[font='Traditional Arabic']لما جاءت الغنائم إلى عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – وجد فيها بردة كبيرة من الذهب فأخذها ونظر فيها، وتعجب ثم قال: (إن قوماً أدوا هذا لأمناء). [/font]
[font='Traditional Arabic']وفي عهد عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) – أيضاً - تلك القصة الشهيرة حينما كان يعس المدينة (أي يحرسها ويراقبها ليلاً ) سمع امرأة تنشد في بيت: [/font]
[b][font='Traditional Arabic']تطاول هذا الليل واسودّ جانبه وأرقني ألا خليل ألاعبه [/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']فوالله لو لا الله أني أراقبه لحرك من هذا السرير جوانبه [/font][/b]
[font='Traditional Arabic']فيسأل عنها فإذا هي امرأة ذهب زوجها للغزو منذ سنة، فيأمر عمر بأن لا يذهب الشرط والجنود أكثر من ستة أشهر. [/font]
[font='Traditional Arabic']وحكاية ثالثة في عهده – أيضاً –: أنه لما مر على بيوتات المدينة سمع امرأة تقول لابنتها: اخلطي اللبن بالماء فقالت البنت: ألم تسمعي كلام أمير المؤمنين؟ إنه نهى أن يخلط اللبن بالماء ؟ [/font]
[font='Traditional Arabic']فقالت الأم لها: إن عمر لا يرانا. [/font]
[font='Traditional Arabic']فردت البنت: إن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا.. [/font]
[font='Traditional Arabic']إن هذا المجتمع الأول كان نظيفاً؛ لأنه يشعر برقابة داخلية روحية تسيطر عليه، ويستسلم لها بكل حب وانقياد, فهي أوامر ربانية المصدر، موعودة بالرضا والثواب، والجزاء في الدنيا والآخرة، وليست مجرد أوامر عسكرية صارمة ينفذها الجندي، وهو صامت كاره، أو غافل لاهٍ. [/font]
[font='Traditional Arabic']إن الرقابة البشرية - على حاجة الناس لها وعلى أهميتها، سواءً كانت رقابة إدارية، أو مالية، أو أسرية، أو اجتماعية، أو فكرية - قد تغفل وقد تغيب، ولكن المفهوم الإسلامي يزرع معنى رقابة الله، وإحساس المسلم بهذه الرقابة؛ ليكون على نفسه شهيداً حفيظاً. [/font]
[font='Traditional Arabic']إن رقابة الله لا يخفى عليها شيء، فليس بإمكان الفرد المسلم أن يستغل الغفلات أو يبتدر السهو – حاشا لله – فذلك شأن الرقيب البشري، يقول الله تعالى: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"[الأنعام:59]، بل وعنده دقائق الألفاظ، بل وخطرات الوساوس، يقول سبحانه: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"[ق:16]، ويقول الله تعالى: "لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"[البقرة:284]. [/font]
[font='Traditional Arabic']رقابة المسلم على نفسه تمنعه من ارتكاب الإثم، وتدفعه إلى العفة؛ عفة اليد، وعفة الفرج، وعفة اللسان، فالمسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة)، ويعلم أن الله عز وجل يقول: "إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"[النساء:10]. تلك عفة اليد، ومتى ما قلّت الرقابة تأوّل المتخوضون في المال العام بأن ذلك ملك الجميع، وأنه أحق من أخذ، في بُعدٍ عن إدراك خطر العبث بالمال العام، وأنه سرقة من جيب الأمة كلها، وليس جيب أحد بعينه، وأن الأخذ بغير حق لعب بحقوق الأمة كلها؛ يعود علينا جميعاً بالضعف والفقر والتخلف، ورقابة المسلم على نفسه تدفعه إلى عفة الفرج فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)، وتلك الرقابة هي البرهان الرباني الذي رآه يوسف عليه السلام فدفعه إلى عفة الفرج لما راودته امرأة العزيز، "وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"[يوسف:23]. نعم، فهو الذي يراقبه ويراه، "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ"[يوسف:24]، فهذا البرهان حجبه عن التفكير الجاد في الإثم أو مقاربته. [/font]
