منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    الأَزْمَةُ الأُولَى

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    الأَزْمَةُ الأُولَى Empty الأَزْمَةُ الأُولَى

    مُساهمة من طرف Your life الإثنين فبراير 23, 2009 9:35 pm

    [justify]يستغرب الكثيرون نشوء الأزمات وتفاقمها في الحياة الإنسانية، ويظنون الأزمة غريبة على طبيعة الحياة، وأن مسيرة الإنسان في الأصل هي مسيرة انسيابية متساوقة سهلة، وأنها بمعزل عن المشكل الطارئ.
    وقد تأملت الحياة، حياة الفرد النفسية والعقلية والجسدية، وحياة الأسرة، والمجتمع، والدولة، والأمة فوجدت الأزمة جزءاً لا يتجزأ من الحياة، ومن التاريخ، ومن الواقع، وأنها ليست شراً محضاً، بل هي أحياناً تعبير عن البشرية، وأحياناً هي متنفس لبعض الاكتظاظ الذي لا بد أن يجد طريقه للتعبير، وكأن الأزمة تفتح منفذاً لتصريف الاحتقان، ويكون تأثير الأزمة وامتدادها بحسب التعامل معها.
    ومما يرشح هذا المعنى أن الحياة البشرية ذاتها بدأت على الأرض إثر أزمة عارضة ألمت بالإنسان الأول على ظهر هذا الكوكب: آدم عليه السلام.
    وقد ذكر الله تعالى في سورة البقرة وغيرها في مواضع من القرآن: كسورة الأعراف, والإسراء, والكهف, والحجر, وطه, وسورة ص, وخاطب الملائكة بذلك؛ فقالوا : " أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاء وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ"[البقرة:30].
    وهذا ليس اعتراضاً من الملائكة –حاشاهم – ولكنه تساؤل مبني على حال سابقة –والله أعلم – وقد ذكرها جمهور المفسرين، وأن الأرض كان فيها خلق فأساءوا وأفسدوا.
    فقد روي عن الحسن وابن عباس: إن أول من سكن الأرض الجن فافسدوا فيها وسفكوا فيها الدماء وقتل بعضهم بعضاً.
    وحين خلق آدم وصور قبل نفخ الروح فيه طاف به إبليس ولاحظ أنه " أجوف" أي: صاحب جوف وليس مصمتاً.
    وعلم أن آدم خلق لا يتمالك، أي : لا يملك نفسه إزاء الإغراءات، كما هو دأب الإنسان في الشهوة والتملك والرغبة في البقاء وسواها.
    والشيطان كان يتفقده، ويبحث عن نقطة الضعف، ولذا أغرى آدم بالأكل من الشجرة، وقال: " مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَذِهِ الشَّجَرَةِ إِلاَّ أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ* وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ"[الأعراف: 21-22].
    فأغراهم بالملائكية ودرجتها، وبالخلد وبالبقاء الدائم، وهذا يدل على أنهم كانوا يتوقعون النقلة عن دارهم.
    وحلف لهم أنه من الناصحين، ولم يكونوا يظنون أن أحداً يحلف بالله كاذباً.
    وأكلا من الشجرة المحرمة؛ فرأوا عوراتهم، واستحيوا منها فصاروا يخصفون الورق ويستترون به...
    وكان هذا الفعل منهما -عليهما السلام – سبباً لأزمة عارضة ألمت بهما, وفي عتاب ربهما : "أَلَمْ أَنْهَكُمَا عَن تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُل لَّكُمَا إِنَّ الشَّيْطَآنَ لَكُمَا عَدُوٌّ مُّبِينٌ"[الأعراف: 22].
    وترتب عليها الندم والتوبة والاستغفار، حتى عادوا بعد التوبة خيراً منهم قبل الخطيئة، والله أعلم.
    وهذا فيه المخرج من كل أزمة عارضة بالرجوع إلى الحق والصواب، والاستغفار القلبي الذي يعني الندم والأسف على الخطأ، والاستغفار اللساني بالنطق به، والاستغفار العملي بتصحيح الخطأ, وتدارك ما يمكن تداركه، أو التعويض عنه بصوابات أخرى.
    كما ترتب على هذه الأزمة هبوطهما من الجنة للابتلاء والامتحان، والاستقرار إلى حين "وَلَكُمْ فِي الأَرْضِ مُسْتَقَرٌّ وَمَتَاعٌ إِلَى حِينٍ * قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا تُخْرَجُونَ"[الأعراف: 24- 25].
    ولا شك أن الله تعالى شاء أن يخلق خلقاً ويهبطه إلى الأرض قبل أن يخلقه، كما دلت عليه القصة الأولى مع الملائكة، والمرء بعد التوبة لا يُعاتب، وقد اجتباه ربه فتاب عليه وهدى، ولكن حكمته اقتضت هذا الترتيب، وهي جارية في بني آدم، كما جرت في أبيهم من قبل، ولهذا قال سبحانه: "ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُم بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ"[الروم:41].
    والمقصود التأكيد على أن الأزمة جزء من السنة، ومن القدر، ومن الواقع، ولا يمكن تصوّر حياة بشرية بلا أزمات إلا إذا أمكن تصوّر حياة بشرية دنيوية بلا مرض، بلا موت، وهذا ما قضى الله ألا يكون في هذه الدار.
    والتأكيد على أن الأزمة ليست شراً محضاً، بل يجب قراءة وجهها الإيجابي الحسن، فمعصية آدم محيت بالتوبة، ولكن ترتب عليها نزوله وزوجه إلى الأرض، وما نجم عن ذلك من المصالح العظيمة التي أحدها وجود الرسل والأنبياء والصالحين والصديقين والشهداء، وإقامة العدل وتكاثر الخلق، وتحقق الابتلاء.. وهذا يمهّد للجزاء والحساب ومصير الناس إلى الجنة أو النار.
    إن القراءة العادلة للأشياء تستدعي الاعتياد على النظرة الإيجابية المتفائلة باعتدال، وليس أن يغلق الإنسان عقله على التحزين والتشاؤم وسوء الظن وتصور الأسوأ، ولا أن يفرط المرء في التفاؤل الساذج، دون وعي ولا شعور بالخطأ الذي عمله ولا مراجعة وتوبة وتصحيح.
    وهذا كله ظاهر في قصة آدم، وهو كان نبياً معلماً مكلماً؛ كما قال صلى الله عليه وسلم.
    وصلى الله على والدنا آدم وسلم.
    والحمد لله رب العالمين.[/justify]

      الوقت/التاريخ الآن هو الثلاثاء مايو 21, 2024 4:25 am