[justify]يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( أحب البلاد إلى الله مساجدها، وأبغض البلاد إلى الله أسواقها ) رواه مسلم.
أحب البلاد إلى الله المساجد؛ لأنها تؤدي أهم الأدوار، وهو الاتصال بين الأرض والسماء، بين العبد وربه، وذلك معنى ( الصلاة ): صلة العبد بربه، فالمسجد هو البقعة الطاهرة التي تفيء إليها النفوس، وتسكن إليها القلوب من وعثاء السفر، ومن حرور الحياة اللاهبة، بعدما أنهكها الركض واللهث وراء الشهوات والمغريات، تجد نفسها في هذه البقعة الشريفة، حيث السكينة والرحمة، وتحاول أن تتخلص ولو للحظات من عناءٍ طويل, وعنتٍ ما لانقطاعه من سبيل.
و(أبغض البلاد إلى الله أسواقها) ليس لأنها أماكن البيع والشراء، بل لما يخالط ذلك من الغش والنجش، والتزوير والتطفيف في الكيل، والخداع، واليمين الكاذبة، والإخسار في الميزان، والبخل والشح والخصومات التي قد تقع، وبهذا المعنى، وبتلك المقارنة النبوية نلحظ معنىً جيداً مؤداه: الاعتراف الشرعي والإقرار الضمني بالأسواق، كمؤسسة تجارية ومالية في المجتمع المسلم مقابل المساجد، فالحياة ليست مسجداً فحسب، بل مسجد وسوق يسيران جنباً إلى جنب!، ويعزز هذا المعنى قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ"[النور:36].
في بيوت الله.. التي ينبغي لأداء دورها أن لا يذكر فيها اسم غير الله للتعظيم أو التشريع أو لغير ذلك، و"أذن الله أن ترفع" أي أمر برفعها من الناحية المعنوية، وبطهارتها بأداء العبادة فيها، وجعلها أداة لأداء حق الله، والصلاة والعبادة والصفاء الروحي والنفسي بذكر الله واتباع أمره، ورفعها من الناحية الحسية بنظافتها وصيانتها وحفظها عن القاذورات والأوساخ والمشغلات.
ومن رفعها من الناحية المادية والحسية بناء المساجد وإقامتها وتشييدها، وفي صحيح مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من بنى لله مسجداً بنى الله له مثله في الجنة).
فهذه المساجد بيوت الله، ليست لفلان ولا لعلان، ولا حتى للداعية أو الواعظ، ولا للسياسي، ولا لهذا الذي يستغل المسجد لبث خصومته، واستعداء الناس ونشر الفرقة والدعاية السياسية والطائفية.
إن عباد الله المؤمنين أصحاب بيع وشراء، لكنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وفي هذا يقع الانسجام بين حقوق الدنيا وحقوق الآخرة،يقول الله تعالى: "وَلا تنس نصيبك من الدنيا"[القصص:77].
ومن أدوار المسجد والجامع: أن تؤدى في الأول صلاة الجماعة، وفي الثاني صلاة الجمعة، وهذا معنى ( الجمع ) بين المسلمين بجمع الكلمة وجمع الصف، والاجتماع: الاشتراك في أداء العبادة، والتعاون على البر والتقوى؛ لتعويد المسلمين على خلق التضامن والتعاون، والتكافل مع الإقرار بوجود الاختلاف وطبيعته، فالمسلمون يجتمعون، وإن اختلفوا في الوقت والمكان والكيفية، كجزء بشري في الاعتراف بالاختلاف الطبيعي، مع الاجتماع العام في صلاة الجماعة والجمعة، كل ذلك لتعميق الانتماء الأهم والأكثر عمومية وشمولاً، وهو الانتماء للإسلام، وليكون إخلاصنا لذلك فوق كل إخلاص.