[font='Traditional Arabic']ورقابة المسلم على نفسه تحجبه عن الخوض في أعراض الناس باللسان، وهتك أستارهم بالكلام المذموم من غيبة ونميمة وبغي يقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا"[الحجرات:12]، "وَاتَّقُوا اللَّهَ"، فتقوى الله ومراقبته تمنع عن مثل هذا لخوض الإثم، فالرقابة الذاتية متصلة بمعنى الإيمان بالله وقوته، والمراقبة أحد تجليات معنى الإيمان في نفس العبد. [/font]
[font='Traditional Arabic']وعن الرقابة الذاتية في عفة اللسان يقول تعالى: "مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"[ق:18]..كل ذلك لتنمية الإحساس الداخلي عند المؤمنين بأن الله يراهم، ومطّلع عليهم؛ لإشعارهم بحقيقة الرقابة الذاتية الدائمة التي تحجب الشر، وتدفع إلى عمل الخير؛ حتى يستوي عند المؤمن عمل الجلوات والخلوات والسر والعلن: [/font]
[b][font='Traditional Arabic']إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوتُ لكن قل عليّ رقيبٌ [/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']ولا تحسبن الله يغفل ســـاعةً ولا أن ما يخفى عليه يغيبُ [/font][/b]
[font='Traditional Arabic']إن التربية المنطقية العلمية هي التي تصنع وازعاً ذاتياً، ورقيباً داخلياً يرشد المرء إلى أبواب الخير، ويرده عن أبواب الشر، منذ الصغر ببث الإحساس بالمسؤولية، وتدريبهم على تحملها بقدر ما تستوعب أسنانهم وأعمالهم وعقولهم، ونحن نجد اليوم في العالم المتحضر كيف أن الأطفال يتحملون قدراً معقولاً من المسؤولية يخولهم الالتزام بالقوانين، بل والتنبيه عليها وحمايتها، بينما في مجتمعاتنا نرى قيمة الصغار في أن ينتظروا حتى يبلغوا مبلغ الكبار!، فربما لا نحمله أية مسؤولية، ولا نثق بآراءه وأعماله وتصرفاته، ثم إذا كبر حملناه المسؤولية دفعة واحدة، مع أن التربية السليمة هي في زرع المسؤولية في الصغر، وتدريبه عليها، وتعويده على الشعور بالخوف من الله ومراقبته، فالصغار لهم مستوى يناسبهم من التكاليف والعقل, ومن ألذ ما يمكن قوله هو فِعْل النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ الحسن تمرة من تمر الصدقة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( كخ كخ، ارم بها؛ أما علمت أنّا لا نأكل الصدقة)، فهو عليه السلام يحمل هذا الطفل مسئولية عمله وينهاه، والأعجب أنه يخاطبه كما يخاطب الكبار حينما يعلل هذا النهي، ويربط بين الحكم وحكمته، (أما علمت أنّا لا نأكل..). [/font]
[font='Traditional Arabic']إن من الأخطاء الكبيرة فرض رقابة سلوكية صارمة على الإنسان في مرحلة من مراحل حياته بمعنى إشعاره بعجزه عن فعل هذا الإثم أو المفسدة فإن ذلك يدفع الشاب إلى نوع من التحدي، وإثبات الذات، ويحضّر لنوع من المقارعة والمواجهة، وقد يسبب له ذلك حب هذا الممنوع واللهفة عليه، وقد يعقّده ذلك فترةً من حياته، فالمحاصرة والإفراط في المنع والحجر يصنع نوعاً من زرع الخوف من الرقيب البشري، لا من الله ويخلق نفاقاً اجتماعياً، ويحول الناس إلى كائنات شكلية تراقب المظهر فقط، وتعتمد عليه و تتجاهل المخبر، وتنسى معنى الإيمان والمراقبة، وذلك كله يقلص الانسجام الشخصي في كيان الإنسان المسلم، إن هذه المحاصرة جرم عظيم بحق المعاني التي تربى عليها المسلم , وبحق شخصية هذا لإنسان, وبحق المجتمع الذي قد يحرم من طاقات وقدرات ومواهب قتلتها التربية الفاسدة. [/font]
