رمضان شهر الجهاد:
قال الله تعالى: "انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"[التوبة:41]، وقال تعالى: "إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"[التوبة:111]، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ "[الصف:10-11].
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ أي الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ: ( إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ). قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ( الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ). قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ( حَجٌّ مَبْرُورٌ). متفق عليه.
وعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا ). قُلْتُ: ثُمَّ أي؟ قَالَ: (ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ). قُلْتُ: ثُمَّ أي؟ قَالَ: (ثُمَّ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ). متفق عليه.
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أي الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ في سَبِيلِهِ). متفق عليه.
و عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم – قَالَ: ( لَغَدْوَةٌ في سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ). متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ في الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ). متفق عليه.
وهناك عدة نقاط ينبغي أن ينتبه لها عند الحديث عن موضوع الجهاد.
1/ هناك فرق بين الجهاد كحكم شرعي شمولي ثابت بالكتاب والسنة وبين تنـزيل هذا الحكم على الواقع في حال معينة، في صورة فتوى قد تختلف من وقت لآخر أو من زمن إلى زمن، فالحكم الشرعي ثابت، والفتوى تتغير.
2/ الجهاد له معنيان: عام، وخاص.
العام: هو بذل الجهد في إقامة الدين، ولا يقتصر على جهاد المعترك، ومنه الجهاد بالقرآن "وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً"[الفرقان:52].
والخاص: وهو المقصود بقتال الكفار، وهو واجب على البلاد التي احتلها الكفار، ويجب على المسلمين مؤازرتهم ونصرهم مادياً ومعنوياً.
3/ القول بتعين الجهاد البدني ( القتال ) وإيجابه على كل أفراد الأمة كافة في بلد معين وزمن معين مشكل جداً، ولكن يجاهد أهل كل بلد وليس ثمة مشكلة في العدد.
4/ المتأمل في حال الأمة اليوم يجد:
أ- الدعوة لم تبلغ مداها وتحقق كفايتها منذ قرون و80% من البشرية ما بين نصارى ووثنين و يهود و...و...!
ب- لم ينتشر العلم الشرعي بين الناس كما يجب.
ج- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تقم به الأمة المنصوصة في القرآن.
د- المسلمون يعانون نقصاً حاداً في الكفاءات اقتصاداً وإعلاماً وطباً و تقنية و...!
وهذا وإن كان من فروض الكفايات إلا أنه تحول إلى فروض أعيان؛ بسبب النقص الحادث منها.
5/ يخطئ البعض عندما يظن أن كل آلام المسلمين ومصائبهم وإخفاقهم ينتهي بمجرد وجود دولة تعلن أنها إسلامية، ولا نشك بأن من أعظم المطالب التي يسعى إليها المسلم هو تطبيق الشرع، وحتى حين توجد دولة إسلامية فهي تحتاج إلى الكوادر والكفاءات.
6/ التراجع الذي تعانيه الأمة لا يصلحه إلا حركة إصلاح عامة تتطلب مشروعاً متكاملاً؛ لبناء دين الأمة ودنياها.
7/ أخفقت مشاريع عديدة؛ لعدم اعتمادها الجوهري على الطرح الإسلامي المتقن المدروس.
8/ النفس تميل أحياناً للجهاد البدني؛ لتحقيق النكاية السريعة، وتعزف عن الجهاد الذي قد لا ترى ثمرته إلا بعد حين.
10/ لا تعارض بين دراسة الهمّ المستقبلي، وبين الجهود المدروسة لقضايا المسلمين النازفة كفلسطين، والشيشان، والعراق، وغيرها.
11/ علاج الجرح المفتوح واجب، ولكن من الواجب ألا ينسينا مستقبل أجيالنا.
12/ لأن ينجح فرد في إعداد مجموعة من شباب الأمة علمياً وعملياً، وعقلياً، وخلقياً وجسدياً، ثم يموت شهيداً بإذن الله، أحب وأنفع من أن يذهب شهيداً دون أن يقدم شيئاً؛ فالأمر مصلحة أمة ديناً، و دنيا، وليس مصلحة لفرد.
13/ تميز بعض الأفراد والجماعات بالجهاد القتالي قد يجعلهم أولى من غيرهم بتوجيه المعركة في المناطق الساخنة كفلسطين وغيرها، وهم يستحقون الإشادة والدعم لأنهم تعبير عن وجود الأمة، وإحيائها، لكن يكون هذا في معزل عن افتعال المعارك في بقية بلاد المسلمين.
