اللحظة الفاصلة المنتظرة الموهومة في حياة الفرد ... هي هروب نفسي من مواجهة المسؤولية والعمل على الإنجاز وهي كذلك في حياة الأمم أيضاً.
فالأعمال الناجحة التي شهدها التاريخ أو الواقع هي ثمرة جهد وتخطيط وإصرار وإرادة صادقة تكللت بالنجاح ورآها الناس في صورة مشروع يتحقق أو نظرية تنشر أو محاولة جادة صغرت أم كبرت.
والإخفاقات الكبيرة هي "ثمرة مرّة" عادلة للإهمال، وتغييب دور البشر، وفقدان الإرادة وتحول المسلمين إلى كائنات انتظارية لا تصنع شيئاً وتنتظر كل شيء.
الله قادر على كل شيء وأمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ولكن اقتضت حكمته أن تقوم حياة البشر والكون على النواميس والسنن وأن يبتلي الناس بالأعمال والتكاليف ويعدهم بالعون والتسديد إذا فعلوا ما عليهم.
حتى الأنبياء كانت السنة جارية عليهم.
حين أسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان الحدث ربانياً بحتاً وليس تكليفاً بشرياً؛ ولذلك تمت الرحلة كلها على البراق وهو شيء كانت تركبه الأنبياء يضع حافره عند منتهى طرفه وقد يكون كما يقال اليوم: بسرعة الضوء أو أسرع كما قال سبحانه: (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب) لكن حين جاء حدث الهجرة كان عملاً بشرياً أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أذن له فيه ولذا أعد الراحلة وجهزها واختفى أياماً ثم سار مع الصديق يتعرض للخوف والجوع والعطش والعوارض البشرية ولكنه محفوف بلطف الله وفضله ورحمته.
[center]
[table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=450 align=center border=0][tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']يا شريداً ملأ الدنيا اسمه[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
وغدا لحناً على كل الشفاه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
وغدت سيرته أنشودة[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
يتلقاها رواة عن رواه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
ليت شعري هل درى من طاردوا...؟[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
عابدو اللات وأتباع مناه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
هل درى من طاردته أمة[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
هبل معبودها شاهت وشاه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
طاردت في الغار من بوأها[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
سؤدداً لم يبلغ النجم مداه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
طاردت في البيد من شاد لها[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
دينه في الأرض جاهاً أي جاه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
سؤدداً عالي الذرى ما شاده[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
قيصر يوماً ولا كسرى بناه[/font] [/td][/tr][/table][/center]
حدث بشري تطلب تخطيطاً لسنوات, ولقاءات مع الأنصار, وتهيئة مكان الهجرة, وترتيب إجراءات الخروج, حتى كان علي رضي الله عنه في بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يرد الودائع إلى أهلها, وكان أبو بكر يخاف على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسير مرة أمامه يخاف الرصد, ومرة خلفه يخاف الطلب, ومرة عن يمينه وأخرى عن شماله, وحين بلغ به الخوف على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "لا تحزن إن الله معنا".
إن الفشل لا يتطلب شيئاً أكثر من عدم التخطيط وضياع الهدف وفقدان الخارطة ... تماماً كما يفعل المسلمون اليوم, حكومات وجماعات وشعوباً, وتحقيق الإصلاح المنشود لن يكون بلحظة أو ومضة, أو مفاجأة غير محسوبة ولا متوقعة, وإنما بجهد طويل وعناء ونصب ومحاولات دؤوبة وسواعد متضافرة.
نعم, هناك لحظة فاصلة تتمثل في صنع الإرادة في النفس: (إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما), فإرادة الإصلاح ضمانة لتحقيق التوفيق, لكن هذه الإرادة تنبعث من الإنسان ذاته, وهي أيضاً ليست سوى شرارة الانطلاق ليتحرك قطار العمل الجاد, ولو كان صامتاً, ليعلن عن نفسه يوماً ما في لحظة قد يظنها قوم لحظة فاصلة, وإنما هي على الحقيقة احتفال بهيج بميلاد عمل ما.
ليس المقصود من هذا إضعاف رجاء المسلم في ربه, كلا, بل تقوية إحساس المسلم بمسؤوليته, ويا لها من مصيبة حين يكون المسلمون غارقين بالتزويقات اللفظية والأهازيج البيانية عن تفهم الحقائق وترسيخها وتحويلها إلى برامج للتفكير وقنوات للعمل!
