منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    ثنائية الروح والجسد

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    ثنائية الروح والجسد Empty ثنائية الروح والجسد

    مُساهمة من طرف Your life الإثنين فبراير 23, 2009 7:54 pm

    هذه الثنائية شديدة الوضوح في الماديات، فالجسم مطية، والروح راكب، لا غنى لأحدهما عن الآخر، بيْد أن الروح سيّد مُطاع، والجسد خادم مطيع.
    والناس عادة ينهمكون في الإطار المادي، ويستغرقون في تحقيق متطلباته، ويجورون على الروح التي ما تفتأ تئن وتعلن احتجاجها.
    [center]
    [table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=450 align=center border=0][tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']يا خادم الجسم كم تشقى بخدمته![/font] [/td][font='Times New Roman']
    [td width="10%"] [/td][/font]
    [td width="45%"][font='Times New Roman']
    أتعبت نفسك فيما فيه خسران[/font] [/td][/tr]
    [tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
    أقبِلْ على النفس فاستكمل فضائلها[/font] [/td][font='Times New Roman']
    [td width="10%"] [/td][/font]
    [td width="45%"][font='Times New Roman']
    فأنت بالروح لا بالجسم إنسان[/font] [/td][/tr][/table][/center]

    ولك أن تتأمل سعة المؤسسات المعنية بالجانب المادي قياساً إلى ندرة المؤسسات المهتمة بالنفس أو الروح أو تهميش دورها (ومنها المسجد).
    للجسد حقوق ومتطلبات، لكن لا قيمة لجسد فارقته روحه، فهو جثة هامدة خاوية مهما تكن ضخمة أو جميلة؛ فهي بعد الفراق شيء موحش، وإنما جمالها بحسن الازدواج مع الروح.
    وقد خطر لي أن أنقل هذا المعنى إلى مجاله الشرعي؛ فوجدت العبادات الأربع العملية، بل وسائر التعبدات تجمع بين الجسد والروح.
    ولكن المأساة التي وقع فيها الكتابيون بالأمس من أتباع موسى وعيسى، والمسلمون من أتباع محمد صلى الله عليه وسلم - في غالبهم - هي رعاية جانب الشكل على حساب المضمون، والعناية بالجسد دون الروح، والتنافس في المظاهر المحمودة، وربما غير المحمودة أحياناً، ولكن ليس في المعاني المقصودة من ورائها.
    جسد الصلاة القيام والقعود والركوع والسجود والأعمال البدنية، وهي مما يحفظه- بحمد الله - الكثير من المسلمين ويتعلمونه، ويسألون عنه –أحياناً- إلى حد التعمق في الجزئيات وما وراءها.
    وروح الصلاة الخشوع والإخبات والانكسار لله وتحقيق العبودية والذل، والاعتراف لله المجيد بالعظمة والكبرياء والألوهية، فهل ثمّة تناسب بين حفاوتنا بروح الصلاة وجسدها؟
    وهل ثمّة تناسب بين تنافسنا على تحقيق معنى الصلاة ومقصودها الأعظم، وتنافسنا على صورتها الظاهرة؟
    نعم. أداء الصلاة ولو ظاهراً يعني طاعة الإنسان لربه، والتزامه بأمره، وقيامه بركن من أركان الدين دون شك، لكن يخلق بالمصلي أن يدري لماذا أمره ربه الحكيم بأداء الصلاة في أوقاتها وعلى هيئاتها؟ وأن يتساءل عن الأثر الذي تحدثه الصلاة في نفسه وفي علاقاته ومجريات حياته!
    والصوم كذلك. لماذا تصوم؟ هل الله محتاج لصومك؟!
    كلا سبحانه: [color=green]"يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنتُمُ الْفُقَرَاء إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ"[/color] [فاطر:15]، وفي الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : (مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ، وَالْعَمَلَ بِهِ؛ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ، وَشَرَابَهُ) فمن لم يدع قول الزور فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه، ومن ترك قول الزور؛ فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه أيضاً.
    (يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا، يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا...) رواه مسلم عن أبي ذر.
    [color=red]هل شرع الصوم لتعذيب العباد بالجوع والعطش؟[/color]