ومن المشكلات الكبيرة المتعلقة بدور المسجد أن تتحول المساجد إلى أسباب لتعميق الفواصل بدل تعميق الروابط الإسلامية التي كرسها الإسلام في معنى الاجتماع لأجلها, والمشكلة أن يتم الضغط على الفواصل والفروقات الحزبية والطائفية والسياسية والعرقية، وقطع التواصل بين القيادات الفكرية والاجتماعية والثقافية مما يوسع الفجوة بين المسلمين، وجعل المسجد مجالاً خصباً للشحناء والبغضاء والكراهية بين الناس والمسلمين في أماكن كثيرة، لا في العالم الإسلامي فحسب، بل وفي الجاليات الغربية، في أمريكا وأوربا وغيرها، وذلك جهل بالدين، وبأخلاقيات المسجد.
ومن أروع ما يمكن التفكير به جعل الجامع والمساجد والمسجد الحرام حبلاً قوياً لجمع كلمة الفرقاء، وتقريب الفصائل المختلفة، كما حصل في اتفاق مكة المشهود.
وشيء آخر عن دور المسجد وهو أن المسجد ليس بديلاً عن الحياة، بل هو جزء منها، وعنصر مهم من عناصرها، فهو لا يراد منه أن يأخذ دور المؤسسات الأخرى فالجمعية والجامعة والبيت والسوق والمحكمة والمركز والدولة، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا ردّها الله عليك)، فالمسجد ليس سوقاً، وليس مطلوباً منه أن يستلم أدوار المؤسسات الأخرى في المجتمع، ونحن حينما نتحدث عن المسجد قد نعطيه أدواراً مثالية في السابق واللاحق، وأعتقد أن الدور الأساس للمسجد هو الدور العبادي، في توفير المناخ، وتهيئة الجوّ المناسب لأداء العبادة، لكن هناك شيء مهم أيضاً، فالمسجد ليس معزولاً عن المجتمع وعن الناس وعن قضاياهم، وليس معزولاً عن السياسة، بيد أن المسجد لرعاية السياسة العامة للمسلمين كلهم، بحفظ حقوقهم والدفاع عن أراضيهم جميعاً، وعن ممتلكاتهم، وليس مجالاً للدعاية الشخصية أو الدعاية السياسية لبرنامج خاص أو حزب معين، مهما كان انتماؤه وقربه، فالمسجد لرعاية ما يمكن تسميته ( السياسة العامة للمسلمين ) مثل مواجهة العدوّ المشترك وتربية المسلمين على القيم والمعاني الإسلامية، ودفعهم للنجاح والتفوق والإخلاص، والدفاع عن قضاياهم الأساسية، كقضية فلسطين، وحقوق المسلمين في ديارهم، فالمساجد جزء من الحياة العامة للمسلمين وليس مجالاً لاختيار فئة أو مجموعة أو ذوق أناس على حساب آخرين، فالمساجد يرفع فيها اسم الله، ويعمل فيها بأمره .
وحينما نتأمل الهدي النبوي نجد معنى الرحمة في المكان الشريف (المسجد)، فرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما يدخل المسجد يقول: ( اللهم افتح لي أبواب رحمتك)، فالمسجد مكان الرحمة والتراحم بين المسلمين بدعوتهم وحبهم، وإذا رأيت قانون الوعظ عند بعض الناس تجده خالياً من معنى الرحمة، فهو أشبه بالتوبيخ والتقريع للناس، فحينما يصلّون يقول: رب مصلّ ترد عليه صلاته.
وحينما يصومون، يقول: رب صائم ليس له من صيامه إلا السهر والحمى.
وحينما يقرؤون القرآن يقول: كم من قارئ للقرآن يقول بلسانه ما ليس بقلبه.
وذلك نوع من إحباط المسلمين، وتقريبهم للقنوط من رحمة الله واليأس من روحه، والله عز وجل يقول : "إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"[يوسف87].
