منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    قل العفو

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    قل العفو Empty قل العفو

    مُساهمة من طرف Your life الخميس فبراير 26, 2009 3:05 am

    نهى الله -عز وجل- نبيه عن التكلف وأمره بالعفو قال تعالى :
    ([color=#800000]خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ[/color]) (الأعراف:199) ، ([color=#800000]وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ[/color])(البقرة: من الآية219) ،
    والعفوية هي عدم التكلف لينطلق الإنسان مع فطرته وسجيته, وينساق مع طبيعته, دون مبالغة في التكلف, وفق الضوابط الشرعية, والوقوف مع حدود الله عز وجل .
    العفوية .. هي التزام القدر الطبيعي والمعقول من الأشياء .. وليست من البساطة السلبية في شيء ، بل العفوية نوع مختلف من الذكاء حين يفهم المرء ما حوله حتى ولو كان سيئاً وأن يتعامل بكل انسجام .
    إن حمل الناس على ما لا يطيقون؛ سواء في العلم أو الدعوة أو الجهاد أو غيره هو نوع من التكلف وعدم العفوية ، وما قد يقدر عليه بعض الناس قد لا يستطيعه آخرون..
    وهذا المعنى ينتظم كل شئون الحياة, ويسري في أصولها..
    العفو والعفوية هي البدائل الصادقة للتكلف, وهذا يشمل العفو ديناً ودنيا, سواء العفو في الأخلاق, أو المعاملات, أو التدين أو غير ذلك ، ونحن مأمورون بأخذ الأمور بتوسط, والتعاطي معها باعتدال وعفوية ..
    في قوله تعالى : ([color=#800000]خُذِ الْعَفْوَ[/color]) قال عبد الله بن الزبير رضي الله عنه : ما أنزل الله ذلك إلا في أخلاق الناس .
    وفي لفظ للبخاري : أمر الله نبيه أن يأخذ العفو من أخلاق الناس .
    وفي قوله ([color=#800000]وَيَسْأَلونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ[/color]) قال ابن عباس : ما فضل عن الأهل, أو أن يأخذ منهم ما أتوا به من قليل أو كثير.
    وعن الحسن : هو الوسط في النفقة, ما لم يكن إسرافاً أو إقتاراً .
    وقال مجاهد : هو الصدقة عن ظهر غنى.
    وكل هذا مداره على الاعتدال في الأمور, والتصرف فيها بعفوية دون تشديد أو تكلف أو مشقة .

    وسيرة النبي –صلى الله عليه وسلم- ما هي إلا سجل حاشد حافل بالعفوية والبعد عن التكلف, ومن تأملها واستبطن مواقفها وجد في كل صفحة منها نموذجاً شامخاً لعفويته –صلى الله عليه وسلم- ونأيه عن مواطن التكلف والتشدد والتعسير على الناس, سواء مع خصومه من الكفار والمشركين واليهود والمنافقين, أو في علاقته مع أصحابه والمؤمنين به , أو مع أزواجه وأهل بيته, أو مع من جاؤوا يطلبون منه مالاً أو متاعاً, وألحوا عليه وآذوه .
    وقد كان صلى الله عليه وسلم يقول: اسمح يسمح لك " كما رواه أحمد وغيره عن ابن عباس .
    ويقول « [color=green]رَحِمَ اللَّهُ رَجُلاً سَمْحاً إِذَا بَاعَ ، وَإِذَا اشْتَرَى ، وَإِذَا اقْتَضَى[/color] » . رواه البخاري
    ويقول : « [color=green]أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَنْ يَحْرُمُ عَلَى النَّارِ أَوْ بِمَنْ تَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّارُ عَلَى كُلِّ قَرِيبٍ هَيِّنٍ لَيِّنٍ سَهْلٍ[/color] » رواه الترمذي
    وفي الصحيح أنه صلى الله عليه وسلم سَمِعَ مرة صَوْتَ متخاصِمَين بِالْبَابِ عَالِيَة أَصْوَاتُهُمَا ، وَإِذَا أَحَدُهُمَا يَسْتَوْضِعُ الآخَرَ ، وَيَسْتَرْفِقُهُ فِى شَىْءٍ , وَهْوَ يَقُولُ: وَاللَّهِ لاَ أَفْعَلُ .
    فَخَرَجَ عَلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: « [color=green]أَيْنَ الْمُتَأَلِّى عَلَى اللَّهِ لاَ يَفْعَلُ الْمَعْرُوفَ[/color] » .
    فَقَالَ أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَلَهُ أَىُّ ذَلِكَ أَحَبَّ .

    الكبار والزعماء .. هم أقرب الناس للعفوية الفطرية وللذكاء البشري, الذي يلجأ إلى التعامل مع بني الإنسان على أساس أنهم كائنات بشرية لها نوازعها وأخطاؤها وحاجاتها ومؤهلاتها الخاصة ، وفهم ذلك الشيء من نوازعهم الطبيعية قدر مهم من الفقه هو ما قد يسميه العز بن عبد السلام: (فقه النفس) في حملها على اليسير الفطري ، ومدّ جسور الحاجات البشرية التي تتناسب مع قدر حاجاتها واحترام هذه الحاجة وتنظيمها؛ لتجري على قواعد الشريعة العامة بكل بساطة, دون تكلف العلل لها, أو كسرها وليّها, أو تكلف التأويلات الشرعية لمنعها .
    هذه العفوية ربما هي التي جعلت موسى عليه السلام لما رجع من ميقات ربه إلى قومه؛ فوجدهم قد عبدوا العجل؛ ألقى الألواح على الأرض, وفيها أعظم ما أوتي من ربه, ثم توجه إلى أخيه, وبكل عفوية فطرية يأخذ برأسه يجرّه إليه, وهو عليه السلام الذي طلب من ربه الرؤية فقال : ([color=#800000]رَبِّ أَرِنِي أَنْظُرْ إِلَيْكَ [/color])(الأعراف: من الآية143) ..
    فالأنبياء هم سادة الفقهاء والعلماء ، ومع ذلك بدت تعاملاتهم البشرية بكل وضوح ، وتفاعلاتهم مع الناس والمجتمع والأشياء من حولهم بكل جلاء ، فهم ليسوا نصوصاً ميتة ، ولا أقداراً تصل الناس جاهزة معلبة ، وليسوا صخراً جامداً لا يحمل المشاعر الإنسانية والتفاعلات الطبيعية ، ولو أراد الله جنساً لا يجري على خطة البشر وعفويتهم؛ لبعث إليهم ملائكة في الأرض يخلدون ، ولكن الله بعث رسلاً في الأسواق يمشون ، ويأكلون الطعام ويجوعون ، فكانوا سادة في العلم بالشريعة ، وسادة في فقه حاجات الفرد الطبيعية وإرسال الحياة على سنتها لتجري كما أراد الله؛ فبسم الله مجريها ومرساها إن ربي لغفور رحيم .

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة مايو 10, 2024 8:53 am