فارس بن حزام
إلى جانب التقدير والامتنان الرسميين، للأسف لم ننل من حفلات التبرع المتواصلة طوال العقود الماضية إلا مزيداً من الشتائم.
نكتشف في لبنان أن السعودية تعمر معظم قرى الجنوب وغالبية ضاحية بيروت، وفي هذه المواقع تحديداً توضع البلاد في خانة واحدة مع اسرائيل وأميركا، في تجسيد مثير للشفقة للثلاثية الشيطانية.
والحال مثلها في غزة عند حماس وأنصارها. إذ لم تتردد حماس عبر الناطق الرسمي بإسمها في تجهيل المساعدات السعودية كافة، بعد حفلة من الردح في التخوين، أشعلها في مؤتمره الصحافي.
هذه التبرعات الحكومية والشعبية لم تمنحا البلاد جمهوراً وفياً كافياً لمن يعطي المال من جيبه. ومازلنا نتذكر طوال الثمانينيات حين كانت الريالات تقتطع من تذاكر المباريات الرياضية والمخصصات الدراسية لصالح القضية العربية الكبرى.
ما الذي تغير؟ لا شيء، سوى المزيد من التخوين والشتائم.
تبرعات السعودية الرسمية والشعبية، مادياً وسياسياً، لم تنضب. كل عام نحن على موعد جديد مع دولة جديدة، مع نكبة؛ زلزال، فيضان، حرب، وموعد دائم في تعويض القدر، ومخلفات كل شيء. يمكن الجزم بأن الهبات لفلسطين وللبنان ليست من الأرقام الصغيرة؛ هبات توازي هبات العالم أجمع.
ما الذي نستقبله إعلامياً ؟
وسائل إعلام تنطق باسم أحزاب وتيارات وطوائف تواصل تهميش كل ما قدم، وتزيد عليها بهجمات معاكسة مثيرة للشفقة والحزن معاً.
واليوم، ونحن على صدى تبرعات جديدة لفلسطين، نفكر ونسأل، ويخرج السؤال من الحلق إلى الخلق بعد طول صمت: هل تجد السعودية التقدير الشعبي العام بعد ذلك كله؟
تترك الإجابة للجمهور، ليقيس الموقف الشعبي العام.
النقطة الأهم، أنه لا توجد آلية عربية حتى الآن لتنفيذ عمليات إغاثة ميدانية بأسلوب يضمن وصول المساعدات بسلاسة وسلامة.
هناك مثال حي يمكن الوقوف عنده: منظمة أطباء بلا حدود، التي نشأت في فرنسا قبل أكثر من عقدين، تمتلك اليوم مصانع لمواد الإغاثة، وأسطولاً ضخماً من الطائرات العمودية والسفن والزوارق يتحرك في مختلف مناطق العالم المنكوبة، وقد أثبتت الكوارث الأخيرة أن هذه المنظمة رغم حداثة سنها، كانت الأسرع وصولاً إلى مكان أي كارثة، قبل أي دولة كبرى، والسر في القدرتين الفنية والإدارية العاليتين اللتين يتمتع بهما الفريق الميداني.
لا نملك بعد التبرعات إلا الأسئلة، الباردة منها والأكثر برودة، فنحن لا نملك حق السؤال الدافئ حتى!
ولن نمل التبرع والتدافع بعد كل نكبة عربية وإسلامية، ولن نتعلم من أخطائنا، ولن يحفظ لنا التاريخ إلا أننا أقمنا حفلة تبرعات ضخمة، ودفعنا الأموال. وما زلنا نتبرع صادقين في همنا وفي النوايا، ولوجه الله، ومن دون أن نتاجر بالدين وبالشعوب وبالقضايا.
*نقلاً عن صحيفة "الرياض" السعودية
إلى جانب التقدير والامتنان الرسميين، للأسف لم ننل من حفلات التبرع المتواصلة طوال العقود الماضية إلا مزيداً من الشتائم.
نكتشف في لبنان أن السعودية تعمر معظم قرى الجنوب وغالبية ضاحية بيروت، وفي هذه المواقع تحديداً توضع البلاد في خانة واحدة مع اسرائيل وأميركا، في تجسيد مثير للشفقة للثلاثية الشيطانية.
والحال مثلها في غزة عند حماس وأنصارها. إذ لم تتردد حماس عبر الناطق الرسمي بإسمها في تجهيل المساعدات السعودية كافة، بعد حفلة من الردح في التخوين، أشعلها في مؤتمره الصحافي.
هذه التبرعات الحكومية والشعبية لم تمنحا البلاد جمهوراً وفياً كافياً لمن يعطي المال من جيبه. ومازلنا نتذكر طوال الثمانينيات حين كانت الريالات تقتطع من تذاكر المباريات الرياضية والمخصصات الدراسية لصالح القضية العربية الكبرى.
ما الذي تغير؟ لا شيء، سوى المزيد من التخوين والشتائم.
تبرعات السعودية الرسمية والشعبية، مادياً وسياسياً، لم تنضب. كل عام نحن على موعد جديد مع دولة جديدة، مع نكبة؛ زلزال، فيضان، حرب، وموعد دائم في تعويض القدر، ومخلفات كل شيء. يمكن الجزم بأن الهبات لفلسطين وللبنان ليست من الأرقام الصغيرة؛ هبات توازي هبات العالم أجمع.
ما الذي نستقبله إعلامياً ؟
وسائل إعلام تنطق باسم أحزاب وتيارات وطوائف تواصل تهميش كل ما قدم، وتزيد عليها بهجمات معاكسة مثيرة للشفقة والحزن معاً.
واليوم، ونحن على صدى تبرعات جديدة لفلسطين، نفكر ونسأل، ويخرج السؤال من الحلق إلى الخلق بعد طول صمت: هل تجد السعودية التقدير الشعبي العام بعد ذلك كله؟
تترك الإجابة للجمهور، ليقيس الموقف الشعبي العام.
النقطة الأهم، أنه لا توجد آلية عربية حتى الآن لتنفيذ عمليات إغاثة ميدانية بأسلوب يضمن وصول المساعدات بسلاسة وسلامة.
هناك مثال حي يمكن الوقوف عنده: منظمة أطباء بلا حدود، التي نشأت في فرنسا قبل أكثر من عقدين، تمتلك اليوم مصانع لمواد الإغاثة، وأسطولاً ضخماً من الطائرات العمودية والسفن والزوارق يتحرك في مختلف مناطق العالم المنكوبة، وقد أثبتت الكوارث الأخيرة أن هذه المنظمة رغم حداثة سنها، كانت الأسرع وصولاً إلى مكان أي كارثة، قبل أي دولة كبرى، والسر في القدرتين الفنية والإدارية العاليتين اللتين يتمتع بهما الفريق الميداني.
لا نملك بعد التبرعات إلا الأسئلة، الباردة منها والأكثر برودة، فنحن لا نملك حق السؤال الدافئ حتى!
ولن نمل التبرع والتدافع بعد كل نكبة عربية وإسلامية، ولن نتعلم من أخطائنا، ولن يحفظ لنا التاريخ إلا أننا أقمنا حفلة تبرعات ضخمة، ودفعنا الأموال. وما زلنا نتبرع صادقين في همنا وفي النوايا، ولوجه الله، ومن دون أن نتاجر بالدين وبالشعوب وبالقضايا.
*نقلاً عن صحيفة "الرياض" السعودية