اللهم اجعلنا من الرجال الذين "لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ"، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على النبي الأمين وعلى آله وصحابته أجمعين. [/justify]
أحب البلاد إلى الله المساجد؛ لأنها تؤدي أهم الأدوار، وهو الاتصال بين الأرض والسماء، بين العبد وربه، وذلك معنى ( الصلاة ): صلة العبد بربه، فالمسجد هو البقعة الطاهرة التي تفيء إليها النفوس، وتسكن إليها القلوب من وعثاء السفر، ومن حرور الحياة اللاهبة، بعدما أنهكها الركض واللهث وراء الشهوات والمغريات، تجد نفسها في هذه البقعة الشريفة، حيث السكينة والرحمة، وتحاول أن تتخلص ولو للحظات من عناءٍ طويل, وعنتٍ ما لانقطاعه من سبيل.
و(أبغض البلاد إلى الله أسواقها) ليس لأنها أماكن البيع والشراء، بل لما يخالط ذلك من الغش والنجش، والتزوير والتطفيف في الكيل، والخداع، واليمين الكاذبة، والإخسار في الميزان، والبخل والشح والخصومات التي قد تقع، وبهذا المعنى، وبتلك المقارنة النبوية نلحظ معنىً جيداً مؤداه: الاعتراف الشرعي والإقرار الضمني بالأسواق، كمؤسسة تجارية ومالية في المجتمع المسلم مقابل المساجد، فالحياة ليست مسجداً فحسب، بل مسجد وسوق يسيران جنباً إلى جنب!، ويعزز هذا المعنى قوله تعالى: "فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ"[النور:36].
في بيوت الله.. التي ينبغي لأداء دورها أن لا يذكر فيها اسم غير الله للتعظيم أو التشريع أو لغير ذلك، و"أذن الله أن ترفع" أي أمر برفعها من الناحية المعنوية، وبطهارتها بأداء العبادة فيها، وجعلها أداة لأداء حق الله، والصلاة والعبادة والصفاء الروحي والنفسي بذكر الله واتباع أمره، ورفعها من الناحية الحسية بنظافتها وصيانتها وحفظها عن القاذورات والأوساخ والمشغلات.
ومن رفعها من الناحية المادية والحسية بناء المساجد وإقامتها وتشييدها، وفي صحيح مسلم يقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من بنى لله مسجداً بنى الله له مثله في الجنة).
فهذه المساجد بيوت الله، ليست لفلان ولا لعلان، ولا حتى للداعية أو الواعظ، ولا للسياسي، ولا لهذا الذي يستغل المسجد لبث خصومته، واستعداء الناس ونشر الفرقة والدعاية السياسية والطائفية.
إن عباد الله المؤمنين أصحاب بيع وشراء، لكنهم لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله، وفي هذا يقع الانسجام بين حقوق الدنيا وحقوق الآخرة،يقول الله تعالى: "وَلا تنس نصيبك من الدنيا"[القصص:77].
ومن أدوار المسجد والجامع: أن تؤدى في الأول صلاة الجماعة، وفي الثاني صلاة الجمعة، وهذا معنى ( الجمع ) بين المسلمين بجمع الكلمة وجمع الصف، والاجتماع: الاشتراك في أداء العبادة، والتعاون على البر والتقوى؛ لتعويد المسلمين على خلق التضامن والتعاون، والتكافل مع الإقرار بوجود الاختلاف وطبيعته، فالمسلمون يجتمعون، وإن اختلفوا في الوقت والمكان والكيفية، كجزء بشري في الاعتراف بالاختلاف الطبيعي، مع الاجتماع العام في صلاة الجماعة والجمعة، كل ذلك لتعميق الانتماء الأهم والأكثر عمومية وشمولاً، وهو الانتماء للإسلام، وليكون إخلاصنا لذلك فوق كل إخلاص.
ومن المشكلات الكبيرة المتعلقة بدور المسجد أن تتحول المساجد إلى أسباب لتعميق الفواصل بدل تعميق الروابط الإسلامية التي كرسها الإسلام في معنى الاجتماع لأجلها, والمشكلة أن يتم الضغط على الفواصل والفروقات الحزبية والطائفية والسياسية والعرقية، وقطع التواصل بين القيادات الفكرية والاجتماعية والثقافية مما يوسع الفجوة بين المسلمين، وجعل المسجد مجالاً خصباً للشحناء والبغضاء والكراهية بين الناس والمسلمين في أماكن كثيرة، لا في العالم الإسلامي فحسب، بل وفي الجاليات الغربية، في أمريكا وأوربا وغيرها، وذلك جهل بالدين، وبأخلاقيات المسجد.
