يكون إزارًا في أسفل البدن؛ فما كان يسمى إزارًا، فإنه يجوز لبسه حال الإحرام.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة»: «إنّ فَتْقَ السراويل يجعله بمنزلة الإزار، حتى يجوز لبسه مع وجود الإزار بالإجماع».
وقال أيضًا: «أما إن خِيط أو وُصِل لا لِيُحيط بالعضو ويكون على قدره؛ مثل الإزار والرداء الموصَّل والمرقَّع ونحو ذلك، فلا بأس به، فإن مناط الحكمِ هو اللباسُ المصنوعُ على قدر الأعضاء، وهو اللباسُ المحيطُ بالأعضاء، واللباسُ المعتادُ»( 5).
وفي «المجموع»، و«المغني»، وغيرهما قريب من هذا(6 ).
وكذلك لبس الخفين إذا لم يجد النعلين، وفي مشروعية قطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين نزاع بين أهل العلم:
فعدم مشروعية القطع هو المشهور عن أحمد، وقطعهما مذهب الجمهور.
واحتج أحمد بحديث ابن عباس وجابر ب: «من لم يجد نعلين فليلبس خفين»(7 ). فليس فيهما قطع الخف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بعرفات؛ مع أن كثيرًا من الذين حضروا بعرفات لم يشهدوا كلامه بالمدينة والذي فيه الأمر بالقطع، فدلَّ ذلك على أن هذا ناسخ لما قبله، وهو آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم، مع قول علي ا: «قطع الخفين فساد، يلبسهما كما هما». مع موافقة القياس، فإنه ملبوس أبيح للحاجة، فأشبه السراويل، وقطعه إتلاف للمال( 8).
وثمت أمور يتورع عنها بعض الناس، وقد يذكرها من الفقهاء من يذكرها بدون دليل، فالأصل التوسعة على الناس فيها.
ومثل ذلك: شم الريحان، والتختم، ولبس الهِميان، والتداوي، ودخول الحمام:
قال البخاري/ في صحيحه: «قال ابن عباس ب: «يَشَمُّ المحرمُ الريحانَ، وينظر في المرآة، ويتداوى بما يَأْكُلُ الزيتِ والسمنِ».
وقال عطاء: «يتختم ويلبس الهِمْيَانَ(9 )».
وطاف ابن عمر وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب...»(10 ).
وسئل عثمان : أيدخل المحرم البستان؟ قال: «نعم ويشم الريحان!»(11 ).
ودخل ابن عباس حمام الجحفة وهو محرم، فقال: «إن الله لا يصنع بأوساخكم شيئًا»(12 ).
وقال أيضًا: «المحرم يشم الريحان، ويدخل الحمام»( 13).
والحمام هنا: ليس هو مكان قضاء الحاجة، بل هو المكان الحار الذي يزيل الوسخ عن البدن بواسطة الحرارة، كما يعرف اليوم بـ(الساونا والجاكوزا) وغيرها.
فالنظافة والجمال وطِيْب البدن مطالب فاضلة للحاج وغيره، إلا ما ورد النص بالنهي عنه.
ومثله التبرد بالماء البارد أو المكيف أو المروحة، أو الاستظلال بشجرة أو سيارة أو سقف أو شمسية، فهو حسن، ولا يشرع تَجَنُّبُه.
ولو حمل على رأسه شيئًا لم يضرَّه؛ لأنه لم يقصد التغطية.
ومن الطريف أن رجلًا سأل الشعبي: أيحك المحرم جلده؟ قال: نعم. قال: إلى أين؟ قال: إلى أن يبلغ العظم!
وهكذا يحسن أن يكون شعار المفتي فيما لا نص فيه، أو في جنس ما أفتى به النبي صلى الله عليه وسلم: «افعل ولا حرج».
فمن قَدَّم أو أَخَّر في أعمال يوم النحر فلا حرج عليه.
وهذا لا يوجد في غير الحج، فلو قدم السجود على الركوع، أو القعود على القيام في الصلاة لما صحت صلاته إجماعًا.
ومحظورات الحج فيها توسعة:
فحلق الرأس محظور بالكتاب والسنة والإجماع، وإذا احتاج إليه حَلَقَ وفدى؛ كما في قصة كعب بن عُجْرَة في «الصحيحين»؛ أنه قال: أتى عليَّ النبي صلى الله عليه وسلم زمن الحديبية، والقمل يتناثر على وجهي، فقال: «أيؤذيك هوامُّ رأسك؟». قلت: نعم. قال: «فاحلق، وصم ثلاثة أيام، أو أطعم ستة مساكين، أو انسك نسيكةً»( 2).
وكذلك التوسعة في لبس الإزار ولو كان مخيطًا؛ لكن ليس على هيئة السراويل، كملابس الإحرام التي انتشرت أخيرًا، والتي يخاط فيها طرفا الإزار ويجعل له تكة(3 ) ويرسل، دون أن يُفصل منه كُمٌّ عن آخر، وقد حكى ابن تيمية الإجماع على جوازه.
