منتديات نور حياتك



انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتديات نور حياتك

منتديات نور حياتك

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

إن الناظر في هذه المنتدى سيجد أن الشموع التي أشعلناها موزعة على مجالات عديدة, لكن يجمع بينها استهداف الارتقاء بشخصيات إخواني وأخواتي في العالم العربي, وتقديم العون لهم على سلوك مسالك الرشاد, والتفوق في كل مجلات الحياة .


    اللحظة الفاصلة (1/2)

    Your life
    Your life
    المدير العام على منتديات نور حياتك


    عدد الرسائل : 981
    السٌّمعَة : 0
    نقاط : 101
    تاريخ التسجيل : 15/01/2009

    اللحظة الفاصلة (1/2) Empty اللحظة الفاصلة (1/2)

    مُساهمة من طرف Your life الأحد فبراير 22, 2009 10:41 pm

    يتساءل المرء مع نفسه: لماذا يغفل الكثير من المسلمين عن ربط النتائج بالأسباب؟
    وكيف يصرفون عقولهم وأنظارهم عن العدد الكبير من الآيات القرآنية التي تقرر هذه الحقيقة على صعيد العمل الدنيويّ, أو الأخرويّ؟
    إنك تجد في محكم الوحي: (فَأَتْبَعَ سَبَباً) (الكهف:85) {لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا(123) وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتَ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُوْلَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلاَ يُظْلَمُونَ نَقِيرًا(124)}(سورة النساء)، وتجد هذا المعنى الشريف الفاضل في ثنايا الآلاف من النصوص التي يعايشها المسلم سماعاً وقراءة -وربما- تفسيراً، لكن يقلّ أن يعايشها واقعاً حياتيّاً مشهوداً.
    وقد يتفهمها بعض الناس في جزئيات من الحياة, لكن لا يسمحون لها بالاطراد والتعميم.
    والمسلم الساذج يفهم لماذا يستعصي الباب على الفتح إذا عولج بغير مفتاحه؛ لكنه لا يطبق هذه القاعدة السهلة في سائر شؤونه.
    تأملتُ في الواقع الشخصي لمسلم مسرف في المعصية، راغب في الخلاص، فوجدته مستسلماً لأهوائه ورغباته، مندفعاً في تحقيقها، وهو يأمل بالتوبة التي تجيء في لحظة حاسمة؛ لتصنع في شخصيته انقلاباً مفاجئاً، فيغمض عينه، ثم يفتحها، فإذا قلبُه قد تغير؛ فأصبح يحب من الطاعات ما كان ثقيلاً عليه، ويكره من المعاصي ما كان إلفاً وإدماناً ولذة أمضى عليها قسطاً طويلاً من العمر... ولينفصل بروحه, ومشاعره, وعقله وجسده عبر تلك اللحظة عن ماضيه...
    وقد يطول انتظاره لتلك اللحظة، أو قد لا تأتي أصلاً، حيث لم يفعل لها الأسباب والممهدات.
    أما أن يبدأ هو الطريق بخطوة صغيرة, قد تكون استغفاراً صادقاً، أو إرادة ولدت في قلبه وتحتاج إلى محضن ينميها, ويحولها إلى عمل صالح، أو أن يفكر أن عليه أن يكون اليوم خيراً منه أمس، وأن يكون الغد خيراً منه اليوم، فالكثيرون لا يؤمنون بهذا، ولا يصبرون عليه.
    أما أن يستشعر أن نفسه ميزان ذو كفتين, يمناها للحسنات, ويسراها للسيئات، وأن الطريق هو السعي الملح المستديم؛ لإضافة رقم جديد لخانة اليمين، وشطب رقم جديد من خانة الشمال حتى تثقل كفة الخير، وتطيش كفة الشر، وكما قال الصديق رضي الله عنه : "وَحَقٌّ لِمِيزَانٍ لا يُوضَعُ فِيهِ إلاّ الْحَقُّ أَنْ يَكُونَ ثَقِيلاً". فهذا ما لم يتربَّ عليه الكثيرون، وربما رأوه طريقاً طويلاً، وعملاً مكلفاً، ومشقة لا صبر لهم عليها.