[font='Traditional Arabic']وفي عهد عمر بن الخطاب ( رضي الله عنه ) – أيضاً - تلك القصة الشهيرة حينما كان يعس المدينة (أي يحرسها ويراقبها ليلاً ) سمع امرأة تنشد في بيت: [/font]
[b][font='Traditional Arabic']تطاول هذا الليل واسودّ جانبه وأرقني ألا خليل ألاعبه [/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']فوالله لو لا الله أني أراقبه لحرك من هذا السرير جوانبه [/font][/b]
[font='Traditional Arabic']فيسأل عنها فإذا هي امرأة ذهب زوجها للغزو منذ سنة، فيأمر عمر بأن لا يذهب الشرط والجنود أكثر من ستة أشهر. [/font]
[font='Traditional Arabic']وحكاية ثالثة في عهده – أيضاً –: أنه لما مر على بيوتات المدينة سمع امرأة تقول لابنتها: اخلطي اللبن بالماء فقالت البنت: ألم تسمعي كلام أمير المؤمنين؟ إنه نهى أن يخلط اللبن بالماء ؟ [/font]
[font='Traditional Arabic']فقالت الأم لها: إن عمر لا يرانا. [/font]
[font='Traditional Arabic']فردت البنت: إن كان عمر لا يرانا فإن رب عمر يرانا.. [/font]
[font='Traditional Arabic']إن هذا المجتمع الأول كان نظيفاً؛ لأنه يشعر برقابة داخلية روحية تسيطر عليه، ويستسلم لها بكل حب وانقياد, فهي أوامر ربانية المصدر، موعودة بالرضا والثواب، والجزاء في الدنيا والآخرة، وليست مجرد أوامر عسكرية صارمة ينفذها الجندي، وهو صامت كاره، أو غافل لاهٍ. [/font]
[font='Traditional Arabic']إن الرقابة البشرية - على حاجة الناس لها وعلى أهميتها، سواءً كانت رقابة إدارية، أو مالية، أو أسرية، أو اجتماعية، أو فكرية - قد تغفل وقد تغيب، ولكن المفهوم الإسلامي يزرع معنى رقابة الله، وإحساس المسلم بهذه الرقابة؛ ليكون على نفسه شهيداً حفيظاً. [/font]
[font='Traditional Arabic']إن رقابة الله لا يخفى عليها شيء، فليس بإمكان الفرد المسلم أن يستغل الغفلات أو يبتدر السهو – حاشا لله – فذلك شأن الرقيب البشري، يقول الله تعالى: "وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لاَ يَعْلَمُهَا إِلاَّ هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا وَلاَ حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الأَرْضِ وَلاَ رَطْبٍ وَلاَ يَابِسٍ إِلاَّ فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ"[الأنعام:59]، بل وعنده دقائق الألفاظ، بل وخطرات الوساوس، يقول سبحانه: "وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ"[ق:16]، ويقول الله تعالى: "لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"[البقرة:284]. [/font]
[font='Traditional Arabic']رقابة المسلم على نفسه تمنعه من ارتكاب الإثم، وتدفعه إلى العفة؛ عفة اليد، وعفة الفرج، وعفة اللسان، فالمسلم يعلم أن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق، فلهم النار يوم القيامة)، ويعلم أن الله عز وجل يقول: "إنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا"[النساء:10]. تلك عفة اليد، ومتى ما قلّت الرقابة تأوّل المتخوضون في المال العام بأن ذلك ملك الجميع، وأنه أحق من أخذ، في بُعدٍ عن إدراك خطر العبث بالمال العام، وأنه سرقة من جيب الأمة كلها، وليس جيب أحد بعينه، وأن الأخذ بغير حق لعب بحقوق الأمة كلها؛ يعود علينا جميعاً بالضعف والفقر والتخلف، ورقابة المسلم على نفسه تدفعه إلى عفة الفرج فالنبي صلى الله عليه وسلم يقول : (لا يزني الزاني حين يزني وهو مؤمن، ولا يسرق السارق حين يسرق وهو مؤمن)، وتلك الرقابة هي البرهان الرباني الذي رآه يوسف عليه السلام فدفعه إلى عفة الفرج لما راودته امرأة العزيز، "وغلقت الأبواب وقالت هيت لك قَالَ مَعَاذَ اللّهِ إِنَّهُ رَبِّي أَحْسَنَ مَثْوَايَ إِنَّهُ لاَ يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ"[يوسف:23]. نعم، فهو الذي يراقبه ويراه، "وَلَقَدْ هَمَّتْ بِهِ وَهَمَّ بِهَا لَوْلا أَن رَّأَى بُرْهَانَ رَبِّهِ"[يوسف:24]، فهذا البرهان حجبه عن التفكير الجاد في الإثم أو مقاربته. [/font]