    كلا !! [color=green]"مَّا يَفْعَلُ اللّهُ بِعَذَابِكُمْ إِن شَكَرْتُمْ وَآمَنتُمْ وَكَانَ اللّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا"[/color][النساء: 147] وفي الصحيحين عَنْ أَنَسٍ -رضي الله عنه- أنَّ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- رَأَى شَيْخًا يُهَادَى بَيْنَ ابْنَيْهِ قَالَ : (مَا بَالُ هَذَا ؟!)، قَالُوا: نَذَرَ أَنْ يَمْشِي. قَالَ: (إِنَّ اللَّهَ عَنْ تَعْذِيبِ هَذَا نَفْسَهُ لَغَنِي). وَأَمَرَهُ أَنْ يَرْكَبَ.
    [color=red]هل شرع الصوم لتحصيل الأجر والثواب؟[/color]
    دون شك فإن الله يعطي الأجر للصائمين، فعن أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: ( مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ)، لكن هذا الأجر للصوم أو الصلاة أو الزكاة ؛ هو جائزة ربانية تشجيعية لفعل هذا الخير...
    ويبقى السؤال قائماً إذاً لماذا نصوم؟! ولماذا نُعطى الأجر على الصيام؟ ولماذا نصلي؟ ولماذا نحج؟
    إنما ذلك فيما أفهم لمقصدين عظيمين:
    [color=red]أولهما: [/color]بناء النفس بناء إيمانياً أخلاقياً صادقاً أساسه التقوى واليقين، ففي الصوم: [color=green]" لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ"[/color] [البقرة:183]، وفي الصلاة: [color=green]"إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ"[/color] [العنكبوت:45]، وفي الحج: [color=green]" فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ "[/color] [البقرة:197]، وفي الزكاة: [color=green]"تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا"[/color] [التوبة :103]، وهكذا كل العبادات تقوم على بناء الذات الإنسانية، وإصلاحها أخلاقياً وعقدياً وإيمانياً.
    إنها تستهدف تنظيف قلوب الناس، وإعادة تأهيلها بصفة دورية؛ لتكون صافية نقية طاهرة بعيدة عن الغش والغل والحقد والضغينة والأثرة الأنانية والاندفاع الشهواني.
    [color=red]المقصد الثاني: [/color]إصلاح علاقة الفرد مع الآخرين؛ من خلال القيم والأخلاق وحفظ الحقوق في كل النواحي وعلى كافة المستويات.
    الزوج مع زوجته، والأب مع ابنه، والجار مع جاره، والحاكم مع المحكوم، والمرؤوس مع رئيسه، حتى حقوق الحيوانات والطير والبيئة، وكل ما يحيط بالمسلم فقد جاء الإسلام بقيم عظمى في ذلك وأرشد إلى العمل بها والتخلّق بآدابها.
    وكل العبادات في الأديان السماوية السابقة وفي ديننا الحنيف عبارة عن منظومة واحدة تصب في هذين المقصدين: بناء الفرد والعلاقة مع الآخرين.
    وأي معنى للصوم عندما يصوم الإنسان عن الطعام والشراب وغيره من سائر المفطرات التي هي مُباحة في الأصل، ثم هو يفطر على سوء الخلق والأنانية وحب الذات والأثرة وقول الزور والعمل به، مما هو محرم أصلاً فكيف به في رمضان؟ وربما حال الصيام؟
    وأي معنى للعبادة حينما يؤديها الإنسان، وهو يعيش ازدواجية مقيتة ونفاقاً اجتماعياً وتناقضاً سلوكياً حاداً، ويفصل بين الدين وعباداته، وبين الحياة البشرية ومصالحها وعلاقاتها؟!
    يحق للمسلم أن يتساءل بلهفة: متى تتحول هذه العبادات من صورتها الظاهرة المجردة إلى حقيقتها المعنوية، ومقصودها السامي في صناعة الفرد المنصف الصادق الملتزم بواجباته، المعترف بأخطائه، المنهمك في إصلاح ذاته قبل الاندفاع في محاكمة الآخرين؟!
    وفي صناعة المجتمع القائم على حفظ الحقوق وصيانتها، وقد عُرِف أن العبادات جاءت لتربية الضمير على حفظ الحقوق وصيانتها، وأن الله –تعالى- قد يعفو عن حقه، لكن حق العباد لابد فيه من الاستيفاء والمشاحّة، إلا أن يتنازل عنه صاحبه بطوعه...
    متى نتحول إلى مجتمع لا أقول: "مثاليًا طوباويًا" ترسمه الأحرف على الورق فحسب، بل يكفي أن نقول: إلى مجتمعٍ يحاول أن يعلم حدوده، ويعرف ماله وما عليه.
    حينئذ سيكون للعبادة أكثر من معنى، والله المستعان.

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 1:12 pm