[justify][b][font='Traditional Arabic']سأل أحمد بن حنبل -رحمه الله- بعض الطلبة من أين أقبلتم؟ قالوا: جئنا من عند أبي كُريب، وكان أبو كُريب ينالُ من الإمام أحمد، وينتقده في مسائل؛ فقال نِعم الرجل الصالح! خذوا عنه وتلقوا عنه العلم، قالوا: إنه ينال منك ويتكلم فيك! قال أيُّ شيء حيلتي فيه، إنه رجلٌ قد ابتُلي بي. وحدث الأعمش عن زِرّ بن حُبيش وأبي وائل، وكان زر بن حُبيش علوياً؛ يميل إلى علي بن أبي طالب، وكان أبو وائل عثمانياً، وكانوا أشد شيء تحاباً وتوادّاً في ذات الله عز وجل، وما تكلم أحدهما في الآخر قط حتى ماتا، ولم يُحدث أبو وائل بحضرة زر؛ لأنه كان أكبر منه سناً، ولهذا قال الذهبي -رحمه الله-: وهو يترجم لأبي محمد بن حزم صاحب الْمُحلى وشيخ الظاهرية، قال: ولي ميل لأبي محمد بن حزم؛ لمحبته للحديث الصحيح ومعرفته به، وإن كنت لا أوافقه في كثير مما يقول في الرجال والعلل، وفي المسائل البشعة في الفروع والأصول، وأقطع- لاحظ قوله: وأقطع- بخطئه في غير ما مسألة، ولكني لا أكفره ولا أضلله، وأرجو له العفو والمسامحة وللمسلمين، وأخضع لفرط ذكائه وسعة علومه. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']إن من الإنصاف أن تقبل ما لدى خصمك من الحق والصواب، حتى لو كان فاسقاً، بل حتى لو كان مبتدعاً، بل حتى لو كان كافراً. ولذلك استنكر ابن تيمية -رحمه الله- على بعض المنتسبين للسنة فرارهم من التصديق، أو الموافقة على حق يقوله بعض الفلاسفة، أو المتكلمين؛ بسبب النفرة والوحشة، أو إعراضهم عن بعض فضائل آل البيت، وقال -رحمه الله-: لا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني، فضلاً عن الرافضي قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- في تفسيره: إذا تكلم العالم على مقالات أهل البدع؛ فالواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه، وأن يبين ما فيها من الحق والباطل، ويعتبر قربها من الحق وبعدها عنه. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وهكذا تلوح لك في هذه النصوص؛ أمارات الإنصاف والعدل، حتى مع الخصوم المباعدين، فضلاً عن الإخوة المتحابين. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][color=red][font='Traditional Arabic']ثالثاً : استعمال الصبر والرفق والمداراة:[/font][/color][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic'] واحتمال الأذى ومقابلة السيئة بالحسنة، كما أمر الله -تبارك وتعالى- في ذلك في غير ما موضع من كتابه "وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"[فصلت:34]، وبهذا استمال النبي صلى الله عليه وسلم قلوب أعدائه، وعالج قسوتها وشماسها ونفارها، حتى لانت واستقادت وقبلت الحق؛ فالكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة الصافية، والإحسان إلى الآخرين بالقول والفعل؛ من أسباب زوال العداوة وتقارب القلوب "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظيمٍ"[فصلت:35] . [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']كُنَّا مِنَ الدِّينِ قَبْلَ اليَومِ فِي سِعَةٍ حَتَّى بُلِينَا بِأَصْحَـابِ الْمَقَايِيسِ [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']قَومٌ إِذَا اجْتَمَعُــوا صاحوا كأنهم ثَعَالِبٌ ضَبَحَتْ بَيْنَ النَّوَاوِيـسِ [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']فسمع أبو حنيفة بذلك؛ فأرسل له هدية، وكانت هذه الهدية رشوة، لكنها رشوة بطريقة شرعية صحيحة؛ فلما قبض الهدية قال: [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']إِذَا مَا النَّاسُ يَــوْماً قَايَسُــونَا