والأصل في ذلك: ما رواه البخاري ومسلم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم، أن رجلًا سأله: ما يلبس المحرم؟ فقال: «لا يلبس القميص، ولا العمامة، ولا السراويل، ولا البرنس، ولا ثوبًا مسه الورس، أو الزعفران، فإن لم يجد النعلين؛ فليلبس الخفين، وليقطعهما حتى يكونا تحت الكعبين»(4 ).
والمقصود بالمخيط هو ما عبَّر عنه بعضُ الفقهاءِ بقولهم: «المخِيط: المـُحِيط»، أي: بالبدنِ أو العضوِ. وإن كانت الكلمة لم ترد في القرآن، ولا في السنة بهذا الاصطلاح.
وقد وقع بها لبس عند البعض، فقالوا: كل مخيط لا يلبس، والعلة هي الخياطة.
وهذا غلط، فلو انشق الإزار أو الرداء اللذان يلبسهما فخاطهما، ثم لَبِسَهُما؛ فلا شيء عليه بالاتفاق.
فهناك توسعة وإذن شرعي في لبس المخيط الذي يكون إزارًا في أسفل البدن؛ فما كان يسمى إزارًا، فإنه يجوز لبسه حال الإحرام.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في «شرح العمدة»: «إنّ فَتْقَ السراويل يجعله بمنزلة الإزار، حتى يجوز لبسه مع وجود الإزار بالإجماع».
وقال أيضًا: «أما إن خِيط أو وُصِل لا لِيُحيط بالعضو ويكون على قدره؛ مثل الإزار والرداء الموصَّل والمرقَّع ونحو ذلك، فلا بأس به، فإن مناط الحكمِ هو اللباسُ المصنوعُ على قدر الأعضاء، وهو اللباسُ المحيطُ بالأعضاء، واللباسُ المعتادُ»( 5).
وفي «المجموع»، و«المغني»، وغيرهما قريب من هذا(6 ).
وكذلك لبس الخفين إذا لم يجد النعلين، وفي مشروعية قطعهما حتى يكونا أسفل من الكعبين نزاع بين أهل العلم:
فعدم مشروعية القطع هو المشهور عن أحمد، وقطعهما مذهب الجمهور.
واحتج أحمد بحديث ابن عباس وجابر ب: «من لم يجد نعلين فليلبس خفين»(7 ). فليس فيهما قطع الخف، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم ذلك بعرفات؛ مع أن كثيرًا من الذين حضروا بعرفات لم يشهدوا كلامه بالمدينة والذي فيه الأمر بالقطع، فدلَّ ذلك على أن هذا ناسخ لما قبله، وهو آخر الأمرين منه صلى الله عليه وسلم، مع قول علي ا: «قطع الخفين فساد، يلبسهما كما هما». مع موافقة القياس، فإنه ملبوس أبيح للحاجة، فأشبه السراويل، وقطعه إتلاف للمال( 8).
وثمت أمور يتورع عنها بعض الناس، وقد يذكرها من الفقهاء من يذكرها بدون دليل، فالأصل التوسعة على الناس فيها.
ومثل ذلك: شم الريحان، والتختم، ولبس الهِميان، والتداوي، ودخول الحمام:
قال البخاري/ في صحيحه: «قال ابن عباس ب: «يَشَمُّ المحرمُ الريحانَ، وينظر في المرآة، ويتداوى بما يَأْكُلُ الزيتِ والسمنِ».
وقال عطاء: «يتختم ويلبس الهِمْيَانَ(9 )».
وطاف ابن عمر وهو محرم، وقد حزم على بطنه بثوب...»(10 ).
وسئل عثمان : أيدخل المحرم البستان؟ قال: «نعم ويشم الريحان!»(11 ).
ودخل ابن عباس حمام الجحفة وهو محرم، فقال: «إن الله لا يصنع بأوساخكم شيئًا»(12 ).
وقال أيضًا: «المحرم يشم الريحان، ويدخل الحمام»( 13).
والحمام هنا: ليس هو مكان قضاء الحاجة، بل هو المكان الحار الذي يزيل الوسخ عن البدن بواسطة الحرارة، كما يعرف اليوم بـ(الساونا والجاكوزا) وغيرها.
فالنظافة والجمال وطِيْب البدن مطالب فاضلة للحاج وغيره، إلا ما ورد النص بالنهي عنه.
ومثله التبرد بالماء البارد أو المكيف أو المروحة، أو الاستظلال بشجرة أو سيارة أو سقف أو شمسية، فهو حسن، ولا يشرع تَجَنُّبُه.
ولو حمل على رأسه شيئًا لم يضرَّه؛ لأنه لم يقصد التغطية.
ومن الطريف أن رجلًا سأل الشعبي: أيحك المحرم جلده؟ قال: نعم. قال: إلى أين؟ قال: إلى أن يبلغ العظم!