أخيراً:
أصحاب الاتجاه الإسلامي بحاجة إلى أن يطمئنوا أنفسهم وغيرهم، إلى سلامة منهجهم وإنجازاتهم، وألا يستعجلوا خطواتهم "فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ"[الأحقاف:35].
فتوحات رمضان
في السنة الثانية من الهجرة وفي السابع عشر من رمضان كانت غزوة بدر الكبرى"وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"[آل عمران:123].
خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً يريدون أبا سفيان والغنيمة، فأرادها الله ملحمة، فجمعهم الله بعدوهم على غير معاد، وخرجت قريش بقضها وقضيضها تسعمائة وخمسين مقاتلاً، ألف رجل بعدتهم وعتادهم بطراً ورئاء الناس، يقول فاجرهم: لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، واستفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال: اللهم أقطعُنا للرحم وآتانا بما لا نعرفه فأحنِه الغداةَ اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم؛ فأنزل الله عز وجل: "إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ"[الأنفال:19].
واسْتَقْبَلَ النبي- صلى الله عليه وسلم- الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: (اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي مَا وعدتني اللَّهُمَّ آتِ مَا وعدتني اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ في الأَرْضِ).
في السنة الخامسة من الهجرة:
استعداد الرسول صلى الله عليه وسلم لغزوة الخندق إذ إن هذه الغزوة كانت في سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين وكان من الاستعدادات بل أهمها ما أشار به سلمان الفارسي من حفر الخندق حول المدينة، وقد استغرق حفر الخندق كما يقول ابن القيم شهراً كاملاً، وقد بلغ طول الخندق حوالي خمسة آلاف ذراع، أما عمق الخندق فلم يكن أقل من سبعة أذرع والعرض كذلك، فرضي الله عن الصحابة ذاك الجيل القرآني الفريد.
في السنة الثامنة من الهجرة:
في العشرين من رمضان كان الفتح الأعظم: الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين، واستنقذ بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين من أيدي الكفار والمشركين، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به في دين الله أفوجا، وأشرق به وجه الأرض ضياءً وابتهاجاً"[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6342.htm#1][sup](1)[/sup][/url].
ودخل فيه رسول الله مكة ومعه عشرة آلاف من كتائب الإسلام وجنود الرحمن، "وتهيأت مكة الحبيبة، وكادت جبالها تزحف فرحاً لاستقبال الأمين البار الصابر المحتسب صلى الله عليه وسلم ليعيد إلى ربوعها أشعة أنوار دين إبراهيم عليه السلام.
ولا شيء عنده إلا العفو الشامل صفت نفسه وطهرت، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وهو يقرأ سورة الفتح وذقنه على راحلته متخشعاً.
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب جعل يطعنها بعود في يده ويقول: "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً"[الإسراء:81][url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6342.htm#1][sup](2)[/sup][/url].
وعند مسلم: أَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ - قَالَ - وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعنُهُ في عَيْنِهِ وَيَقُولُ: "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ".
قال الله تعالى: "انْفِرُواْ خِفَافًا وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ"[التوبة:41]، وقال تعالى: "إِنَّ اللّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُم بِأَنَّ لَهُمُ الجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالإِنجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللّهِ فَاسْتَبْشِرُواْ بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُم بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ"[التوبة:111]، وقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ. تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ "[الصف:10-11].
وعَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - سُئِلَ أي الْعَمَلِ أَفْضَلُ فَقَالَ: ( إِيمَانٌ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ). قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ( الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ). قِيلَ: ثُمَّ مَاذَا؟ قَالَ: ( حَجٌّ مَبْرُورٌ). متفق عليه.
وعن عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ: سَأَلْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- أيُّ الأَعْمَالِ أَحَبُّ إِلَى اللَّهِ؟ قَالَ: (الصَّلاَةُ عَلَى وَقْتِهَا ). قُلْتُ: ثُمَّ أي؟ قَالَ: (ثُمَّ بِرُّ الْوَالِدَيْنِ). قُلْتُ: ثُمَّ أي؟ قَالَ: (ثُمَّ الْجِهَادُ في سَبِيلِ اللَّهِ). متفق عليه.
وعَنْ أَبِي ذَرٍّ قَالَ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: أي الأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: (الإِيمَانُ بِاللَّهِ وَالْجِهَادُ في سَبِيلِهِ). متفق عليه.
و عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ - رضي الله عنه - عَنِ النبي - صلى الله عليه وسلم – قَالَ: ( لَغَدْوَةٌ في سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَوْحَةٌ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا ). متفق عليه.
وقال صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ في الْجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ في سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ، فَإِذَا سَأَلْتُمُ اللَّهَ فَاسْأَلُوهُ الْفِرْدَوْسَ، فَإِنَّهُ أَوْسَطُ الْجَنَّةِ وَأَعْلَى الْجَنَّةِ، أُرَاهُ فَوْقَهُ عَرْشُ الرَّحْمَنِ، وَمِنْهُ تَفَجَّرُ أَنْهَارُ الْجَنَّةِ). متفق عليه.
وهناك عدة نقاط ينبغي أن ينتبه لها عند الحديث عن موضوع الجهاد.
1/ هناك فرق بين الجهاد كحكم شرعي شمولي ثابت بالكتاب والسنة وبين تنـزيل هذا الحكم على الواقع في حال معينة، في صورة فتوى قد تختلف من وقت لآخر أو من زمن إلى زمن، فالحكم الشرعي ثابت، والفتوى تتغير.
2/ الجهاد له معنيان: عام، وخاص.
العام: هو بذل الجهد في إقامة الدين، ولا يقتصر على جهاد المعترك، ومنه الجهاد بالقرآن "وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَاداً كَبِيراً"[الفرقان:52].
والخاص: وهو المقصود بقتال الكفار، وهو واجب على البلاد التي احتلها الكفار، ويجب على المسلمين مؤازرتهم ونصرهم مادياً ومعنوياً.
3/ القول بتعين الجهاد البدني ( القتال ) وإيجابه على كل أفراد الأمة كافة في بلد معين وزمن معين مشكل جداً، ولكن يجاهد أهل كل بلد وليس ثمة مشكلة في العدد.
4/ المتأمل في حال الأمة اليوم يجد:
أ- الدعوة لم تبلغ مداها وتحقق كفايتها منذ قرون و80% من البشرية ما بين نصارى ووثنين و يهود و...و...!
ب- لم ينتشر العلم الشرعي بين الناس كما يجب.
ج- الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لم تقم به الأمة المنصوصة في القرآن.
د- المسلمون يعانون نقصاً حاداً في الكفاءات اقتصاداً وإعلاماً وطباً و تقنية و...!
وهذا وإن كان من فروض الكفايات إلا أنه تحول إلى فروض أعيان؛ بسبب النقص الحادث منها.
5/ يخطئ البعض عندما يظن أن كل آلام المسلمين ومصائبهم وإخفاقهم ينتهي بمجرد وجود دولة تعلن أنها إسلامية، ولا نشك بأن من أعظم المطالب التي يسعى إليها المسلم هو تطبيق الشرع، وحتى حين توجد دولة إسلامية فهي تحتاج إلى الكوادر والكفاءات.
6/ التراجع الذي تعانيه الأمة لا يصلحه إلا حركة إصلاح عامة تتطلب مشروعاً متكاملاً؛ لبناء دين الأمة ودنياها.
7/ أخفقت مشاريع عديدة؛ لعدم اعتمادها الجوهري على الطرح الإسلامي المتقن المدروس.
8/ النفس تميل أحياناً للجهاد البدني؛ لتحقيق النكاية السريعة، وتعزف عن الجهاد الذي قد لا ترى ثمرته إلا بعد حين.
10/ لا تعارض بين دراسة الهمّ المستقبلي، وبين الجهود المدروسة لقضايا المسلمين النازفة كفلسطين، والشيشان، والعراق، وغيرها.
11/ علاج الجرح المفتوح واجب، ولكن من الواجب ألا ينسينا مستقبل أجيالنا.
12/ لأن ينجح فرد في إعداد مجموعة من شباب الأمة علمياً وعملياً، وعقلياً، وخلقياً وجسدياً، ثم يموت شهيداً بإذن الله، أحب وأنفع من أن يذهب شهيداً دون أن يقدم شيئاً؛ فالأمر مصلحة أمة ديناً، و دنيا، وليس مصلحة لفرد.
13/ تميز بعض الأفراد والجماعات بالجهاد القتالي قد يجعلهم أولى من غيرهم بتوجيه المعركة في المناطق الساخنة كفلسطين وغيرها، وهم يستحقون الإشادة والدعم لأنهم تعبير عن وجود الأمة، وإحيائها، لكن يكون هذا في معزل عن افتعال المعارك في بقية بلاد المسلمين.