بِآبِدَةٍ مِنَ الفُــتْيَا طَـرِيفَهْ [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']أَتَيْنَــــاهُمْ بِمِقْيَاسٍ صَـحِيحٍ مُصِيبٍ مِنْ قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَهْ [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']إِذَا سَمِعَ الفَقِيهُ بِهَا وَعَــــاهَا وَأَوْدَعَهَا بِحِبْرٍ فِي صَـحِيفَهْ [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']ومن ذلك: ألا تكثر العتاب والمحاسبة، وفي صحيح البخاري (باب من لم يواجه الناس بالعتاب) وذكر فيه حديث عائشة قَالَت صنع النبي صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً ). ومن ذلك عدم الانتقام والتشفي، والانتصار للنفس. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][color=red][font='Traditional Arabic']رابعاً: عدم التعصب للمذهب أو الطريقة أو الشيخ أو الجماعة أو الطائفة أو الحزب:[/font][/color][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic'] ولهذا قيل: " حُبكَ الشيء يعْمِي وَيُصِمُّ " ، إن المتعصب أعمى، لا يعرف أعلى الوادي من أسفله، ولا يستطيع أن يميز الحق من الباطل، وقد يتحول المتعصب بنفس الحرارة ونفس القوة من محب إلى مبغض؛ ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في سنن الترمذي، ويروى مرفوعاً، والموقوف أصح: [ أَحبِب حَبِيبَكَ هَوْنًا ما عَسَى أَنْ يَكُونَ بغيضك يوماً ما وَأَبْغضْ بغيضك هَونا ما عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يوماً مَا]. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقد يكون الغلو أحياناً، أو المبالغة، أو التعصب لأقوام؛ هم أشد ما يكونون بعداً عن ذلك وكراهية له، ولكنهم قد يُبتلون بمن يتعصب لهم أو يغلو فيهم، فهذا الإمام محمد بن يحيى النيسابوري أخذه الحزن على الإمام أحمد لما مات في بغداد؛ فقال حقٌ على أهل كل بيت في بغداد أن يقيموا مناحة على موت الإمام أحمد؛ فقال الذهبي -رحمه الله-: إن النيسابوري تكلم بمقتضى الحزن، لا بمقتضى الشرع، وإلا فإن النياحة منهيٌ عنها في الشريعة. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقال بعضهم: في خُراسان يظنون أن الإمام أحمد من الملائكة، ليس من البشر. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقال آخر: نظرة عندنا من أحمد تعدل عبادة سنة. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']قال الذهبي: هذا غلو لا ينبغي. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقال محمد بن مصعب لسوط ضربه أحمد أكرم من أيام بشر الحافي كلها؛ فقال الذهبي -رحمه الله- بشر عظيم القدر كأحمد، ولا ندري وزن الأعمال، إنما هو عند الله تعالى والله أعلم بذلك. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']لقد كان الإمام أحمد -رحمه الله- رجلاً متواضعاً، بعيداً عن التكلف، ولكنَّ هذه الأشياء قد تخرج من أقوام في حالة انفعال في حزن أو غيره، وبكل حال فهي أقوال مرذولة ينبغي اطراحها والرد عليها وإنكارها، كما فعل الذهبي وغيره. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][color=blue][font='Traditional Arabic']وصلتني ورقة من الإنترنت مكتوب فيها: ابن باز هو الجماعة، وإن شئت فالألباني. [/font][/color][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']نقول بملء أفواهنا: ابن باز -رحمة الله تعالى عليه- من أئمة المسلمين، ولكن من الصعب أن تُختصر الأمة في رجل لا في ابن باز، ولا الألباني، ولا ابن عثيمين، ولا في هذا ولا في ذاك؛ فإن هذه الأمة جعل الله فيها من الخير الكثير، وتنوع المواهب والقدرات والعلوم الكثير الطيب المبارك، واعتبار شخص واحد هو الجماعة، وأنه يتعين على الناس اتباعه، والأخذ عنه أمر مردود حتى بمقياس هؤلاء الأئمة؛ فإن الشيخ ابن باز -رحمه الله- لما كان مفتياً لهذه المملكة كان لا يرى رأيه ملزماً للناس، ويرى أن قوله مثل قول غيره من العلماء، يمكن أخذه بالدليل، ويمكن رده بالدليل، فلا تطلب من الناس أكثر مما يرى الشيخ نفسه، فمن الوفاء لـه أن تلتزم بهذا الأدب. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']والتعصب يورث أحياناً نقيض ذلك، يورث ازدراء الآخرين ممن لا يدخلون معه في عصبيته، كما يروى عن بعض فقهاء الكوفة مثلاً أنه حج ونزل بالحجاز ولقي علماءها: عطاء وطاووس وسعيد بن جبير وغيرهم، فلما رجع إلى الكوفة قال: يا أهل الكوفة! أبشروا فوالله لأنتم أهل فقه الزمان كله، لفقهاء الحجاز كلهم عطاء وطاووس وسعيد مثل صبيانكم بل مثل صبيان صبيانكم. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']ولا أدري ما المراد بصبيان صبيانكم؛ يعني صبيانكم أفقه منهم. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقال أحدهم عن ابن الجوزي وهو يعدد مثالبه وأخطاءه فيما يزعم قال: ما رأيت أحداً يوثق بعلمه ودينه وعقله راضياً عنه. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']فعلق الذهبي -رحمه الله- بقوله: إذا رضي الله عنه فلا اعتبار بهؤلاء. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']إنك كثيراً ما تسمع التقليل من شأن فلان؛ لأنه ليس على مذهبنا, ليس على طريقتنا, ليس من جماعتنا، فلان لا علم عنده, فلان ليس بشيء. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']قال أبو نُعيم عن رجل بلغه أنه يدرس الحديث قال: ماله وللحديث هو بالتوراة أعلم. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وهنا نقول: ربما يدرس المسلم التوراة ليعلم حقها من باطلها ومنسوخها وصحيحها ومُحرفها ويرد على أهل الكتاب، لكن لا ينبغي أن يُحال بين أحد وبين قراءة السنة النبوية، أو يُقال هو بالتوراة أعلم على سبيل الوقيعة به أو النيل منه، أو الازدراء والتنقص.[/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']إن من الإنصاف أن تقبل ما لدى خصمك من الحق والصواب، حتى لو كان فاسقاً، بل حتى لو كان مبتدعاً، بل حتى لو كان كافراً. ولذلك استنكر ابن تيمية -رحمه الله- على بعض المنتسبين للسنة فرارهم من التصديق، أو الموافقة على حق يقوله بعض الفلاسفة، أو المتكلمين؛ بسبب النفرة والوحشة، أو إعراضهم عن بعض فضائل آل البيت، وقال -رحمه الله-: لا يجوز لنا إذا قال يهودي أو نصراني، فضلاً عن الرافضي قولاً فيه حق أن نتركه أو نرده كله، بل لا نرد إلا ما فيه من الباطل دون ما فيه من الحق. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']ويقول الشيخ عبد الرحمن السعدي -رحمه الله- في تفسيره: إذا تكلم العالم على مقالات أهل البدع؛ فالواجب عليه أن يعطي كل ذي حق حقه، وأن يبين ما فيها من الحق والباطل، ويعتبر قربها من الحق وبعدها عنه. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وهكذا تلوح لك في هذه النصوص؛ أمارات الإنصاف والعدل، حتى مع الخصوم المباعدين، فضلاً عن الإخوة المتحابين. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][color=red][font='Traditional Arabic']ثالثاً : استعمال الصبر والرفق والمداراة:[/font][/color][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic'] واحتمال الأذى ومقابلة السيئة بالحسنة، كما أمر الله -تبارك وتعالى- في ذلك في غير ما موضع من كتابه "وَلا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَلا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ"[فصلت:34]، وبهذا استمال النبي صلى الله عليه وسلم قلوب أعدائه، وعالج قسوتها وشماسها ونفارها، حتى لانت واستقادت وقبلت الحق؛ فالكلمة الطيبة والابتسامة الصادقة الصافية، والإحسان إلى الآخرين بالقول والفعل؛ من أسباب زوال العداوة وتقارب القلوب "وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظيمٍ"[فصلت:35] . [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']كُنَّا مِنَ الدِّينِ قَبْلَ اليَومِ فِي سِعَةٍ حَتَّى بُلِينَا بِأَصْحَـابِ الْمَقَايِيسِ [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']قَومٌ إِذَا اجْتَمَعُــوا صاحوا كأنهم ثَعَالِبٌ ضَبَحَتْ بَيْنَ النَّوَاوِيـسِ [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']فسمع أبو حنيفة بذلك؛ فأرسل له هدية، وكانت هذه الهدية رشوة، لكنها رشوة بطريقة شرعية صحيحة؛ فلما قبض الهدية قال: [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']إِذَا مَا النَّاسُ يَــوْماً قَايَسُــونَا بِآبِدَةٍ مِنَ الفُــتْيَا طَـرِيفَهْ [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']أَتَيْنَــــاهُمْ بِمِقْيَاسٍ صَـحِيحٍ مُصِيبٍ مِنْ قِيَاسِ أَبِي حَنِيفَهْ [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']إِذَا سَمِعَ الفَقِيهُ بِهَا وَعَــــاهَا وَأَوْدَعَهَا بِحِبْرٍ فِي صَـحِيفَهْ [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']ومن ذلك: ألا تكثر العتاب والمحاسبة، وفي صحيح البخاري (باب من لم يواجه الناس بالعتاب) وذكر فيه حديث عائشة قَالَت صنع النبي صلى الله عليه وسلم شَيْئًا فَرَخَّصَ فِيهِ فَتَنَزَّهَ عَنْهُ قَوْمٌ فَبَلَغَ ذَلِكَ النَّبِىَّ صلى الله عليه وسلم فَخَطَبَ فَحَمِدَ اللَّهَ ثُمَّ قَالَ : ( مَا بَالُ أَقْوَامٍ يَتَنَزَّهُونَ عَنِ الشَّىْءِ أَصْنَعُهُ ، فَوَاللَّهِ إِنِّى لأَعْلَمُهُمْ بِاللَّهِ وَأَشَدُّهُمْ لَهُ خَشْيَةً ). ومن ذلك عدم الانتقام والتشفي، والانتصار للنفس. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][color=red][font='Traditional Arabic']رابعاً: عدم التعصب للمذهب أو الطريقة أو الشيخ أو الجماعة أو الطائفة أو الحزب:[/font][/color][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic'] ولهذا قيل: " حُبكَ الشيء يعْمِي وَيُصِمُّ " ، إن المتعصب أعمى، لا يعرف أعلى الوادي من أسفله، ولا يستطيع أن يميز الحق من الباطل، وقد يتحول المتعصب بنفس الحرارة ونفس القوة من محب إلى مبغض؛ ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه كما في سنن الترمذي، ويروى مرفوعاً، والموقوف أصح: [ أَحبِب حَبِيبَكَ هَوْنًا ما عَسَى أَنْ يَكُونَ بغيضك يوماً ما وَأَبْغضْ بغيضك هَونا ما عَسَى أَنْ يَكُونَ حَبِيبَكَ يوماً مَا]. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقد يكون الغلو أحياناً، أو المبالغة، أو التعصب لأقوام؛ هم أشد ما يكونون بعداً عن ذلك وكراهية له، ولكنهم قد يُبتلون بمن يتعصب لهم أو يغلو فيهم، فهذا الإمام محمد بن يحيى النيسابوري أخذه الحزن على الإمام أحمد لما مات في بغداد؛ فقال حقٌ على أهل كل بيت في بغداد أن يقيموا مناحة على موت الإمام أحمد؛ فقال الذهبي -رحمه الله-: إن النيسابوري تكلم بمقتضى الحزن، لا بمقتضى الشرع، وإلا فإن النياحة منهيٌ عنها في الشريعة. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقال بعضهم: في خُراسان يظنون أن الإمام أحمد من الملائكة، ليس من البشر. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقال آخر: نظرة عندنا من أحمد تعدل عبادة سنة. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']قال الذهبي: هذا غلو لا ينبغي. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقال محمد بن مصعب لسوط ضربه أحمد أكرم من أيام بشر الحافي كلها؛ فقال الذهبي -رحمه الله- بشر عظيم القدر كأحمد، ولا ندري وزن الأعمال، إنما هو عند الله تعالى والله أعلم بذلك. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']لقد كان الإمام أحمد -رحمه الله- رجلاً متواضعاً، بعيداً عن التكلف، ولكنَّ هذه الأشياء قد تخرج من أقوام في حالة انفعال في حزن أو غيره، وبكل حال فهي أقوال مرذولة ينبغي اطراحها والرد عليها وإنكارها، كما فعل الذهبي وغيره. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][color=blue][font='Traditional Arabic']وصلتني ورقة من الإنترنت مكتوب فيها: ابن باز هو الجماعة، وإن شئت فالألباني. [/font][/color][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']نقول بملء أفواهنا: ابن باز -رحمة الله تعالى عليه- من أئمة المسلمين، ولكن من الصعب أن تُختصر الأمة في رجل لا في ابن باز، ولا الألباني، ولا ابن عثيمين، ولا في هذا ولا في ذاك؛ فإن هذه الأمة جعل الله فيها من الخير الكثير، وتنوع المواهب والقدرات والعلوم الكثير الطيب المبارك، واعتبار شخص واحد هو الجماعة، وأنه يتعين على الناس اتباعه، والأخذ عنه أمر مردود حتى بمقياس هؤلاء الأئمة؛ فإن الشيخ ابن باز -رحمه الله- لما كان مفتياً لهذه المملكة كان لا يرى رأيه ملزماً للناس، ويرى أن قوله مثل قول غيره من العلماء، يمكن أخذه بالدليل، ويمكن رده بالدليل، فلا تطلب من الناس أكثر مما يرى الشيخ نفسه، فمن الوفاء لـه أن تلتزم بهذا الأدب. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']والتعصب يورث أحياناً نقيض ذلك، يورث ازدراء الآخرين ممن لا يدخلون معه في عصبيته، كما يروى عن بعض فقهاء الكوفة مثلاً أنه حج ونزل بالحجاز ولقي علماءها: عطاء وطاووس وسعيد بن جبير وغيرهم، فلما رجع إلى الكوفة قال: يا أهل الكوفة! أبشروا فوالله لأنتم أهل فقه الزمان كله، لفقهاء الحجاز كلهم عطاء وطاووس وسعيد مثل صبيانكم بل مثل صبيان صبيانكم. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']ولا أدري ما المراد بصبيان صبيانكم؛ يعني صبيانكم أفقه منهم. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وقال أحدهم عن ابن الجوزي وهو يعدد مثالبه وأخطاءه فيما يزعم قال: ما رأيت أحداً يوثق بعلمه ودينه وعقله راضياً عنه. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']فعلق الذهبي -رحمه الله- بقوله: إذا رضي الله عنه فلا اعتبار بهؤلاء. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']إنك كثيراً ما تسمع التقليل من شأن فلان؛ لأنه ليس على مذهبنا, ليس على طريقتنا, ليس من جماعتنا، فلان لا علم عنده, فلان ليس بشيء. [/font][/b][/justify]
[justify][b][/b] [/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']قال أبو نُعيم عن رجل بلغه أنه يدرس الحديث قال: ماله وللحديث هو بالتوراة أعلم. [/font][/b][/justify]
[justify][b][font='Traditional Arabic']وهنا نقول: ربما يدرس المسلم التوراة ليعلم حقها من باطلها ومنسوخها وصحيحها ومُحرفها ويرد على أهل الكتاب، لكن لا ينبغي أن يُحال بين أحد وبين قراءة السنة النبوية، أو يُقال هو بالتوراة أعلم على سبيل الوقيعة به أو النيل منه، أو الازدراء والتنقص.[/font][/b][/justify]