[font='Traditional Arabic']ورقابة المسلم على نفسه تحجبه عن الخوض في أعراض الناس باللسان، وهتك أستارهم بالكلام المذموم من غيبة ونميمة وبغي يقول الله تعالى: " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلا يَغْتَب بَّعْضُكُم بَعْضًا"[الحجرات:12]، "وَاتَّقُوا اللَّهَ"، فتقوى الله ومراقبته تمنع عن مثل هذا لخوض الإثم، فالرقابة الذاتية متصلة بمعنى الإيمان بالله وقوته، والمراقبة أحد تجليات معنى الإيمان في نفس العبد. [/font]
[font='Traditional Arabic']وعن الرقابة الذاتية في عفة اللسان يقول تعالى: "مَا يَلْفِظُ مِن قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ"[ق:18]..كل ذلك لتنمية الإحساس الداخلي عند المؤمنين بأن الله يراهم، ومطّلع عليهم؛ لإشعارهم بحقيقة الرقابة الذاتية الدائمة التي تحجب الشر، وتدفع إلى عمل الخير؛ حتى يستوي عند المؤمن عمل الجلوات والخلوات والسر والعلن: [/font]
[b][font='Traditional Arabic']إذا ما خلوت الدهر يوماً فلا تقل خلوتُ لكن قل عليّ رقيبٌ [/font][/b]
[b][font='Traditional Arabic']ولا تحسبن الله يغفل ســـاعةً ولا أن ما يخفى عليه يغيبُ [/font][/b]
[font='Traditional Arabic']إن التربية المنطقية العلمية هي التي تصنع وازعاً ذاتياً، ورقيباً داخلياً يرشد المرء إلى أبواب الخير، ويرده عن أبواب الشر، منذ الصغر ببث الإحساس بالمسؤولية، وتدريبهم على تحملها بقدر ما تستوعب أسنانهم وأعمالهم وعقولهم، ونحن نجد اليوم في العالم المتحضر كيف أن الأطفال يتحملون قدراً معقولاً من المسؤولية يخولهم الالتزام بالقوانين، بل والتنبيه عليها وحمايتها، بينما في مجتمعاتنا نرى قيمة الصغار في أن ينتظروا حتى يبلغوا مبلغ الكبار!، فربما لا نحمله أية مسؤولية، ولا نثق بآراءه وأعماله وتصرفاته، ثم إذا كبر حملناه المسؤولية دفعة واحدة، مع أن التربية السليمة هي في زرع المسؤولية في الصغر، وتدريبه عليها، وتعويده على الشعور بالخوف من الله ومراقبته، فالصغار لهم مستوى يناسبهم من التكاليف والعقل, ومن ألذ ما يمكن قوله هو فِعْل النبي صلى الله عليه وسلم لما أخذ الحسن تمرة من تمر الصدقة، قال له النبي صلى الله عليه وسلم: ( كخ كخ، ارم بها؛ أما علمت أنّا لا نأكل الصدقة)، فهو عليه السلام يحمل هذا الطفل مسئولية عمله وينهاه، والأعجب أنه يخاطبه كما يخاطب الكبار حينما يعلل هذا النهي، ويربط بين الحكم وحكمته، (أما علمت أنّا لا نأكل..). [/font]
[font='Traditional Arabic']إن من الأخطاء الكبيرة فرض رقابة سلوكية صارمة على الإنسان في مرحلة من مراحل حياته بمعنى إشعاره بعجزه عن فعل هذا الإثم أو المفسدة فإن ذلك يدفع الشاب إلى نوع من التحدي، وإثبات الذات، ويحضّر لنوع من المقارعة والمواجهة، وقد يسبب له ذلك حب هذا الممنوع واللهفة عليه، وقد يعقّده ذلك فترةً من حياته، فالمحاصرة والإفراط في المنع والحجر يصنع نوعاً من زرع الخوف من الرقيب البشري، لا من الله ويخلق نفاقاً اجتماعياً، ويحول الناس إلى كائنات شكلية تراقب المظهر فقط، وتعتمد عليه و تتجاهل المخبر، وتنسى معنى الإيمان والمراقبة، وذلك كله يقلص الانسجام الشخصي في كيان الإنسان المسلم، إن هذه المحاصرة جرم عظيم بحق المعاني التي تربى عليها المسلم , وبحق شخصية هذا لإنسان, وبحق المجتمع الذي قد يحرم من طاقات وقدرات ومواهب قتلتها التربية الفاسدة. [/font]