الجود والكرم من مكارم الأخلاق التي من تحلى بها أحبه الله وأحبه الناس، وهي دليل المروءة والرجولة والإنسانية الصادقة، كرم النفس بالمال والجاه وبالعلم والوقت وبالنفس والنفيس.
و الجود عشر مراتب:
أحدها: الجود بالنفس، وهو أعلى مراتبه كما قال الشاعر: [center]
[table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=450 align=center border=0][tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
والجود بالنفس أقصى غاية الجود[/font] [/td][/tr][/table][/center]
الثانية: الجود بالرياسة، فيحمل الجواد جوده على امتهان رياسته، والجود بها، والإيثار في قضاء حاجات الملتمس.
الثالثة: الجود براحته ورفاهيته وإجمام نفسه؛ فيجود بها تعبا وكدا في مصلحة غيره.
الرابعة: الجود بالعلم وبذله، وهو من أعلى المراتب، وهو أفضل من الجود بالمال؛ لأن العلم أشرف من المال، ومن جود العلم أن يُبذل لمن يسأل عنه ويُطرح عليه طرحاً، وأن يكون الجواب شافياً، وليس بقدر ما تُدفع به الضرورة.
الخامسة: الجود بالنفع بالجاه، كالشفاعة والمشي مع الرجل إلى ذي سلطان ونحوه، وذلك زكاة الجاه المطالب بها العبد. [center]
[table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=450 align=center border=0][tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']وإذا امروء أهدى إليك صنعية[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
من جاهه فكأنما من ماله[/font] [/td][/tr][/table][/center]
[justify]السادسة: الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ، فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ) متفق عليه.
السابعة: الجود بالعرض كما روي بسند فيه مقال أن رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَمْضَمٍ). قَالُوا: وَمَنْ أَبُو ضَمْضَمٍ ؟ قَالَ: « رَجُلٌ فِيمَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ ». كان قَالَ « عِرْضِي لِمَنْ شَتَمَنِي ». وفي هذا الجود من سلامة الصدر وراحة القلب والتخلص من معاداة الخلق ما فيه.
الثامنة: الجود بالصبر والاحتمال والإغضاء، وهو أنفع لصاحبه من الجود بالمال ولا يقدر عليها إلا النفوس الكبار فمن صعب عليه الجود بماله فعليه بهذا الجود فإنه يجتني ثمرة عواقبه الحميدة في الدنيا قبل الآخرة قال تعالى:"وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ"(45) سورة المائدة.
التاسعة: الجود بالخُلُق والبشر والبسطة، وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وهو أثقل ما يوضع في الميزان، وفيه من المنافع والمسار وأنواع المصالح ما فيه، والعبد لا يمكنه أن يسع الناس بحاله ويمكنه أن يسعهم بخلقه واحتماله.
العاشرة: الجود بتركه ما في أيدي الناس، فلا يلتفت إليه ولا يستشرف له، وهذا الذي قال عبد الله ابن المبارك: إنه أفضل من سخاء النفس بالبذل.
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كريم يحب الكرماء، جواد يحب الجود، يحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها)[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6317.htm#1][sup](1)[/sup][/url].
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ). رواه مسلم.
وفي الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
وفي صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلاَمِ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ - قَالَ - فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِى عَطَاءً لاَ يَخْشَى الْفَاقَةَ.
قال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يمسي حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها.
وفيه أيضاً عن صفوان بن أمية قال: لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لمن أبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي".
وفي مغازي الواقدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان يومئذ وادياً مملوءاً إبلاً ونعماً فقال صفوان: أشهد ما طابت بهذا إلا نفس نبي.
وفي الصحيحين، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جُبَيْر بْن مُطْعِم أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلاً مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِي بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا).
وخرج البخاري من حديث عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا- أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ قَالُوا: الشَّمْلَةُ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي، فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا. فَأَخَذَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا. قَالَ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ. قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَهَا، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي. قَالَ سَهْل:ٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6317.htm#1][sup](2)[/sup][/url]
.
وعن ابن مسعود قال:
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بلال، وعنده صُبرة من تمر فقال:
(ما هذا يا بلال؟)
قال: أعد ذلك لأضيافك.
قال: ( أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنم؟ أنفق بلال! ولا تخشى في ذى العرش إقلالاً)[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6317.htm#1][sup](3)[/sup][/url].