إن الإنجازات الكبرى وما دونها قد تبدو لحظة فاصلة عند من لم يتابع حركتها في الأرحام منذ أن كانت بذرة ثم تسلسلت في التكون والانتقال إلى أن صرخت صرخة الميلاد, لتأخذ بَعدُ خطاً آخر, وإلا فالحقيقية أنها خضعت لهذه السنة, واستثنى ربنا في كتابه ما قال: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...), وهي فرع عن الأصل الإنساني, ولذا يخلق بالمتطلعين إلى التغيير والإصلاح, والمقهورين من التخلف والتراجع والانحطاط الذي نحياه أن يتدارسوا الخطوات الأولى, ويحددوا مسؤولية الفرد الواحد منا ... هب أن القوى النافذة في الأمة (كالحكومات مثلاً) غير راغبة في الإصلاح فما الحل؟ هل سننتظر حلاًّ من السماء؟ أم سنشرع بجهودنا الممكنة في تحريك العجلة ودفعها مستشعرين أن هذا واجبنا, وليس أن نغير الكون ولا أن نحرق المراحل ولا أن نتجاوز السنة, فليس متوقعاً من أمة ألفت الذل والهوان والقعود أن تتحول دون جهد وعناء وتربية إلى أمة راقية منتجة مسؤولة.
وليس جديراً بنا أن نحتقر الجهد الممكن؛ لأنه لا يحدث انقلاباً في واقع الأمة ونزهد فيه لنبقى عاطلين أو متحدثين فقط في انتظار حل سماوي! نعم أنا أؤمن أن انتظار الفرج عبادة, وإن لم يصح فيه حديث, لكني لا أفهم أن انتظار الفرج يعني أن نضع يداً على يد, ورجلاً على رجل, بل ننتظر الفرج ونسعى في تحصيل أسبابه, وحين وعد الله نبيه محمداً صل الله عليه وسلم باليسر بعد العسر قال: (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب).
فالأعمال الناجحة التي شهدها التاريخ أو الواقع هي ثمرة جهد وتخطيط وإصرار وإرادة صادقة تكللت بالنجاح ورآها الناس في صورة مشروع يتحقق أو نظرية تنشر أو محاولة جادة صغرت أم كبرت.
والإخفاقات الكبيرة هي "ثمرة مرّة" عادلة للإهمال، وتغييب دور البشر، وفقدان الإرادة وتحول المسلمين إلى كائنات انتظارية لا تصنع شيئاً وتنتظر كل شيء.
الله قادر على كل شيء وأمره إذا أراد شيئاً أن يقول له كن فيكون ولكن اقتضت حكمته أن تقوم حياة البشر والكون على النواميس والسنن وأن يبتلي الناس بالأعمال والتكاليف ويعدهم بالعون والتسديد إذا فعلوا ما عليهم.
حتى الأنبياء كانت السنة جارية عليهم.
حين أسري بالنبي -صلى الله عليه وسلم- كان الحدث ربانياً بحتاً وليس تكليفاً بشرياً؛ ولذلك تمت الرحلة كلها على البراق وهو شيء كانت تركبه الأنبياء يضع حافره عند منتهى طرفه وقد يكون كما يقال اليوم: بسرعة الضوء أو أسرع كما قال سبحانه: (وما أمر الساعة إلا كلمح البصر أو هو أقرب) لكن حين جاء حدث الهجرة كان عملاً بشرياً أمر به النبي -صلى الله عليه وسلم- أو أذن له فيه ولذا أعد الراحلة وجهزها واختفى أياماً ثم سار مع الصديق يتعرض للخوف والجوع والعطش والعوارض البشرية ولكنه محفوف بلطف الله وفضله ورحمته.
