منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    ســرعة الضـوء أم سـرعة الخرافة ؟

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    ســرعة الضـوء أم سـرعة الخرافة ؟ Empty ســرعة الضـوء أم سـرعة الخرافة ؟

    مُساهمة من طرف Your life الإثنين فبراير 23, 2009 9:35 pm

    فترض في العقل المسلم أن لديه الحصانة من تقبل الخرافة والإيمان بها؛ لأن القرآن أرسى أسس النظام المعرفي الذي يعتمد على الحقيقة والبرهان.
    ( قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ)[البقرة:111]، فهو يؤمن بالحس, وما دلت عليه التجربة والملاحظة الصادقة، ويؤمن بالعقل ونتائجه المتجردة عن الهوى، ويؤمن بحقائق الوحي المنـزل.
    والبرهان عنده إما مادي أو عقلي أو غيبي رباني.
    وهذا ظاهر في قوله سبحانه : ( والله أخرجكم من بطون أمهاتكم لا تعلمون شيئاً وَجَعَلَ لَكُمُ الْسَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ)[النحل:78]، فحدد مصادر العلم التي يرتفع بها الإنسان عن دائرة الجهالة بهذه الثلاثة.
    وقال سبحانه: (و لا تقف ما ليس لك به علم إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً)[الإسراء:36]، فنهى عن اتباع ما لا دليل عليه، وحدد طرق الاستدلال.
    فالسمع طريق الوحي، والبصر طريق الحس ومثاله، والفؤاد طريق التعقل والإدراك.
    وبهذا المنهج تجاوز المسلمون ظلمات الجاهلية الأولى، وصاروا أئمة الركب وقادة الحضارة.
    ولم يكن عندهم تناقض بين العقلية العلمية المحضة، وبين الروح الربانية المؤمنة؛ بل هذا عندهم كمال الانسجام والتوافق وتحقيق الإنسانية في أفضل مقاماتها.
    بيد أن حال المسلمين اليوم مثار شفقة، فثمة انقطاع عن العلم الدنيوي الذي شهد تحولات هائلة وكشوفاً غير مسبوقة في كل الجوانب المادية، بل والإنسانية.
    وتعيش المجتمعات الإسلامية تعلقاً بالخرافة وتداولاً لإنتاجاتها التي لا تفيد العقل إلا ضلالاً، ولا تزيد المجتمع إلا خبالاً.
    وقد تداخلت عند بعضهم الأساطير والخرافات بعالم الغيب، فظنوا أن من نتائج الإيمان بالغيب سهولة التصديق بكل ما هو غير مألوف في العادة، فصارت نفوس بعضهم متهيئة لقبول ركيك الأخبار, ومنكر الروايات, ومستهجن الأقاويل؛ حتى إنك تنظر فتجد رصين العلم ونافعه يحتاج إلى معاناة وصبر ورباط حتى يصل إلى فئة من الناس.
    بينما الخرافات والغرائب تنتشر بسرعة الضوء، بل لعلها معيار جديد لسرعة أشد.
    كتب الشيخ محمد رشيد رضا –رحمه الله– عن وصية أحمد حامل مفاتيح الكعبة، ثم كتب الشيخ عبد العزيز بن باز –رحمه الله– رسالة خاصة حول هذه الخرافة، وكان ثمة من يعجب ويتساءل عن مدى الحاجة إلى مثل هذا البيان...
    ثم إذا بمثل هذه الأكذوبة تطل برأسها علينا كل عام، وقد تحولت وسائل التقنية الحديثة إلى رديف مساند لسرعة تداول هذه الأوهام!!
    فالإنترنت، والفضائيات، والجوال... وسواها كشفت عن هشاشة في نظام التلقي والتمحيص، وقابلية لتشرب المعاني المخالفة للشرع المجافية للعقل، لدى شريحة عريضة من دهماء الناس وبسطائهم.
    وكم يعاني المصلحون من مدافعة أخبار كاذبة تنتشر كفيروسات مدمرة ولطيفة في الوقت ذاته، دون أجهزة حماية أو رفض!
    فالمتدينون لهم أوهام يتناقلونها عن الأولياء, أو عن المهدوية, أو عن الساعة...
    والمرضى أوهامهم تتعلق بنتائج فورية خيالية, لوصفة سحرية, ربما كانت مثار سخرية مما لا يخطر على البال، ولا جاء به كتاب منزل، ولا شهد به علم صحيح.
    والزوجات أوهامهن تدور حول الصرف والعطف والسحر والجن والأحجبة والأحلام...
    وبدأت أحلام الثراء تراود قوماً بوسيط من الجن يكشف لهم عن الكنوز والخزائن، أو وسيط من الإنس يخادعهم عن أموالهم بوعود يسيل لها اللعاب.
    والعامة لا جلد لهم على فهم، ولا صبر على علم، ولا تربية على عقل وأناة؛ فالاهتمام يدور حول الأحدث والأغرب من المجريات والأقاويل والأخبار... حتى إنه ربما حضر مجلساً أو سمع موعظة فلم يعلق بفهم منها إلا ما كان غريباً شاذاً ، أو قرأ جريدة أو مجلة فدار همُّه على ما هو أقل عائدة وفائدة وجدوى، ولكنه محل للإفاضة في الحديث والقيل ولفت لنظر السامعين والتصدر في المجلس.
    بينما نجد التوجيه الإلهي (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ)[الزمر:18]، وفي الأثر عند أحمد وابن ماجه والبيهقي وغيرهم " مَثَلُ الَّذِي يَجْلِسُ يَسْمَعُ الْحِكْمَةَ ثُمَّ لاَ يُحَدِّثُ عَنْ صَاحِبِهِ إِلاَّ بِشَرِّ مَا يَسْمَعُ كَمَثَلِ رَجُلٍ أَتَى رَاعِيًا فَقَالَ: يَا رَاعِى أَجْزِرْنِي شَاةً مِنْ غَنَمِكَ. قَالَ: اذْهَبْ فَخُذْ بِأُذُنِ خَيْرِهَا. فَذَهَبَ فَأَخَذَ بِأُذُنِ كَلْبِ الْغَنَم"!! والحديث لا يصح مرفوعاً.
    ولا يطلْ عجبك أن ترى عالماً بارعاً يوظف قدراته العقلية توظيفاً جيداً في مجال تخصصه الدنيوي، ثم تراه في مجلس آخر مطرقاً ينتظر قدوم الخضر-عليه السلام- أو خروج أحد الصحابة، أو أحد الأنبياء عليهم السلام ليشاركهم المجلس .. وتتساءل هنا كيف تجاورت في هذا الوعاء نجاحات العقل البشري وإخفاقاته؟
    وهل إيمان المسلم بغيب لا يخضع للتجربة وقوانين المادة يجعله في حِلٍّ من التـزام الضوابط السليمة في القبول والرد؟
    وترك الفرصة للخرافة تعيث في حياة الناس هو هدر للطاقات العقلية، وتغييب للقوى الفكرية، وتشويه لصورة الإسلام؛ فالخرافة تسبب فقدان الثقة التي هي دافع قوي للتزود من العلم والبحث والاختراع والإبداع.
    إن الخرافة تأوي إلى البيوت الخربة وتتكاثر فيها وتنمو كما تنمو الأشواك حيث القوى النفسية الهامدة والعقول المهزومة الواهنة.
    إنه لا احترام للخرافة في المجتمعات المحترمة.
    إن إصلاح مناهج التفكير والنظر، ومناهج السلوك والتربية بات أولوية لا غنى عنها لكل من يحمل همّ الأمة، ويجب ألا تصرفنا عنه الصوارف والمجريات؛ بل حري أن يكون هو الأساس لمعالجة المجريات والقضايا التفصيلية الحادثة.

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 21, 2024 4:25 am