كان جوده صلى الله عليه وسلم كله لله، وفي ابتغاء مرضاته، فإنه كان يبذل المال إما لفقير أو محتاج، أو ينفقه في سبيل الله، أو يتألف به على الإسلام، فيعطي عطاءً يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء، فيأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار، وربما ربط على بطنه الحجر من الجوع، وكان قد أتاه سبي فشكت إليه فاطمة ما تلقى من خدمة البيت، وطلبت منه خادماً يكفيها مؤنة بيتها، فأمرها أن تستعين بالتسبيح والتكبير والتحميد عند نومها، وقَالَ: ( لاَ أُعْطِيكِ خَادِمًا، وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تُطْوَى بُطُونُهُمْ مِنَ الْجُوعِ...)[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6317.htm#1][sup](4)[/sup][/url]
[/justify]
و الجود عشر مراتب:
أحدها: الجود بالنفس، وهو أعلى مراتبه كما قال الشاعر: [center]
[table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=450 align=center border=0][tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']يجود بالنفس إذ ضن البخيل بها[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
والجود بالنفس أقصى غاية الجود[/font] [/td][/tr][/table][/center]
الثانية: الجود بالرياسة، فيحمل الجواد جوده على امتهان رياسته، والجود بها، والإيثار في قضاء حاجات الملتمس.
الثالثة: الجود براحته ورفاهيته وإجمام نفسه؛ فيجود بها تعبا وكدا في مصلحة غيره.
الرابعة: الجود بالعلم وبذله، وهو من أعلى المراتب، وهو أفضل من الجود بالمال؛ لأن العلم أشرف من المال، ومن جود العلم أن يُبذل لمن يسأل عنه ويُطرح عليه طرحاً، وأن يكون الجواب شافياً، وليس بقدر ما تُدفع به الضرورة.
الخامسة: الجود بالنفع بالجاه، كالشفاعة والمشي مع الرجل إلى ذي سلطان ونحوه، وذلك زكاة الجاه المطالب بها العبد. [center]
[table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=450 align=center border=0][tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']وإذا امروء أهدى إليك صنعية[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
من جاهه فكأنما من ماله[/font] [/td][/tr][/table][/center]
[justify]السادسة: الجود بنفع البدن على اختلاف أنواعه، كما قال صلى الله عليه وسلم: ( كُلُّ سُلاَمَى مِنَ النَّاسِ عَلَيْهِ صَدَقَةٌ كُلَّ يَوْمٍ تَطْلُعُ فِيهِ الشَّمْسُ، يَعْدِلُ بَيْنَ الاِثْنَيْنِ صَدَقَةٌ، وَيُعِينُ الرَّجُلَ عَلَى دَابَّتِهِ، فَيَحْمِلُ عَلَيْهَا، أَوْ يَرْفَعُ عَلَيْهَا مَتَاعَهُ صَدَقَةٌ، وَالْكَلِمَةُ الطَّيِّبَةُ صَدَقَةٌ، وَكُلُّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا إِلَى الصَّلاَةِ صَدَقَةٌ، وَيُمِيطُ الأَذَى عَنِ الطَّرِيقِ صَدَقَةٌ ) متفق عليه.
السابعة: الجود بالعرض كما روي بسند فيه مقال أن رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: ( أَيَعْجَزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ أَبِي ضَمْضَمٍ). قَالُوا: وَمَنْ أَبُو ضَمْضَمٍ ؟ قَالَ: « رَجُلٌ فِيمَنْ كَانَ مِنْ قَبْلِكُمْ ». كان قَالَ « عِرْضِي لِمَنْ شَتَمَنِي ». وفي هذا الجود من سلامة الصدر وراحة القلب والتخلص من معاداة الخلق ما فيه.
الثامنة: الجود بالصبر والاحتمال والإغضاء، وهو أنفع لصاحبه من الجود بالمال ولا يقدر عليها إلا النفوس الكبار فمن صعب عليه الجود بماله فعليه بهذا الجود فإنه يجتني ثمرة عواقبه الحميدة في الدنيا قبل الآخرة قال تعالى:"وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ فَمَن تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَّهُ"(45) سورة المائدة.
التاسعة: الجود بالخُلُق والبشر والبسطة، وهو الذي بلغ بصاحبه درجة الصائم القائم، وهو أثقل ما يوضع في الميزان، وفيه من المنافع والمسار وأنواع المصالح ما فيه، والعبد لا يمكنه أن يسع الناس بحاله ويمكنه أن يسعهم بخلقه واحتماله.
العاشرة: الجود بتركه ما في أيدي الناس، فلا يلتفت إليه ولا يستشرف له، وهذا الذي قال عبد الله ابن المبارك: إنه أفضل من سخاء النفس بالبذل.
ولهذا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله كريم يحب الكرماء، جواد يحب الجود، يحب معالي الأخلاق، ويكره سفسافها)[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6317.htm#1][sup](1)[/sup][/url].
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِيمَا رَوَى عَنِ اللَّهِ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- أَنَّهُ قَالَ: (يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلاَّ كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ). رواه مسلم.
وفي الصحيحين عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدُ مَا يَكُونُ فِي رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ فِي كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ، فَلَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَجْوَدُ بِالْخَيْرِ مِنَ الرِّيحِ الْمُرْسَلَةِ.
وفي صحيح مسلم عَنْ أَنَسٍ قَالَ: مَا سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى الإِسْلاَمِ شَيْئًا إِلاَّ أَعْطَاهُ - قَالَ - فَجَاءَهُ رَجُلٌ فَأَعْطَاهُ غَنَمًا بَيْنَ جَبَلَيْنِ فَرَجَعَ إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ: يَا قَوْمِ أَسْلِمُوا فَإِنَّ مُحَمَّدًا يُعْطِى عَطَاءً لاَ يَخْشَى الْفَاقَةَ.
قال أنس: إن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يمسي حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها.
وفيه أيضاً عن صفوان بن أمية قال: لقد أعطاني رسول الله صلى الله عليه وسلم ما أعطاني، وإنه لمن أبغض الناس إليّ، فما برح يعطيني حتى إنه لأحب الناس إلي".
وفي مغازي الواقدي: أن النبي صلى الله عليه وسلم أعطى صفوان يومئذ وادياً مملوءاً إبلاً ونعماً فقال صفوان: أشهد ما طابت بهذا إلا نفس نبي.
وفي الصحيحين، أَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ جُبَيْرٍ قَالَ: أَخْبَرَنِي جُبَيْر بْن مُطْعِم أَنَّهُ بَيْنَا هُوَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ النَّاسُ مُقْبِلاً مِنْ حُنَيْنٍ عَلِقَتْ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمُرَةٍ، فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ، فَوَقَفَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: (أَعْطُونِي رِدَائِي، فَلَوْ كَانَ عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ نَعَمًا لَقَسَمْتُهُ بَيْنَكُمْ، ثُمَّ لاَ تَجِدُونِي بَخِيلاً وَلاَ كَذُوبًا وَلاَ جَبَانًا).
وخرج البخاري من حديث عَنْ سَهْلٍ رضي الله عنه أَنَّ امْرَأَةً جَاءَتِ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم بِبُرْدَةٍ مَنْسُوجَةٍ فِيهَا حَاشِيَتُهَا- أَتَدْرُونَ مَا الْبُرْدَةُ قَالُوا: الشَّمْلَةُ. قَالَ: نَعَمْ. قَالَتْ: نَسَجْتُهَا بِيَدِي، فَجِئْتُ لأَكْسُوَكَهَا. فَأَخَذَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، فَخَرَجَ إِلَيْنَا وَإِنَّهَا إِزَارُهُ، فَحَسَّنَهَا فُلاَنٌ فَقَالَ: اكْسُنِيهَا، مَا أَحْسَنَهَا. قَالَ الْقَوْمُ: مَا أَحْسَنْتَ، لَبِسَهَا النَّبِي صلى الله عليه وسلم مُحْتَاجًا إِلَيْهَا، ثُمَّ سَأَلْتَهُ وَعَلِمْتَ أَنَّهُ لاَ يَرُدُّ. قَالَ: إِنِّي وَاللَّهِ مَا سَأَلْتُهُ لأَلْبَسَهَا، إِنَّمَا سَأَلْتُهُ لِتَكُونَ كَفَنِي. قَالَ سَهْل:ٌ فَكَانَتْ كَفَنَهُ[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6317.htm#1][sup](2)[/sup][/url]
.
وعن ابن مسعود قال:
دخل النبي صلى الله عليه وسلم على بلال، وعنده صُبرة من تمر فقال:
(ما هذا يا بلال؟)
قال: أعد ذلك لأضيافك.
قال: ( أما تخشى أن يكون لك دخان في نار جهنم؟ أنفق بلال! ولا تخشى في ذى العرش إقلالاً)[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6317.htm#1][sup](3)[/sup][/url].
كان جوده صلى الله عليه وسلم كله لله، وفي ابتغاء مرضاته، فإنه كان يبذل المال إما لفقير أو محتاج، أو ينفقه في سبيل الله، أو يتألف به على الإسلام، فيعطي عطاءً يعجز عنه الملوك مثل كسرى وقيصر، ويعيش في نفسه عيش الفقراء، فيأتي عليه الشهر والشهران لا يوقد في بيته نار، وربما ربط على بطنه الحجر من الجوع، وكان قد أتاه سبي فشكت إليه فاطمة ما تلقى من خدمة البيت، وطلبت منه خادماً يكفيها مؤنة بيتها، فأمرها أن تستعين بالتسبيح والتكبير والتحميد عند نومها، وقَالَ: ( لاَ أُعْطِيكِ خَادِمًا، وَأَدَعُ أَهْلَ الصُّفَّةِ تُطْوَى بُطُونُهُمْ مِنَ الْجُوعِ...)[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6317.htm#1][sup](4)[/sup][/url]
[/justify]