    إن النفس البشرية كائن شديد التعقيد، وهذا الإنسان العاصي يحمل في برمجة نفسه سنوات من الخبرة، وذكريات طويلة، وعادات مألوفة وعلاقات، وأشجار الذنوب تكبر مع الوقت، وتنمو وتمتد جذورها, وترتفع أغصانها, ويصعب اقتلاعها، وهمة الإنسان تضعف, وعزيمته تخبو؛ فالانقلاب المفاجئ في لحظة فاصلة- وإن كان ممكناً بالنظر إلى فضل الله ورحمته ولطفه- إلا أنه غير متوقع, بالنظر إلى الأسباب, والنواميس, والسنن.
    وحتى مع الإمكان؛ فالجدير بالمكلف هو أن يهيئ نفسه بالمبادرة, والاستعداد, والتأهل {إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ}( الأعراف:56).
    فلِم لا يبدأ المرء بالخطوة الأولى؟ لِيَجِد عون الله، وبين ناظريه الحديث القدسي من رواية أَنَسٍ وأبي هريرة -رضي الله عنهما- عَنِ النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- يَرْوِيهِ عَنْ رَبِّهِ قَالَ: "إِذَا تَقَرَّبَ الْعَبْدُ إِلَي شِبْرًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِذَا تَقَرَّبَ مِنِّي ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ مِنْهُ بَاعًا، وَإِذَا أَتَانِي مَشْيًا أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً" (رواه البخاري).
    لم لا يقوم بالدور الذي قام به الرجل الذي قتل مئة نفس ثم تاب، وذهب إلى القرية الصالحة، فأدركه الموت في الطريق، فكان ينأى بصدره إلى تلك القرية, التي هاجر إليها؟ والحديث متفق عليه من رواية أبي سعيد الخدري رضي الله عنه.
    هذه الروح الإيجابية التي لا تحتقر شيئاً تقدر عليه، ولا تؤمن بنظام المفاجآت, والانقلابات السريعة, والتحولات الحادة، هذه الروح هي التي تتفق وقوانين السببية.
    وبامتلاكها والإيمان بها يتحول ملايين الأفراد إلى أناس فاعلين منتجين قادرين مع استعانتهم بالله على إصلاح أحوالهم الفردية, سلوكية أخلاقية، أو تعبدية، أو حياتية.
    إن انتظار اللحظة الفاصلة- التي تصنع الانقلاب المفاجئ في شخصياتنا- هو حلم الطالب الكسول الذي يكرر الإخفاق, وهو ينتظر مفاجأة أن يتحول إلى مبدع متفوق، وهو حلم الفقير الذي يتوقع من السماء أن تمطر له فضة أو ذهبا، ويرسم خطة توزيع الثروة، بينما لم يجد طريقه إلى عمل يكفيه قوت يومه وليلته، وهو حلم الجهول الذي لا يعلم شيئاً، وهو يتخيل نفسه يوماً وقد غدا فقيه زمانه ونادرة أوانه!
    ويجب ألا نخلط هنا بين الآمال الصادقة التي يرجوها المرء, ويثاب عليها، وبين التعلق بالظنون, والأوهام, والانقطاع عن العمل المنتج.
    لا بأس بأمل يعززه عمل، والمهم أن تخطو الخطوة الأولى، وأن تصنع الإرادة في نفسك، وأن تكون تطلعاتك موصولة بواقعك بحبل متين، أو حتى بحبل سري.
    أما المذموم فهو كما قال ربنا: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُواْ الْكِتَابَ يَأْخُذُونَ عَرَضَ هَذَا الأدْنَى وَيَقُولُونَ سَيُغْفَرُ لَنَا وَإِن يَأْتِهِمْ عَرَضٌ مثْلُهُ يَأْخُذُوهُ أَلَمْ يُؤْخَذْ عَلَيْهِم مِّيثَاقُ الْكِتَابِ أَن لاَّ يِقُولُواْ عَلَى اللّهِ إِلاَّ الْحَقَّ وَدَرَسُواْ مَا فِيهِ وَالدَّارُ الآخِرَةُ خَيْرٌ لِّلَّذِينَ يَتَّقُونَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ}(الأعراف:169).
    إن فكرة (اللحظة الفاصلة) تراودنا كثيراً, وربما ظنها قوم نوعاً من الطموح والتطلع, بينما حقيقتها حرق المراحل وإلغاء الأسباب, والهروب الخادع من المجاهدة, والتدرج, والترقي, إلى تمنيات عائمة, هائمة لا تمت إلى الواقع بصلة. وللحديث صلة.
    والله أعلم.

      مواضيع مماثلة

      -

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 4:50 pm