ومن أروع ما يمكن التفكير به جعل الجامع والمساجد والمسجد الحرام حبلاً قوياً لجمع كلمة الفرقاء، وتقريب الفصائل المختلفة، كما حصل في اتفاق مكة المشهود.
وشيء آخر عن دور المسجد وهو أن المسجد ليس بديلاً عن الحياة، بل هو جزء منها، وعنصر مهم من عناصرها، فهو لا يراد منه أن يأخذ دور المؤسسات الأخرى فالجمعية والجامعة والبيت والسوق والمحكمة والمركز والدولة، ولهذا كان صلى الله عليه وسلم يقول: ( إذا رأيتم من يبيع أو يبتاع في المسجد فقولوا : لا أربح الله تجارتك، وإذا رأيتم من ينشد فيه ضالة فقولوا: لا ردّها الله عليك)، فالمسجد ليس سوقاً، وليس مطلوباً منه أن يستلم أدوار المؤسسات الأخرى في المجتمع، ونحن حينما نتحدث عن المسجد قد نعطيه أدواراً مثالية في السابق واللاحق، وأعتقد أن الدور الأساس للمسجد هو الدور العبادي، في توفير المناخ، وتهيئة الجوّ المناسب لأداء العبادة، لكن هناك شيء مهم أيضاً، فالمسجد ليس معزولاً عن المجتمع وعن الناس وعن قضاياهم، وليس معزولاً عن السياسة، بيد أن المسجد لرعاية السياسة العامة للمسلمين كلهم، بحفظ حقوقهم والدفاع عن أراضيهم جميعاً، وعن ممتلكاتهم، وليس مجالاً للدعاية الشخصية أو الدعاية السياسية لبرنامج خاص أو حزب معين، مهما كان انتماؤه وقربه، فالمسجد لرعاية ما يمكن تسميته ( السياسة العامة للمسلمين ) مثل مواجهة العدوّ المشترك وتربية المسلمين على القيم والمعاني الإسلامية، ودفعهم للنجاح والتفوق والإخلاص، والدفاع عن قضاياهم الأساسية، كقضية فلسطين، وحقوق المسلمين في ديارهم، فالمساجد جزء من الحياة العامة للمسلمين وليس مجالاً لاختيار فئة أو مجموعة أو ذوق أناس على حساب آخرين، فالمساجد يرفع فيها اسم الله، ويعمل فيها بأمره .
وحينما نتأمل الهدي النبوي نجد معنى الرحمة في المكان الشريف (المسجد)، فرسول الله صلى الله عليه وسلم حينما يدخل المسجد يقول: ( اللهم افتح لي أبواب رحمتك)، فالمسجد مكان الرحمة والتراحم بين المسلمين بدعوتهم وحبهم، وإذا رأيت قانون الوعظ عند بعض الناس تجده خالياً من معنى الرحمة، فهو أشبه بالتوبيخ والتقريع للناس، فحينما يصلّون يقول: رب مصلّ ترد عليه صلاته.
وحينما يصومون، يقول: رب صائم ليس له من صيامه إلا السهر والحمى.
وحينما يقرؤون القرآن يقول: كم من قارئ للقرآن يقول بلسانه ما ليس بقلبه.
وذلك نوع من إحباط المسلمين، وتقريبهم للقنوط من رحمة الله واليأس من روحه، والله عز وجل يقول : "إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ"[يوسف87].
اللهم اجعلنا من الرجال الذين "لَّا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلَا بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاء الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالْأَبْصَارُ"، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على النبي الأمين وعلى آله وصحابته أجمعين. [/justify]