أخيراً:
أصحاب الاتجاه الإسلامي بحاجة إلى أن يطمئنوا أنفسهم وغيرهم، إلى سلامة منهجهم وإنجازاتهم، وألا يستعجلوا خطواتهم "فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُوا الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ"[الأحقاف:35].
فتوحات رمضان
في السنة الثانية من الهجرة وفي السابع عشر من رمضان كانت غزوة بدر الكبرى"وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ"[آل عمران:123].
خرج النبي صلى الله عليه وسلم في ثلاثمائة وبضعة عشر رجلاً يريدون أبا سفيان والغنيمة، فأرادها الله ملحمة، فجمعهم الله بعدوهم على غير معاد، وخرجت قريش بقضها وقضيضها تسعمائة وخمسين مقاتلاً، ألف رجل بعدتهم وعتادهم بطراً ورئاء الناس، يقول فاجرهم: لا نرجع حتى يحكم الله بيننا وبين محمد، واستفتح أبو جهل في ذلك اليوم فقال: اللهم أقطعُنا للرحم وآتانا بما لا نعرفه فأحنِه الغداةَ اللهم أينا كان أحب إليك وأرضى عندك فانصره اليوم؛ فأنزل الله عز وجل: "إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ الْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِيَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئًا وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ اللّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ"[الأنفال:19].
واسْتَقْبَلَ النبي- صلى الله عليه وسلم- الْقِبْلَةَ ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: (اللَّهُمَّ أَنْجِزْ لي مَا وعدتني اللَّهُمَّ آتِ مَا وعدتني اللَّهُمَّ إِنْ تَهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةُ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَمِ لاَ تُعْبَدْ في الأَرْضِ).
في السنة الخامسة من الهجرة:
استعداد الرسول صلى الله عليه وسلم لغزوة الخندق إذ إن هذه الغزوة كانت في سنة خمس من الهجرة في شوال على أصح القولين وكان من الاستعدادات بل أهمها ما أشار به سلمان الفارسي من حفر الخندق حول المدينة، وقد استغرق حفر الخندق كما يقول ابن القيم شهراً كاملاً، وقد بلغ طول الخندق حوالي خمسة آلاف ذراع، أما عمق الخندق فلم يكن أقل من سبعة أذرع والعرض كذلك، فرضي الله عن الصحابة ذاك الجيل القرآني الفريد.
في السنة الثامنة من الهجرة:
في العشرين من رمضان كان الفتح الأعظم: الذي أعز الله به دينه ورسوله وجنده وحزبه الأمين، واستنقذ بلده وبيته الذي جعله هدى للعالمين من أيدي الكفار والمشركين، وهو الفتح الذي استبشر به أهل السماء، وضربت أطناب عزه على مناكب الجوزاء، ودخل الناس به في دين الله أفوجا، وأشرق به وجه الأرض ضياءً وابتهاجاً"[url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6342.htm#1][sup](1)[/sup][/url].
ودخل فيه رسول الله مكة ومعه عشرة آلاف من كتائب الإسلام وجنود الرحمن، "وتهيأت مكة الحبيبة، وكادت جبالها تزحف فرحاً لاستقبال الأمين البار الصابر المحتسب صلى الله عليه وسلم ليعيد إلى ربوعها أشعة أنوار دين إبراهيم عليه السلام.
ولا شيء عنده إلا العفو الشامل صفت نفسه وطهرت، ودخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة وهو يقرأ سورة الفتح وذقنه على راحلته متخشعاً.
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الفتح وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب جعل يطعنها بعود في يده ويقول: "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً"[الإسراء:81][url=http://www.islamtoday.net/salman/artshow-28-6342.htm#1][sup](2)[/sup][/url].
وعند مسلم: أَتَى عَلَى صَنَمٍ إِلَى جَنْبِ الْبَيْتِ كَانُوا يَعْبُدُونَهُ - قَالَ - وَفِي يَدِ رَسُولِ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم- قَوْسٌ وَهُوَ آخِذٌ بِسِيَةِ الْقَوْسِ فَلَمَّا أَتَى عَلَى الصَّنَمِ جَعَلَ يَطْعنُهُ في عَيْنِهِ وَيَقُولُ: "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ ".