منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    الشريعة والحرية( الحلقة الثانية )

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    الشريعة والحرية( الحلقة الثانية ) Empty الشريعة والحرية( الحلقة الثانية )

    مُساهمة من طرف Your life الجمعة فبراير 20, 2009 9:50 pm

    إن كلمة الحرية، أو حقوق الإنسان أو الأقليات أو المرأة أو الطفل من الأطروحات التي أصبح الحديث عنها يقع بوتيرة متسارعة عالمياً وإقليمياً ومحلياً .
    ولابد لنا أن نتدبر كيف نتعامل مع هذه الأطروحات، وهذا الفيض الزاخر المؤثر .
    إن كثيراً من المسلمين لا يفقهون أكثر من أن يصدوا هذه التيارات باعتبارها " كلمة حق أُريد بها باطل " كما قال علي رضي الله عنه، و موقف الدفاع بطبيعته ضعيف، والإسلام أعطى أتباعه الفاقهين مواقع متقدمة وسامية، فيجب أن نقرر المبدأ أولاً، وأننا ـ من منطلق ديننا وشريعتنا، وبعيداً عن ردود الفعل ـ نرى للإنسان حقوقاً، بل هي أكثر من حقوق، هي واجبات ،كما أن عليه حقوقاً وواجبات، وهكذا المرأة والطفل..وكل أحد، بل وللحيوان حقوقاً، ربما تجد من تفاصيلها في الشريعة، ما لا تجد من تفاصيل حقوق الإنسان في بعض الأنظمة الوضعية .
    فنحن نقرر بوضوح أن هذه الحقوق جزء من الشريعة الربانية، التي ما جاءت لتغادر شيئاً من أمر الحياة إلا وضبطت قواعده , وأرست نظمه، على كافة المستويات .
    وجاءت الشريعة من الخالق، الذي هو أعلم بمن خلق، فجاءت موافقة لطبيعة الإنسان، وطموحاته وأشواقه وفطرته وحقوقه .
    كما أننا يجب أن نقرر بوضوح أن هذه الحقوق مهضومة مبخوسة في كثير من البلاد الإسلامية، وفي غيرها من بلاد العالم , وبالتالي فلا تثريب على أحد في نقد مصادرة الحريات المشروعة، والدعوة إلى إعطاء كل ذي حق حقه.
    إن أي ظلم يقع في مجتمعات المسلمين، خصوصاً في جانب أولئك العاجزين، الذين لا يستطيعون أن يدافعوا عن أنفسهم، ولا أن يطالبوا بحقوقهم، سواءً كانت حقوقاً مادية أو وظيفية أو علمية أو اجتماعية أو غيرها، فهو سبب أكيد للعقوبة الربانية العاجلة، يقول الله تبارك وتعالى :" وَتِلْكَ الْقُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا وَجَعَلْنَا لِمَهْلِكِهِمْ مَوْعِداً"[الكهف:59] ويقول سبحانه وتعالى :" وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ"[هود:102] .
    ويقول النبي صلى الله عليه وسلم كما في الحديث المتفق عليه : (إن الله لَيملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته) .
    روى ابن ماجه في سننه عن أبي الزبير عن جابر رضي الله عنه قال : [ لما رجَعَتْ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مهاجرة البحر، قال لهم النبي صلى الله عليه وسلم : (ألا تخبروني بأعجب شيء رأيتم في أرض الحبشة ؟) فقال قوم منهم : بلى يا رسول الله ! بينما نحن جلوس في الحبشة، إذ مرت امرأة تحمل على رأسها قلة من ماء، فجاء شاب من شبابهم، فوضع يده على كتفها فدفعها بقوة، فوقعت على ركبتيها، فلما قامت، قالت له : سوف تعلم يا غُدَر، إذا وضع الله سبحانه وتعالى الكرسي لفصل القضاء، وجمع الأولين والآخرين، وتكلمت الأيدي والأرجل بما كانوا يكسبون، سوف تعلم ما يكون أمري وأمرك غداً، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (صدقت ! صدقت !كيف يقدّس الله أمة لا يؤخذ لضعيفهم من شديدهم) وهذا الحديث رواه - أيضاًَ- البيهقي في شعب الإيمان، وغيره عن عطاء بن السائب عن محارب بن دثار عن ابن بريدة عن أبيه رضي الله عنه .
    يجب إذن أن نقف إلى جانب المظلومين في مجتمعاتنا وأُسرنا وجيراننا وأهل بلدنا، وفي المسلمين عامة، وأن نسعى في إيصال الحقوق لأهلها، وأن نقف إلى جانب الفئات المظلومة المضطهدة، وهذا جزء من هدف الجهاد، الذي هو حماية المستضعفين من الرجال والنساء والولدان ،كما نص الله سبحانه وتعالى عليه في محكم القرآن .
    لقد سمع عمرو بن العاص رضي الله عنه المستورد بن شداد، وهو يقول عن رسول الله صلى الله عليه وسلم : (تقوم الساعة، والروم أكثر الناس )، فقال له عمرو بن العاص رضي الله عنه : أبصر ما تقول، قال : أقول ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : أما لئن قلت ذاك، إن فيهم لخصالاً أربعاً :
    (1) إنهم لأحلم الناس عند فتنة .
    (2) وأسرعهم إفاقة بعد مصيبة .
    (3) وأوشكهم كرّة بعد فرّة .
    (4) وخيرهم لمسكينٍ ويتيمٍ وضعيف .
    (5) ثم قال : وخامسة حسنةٌ جميلة، وأمنعهم من ظلم الملوك .
    إن هذا من بقايا الفطرة السليمة، أو لَعَله من بقايا هدي الأنبياء عند هؤلاء الأقوام، وإنك لا تدري أتعجب من هذه الخصال، ووجودها في الروم منذ آنذاك، أم تعجب من عقلية عمرو بن العاص الفذة التي سبرت أحوالهم، وعرفت جوانب القوة والضعف فيهم، واكتشفت هذا ا لجانب، وما لم يستطع الإنسان معرفة عدوه، فلن يستطيع أن يتغلب عليه، أم تعجب من العدل والإنصاف والتجرد الإسلامي حتى مع الخصوم التاريخيين ؟!!
    إن كثيراً من الدوائر الإسلامية اليوم تعجز عن دراسة الغرب، وعن معرفة تياراته واتجاهاته، وكيفية اتخاذ القرار فيه.
    إننا حين نتحدث عن حقوق الإنسان أو الحرية أو حقوق المرأة، يجب ألا نتصور أن مشكلتنا مع الغرب، هي في الحقوق كمبدأ، أو أن نجعل موقفنا هو سرد المخالفات العملية لديهم لهذه التصورات، بل ينبغي أن نسابق نحن إلى تقرير هذه المبادئ، من رؤية إسلامية قرآنية صحيحة، فحقوق الإنسان قيمة شرعية ثابتة .
    وقد قال عمر رضي الله عنه لابن عمرو بن العاص أمير مصر في القرن الأول: [متى استعبدتم الناس، وقد ولدتهم أمهاتهم أحرارا !] وعوَّد الأقباط كيف يستطيعون أن يطالبوا بحقوقهم التي ظلوا سنين طويلة جداً لم يطالبوا بها، حينما كان يحكمهم الرومان وهم أهل دينهم، فلما حكمهم الإسلام علمهم كيف يأخذون حقوقهم، وكيف يرفضون الظلم، حتى لو جاء من خليفة أمير المؤمنين عندهم ؟!
    وهذه الكلمة لم تعرفها أوربا إلا سنة (1790) تقريباً، أيام الثورة الفرنسية، لما أصبحت شعاراً للثورة (الإنسان يولد حراً )، بعد أكثر من (1000 سنة) تعلموا هذا المبدأ وقرروه، واعتبروه فتحاً جديداً !
    إن حقـوق الإنسان في الغرب تقوم على مبدأ واحد، وهو كما نص عليه ميثاق الأمم المتحدة، وتحدثت عنه المعاهد التي قدمت شروحاً لهذه الحقوق، وهو: [كرامة الإنسان] وكرامة الإنسان عندهم تتفرع إلى أمرين أساسيين :

    [color=red]الأول: [/color]الحرية وهي تتعلق بإعطاء الإنسان حقه، في التعبير، والتملك، والزواج، والبيع, والشراء، والسفر... الخ .

    [color=red]الأمر الثاني :[/color]
    المساواة أي: أن تكون الحقوق متساوية بين الأفراد ؛ لأن من غير المعقول، أن يعطى فرد حرية كاملة، ويحرم منها الآخرون، فهذا هو أساس حقوق الإنسان، فإذا نظرنا إلى نص القرآن الكريم وجدنا التعبير القرآني هو لفظ الكرامة ذاته : "وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً"[الإسراء:70] .
    إنه في الوقت الذي كان الغرب يبحث، هل للمرأة روح، أو هل للعبد الرقيق روح ؟ كان العلماء المسلمون يبحثون : أيهما أفضل الإنسان أم الملَك !، وقال المحققون منهم : إن الإنسان إذا التزم بأمر الله سبحانه وتعالى، وأطاع الله واتّبع الأنبياء، فهو أفضل في النهاية؛ لأن نهاية المؤمن الجنة ورضوان الله سبحانه وتعالى، بينما الملائكة يظلون كما هم، والله سبحانه وتعالى أعلم، وإن كانت بدايتهم أفضل لأنهم خلقوا من نور, والعبرة بكمال النهاية لا بنقص البداية.
    والإسلام حينما يقرر حقوق الإنسان من الجانب النظري , أو التطبيق النموذجي الأول، لا يقررها بناء على مطالبات أو مغالبات أو ثورات، وإنما ابتداء بتشريع من رب العالمين . ويُعَلِّم الإنسان كيف يأخذ هذه الحقوق، وكيف يطالب بها، وكيف يحافظ عليها، بدلاً من أن تكون أُخِذت بالقوة والقهر .
    نحن ليس عندنا مشكلة مع حقوق الإنسان، ولا مع الحرية باعتبارها مبادئ تنطلق من تاريخنا ومن شريعتنا ومن ديننا، لكن مشكلتنا مع الغرب، ومآخذنا على برامجهم المتعلقة بحقوق الإنسان، هي في جوانب محددة مثل توسعهم في الحرية الشخصية، إلى القدر الذي يضر بالإنسان، ويهدد الفضيلة، أو توسعهم في حرية التعبير إلى القدر الذي يضر بقيم التدين، ويمس المقدسات، ويزعزع عقائد الأمة، ويمس استقرارها.
    أما صيانة حقوق الفرد، وتحقيق العدل والتساوي في الفرص المتاحة للجميع، فهذا من الحقوق التي أقرها الإسلام .
    إن الغرب حينما يطرح حقوق الإنسان، ربما يطرح برنامجاً خاصاً ذاتياً، ولهذا ترى الممارسات الاستعمارية خارج حدود الدول الغربية مختلفة تماماً عما يتحدثون عنه، ولقد كتب المؤرخ الأسترالي الإنجليزي (كليرتورنبل) كتاباً اسماه (الحرب القذرة)، وتحدث عن تسلط الإنجليز على استراليا، وعدوانهم في إحدى الجزر حتى إنهم أبادوا أهلها بالكلية، وحتى أكلوا لحوم بعض أفرادها وهم أحياء ؛ أي : يقطعونهم ويأكلون لحومهم , كان هذا يحدث بينما الدعاية الاستعمارية خارج تلك المنطقة تتحدث عن أن أولئك الناس هم أكلة لحوم البشر، وأن المستعمرين جاءوا لتحريرهم، مع أنه في الواقع كما يقول المؤلف نفسه: لم تسجل ولا حالة واحدة قام بها أحد من هؤلاء بأكل لحوم المستعمرين الإنجليز .
    يجب أن نحدد ما معنى كلمة (إنسان )، هل المقصود به الإنسان من حيث خلقه الله، كما هو في التعريف الإسلامي، أَياً كان لونه أو جنسه أو بلده أو مقامه، أم الإنسان الأبيض أشقر الشعر أزرق العينين، أما الملون أو الأسود في أفريقيا أو آسيا أو غيرها، فإنه ربما يكون من الصعب وصفه بالإنسانية أصلاً ؟!
    ليأتنا الغرب إن شاء في تاريخه كله أو في واقعه المشهود بنظيرٍ لكلمة عمر المشهورة رضي الله عنه: [إني لم أبعث عمالي إليكم ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن ليعلموكم دينكم، ويقسموا فيكم فَيْئَكم]، أو قوله رضي الله عنه : [أيما عامل ظلم لي أحداً، وبلغتني مظلمته، فلم أغيرها، فأنا ظلمته] أو قوله : [أرأيتم إذا استعملت عليكم خير من أعلم، ثم أمرته بالعدل، أكنت قضيت ما علي ؟ قالوا: نعم. قال: كلا، حتى أنظر أَعَمِلَ بما أمرته به أم لا ؟!] فهو يعلم رعيته كيف يسائلونه ويحاسبونه!
    وقد ظلم أحد الولاة رجلاً من الرعية، فجاء إلى عمر، وشكاه إليه، فبعث إليه عمر يقول: أنصف فلاناً من نفسك، و إلا فأقبل والسلام . فرد الرجل إلى صاحبه مظلمته .
    ولما بلغه أن سعد بن أبي وقاص بالكوفة ؛ قد بنى لنفسه قصراً، وجعل عليه حاجباً من غير ما حاجة؛ فأرسل مفتشَه محمد بن مسلمة، وأمره أن يأخذ زيتاً وحطباً، ويحرق باب هذا القصر، وبعث معه بكتاب إلى سعد قال فيه: [بلغني أنك بنيت قصراً، واتخذت حصناً يسمى بيت سعد، وجعلت بينك وبين الناس باباً، فليس بقصرك، ولكنه قصر الخبال، لا تجعل على منزلك باباً ؛ يمتنع الناس من دخولهم، وتنفيهم به عن حقوقهم]، وكتب إلى عمرو بن العاص واليه على مصر يقول: [بلغني أنك تتكئ في مجلسك، فإذا جلست فكن كسائر الناس] .

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد يونيو 16, 2024 7:21 pm