[center]
[table cellSpacing=0 cellPadding=0 width=450 align=center border=0][tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']يا شريداً ملأ الدنيا اسمه[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
وغدا لحناً على كل الشفاه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
وغدت سيرته أنشودة[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
يتلقاها رواة عن رواه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
ليت شعري هل درى من طاردوا...؟[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
عابدو اللات وأتباع مناه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
هل درى من طاردته أمة[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
هبل معبودها شاهت وشاه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
طاردت في الغار من بوأها[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
سؤدداً لم يبلغ النجم مداه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
طاردت في البيد من شاد لها[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
دينه في الأرض جاهاً أي جاه[/font] [/td][/tr]
[tr][td vAlign=bottom width="45%"][font='Times New Roman']
سؤدداً عالي الذرى ما شاده[/font] [/td][font='Times New Roman']
[td width="10%"] [/td][/font]
[td width="45%"][font='Times New Roman']
قيصر يوماً ولا كسرى بناه[/font] [/td][/tr][/table][/center]
حدث بشري تطلب تخطيطاً لسنوات, ولقاءات مع الأنصار, وتهيئة مكان الهجرة, وترتيب إجراءات الخروج, حتى كان علي رضي الله عنه في بيت النبي -صلى الله عليه وسلم- يرد الودائع إلى أهلها, وكان أبو بكر يخاف على النبي -صلى الله عليه وسلم- فيسير مرة أمامه يخاف الرصد, ومرة خلفه يخاف الطلب, ومرة عن يمينه وأخرى عن شماله, وحين بلغ به الخوف على النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له: "لا تحزن إن الله معنا".
إن الفشل لا يتطلب شيئاً أكثر من عدم التخطيط وضياع الهدف وفقدان الخارطة ... تماماً كما يفعل المسلمون اليوم, حكومات وجماعات وشعوباً, وتحقيق الإصلاح المنشود لن يكون بلحظة أو ومضة, أو مفاجأة غير محسوبة ولا متوقعة, وإنما بجهد طويل وعناء ونصب ومحاولات دؤوبة وسواعد متضافرة.
نعم, هناك لحظة فاصلة تتمثل في صنع الإرادة في النفس: (إن يريدا إصلاحاً يوفق الله بينهما), فإرادة الإصلاح ضمانة لتحقيق التوفيق, لكن هذه الإرادة تنبعث من الإنسان ذاته, وهي أيضاً ليست سوى شرارة الانطلاق ليتحرك قطار العمل الجاد, ولو كان صامتاً, ليعلن عن نفسه يوماً ما في لحظة قد يظنها قوم لحظة فاصلة, وإنما هي على الحقيقة احتفال بهيج بميلاد عمل ما.
ليس المقصود من هذا إضعاف رجاء المسلم في ربه, كلا, بل تقوية إحساس المسلم بمسؤوليته, ويا لها من مصيبة حين يكون المسلمون غارقين بالتزويقات اللفظية والأهازيج البيانية عن تفهم الحقائق وترسيخها وتحويلها إلى برامج للتفكير وقنوات للعمل!
إن الإنجازات الكبرى وما دونها قد تبدو لحظة فاصلة عند من لم يتابع حركتها في الأرحام منذ أن كانت بذرة ثم تسلسلت في التكون والانتقال إلى أن صرخت صرخة الميلاد, لتأخذ بَعدُ خطاً آخر, وإلا فالحقيقية أنها خضعت لهذه السنة, واستثنى ربنا في كتابه ما قال: (إن مثل عيسى عند الله كمثل آدم ...), وهي فرع عن الأصل الإنساني, ولذا يخلق بالمتطلعين إلى التغيير والإصلاح, والمقهورين من التخلف والتراجع والانحطاط الذي نحياه أن يتدارسوا الخطوات الأولى, ويحددوا مسؤولية الفرد الواحد منا ... هب أن القوى النافذة في الأمة (كالحكومات مثلاً) غير راغبة في الإصلاح فما الحل؟ هل سننتظر حلاًّ من السماء؟ أم سنشرع بجهودنا الممكنة في تحريك العجلة ودفعها مستشعرين أن هذا واجبنا, وليس أن نغير الكون ولا أن نحرق المراحل ولا أن نتجاوز السنة, فليس متوقعاً من أمة ألفت الذل والهوان والقعود أن تتحول دون جهد وعناء وتربية إلى أمة راقية منتجة مسؤولة.
وليس جديراً بنا أن نحتقر الجهد الممكن؛ لأنه لا يحدث انقلاباً في واقع الأمة ونزهد فيه لنبقى عاطلين أو متحدثين فقط في انتظار حل سماوي! نعم أنا أؤمن أن انتظار الفرج عبادة, وإن لم يصح فيه حديث, لكني لا أفهم أن انتظار الفرج يعني أن نضع يداً على يد, ورجلاً على رجل, بل ننتظر الفرج ونسعى في تحصيل أسبابه, وحين وعد الله نبيه محمداً صل الله عليه وسلم باليسر بعد العسر قال: (فإذا فرغت فانصب وإلى ربك فارغب).